الحج شعيرة روحانية تحتاج إلى السكينة واليسر، لتنفيذ مناسكها، رحلة سياحية للنفس والجسم في رحاب الله ترقى بالمسلم إلى مدارج السعادة والرضا بعيداً عن إسقاطات الدنيا المادية والسياسية وما ذهب إلى العبث البشري، ولهذا وصف الحج بأنه الفيصل بين مرحلة وأخرى؛ لأنه توبة نصوح إلى الله فقد استوجبت تماماً الاستبصار بنفس الإنسان ودوافعه واستوجبت كذلك توجه جميع الحواس والأعضاء نحو خالقها. لذا حينما يخلط بعض السذج بين الحج ونوافله ومتطلباته العظيمة وأجنداتهم السياسية أو الشخصية فإن ذلك يصبح عبثاً، والوقوف أمامه بصرامة وقوة يقتلعه من جذوره، بل ويمنح الحجيج الهدوء والسكينة لتنفيذ مناسكهم.. وعليه لم تتوانَ المملكة العربية السعودية عن الحفاظ على هذه القيمة التي يتطلع كل حاج مخلص إليها، بالعمل على تهيئة الهدوء والسكينة للحجاج وقبلها الأمن والأمان وحتى إراحة مسامعهم من الشعارات البالية التي تخرج الحج عن أهدافه. السعودية عملت كل ما يجعل من الحج فريضة سهلة التنفيذ، ميسرة لجميع المسلمين، بفئاتهم العمرية كافة، للشيخ والطفل، للمرأة والرجل، فلم تصل دولة خلال التاريخ الحديث إلى درجة من إتقان التنظيم وتقديم الخدمات للحشود بالملايين وفي مساحة صغيرة كما وصلت إليه السعودية. ومع ذلك لا يزال بعض المسلمين أقل وعياً، وأكثر تنفيراً وعصبية.. ومع كل التسهيلات.. يقوم بعضهم بما لا يتواءم وتحقيق هذا الركن بروحانية. الحج لكل المسلمين.. لكن ضبطه والمحافظة على الحجاج صحياً وأمنياً هو فعل سعودي خالص، وخلال ما تراه مناسباً، وليس لأحد أن يملي ما الذي على حكومة هذه البلاد أن تفعله، وعليه تحديد العابثين ومنعهم، فلن يمر بقنوات مجاملة غير مجدية.. بل عبر قرار سيادي سعودي، لا ننتظر من أحد أن يمليه عليها. القرار السعودي، وعبر التاريخ جعل الحج أفضل تنظيم بشري للحشود، والسبب أنه انطلق من مصلحة الإسلام والمسلمين فلم يرتبط بمنظمات ولا هيئات ولا مجاملات دولية.. سواء تجاه الأمور الصحية، بالحظر والمنع، أو حتى ما يخص من يحاول العبث أثناء الحج عبر شعارات سياسية أو دعوات تفريقية؛ فلا مجال له.. كي يدرك احترام هذه الشعيرة والبلاد التي تعنى بها، ولا علينا إن تقافزت الأصوات النشاز، فما يعني بلادنا هو سلامة الحج والحجيج، أما العابثون فليس لهم إلا الصرامة لأنها مصلحة المسلمين. السعودية تقدم الخدمات للجميع من دون تفرقة، بل وجعلت من الشأنين الأمني والصحي ميسرةَ للحاج، من دون مقابل، حتى الدواء كذلك، في خدمة استثنائية لنحو ثلاثة ملايين يوجدون في بقعة صغيرة وفي وقت واحد أمام دول لا يعنيها ما الذي تكابده وتقدمه بلادنا.. لأجل أن يؤدي الحجاج مناسكهم بمنتهى الروحانية. الحج شعيرة عظيمة تحتاج إلى الطمأنينة لتنفيذ مناسكها، وحين يوجد من يحاول العبث في الحج أو تعكيره فسيتم الوقوف أمامه بصرامة وقوة، يمنع ضرره، بل وسيمكن الحجاج الصادقون القيام بما قدموا لأجله. لذا نفخر ببلادنا وهي تدير هذه الشعيرة بكل احترافية وبما لا يجعلها تخرج عن مسارها.. لأن الأمن والصحة هما الأهم ولا مجال في كليهما للتنازلات.