في "28 يناير 2020"، دشنت وزارة الثقافة (مبادرة المسرح الوطني) لدعم المسرحيين السعوديين، وتعزيز إمكانياتهم في الفنون الأدائية، وفق رؤية المملكة (2030) للتراث والثقافة المحلية، تلا المبادرة الإعلان عن إنشاء هيئة المسرح والفنون الأدائية بالوزارة، لتكون الجهة ذات المرجعية الرسمية التي تعنى بشؤون المسرح في المملكة وتطويره سواء على مستوى الكوادر أو البنى التحتية، مما جعل هيئة المسرح تطلق استراتيجيتها المسرحية الوطنية، لتكون خارطة طريق لكل مسرحي سعودي يريد اعتلاء خشبة مسرحه الاجتماعي، وبمناسبة اليوم الوطني الجمعة المقبلة، نعود بالذاكرة قليلاً صوب المسرح السعودي ونشأته، ففي عام (1973) تم إنشاء الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالرياض، وقدمت أول عروضها المسرحية عام (1975) وهي مسرحية (آخر المشوار) ثم أصبح للجمعية فروع متعددة في مختلف مدن ومناطق المملكة، وكان من أبرز الأنشطة التي تعنى بها هو المسرح، فشكلت اللجان المسرحية في هذه الفروع وأصبحت تقوم بمهام النشاط المسرحي بالمملكة من إقامة العروض والدورات والندوات المسرحية، كذلك تمثيل المملكة العربية السعودية، في مجال المسرح في مختلف المهرجانات والملتقيات العربية والإقليمية، ومن أبرز المسرحيات الاجتماعية الجماهيرية التي قدمها مسرح الجمعية بمختلف الفروع (قطار الحظ، تحت الكراسي، المقاول، الدراهم مراهم، ثلاثي النكد، المهابيل، مع الخيل يا عربان، يا رايح الوادي، حكاية ما جرى.. وغيرها)، تزامنت عروض بعض تلك المسرحيات باليوم الوطني، ولأجل المسرح تم تنظيم العديد من المهرجانات والملتقيات المسرحية التي أسهمت مساهمة قيمة في تنشيط الحركة المسرحية، مثال المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، ومهرجان أبها المسرحي ومهرجان المسرح السعودي والذي انطلق ومهرجان الدمام المسرحي للعروض المسرحية القصيرة، مهرجان أمانة مدينة الرياض المسرحي وهو مهرجان مسرحي ذو طابع ترويحي يقام بمناسبة الاحتفالات بعيد الفطر المبارك وتقدم خلاله العروض المسرحية الاجتماعية ذات طابع كوميدي، مهرجان الأحساء المسرحي للشباب، ومن المهرجانات المسرحية المحلية ملتقى عنيزة المسرحي الذي نظمه مركز صالح بن صالح الاجتماعي بالتعاون مع فرع جمعية المسرحيين السعوديين بعنيزة وقد انطلق عام "1431"، ملتقى النص المسرحي الذي نظمته جمعية المسرحيين السعوديين بالرياض، وانطلقت الدورة الأولى منه عام "1431"، مهرجان مسرح الطفل ضمن فعاليات جناح وزارة التربية والتعليم بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة، مهرجان الفرق المسرحية الأهلية الذي نظمته جمعية المسرحيين السعوديين وأقيمت دورته الأولى، مهرجان مسرح الشباب بالطائف والذي أقيمت دورته الأولى في محرم "1433ه"، مهرجان الفرق المسرحية التابعة لرعاية الشباب أقيمت دورته الأولى عام "1434ه"، كذلك تزامنت عروض بعض تلك المهرجانات باحتفالات اليوم الوطني، كما شارك المسرح السعودي في مختلف المهرجانات المسرحية العربية والإقليمية والدولية مثل، مهرجان المسرح الخليجي، ومهرجان قرطاج المسرحي الدولي، ومهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، مهرجان المسرح الأردني، مهرجان أصيلة، والمهرجانات المسرحية الشبابية، مهرجان الشباب العربى الذي تنظمه جامعة الدول العربية كل أربع سنوات ومهرجانات مسرح الطفل في تونس والمغرب، وللفرق المسرحية السعودية بصمة مسرحية مهمة في خارطة المسرح العربي، وقد حصل المسرحيون السعوديون على العديد من الجوائز واعتلوا منصات التكريم في أكثر من مناسبة ومهرجان تقديراً لجهودهم وإبداعاتهم المسرحية، ربما في غفلة من زمن تاريخ المسرح كان لما يسمى بالصحويين أثر سلبي على الفنون والحياة الثقافية ونوعية وشكل المسرح المدرسي، ولكن رغم ذلك لم يغب منجزنا الثقافي والفني على مستوى المسرح والأغنية والقصة والرواية، ربما اختفت بعض الحفلات العامة، ومنعت المرأة من التلفزيون والمسرح لكن ظلت الثقافة والفنون السعودية صامدة أمام ما يسمى بدعاة الصحوة، لكن ظل المسرح مؤتمناً بيد المسؤولين في الثقافة والفنون في تلك الحقبة. ختاماً، نؤكد على أن استراتيجية المسرح الوطنية التي أطلقتها هيئة المسرح والفنون الأدائية بوزارة الثقافة، تعتبر صفحة تاريخية جديدة وخطوة عملية أولى نحو تأسيس منظومة مسرحية جديدة متكاملة تدعم الإنتاج المسرحي بجودة أعلى، وسوف توفر للمسرحيين فرصاً أكبر لممارسة النشاط المسرحي بمعايير فنية عالية، كما توفر للمهتمين بالمسرح أعمالاً مسرحية نوعيّة تعكس ثراء الثقافة السعودية وتنوّع مساراتها الجمالية، وهي إحدى مبادرات وزارة الثقافة لدعم المسرح ودعم الناشطين فيه، باعتباره أحد العناصر الرئيسة في مشروع الوزارة للنهوض بالنشاط الثقافي السعودي بكل اتجاهاته الإبداعية.