"كان أمضُّ شيء في حياتي أن أسمع الناس يتحدثون بشيء لا أعرفه، وتلك عدوى من الإمام ابن حزم" بهذه العبارة يصف أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري شغفه المعرفي والفكري الممتد والمتجدد، وحسب المتأمل سيرته العبارة الآنفة في فهم هذه الشخصية الفذة والعبقرية المذهلة. في رحلة علمية ممتدة لأكثر من نصف قرن أسهم الشيخ أبو عبدالرحمن في إثراء المكتبة العربية والمشهد الفكري والثقافي بما يزيد على 50 مؤلفاً في شتى المعارف والفنون إلى جانب آلاف المقالات و"الأضابير" والدراسات الرصينة، وقدر لا يمكن إحصاؤه من المشاركات المنبرية والإعلامية الثرية. على طول تلك الرحلة اختط أبو عبدالرحمن لنفسه مساراً مختلفاً، في الأسلوب والمنهج والاهتمام، وكان صاحب القدح المعلى في كل الرهانات الفكرية والشرعية وحتى الأدبية والفنية التي خاضها طوال تلك المسيرة، فقد كان أبو عبدالرحمن فقيهاً دقيق الفهم، ومفسراً بارع الاستنباط، ولغوياً ألمعياً بارعاً، وأديباً مرهفاً، ومثقفاً موسوعياً واسع الاطلاع. فلئن كان الأدب أو المعرفة عند بعضهم "الأخذ من كل فنٍّ بطرف" فإن أبا عبدالرحمن-سلمت براجمه من الأوخاز- قد حاز من كل فن أغلبه، يخلب السامع بحديثه، ويسلب القارئ بسرده، ويذهل المتأمل بفكره، وبالإضافة إلى ذلك فلأبي عبدالرحمن تجليات وتجارب صقلت شخصيته وعززت تميزه وفرادته، حكى أطرافاً منها في أحاديثه وكتاباته، وأفرد بعضها بمؤلفات مستقلة شيقة كما الحال مع عبدالله القصيمي في كتاب: ليلة في الجاردن سيتي. صدرت لأبي عبدالرحمن عشرات الكتب والمؤلفات منها: شيء من التباريح، وتباريح التباريح "سيرة ذاتية"، وكيف يموت العشاق، ونظرية المعرفة، ويا ساهر البرق لأبي العلاء المعري (تحليل وتفسير)، وعبقرية ابن حزم، وكتاب ابن حزم خلال ألف عام، وليلة في جاردن سيتي وسويعات بعدها أو قبلها: حوار مع عبد الله القصيمي)، وكتاب (بنو هلال أصحاب التغريبة في التاريخ والأدب)، وأوزان الشعر العامي بلهجة أهل نجد والإشارة إلى بعض ألحانه، وكتاب ابن لعبون حياته وشعره)، و(أنابيش تراثية: جولة مع بعض كتب التراث ومؤلفيها)، وجدلية العقل الأدبي، وجدلية العقل في الفكر والعبودية، وكتب: العقل اللغوي، والعقل الأدبي، وملاعبة الصيد، وديوان النغم الذي أحببته، وكتاب ديكارت بين الشك واليقين، وسفر الشعر في البلاد السعودية في الغابر والحاضر، ومبادئ في نظرية الشعر والجمال. حظي أبو عبدالرحمن بعدد من الأوسمة والجوائز والتكريمات طوال مسيرته المميزة والتي توجت بحصوله على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، واختياره شخصية العام لمهرجان الجنادرية للتراث والثقافة في دورته الثلاثين.