أَوْقَفَ السيارةَ، ترك البابَ مفتوحا، بعد أن خرج منها، وضعَ المفتاحَ في ثقب البوابة، تكسّرت كل محاولاته! رفع بصره إلى السماء، مُطْلِقا الزفرات مِنْ سجن صدره، ضغط على سمّاعتي الجرس بقوّة، انتظر وانتظر.. حاول أن يتسلّق سور البيت، نجا من السقوط إلا من بعض الكدمات، جلس مقرفِسا نفسه، والحنق بلغ مداه! تصفّح هاتِفَه، أرسل صوتا لزوجته، منتظرا الردّ على رسالته، يراقبُ الخطين الأزرقين على منصّة الواتساب، لم تقرأه! هنا اتصل عليها، وعلى ابنته الكبرى، مائلا إلى رقم ابنه شهاب، أمله الوحيد ولكن، دون إجابة! شَعَرَ أن معركةً في بطنه تدار رحاها، مُسِرّا حديثه إلى نفسه: * طيب بحاول رقم رقم بطاقته الشخصية 104 لالالا 140 يا ربي مَنْ يذكرني؟! تذكّر أنه ذات يومٍ أرسل تقارير لصديقه عادل بن بخيت الذي يعمل في المستشفى التخصصي للعلاج... * انحذفت كل الرسائل، ما هذا الحظ التعس! عاد ألمّ معدته من جديد، أكثر قوّة، لمحه شمس سائق جاره، طلب منه أن يشرّفه في غرفته جَلَس وعيناه تدوران في المكان، وأنفه بالكاد يشمّ رائحة زيت انحرق مئات المرات، كأنه في ورشة تصليح السيارات! وضع شمس الفطور: حبتان من التميس الطازج، وفول خلوفه، الزيت يسبح عليه، كأنك تشاهد راقصة من حيّ شعبي فوقه، وكأس شايٍّ، ماركة الكبوس. انتهت المعركة في بطنه، ووضع الشبعُ أوزاره بدأ يتحدّثُ مع شمس وكأنه عبدالله الغذامي، فلتة عصره في النقد، فجأة سأله شمس * صديق ليش انته مرّة زعلان أصدر صوتا من أقاصي حلقه وقال: * أبدا والله يا شمس كنت جائعا، ونسيت رقم هويتي * إقامة تقصد صديق إقامة؟ * إقامة هاه! هنا تنبّه أنه في مكان مختلف، مع شخصٍ اسمه شمس! * والله يا ابن الخلا نسيت حافظة النقود عند أم الصبيان. عشان افتح تطبيق توكلنا يا رب يبعده عنّا والسامعين شرّ كورونا، فانكسرت مفاتيح الباب ولم يرد أحد عليّ فقط هذه كل الحكاية، ارحب يا شمس ضحك كثيرا حين أبصره مُحرّكا رأسه يمنة ويسرة، خصوصا بعد أن قال شمس: كثّر الله هيرك!