نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة    منتدى المدينة للاستثمار.. يراهن على المشروعات الكبرى    انطلاق منافسات سباقات الخيل في ميدان الفروسية بالدمام الجمعة المقبل    عبد العزيز بن سعد يشهد الحفل السنوي لجمعية الأطفال ذوي الإعاقة بحائل 2024    المملكة تُطلق الحوافز المعيارية لتعزيز الصناعة واستقطاب الاستثمارات    مدرب البحرين مازحاً: تمنياتي للعراق التوفيق في كأس العالم وليس غداً    سفير المملكة لدى أوكرانيا يقدّم أوراق اعتماده للرئيس فولوديمير زيلينسكي    خطة تقسيم غزة تعود إلى الواجهة    225 مليون مستفيد بجمعية هدية الحاج والمعتمر    مسفر بن شيخة المحاميد في ذمة الله    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    فرصة لهطول الأمطار على الرياض القصيم الحدود الشمالية والشرقية    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. عبدالله السلامي    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    "الوعلان للتجارة" تحتفل بإطلاق "لوتس إمييا" 2025 كهربائية بقدرات فائقة        "البروتون" ينقذ أدمغة الأطفال.. دقة تستهدف الورم فقط    الترفيه تعلن عن النزالات الكبرى في فعالية UFC ضمن «موسم الرياض»    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    قبل عطلات رأس السنة.. أسعار الحديد ترتفع    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    استدامة الحياة الفطرية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    محمد بن سلمان... القائد الملهم    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    البرازيلي «فونسيكا» يتوج بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2024    هجوم ألمانيا.. مشهد بشع وسقوط أبشع!    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    26 مستوطنة إسرائيلية جديدة في عام 2024    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    سعود بن بندر يلتقي مجلس «خيرية عنك»    خادم الحرمين يرعى منتدى الرياض الدولي الإنساني    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    لتعزيز الروابط النيابية وتوعية الجمهور.. تدشين الموقع الالكتروني لجمعية النواب العموم العرب    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية ( طريق النحل)
نشر في عاجل يوم 22 - 07 - 2013


الفصل الثامن عشر :
السيدة نوال تقوم بالتدريس في المنزل في هذا اليوم بدأت السيدة نوال متحمسة جداً فقد وافق جميع أهالي الطالبات بأن ستتعلم بناتهم عند السيدة نوال , لقد اتفقوا على أن التعليم سيتم يوم السبت والأربعاء من كل أسبوع , لم تكن السيدة نوال تعرف بماذا ستبدي خطابها للفتيات .
كان خالد وحلا يراقبانها وقد كانوا يضحكون عليها , حتى أنها لاحظت عليهم وقد بدت مستاءة منهم فقالت (( بدال ما تساعدوني , قعد تزيدون توتري ))
ضحك خالد وقال (( اللي يسمع يقول أنج أول مره تعلمين , وبعدين كلهن ثلاث بنات وأنتي تعرفينهن عدل وحتى أنج تعرفين أهلهن ))
(( بس التدريس مسؤولية يا خالد , وأنا خايفة ما أكون قدها ))
كان خالد يريد رفع معنوياتها لذلك قال (( لا راح تكونين قدها أنا متأكد ))
في هذه الاثناء كان الباب يطرق , وما أن سمعت السيدة نوال صوت الباب حتى بدت ترتعش خائفة وقالت (( مو كأنهم جو قبل وقتهم ))
ضحك خالد وقال (( لا أنتي قلتي أنهم راح يجون بعد العصر ))
في هذه الأثناء ذهبت حلا لتفتح الباب للفتيات , كانت الفتيات في قمة الحيوية وكن يضحكن كثيراً , لم تكن حلا تحبهن لذلك فتحت الباب وذهبت لغرفتها ولكن خالد منعها وقال (( هالمرة لازم تقعدين معاهم ))
لم تحب حلا تلك الفكرة فقالت (( لا والله ليش اقعد معاهم ))
(( من غير ليش , يلا روحي معاهم ))
وبعد جهد كبير رضخت حلا للأمر الواقع وجلست بجانب الفتيات بينما ظل خالد يراقب السيدة نوال وهي تقوم بالتعليم , كانت في بادئ الأمر خائفة ومترددة من أين تبدأ إلى أن أتت لها فكرة جيدة (( بالبداية أحب أجلس معاكم جلسة تعارف يعني كل وحدة أبيها تعرف عن نفسها وتقول شنو هواياتها , خلونا نبدأ من اليمين ))
كانت التي على اليمين هي ورد التي بدأت بالتعريف عن نفسها مطولاً وقامت بقول هواياتها التي كانت إحداها الغناء ولكن ما أسعدها عندما طلبت السيدة نوال منها أن تغني , كانت بالفعل ورد كالوردة , عندما انتهت ورد من التعريف عن نفسها التفتت السيدة نوال إلى الطفلة الثانية وقالت (( يلا يا شطوره دورج أنج تعرفينا عن نفسج ))
كانت تلك الفتاة متلبكة ولم تستطع قول كلمة واحده عربية , إلى أن قالت ورد (( أبلة هي تفهم عالعربي بس ما تعرف تتكلمه ))
قالت السيدة نوال (( طيب مو شرط تتكلمين عربي , عرفي عن نفسج بالإنجليزي ))
قالت الفتاة (( أنا أسمي سمر وهواياتي البالية والعزف على البيانو ))
(( حلو , طيب ورينا شلون ترقصين باليه ))
كانت سمر تريد أن ترقص البالية ولكنها لم ترقص عندما نظرت إلى خالد الذي كان يراقب خلفها لذلك قالت السيدة نوال (( خالد يلا من غير مطرود ))
ضحك خالد وقال (( زين هذا جزاء اللي يسوي خير بالدنيا))
ذهب خالد خارجاً تاركاً سمر تبدي براعتها برقص البالية وعندما انتهت , كانت الفتاة المغربية أميرة تعرف أنه جاء دورها فقالت (( أنا اسمي أميرة بس أصدقائي يدلعوني مرمر يعني تقدري تناديلي مرمر ))
ضحكت السيدة نوال وقالت (( يلا يا مرمر شنو هي هواياتج ؟ ))
قالت مرمر (( أنا بحب التقليد , يعني بقدر أقلد لك كل الحاضرين ))
ضحكت السيدة نوال وكانت متشوقة لرؤية مرمر وهي تقلد الحاضرين , لم تترك مرمر أي من الحاضرين إلا وقامت بتقليده , كان الجميع فرح بذلك الوقت بما فيهم حلا التي بدأت بالتحدث مع الفتيات وكانت تضحك معهن .
حتى أنها هي الأخرى قامت بالتعريف عن نفسها وكانت سعيدة وهي تعرف عن نفسها , مر ذلك النهار كالبرق بالنسبة للجميع وحتى أن الفتيات أخبراً السيدة نوال بأنهن يفهمن عليها كثيراً .
عندما انتهى وقت الدرس , طلبت ورد من السيدة نوال أن تذهب حلا معهن ليلعبن في الساحة الأمامية , لم ترفض السيدة نوال ذلك الطلب وخصوصاً عندما رأت أن حلا كانت تود أن تلعب معهن , خرجاً الفتيات وكن في غاية السعادة .
كانت تلك لحظة نصر بالنسبة لخالد والسيدة نوال فقد استطاعوا كسر ذلك الحاجز الذي كان يقيد حلا من جعلها تكون صداقات لفتيات في مثل عمرها .
منذ ذلك اليوم أصبحت حلا تخرج في كل يوم عطلة لتلعب مع الفتيات إلى أن أتى يوم غابت فيه الشمس من دون أن يظهر لحلا اثر , بدأت السيدة نوال بالقلق فقالت لخالد (( أختك للحينها ما جت ))
(( أكيد للحينها تلعب مع صديقاتها ))
(( بس أنا والله خايفة وقلبي اليوم مقبوض مدري ليش ))
بدأ القلق يتسلل لداخل قلب خالد فذهب خارج المنزل ليبحث عنها , بحث خالد في كل مكان لكن لا أثر لها ولا حتى لصديقاتها , لذلك رجع إلى المنزل ظناً منه أنه ربما يجدها قد عادت إليه , ولكنه عندما عاد لم يجدها في المنزل .
بدأت السيدة نوال بالبكاء وكانت تردد بصوت غير مسموع (( يا رب سترك ))
مرت نصف ساعة وخلالها لم تستطع السيدة نوال أن تصبر لذلك لبست حجابها وخرجت مع خالد لتقوم بالبحث عن أبنتها حلا .
أصبحت الساعة الثامنة مساءً ولم يظهر لحلا أي اثر , طوال ذلك الوقت كان خالد والسيدة نوال في الخارج يبحثون عن حلا , بدأ الطقس يزداد سوأً فقد بدأ المطر بالهطول , بذلك الوقت قال خالد (( إحنا شلون ما خطر ببالنا ندور عليها عند صديقاتها ))
(( أي والله صح , خلاص أنت روح دور عليها عند بيت ورد وأميرة وأنا راح أدور عليها عند بيت سمر ))
(( خلاص , بس أنتي إذا ما لقيتيها أنطريني بالبيت ))
(( خلاص موافقة ))
ذهب خالد إلى بيت ورد وقام بطرق الباب ففتحت له منار التي انتبهت على أن هناك أمر مريب يحصل لخالد فقالت (( هلا خالد , خير في شي ؟ ))
فقال (( حلا عندكم ؟ ))
(( لا مو عندنا ))
(( طيب أختج ورد موجودة ؟ ))
(( أيوه موجودة , والله خوفتني شو صاير قول , أحكي ليش ساكت ؟ ))
(( ناديلي على ورد ))
أتت ورد عندما ندهت إليها أختها فقالت (( شو القصة مالكم واقفين تحت المطر ؟ ))
كان خالد خائف ومستعجل في كلامه (( طيب أخر مره شفتي فيها حلا من متى ؟ ))
(( أنا تركتها ببيت سمر ))
(( يعني الحين هي ببيت سمر ))
كانت ورد متأكدة من أنها تركت حلا ببيت سمر لذلك كانت تقول (( ايوه كانوا عم يشوفوا المحقق كونان , وأنا ما كنت بحبوا عشان هيك جيت للبيت وكنت ماله منوا ))
هنا أيقن خالد أن السيدة نوال ستجد حلا عند بيت سمر , لذلك أطمئن قلبه وذهب للمنزل لينتظر هناك أخته مع السيدة نوال .
عندما عاد خالد للمنزل لم يجد أحداً فيه لذلك أيقن بأن السيدة نوال قد وجدت أبنتها عند بيت سمر , مرت بضع دقائق حتى أتت السيدة نوال وكانت وحيدة فقالت (( ما لقيت حلا ؟ ))
خالد الذي بدأ يحس بأن هناك مكروه حصل لحلا قال (( قالوا لي أن حلا ببيت سمر ))
قالت السيدة نوال وقد بدأت تنهار أعصابها (( قالوا لي أنها رجعت للبيت من زمان ))
خالد أحس أنه يجب أن يتصل بأبيه لذلك ذهب وقام بالاتصال به ليعود حالاً إلى المنزل , ولكن تلفونه كان مغلق , في ذلك الوقت كان د.محمد يباشر بالعملية لأحد مرضاه .
أصبحت الساعة العاشرة والنصف مساءً عندما وصل د.محمد إلى المنزل , لم يكن يعرف ماذا حدث ولكنه شعر بالخوف عندما علم أن ابنته مختفية منذ وقت طويل , لذلك قال (( لازم نتصل بالمخفر , تساعدنا ندور عليها ))
كان د.محمد يحاول الاتصال بالمخفر ولكن الخطوط كانت مشغولة بسبب سوء الطقس.
بذلك الوقت كانت السيدة نوال تبكي بحرقة حتى أنها لم تتوقف عن البكاء ,بينما كان د.محمد يحاول جاهداً أن يتصل بالمخفر إلى أن قرر الذهاب بنفسه إلى المخفر في ذلك الوقت بدا الطقس بالتحسن .
في الساعة الحادي عشر عندما كان د.محمد يهم للخروج فتحت حلا الباب وكان بادي عليها السعادة ولكنها تفاجأت عندما شاهدت الجميع سعيد بقدومها , بينما كان د.محمد غاضب جداً وهو يقول (( وين كنتِ ؟ ))
بكل برائه كانت حلا تقول (( رحت للبيت مع أميرة وما حسيت بالوقت ))
بدأ د.محمد يزداد غضباً ولم يتمالك نفسه عندما ضرب حلا بوجهها التي قامت بالبكاء بينما كانت تختبئ وراء أمها التي كانت تحاول منع د.محمد من ضربها .
مر ذلك اليوم ببطء بالنسبة لحلا التي كانت تبكي بغرفتها طوال اليوم حتى أنها نامت وهي تبكي , عندما استيقظت لم تخرج من غرفتها وامتنعت عن الطعام ولكن والدها الذي أحس بالذنب أتى إليها وقام بالاعتذار لها , لم ترد حلا أن تتكلم مع أبوها .
قال د.محمد عندما ضم أبنته على صدره (( تدرين إننا كنا خايفين عليج ))
كانت حلا تنظر إلى الأرض وقد بدأت تحس بغلطها عندما قالت (( أدري بس أنا لما كنت أبي أروح ما خلوني أهلها كانوا خايفين علي أني أطلع والدنيا تمطر))
(( ليش ما دقيتي تلفون على الأقل , تقولين وين أنتي ؟ ))
(( دقيت بس محد كان يرد عالبيت وظليت أحاول شكثر وأنا أدق ))
((خلاص عدت على خير هالمره بس المهم أنج تكونين عرفتي غلطج ))
ابتسمت حلا وقد شعرت بالرضا عندما قالت (( أي حسيت بغلطي ))
فرح د.محمد عندما رأى أن أبنته قد أحست بغلطها (( بالمناسبة هذي ...عندي لج مفاجئة أنتي وأخوج راح أخذكم لديزني لاند العطلة الجاية ))
فرحت حلا بتلك المفاجئة حتى أنها من شدة حماسها طلبت من والدها بأن تذهب ورد معهم إلى ذلك المكان , أما د. محمد لم يجد أي مانع بذهاب ورد معهم إلى ديزني لاند .
الفصل التاسع عشر : زيارة أخو منار لمدينة مانشستر
بهذا اليوم كان خالد يمشي مسرعاً ليذهب إلى المنتزه حيث هناك منار تنتظره , كان خالد متحمس بذلك اليوم فقد أزال الجبيرة من رجله ومنذ الغد سيستطيع أن يلعب كرة القدم في المدرسة .
عندما وصل خالد وجد منار هناك وقد كانت ملامح الغضب بادية عليها لذلك حاول تجاهل غضبها وقام بالحديث معها فقال وهو يقفز (( مو ملاحظه شي فيني ))
كانت منار ممسكة ريشتها وتقوم بالرسم ولم تكن تعير خالد أي اهتمام , لدرجة جعلت خالد يستغرب منها (( شفيج اليوم زعلانه ؟ ))
لم تكن منار حتى تنظر إلى خالد (( لا أنا مو زعلانه ))
(( طيب طالعي لي , أنا شسويت عشان تزعلين مني ))
نظرت منار لخالد وقد بدت بتفجير كل ما عندها (( بصراحة أنا زعلت أنكم رحتوا لديزني لاند وأخذتوا ورد وأنا رفيقتك ما قلت لي حتى مجاملة روحي معنا... صدقني هي مسألة مبدأ مو أكثر ))
ضحك خالد وأحس أن منار لديها عقل طفل ويجب عليه أن يستحملها (( هذي حلا هي اللي أصرت أن ناخذ ورد معانا , وأنا لأخر لحظه ما كنت أدري أن ورد راح تروح معانا , لو كنت أدري كان أصريت أننا ناخذج معانا ))
طلبت منار من خالد أن ينظر بعينيها لتعرف مدى صدقه فقالت (( أكيد ولا عشان تراضيني ))
خالد الذي لم يغمض عينيه وظل يحدق بعينيين منار قال (( أي أكيد ))
هنا ارتاحت منار وقالت (( نظراتك نظرات واحد صادق بكلامه ))
ضحك خالد وقال (( وأخيراً طلعت براءة ))
قالت منار (( شوفني أنا لو حصلت لي طلعة راح ما بتردد بأخذك معنا ))
خالد قام بمشاهدة اللوحة التي ترسمها منار , وكانت اللوحة هي صورة ل كاميرا فوتوغرافيا بيد رجل غير معروف الشكل وكان أمامه حريق هائل , استغرب خالد من هذه اللوحة وقام بالنظر لمنار وكأنه يريد أن يسألها عدة اسأله ولكنه لم يتفوه بكلمة , ولكن منار أحست أنه مستغرب من هذه الصورة فقالت (( هذي صورة استوحيتها من شغل أخي هارون ))
(( أنتي عندك أخو , ليش ما قلتي لي من زمان؟ ))
((ما أجت فرصة أني أحكيلك عنوا هو أكبر مني بعشر سنين وعم يشتغل مراسل بقناة إخبارية , اليوم أتصل وقال أنو راح يجي بكرا من السفر , عالأموم بس يجي راح أعرفك عليه... على فكرة أخي كتير حباب وأنا متأكدة أنك راح تحبوا ))
(( طيب هو مراسل بأي دولة ؟))
(( هو مراسل بالقدس ))
كان خالد يتساءل أن كانت لوحته قد انتهت فقال (( صحيح ما خلصتي من اللوحة اللي راسمتني فيها ))
(( لا لسة , بس قربت ))
لم تكمل كلامها منار حتى نظرت لرجل خالد وقالت (( أه صحيح مبروك , أنك فكيت الجبص ))
(( أي زين أنج إنتبهتي على رجلي , أنا استغربت في بنت بالدنيا ما تنتبه على شي ))
(( يا سلام يعني الرجال على أساس أنون طيبين ومساكين والبنات كل شي منو منيح فيهون ))
(( لا بس أنا ملاحظ أن البنات يلاحظن أكثر من الأولاد ))
(( أه ممكن , كلامك صح , بس أنا ما كتير بلاحظ متل البنات ))
(( أنتي تصدقين ما أحسج مثل البنات ))
هنا غضبت منار وأحست بأن خالد جرحها فقالت (( شو بتقول أنا مني بنت, طيب شو برأيك؟ ))
لم يعرف خالد ماذا يقول فقد خانة التعبير في تلك اللحظة فقال (( لا أنا قصدي أنج غير كل البنات , لأن أنا أخذ راحتي معاج أما أنا بعمري ما أخذت راحتي بالكلام مع أي بنت ))
(( شكراً والله أنا كمان بحب أتكلم معاك بحسك أخي التوأم ))
كانت مشاعر الأخوة متبادلة بين خالد ومنار , لهذا كانت منار تحكي كل شيء عن أخوها هارون . بعد مرور يومين كان هارون قد أتى من السفر وقد أحبت منار أن تجعله يتعرف على خالد لذلك قرر هارون أن يعزم خالد وأخته منار في العطلة على أشهر المطاعم بمدينة مانشستر .
بالبداية كان خالد خجلاً قليلاً من هارون أخو منار ولكنه ما إن قام بالاستماع لحديثه حتى بدأ هو ومنار بالمشاركة فيه , كانت منار تسأل الكثير من الأسئلة هي وخالد عن كيف هي القدس وهل ما زالت جميله فقال (( القدس بتظل حلوه , تعرفوا أن فلسطين أكتر مدينة حاولوا احتلالها , ومع ذلك كانت بتوقف صامدة وقويه وبترجع حلوه مثل الأول , جمال فلسطين بصمودها , أنا بسميها الدولة الصامدة ..... أسمعوا هالشعر كتبتوا بوقت ما كان عز دين القصف
وأنا عم ألعب بالساحات ,,سمعت صوت الصدى
عم يندهلي ويغنيلي أغنيات ,, لحئتوا لأبعد مدى
يوصيني بفلسطين ,, وبيقول لي لا تنسى الوعد
خلاني أحس أنو في إنسان ,, صامد وناطر العهد
ياربي عهالنسان ,,نسانا الحب والوفى
ولا كأنوا في إنسان ,,عايش وناطر بئالوا زمن
بلدي عم تندهلي ,, وشايفه النصر بعيوني
واجبي إني ألبي ,, وأخلي فلسطين بعيوني ))
أعجب الاثنان بهذا الشعر حتى أنهم أبدم إعجابهم فيه , ظل هارون يتحدث مطولا عن القدس إلى أن خطر بباله سؤال لمنار وخال (( مين فيكم سمع أغنية لفيروز القدس العتيقة ؟))
منار كانت تعرف تلك الأغنية ولكن خالد لم يكن يعرفها لذلك ألتزم الصمت , كان هارون يريد من خالد أن يعرف تلك الأغنية لذلك طلب من أحد العاملين في المطعم أن يسمعه تلك الأغنية بعدما أعطاه الشريط , بدأ الجميع بسماع الأغنية بصمت وكان التأثر واضح على هارون فقال (( تعرفوا أن مشكلتنا إننا إذا ما وصل البل لذقننا نسكت وننسى بسرعة , شوفوا شو صار لما وزعت الصحيفة الدنمركية المنشورات اللي بتسيء للرسول , ولا شي ))
قال خالد (( إلا أتذكر أن صارت مقاطعات لهم ))
(( بس كانت فترة وعدت , أصلاً في ناس يمكن نسوا الموضوع كلوا من أساسوا , إحنا هاي مشكلتنا نفور بسرعة وقد ما بنفور بسرعة ننسى أسرع ولا كأن في شي صار ))
كان خالد معجب بشخصية هارون , حتى أنه قال له بأنه شخصية رائعة , ضحك هارون وقال (( أنا طوشتكواً بالسياسة , هو أنا هيك بس احكي بالسياسة ما بقدر أسكت ))
قالت منار (( أبي بس يسمع أخي يحكي بالسياسة , يخليه يسكت ويقول إحنا ناقصين هموم على همومنا ))
قال هارون (( المشكلة لو حكينا بالأغاني الهابطة تلقى الكل يسمع لك , ولا في ناس بتشارك بالحديث ويكونوا يحكوا وهم مبسوطين , تعرف يا خالد إحنا لو حطينا مكانا بمكان الناس اللي يموتوا كل يوم بالعراق وفلسطين صدقني راح نشوف خطوات كبيرة تساهم بتحرير فلسطين والعراق بس هلأ صرنا نشوف الناس يموتوا كل يوم بالأخبار ونشوف ولا كأن في شي صار , تقدر تقول صارت عندنا مناعة ضد هيك شغلات ))
حاولت منار أن تغير الموضوع وقامت بالتحدث مطولاً عن ذكرياتها أيام الطفولة عندما كانت تعيش مع عائلتها في سوريا .
هنا قال هارون وهو يوجه سؤال لخالد (( منار قالت لي أن والدتك سورية؟ ))
(( أيوة هي سورية , تصدق أني صرت أنسى كيف هو شكلها , يمكن إذا شفتها بالشارع ما راح أعرفها ))
(( حكت لي منار بهذا الشي , بس اللي استغربوا أنوا كيف ما قدرت تلاقي لها اثر مع أن عندك صندوق بريدها ))
(( جدي حاول يدور عليها هناك , بس ما لقى لها اثر , أما صندوق البريد فصرت اشك أنها لسه محتفظة فيه ))
(( كيف يعني , أنا سمعت أنك تبعث لها رسايل من زمان وما بتلاقي رد , لو شخص ثاني كان أرسل لك رسالة وينبهك فيها أنك عم تبعث للشخص الخطأ ))
(( أي أنا هذا هو المحيرني ))
(( عالأموم اللي راح يوصلنا لأمك هو عنوان البريد الالكتروني اللي أنت بترسل له الرسايل , محلوله إن شاء الله ))
كانت منار مستغربة كيف سيحل أخوها الموضوع فقالت (( كيف يعني راح تحلوا ))
(( أنا راح أسافر لسوريا عندي شغل هنيك , وراح أشوف صاحب هذا البريد وأحاول أقابلة وأشوف إذا له صلة بأمك أو ياخذ الرسايل ويتسلى فيهن , على فكره في ناس مريضين يحبوا يتسلوا بهيك شغلات ))
فرح خالد وشعر أن قلبه بدأ يدق بسرعة فقال (( شكرا لكم والله ما أدري شلون أكافئكم على هذا الجميل ))
قال هارون (( مكافئتنا إنا نشوفك مبسوط , يلا خلونا نتفتل بالسيارة والله صار لي زمان ما إتفتلت بشوارع مانشستر ))
ظل هارون يأخذ خالد ومنار ليزورون معه كل المناطق بمدينة مانشستر طوال فترة إقامته فيها , بذلك اليوم عرف خالد أن لديه الآن صديق جديد هو هارون الذي سيساعده بالبحث عن أمه , لأول مره يشعر خالد بأن لقاءه مع أمه أصبح قريباً , مرت الأيام وسافر أخو منار هارون مع أن خالد قد تعود عليه وقد أحب رفقته ولكنه كان يعلم بأنه سيراه مجدداً وعن قريب .
الفصل العشرين : رغبة خالد بان يكون أساسي بالفريق
بدأ الطقس بالتحسن كثيراً , لقد أحب خالد الربيع في هذه المدينة , ولكن ما كان يعكر عليه صفوه تلك المضايقات التي يتعرض لها بالمدرسة وخصوصاً في الملعب حيث يقوم خالد بالتمرين مع الفريق وكان أكثر من يقوم بمضايقة خالد هو ديفيد الذي لم يكف يوماً عن مضايقته .
كانت منار تأتي في بعض الأحيان وتشاهد خالد وهو يلعب مع الفريق وخصوصاً أن خالد يريد أن يقنع المدرب بأنه كفء ليلعب كأساسي بالفريق .
بيوم حيث كان خالد يريد من زملائه إعطائه الكرة ولكن دون جدوى , قرر خالد أن يأخذ الكرة بالقصب , لذلك أخذ الكرة من ديفيد الذي كان يريد أن يلتقط الكرة ويقوم بالهجوم وقام هو بالهجوم بدلاً منه ونجح بإدخال الهدف , كان خالد سعيد عندما كان زملائه في الفريق حوله لأول مره ويهتفون بإسمه .
حتى أن منار قامت بالقفز على كرسيها ولكنها سكنت عندما أحست أن المدرب ينظر إليها باستغراب , لم تدم فرحة خالد سوى دقيقة لأن ديفيد أتى إليه غاضباً ودفعه ليسقط أرضاً ,بينما منار قامت بالصراخ وهي تقول (( لا يحق له أن يضربه ))
كان خالد يريد أن يرد إليه الضربة لولا أن زملائه بالفريق منعوه من ذلك .
لذلك ضحك ديفيد وقال (( ردها لي إن استطعت ))
فقال المدرب الذي أتى بكل برودة أعصاب وقال (( أنا أردها لك يا ديفيد ))
لم يفهم ديفيد لماذا يقول المدرب ذلك فقال المدرب (( بالمباراة القادمة سوف لن تلعب كأساسي بالفريق ))
لم يكن يعلم ديفيد بأن المدرب سيستغني عن خدماته بالفريق فقال وبكل ثقة((من سيحل مكاني ؟))
(( سيحل مكانك خالد , هيا يا خالد تجهز لمباراة الغد ))
لم يكن ديفيد يصدق ماذا يسمع , بالمثل كان أعضاء الفريق يحاولون إقناع المدرب أن يعدل عن رأيه ولكن المدرب قال (( هيا لنكمل التدريب فغداً مباراة هامة ولا نريد أن نخسر ))
وقف ديفيد طويلاً جامداً بمكانه فعقله لم يكن ليتحمل كل ذلك لذلك خرج غاضباً من الملعب , تاركاً خالد في الملعب لتأتيه منار التي لم تسعها الفرحة وتهنئه .
بطريق العودة للمنزل كانت منار لم تصدق ماذا رأت وسمعت فقالت لخالد (( والله لساتني ماني مصدقة شو بسمع , تتوقع أن ديفيد راح يسكت ))
(( يعني شنو راح يسوي لي , بالنهاية القرار بأيد المدرب ))
كانت منار متشوقة لرؤية خالد وهو يلعب أمام جمهور حقيقي (( يلا يا خالد بكرا لازم تتحضر منيح , إذا تحب مساعدة مني فأنا جاهزة ))
كان خالد يضحك ويقول لها (( شلون يعني , ليش أنتي تعرفين تلعبين ؟ ))
(( يعني شو الكورة لا هي كيمياء ولا فيزياء , أكيد بعرف ألعبها ))
ضحك خالد وقال (( الكورة فن , مو أي واحد يقدر يلعبها ))
قالت ورد (( أنا بعرف العب كورة منيح ))
ردت حلا وقالت (( حتى أنا والله اعرف ألعبها ))
خالد ضحك عليهن ولكن بذلك الوقت أتته فكرة وقال (( شرايكن أخذكن أنتن الثلاثة اليوم العصر ونلعب كورة بالمنتزه ))
أعجبن الثلاثة بالفكرة واتفقن مع خالد أن يلعبن الكرة .
في العصر كان خالد وأخته حلا يقضيان أجمل وقت في المنتزه مع منار و ورد بلعب الكرة , حتى أن أميرة وسمر انظمن إليهم بلعب الكرة , لم تكن واحدة منهن تجيد الكرة لذلك كان خالد هو الذي يستحوذ على الكرة كثيراً , بينما كان يضحك على منظرهن وهن يقعن متعثرات .
عندما عاد خالد بالمساء هو وحلا وجد والده هناك يجلس على الأريكة ويشاهد التلفاز , لذلك جلس خالد بجانبه وقال (( الحمد لله أنك جيت ))
(( خير في شي ))
(( أي , راح بكرا تصير مباراة مهمة بالمدينة وراح ألعب فيها ولازم تجي أنت وعمتي نوال وحلا ))
ضحك الأب وفرح بابنه كثيراً وقال (( خلاص إن شاء الله نجي ))
كان خالد جداً مبسوط وخصوصاً أن والده سيراه بالمباراة , حتى السيدة نوال كانت فرحة لخالد وقامت بالمباركة له ثم قالت (( لازم نجيب كاميرة فيديو ونصوره ))
باليوم التالي كان خالد متوتر جداً وخصوصاً عندما كان في وسط الملعب وسط ذلك الجمهور الهائل , كان ينظر خالد كثيراً للجمهور ويبحث عن أهله وأصدقائه , بالبداية لم يراهم ولكنه أخيراً وجدهم وهم يلوحون له , ولكنه استغرب عدم وجود والده وهذا ما أحبطه ولكنه قال في نفسه أنه ربما سيأتي لاحقاً , انتهت المباراة وكان الجميع فخوراً به لأنه قدم أفضل ما عنده ولكنه عندما نظر وجد حلا ووالدتها مع منار وعائلتها يهتفون له , خاب ظنه لعدم وجود أباه معه ولكنه ابتسم لهم .
كان المدرب مبسوط من أداء خالد لذلك قال (( لقد كنت رائعاً يا خالد ))
كان الجميع يقول (( أن أدائك كان ممتازاً ))
كان خالد سعيد بإطرائهم وكان يشكرهم ولكنه لم يتفوه بكلمة عندما وجد ديفيد جالساً على مقعد الانتظار وقد كان يحدق به لدرجة أن خالد كان يفكر ويتساءل عما يفكر به ديفيد , إلا أنه نسي كل ذلك عندما عاد إلى المنزل وقد كان غاضباً جداً من أبيه الذي كان في المنزل نائماً على الأريكة
فقال (( هذا نايم أهني , وإحنا كنا ننطره هناك بالملعب ))
لم تحب السيدة نوال تلك اللهجة التي كان يتكلم بها خالد فقالت (( ما يصير تتكلم عن أبوك بهذي الطريقة ))
(( هو اللي يخليني أتكلم عنه بهذي الطريقة , بعمره ما حسسني أن عندي أبو ))
أستيقظ د.محمد على صوت خالد الذي كان مرتفع قليلاً فقال (( شصاير ليش صوتكم عالي ؟ ))
لم يرد خالد على سؤال والده لذلك ذهب إلى غرفته , كانت السيدة نوال تنظر لزوجها وقالت (( أنت نسيت إن اليوم المباراة ))
ضرب د.محمد رأسه وقال (( والله أني نسيت ))
لذلك ذهب إلى خالد فوجده مستلقي على سريره وبيده الكرة التي كان يقذفها بيده ثم يلتقطها فقال لخالد (( أنا أدري أن معاك حق صدقني , بس لو تشوف المسؤوليات اللي علي بالمستشفى يمكن راح تعذرني ))
كانت نظرات خالد كلها استهزاء بوالده فقال (( أنت تحاسب أنك الوحيد اللي عندك شغل بالدنيا , تدري أن كل زملائي اللي يلعبون كورة جو أهلهم وكانوا يشجعونهم مع أن أغلبهم كانوا يمسكون مناصب مهمة ))
(( طيب قولي شنو أسوي عشان ترضى علي ))
(( ما أبي شي منك خلاص ))
كان خالد غاضباً جداً بذلك الوقت لذلك قال والده (( راح أتركك اليوم , أدري أنك للحينك زعلان مني ويحق لك , لكن أوعدك أن المباراة الجاية مهما كانت الظروف راح تلقاني موجود ))
لم يتفهوه خالد بكلمة لأنه كان على يقين بأن أبيه يعد دون أن يفي بوعده .
بدأت شعبية خالد تزداد بالمدرسة وخصوصاً بعد تلك المباراة , كان الجميع يريد أن يتحدث معه حتى المشجعات اللاتي لم يتركن خالد فقد كن يتحدثن مطولاً معه , ولكن منار التي بدأت تتضايق وأحست أن خالد لم يعد يتحدث معها , كانت تجلس بمقعدها وهي تراقبه من بعيد وكانت غاضبه جداً .
حتى ديفيد كان هو الأخر يراقب خالد وقد كان يحقد على خالد كثيراً وكان حوله أصدقائه الذين كانوا يقولون له بأنه يجب أن يعتذر من المدرب حتى يعيده كعضو أساسي بالفريق .
وصلت الآنسة آنا وكعادتها كانت ممسكة عصاها وتقوم بالصراخ على الطلبة ليجلسوا بمقاعدهم وعندما نظرت لخالد قالت (( لقد ذاع صيتك بهذه الأيام يا خالد ))
لأول مره يسمع خالد منها كلمة ترضي غروره فقال (( شكراً يا آنسة ))
(( ولكن تذكر أن في صفي الكل سواسية عندي وارجوا منك أن تتقيد بصفي أفهمت ذلك ))
(( أني افهم ذلك ))
(( بالغد سيكون هناك امتحان قصير ومن لا يأتي في الغد سوف يسقط في مادتي ))
بدأ الجميع بالاعتراض على قرار الآنسة آنا ولكنها قالت (( من يعترض سوف تكون درجته صفر ))
سكت الجميع وكانوا غاضبين من تصرفها هذا ما عدا حلا التي كانت متحمسة للامتحان , عندما عاد خالد للمنزل مع أخته كان مستغرب بأن منار لم تأتي معهم فقال (( منار صار لها كم يوم ما تجي معانا ليش ؟ ))
(( أنت ما لاحظت أنها زعلانة منك ))
خالد أستنكر ذلك الكلام وقال (( ليش زعلانة , ليش أنا شسوين لها ))
(( أنت من لما صارت لك شعبية بالمدرسة , ما صرت تكلمها وهي حست أنك تطنشها ))
خالد الذي أحس أن حركات منار تلك طفوليه (( براحتها أنا ما غلطت معاها عشان تزعل مني ))
ظل خالد طوال ذلك اليوم يفكر بمنار ولماذا أخذت منه ذلك الموقف وكأنها لا تفرح لانتصاراته , لذلك ذهب إلى السيدة نوال وأخذ منها نصيحة بأنه لا يجب أن يخسروا بعضهم كأصدقاء لهذا السبب السخيف بالنسبة لها , هنا اقتنع خالد وقرر أن يذهب فوراً إلى المنتزه حيث يجد هناك منار وكان متحمساً ليعود مجدداً ليكلم منار .
في ذلك الوقت كانت منار كما يتوقع خالد في المنتزه ولكنها كانت غاضبه جدا وهي تنظر باللوحة التي رسمت فيها خالد , وقامت بالتفكير بأن خالد كان يتجنبها ولا يكلمها لذلك رمت تلك اللوحة على قارعة الطريق التي كانت مملوءة بالماء وقامت بالوقوف عليها لتنغمس اللوحة بالوحل , كانت الدموع واضحة بعينين منار ولكنها لم تكن تبكي .
بعد مرور اقل من دقيقة وصل خالد وقد كانت الابتسامة تملئ وجهه ولكن كل هذا تغير عندما رأى اللوحة ملقاة على الأرض , بالبداية لم يتأكد من هذه كانت لوحته لذلك ألتقطها من الأرض فوجدها هي اللوحة التي رسمته بها , لم يتفوه خالد بكلمة وذهب غاضباً تاركاً منار التي بدأت تبكي لأنها عرفت أنها كانت متسرعة بردة فعلها عندما رمت اللوحة ولكن الندم لم ينفعها بذلك الوقت .
ظل خالد ومنار طوال فترة أسبوعان لم يتكلمان , حتى أن رفقائهم في الصف استغربوا من ذلك الوضع , بعدما أن كانا لا يتفا رقان حتى أنهم أصبحوا يتجنبون النظر إلى بعضهم .
كان خالد أحياناً يستفقد لمنار عندما كانت تقف خارج الملعب وتقوم بتشجيعه , حتى منار كانت تستفقد خالد عندما كانت تقف في المنتزه وترسمه .
إلى أن أتى يوم لم تأتي به منار , أستغرب خالد حيث أنه كان هناك امتحان مهم بمادة التاريخ التي تدرسها الآنسة آنا , وكما هو معروف فهي لا تعيد امتحاناتها , ظل خالد يفكر ترى ما الذي لم يجعلها تحضر الامتحان , إلى أن كان في طريقه للمنزل حيث وجد ورد تمشي من دون منار ومعها صديقاتها أميرة و سمر , لذلك ركضت حلا إليهن وقامت بالمشي معهن , كانت ورد تتكلم بصوت مرتفع وقد كانت منفعلة جداً وهي تصف حالة أختها عندما بدأت بالصراخ وعندما أخذوها للمستشفى , لذلك ركض إليها خالد وسألها عن أختها فقالت (( طلع فيها زايدة وعملت عملية , بس كانت عم تبكي أمس لما عرفت أنها ما راح تحضر الامتحان ))
بذلك الوقت لم يكن يفكر خالد سوا أن تكون الآنسة آنا على علم بذلك لذلك طلب من حلا أن ترافق ورد والفتيات إلى المنزل , حتى أنه لم يعطي حلا أي فرصة لتقول له إلى أين هو ذاهب .
كان خالد مسرعاً جداً حتى أنه لم يكن يرى أمامه عندما كان يصطدم بالمارين من حوله , كان كل هم خالد بأن يبرر للآنسة آنا سبب غياب منار , وفعلاً وصل خالد في أخر لحظه حيث كانت الآنسة آنا تهم للخروج من المدرسة .
قالت الآنسة آنا وهي في أشد استغرابها من خالد الذي كان يلهث من شدة التعب (( ما بالك مستعجل هكذا ؟ ))
(( الحمد لله أني وجدتك في المدرسة قبل أن تغادريها , كنت أريد أن أقول لكي بأن منار لم تستطع القدوم اليوم ))
(( لماذا لم تأتي منار , هيا قل ؟ ))
(( لقد عملت عملية الزايدة , أرجوا أن تأجلي امتحانها عندما تخف ))
(( ولكنك تعلم بأني لا أعيد لأحد أي امتحان , حتى أنني سأقوم برصد الدرجات اليوم ))
(( ولكن هذا شيء ليس بيدها ))
كان خالد حازم بشأن هذا الأمر , حتى أن الآنسة آنا ابتسمت لأول مره لخالد ووضعت يدها على كتفه وقالت (( أنت صديق وفي يا خالد , أعتقد بأن منار محظوظة بأن يكون لديها صديق مثلك , حسناً سأعيد لها الامتحان حالما تخف ))
فرح خالد بموافقتها وقام بشكرها مطولاً , ثم عاد أدراجه وهو يركض بسعادة , كانت الآنسة آنا تراقبه وهو يركض وكانت قد أعجبت بشخصيته .
في عصر ذلك اليوم ذهب خالد لزيارة منار مع السيدة نوال وحلا , كانت منار سعيدة بقدوم خالد وفرحت أكثر عندما علمت أن خالد قد اقنع الآنسة آنا بأن تعيد لها الامتحان .
غابت منار أسبوع عن المدرسة وفي ذلك الوقت كان خالد يقوم بإحضار جميع الدروس التي فوتتها .
كانت منار تنظر لخالد وقالت له (( خالد أنا أسفه))
لم يكن خالد يحب أن يتذكر ذلك الشجار الذي كان بينهم لذلك قال (( لا تتأسفين , حتى أنا غلطت بحقج ))
في ذلك الوقت استأذنت منار من خالد دقائق ثم عادت ومعها كيس كبير , ثم أعطتها لخالد وقالت (( أفتحها ))
لم يعرف خالد ماذا يحتوي ذلك الكيس فسألها عن محتوياته , كانت منار تضحك وتقول له بأن يفتحه ويرى ماذا به , لذلك فتح خالد الكيس فوجدها لوحة ومرسومه صورته بها ,
نظر خالد لمنار بتعجب وفخر بنفس الوقت فكيف استطاعت رسم تلك اللوحة من دون أن تراه ولكن منار لم تعطه فرصه حتى للكلام (( أنا من هذاك اليوم كنت حاسة بالذنب مشان هيك رسمت صوره جديدة و كنت طول ما عم برسم عم بتخيلك فيها , وكنت متأكدة إنا حنتصالح بيوم ))
((أما أنا كنت خايف إننا ما راح نتصالح ))
في ذلك اليوم كان خالد قد قرر بأن يحاول أن لا يغضب من منار مهما كانت الظروف , حتى منار التي كانت ممتنة لخالد وخصوصاً أنها استطاعت اجتياز الامتحان بنجاح الذي أعدته له الآنسة آنا .
الفصل الواحد والعشرين : عمل إضافي
يوم عطلة جميل يجعل خالد يفتح النافذة ويرفع يديه لأعلى , مع أن الهواء كان قوي ويدفع خالد للخلف إلا أن خالد يحب ذلك .
سعادة خالد لا توصف بذلك اليوم وخصوصاً أنه استفاق بعد يوم حافل كانت تتخلله مباراة كبيرة , أدى فيها خالد جيداً ولكنه ما زال غاضباً من أبيه الذي لم يحضر إلى الآن ولا مباراة .
كانت منار دائماً تواسي خالد وتقول بأن هذا شيء ليس بيده , ولكن خالد ضاق ضرعاً من ذلك فقد زاد الأمر , ولكنه وصل لمرحلة يعتبر بأن وظيفة أبوه فقط لجلب المال .
دخل د.محمد على غرفة خالد وكان كعادته يريد أن يعتذر من خالد فقال (( أنا أسف .. ))
لم يكمل الوالد كلامه حتى قطع كلامه خالد وقال (( عارف ,عارف تبي تقول أن شغلك مو بيدك وكان عندك عملية ضرورية ))
(( يمكن تقول أني زودتها , لكن صدقني الطبيب وقته مو ملكه , وقته للناس ))
(( وإحنا ما لنا حق عليك مثل الناس ))
سكت الأب قليلاً وكأنه كان يفكر بحل يجعل خالد راضي عنه فقال (( شرايك تروح هاليومين معاي للمستشفى وتساعدنا بالتمريض بما أنك راح تكون بعطله ))
نظر خالد لأبيه باستغراب فقال (( بس أنا عندي تمرين للكوره ))
(( بأي وقت تقدر تنسحب ))
خالد الذي ظل يفكر بالأمر ولم يتفوه بكلمه , فقال الأب (( راح أعتبر سكوتك هذا موافقة , يلا تجهز وخلنا نروح , عشان ما نتأخر ))
ذهب خالد مع والده للمستشفى وكان مذهولاً بممرراتها الكثيرة , في البادئ أحس خالد بالندم لأنه ذهب مع والده فلقد كره جو المستشفى , ولكنه لم يرد الرجوع فقد أراد أن يكمل ما بدئه .
كان خالد يرافق أبيه في كل مكان إلى أن ذهب معه إلى إحدى المريضات التي كانت تقريباً في مثل عمره وقد أنذهل خالد عندما وجدها بدون شعر على رأسها , كان خالد يريد أن يضحك ولكنه لم يحب أن يجرح شعورها , كانت الفتاة تنظر لخالد طويلاً مع أن خالد لم يحب أن ينظر لها لأنه أحس بشعور غريب لم يعرف إذا كان شعور شفقه أم هو اشمئزاز منها , كان خالد يفكر مطولاً عن حقيقة شعوره هذا .
بينما كان شارد الذهن وهو ينظر لتلك الفتاة , طلب د.محمد منه يبقى مع هذه المريضة وأن يهتم بها , خالد الذي أحرج من هذا الطلب لم يتمكن من الرفض لذا وافق فوراً , فقال الأب الذي كان فخوراً بابنه (( يالله أنا راح أتركك مع مريضتك الأولى ولا تخاف لأن الممرضة ماريا راح تساعدك بكل شي ))
ذهب د.محمد تاركاً أبنه مع تلك الفتاة , كان خالد خجلاً قليلاً بينما تلك الفتاة لم ترمش عينيها وهي تنظر لخالد في الحقيقة أن خالد لم يحب تلك النظرات منها فقالت تلك الفتاة (( أنا أعرف أنك تتمنى أن لا تنظر بوجهي ))
خالد تفاجئ عندما علم أنها كشفت أمره فقال (( ومن قال لكِ ذلك , فأنا لم أتفوه بكلمة ))
(( أنا لا أحتاج أن تقول لي ذلك , فأنا لدي عقل وأستطيع من خلاله أن أميز الأشياء ))
(( لا صدقيني أنا كنت أتسائل عن حقيقة مرضك ))
ضحكت تلك الفتاة ساخرة منه (( إذاً .. كيف عينت هنا في هذه المستشفى , إذا كنت لا تعرف حقيقة مرضي ؟))
(( أن د.محمد الذي يعالجك هو والدي وقد أراد مني أن أرافقه إلى المستشفى ))
صمتت الفتاة قليلاً ثم نظرت بحزم باتجاه خالد وقالت (( أنا مصابة بمرض سرطان الرئة ))
خالد تفاجئ من حقيقة مرضها , حتى أنه لم يعرف ماذا يقول في مثل تلك المواقف إلا أن قالت الفتاة (( أرجوك لا تشعر بالشفقة علي ))
ما كان يصعب على خالد أن فتاة بعمر الزهور تكون عرضة لذاك المرض لذلك أحب خالد أن يواسي تلك الفتاة فقال (( لا تقطعي الأمل في الله , والطب في هذه الأيام متقدم جداً لذا أتمنى لكِ الشفاء ))
(( إلا في حالتي , فهذا المرض من أصعب الأمراض علاجاً , لقد بحثت عنه كثيراً في النت والمضحك بذلك الأمر أنه في العصور القديمة كان الناس يعتبرون أن المرض سببه الأرواح الشريرة ))
كانت الدموع ستخرج من دموع تلك الفتاة ولكنها كانت تكابر بالضحك وهي تقول ((كان المصريون القدماء أول من وصفوا هذا المرض حتى أن علاجه كان بالكي ))
كان خالد طوال ذلك الوقت يقوم بالإنصات ولكن أكثر ما لفت انتباهه هي يد الفتاة التي ترتجف بشدة , لذلك ذهب إليها ومسك يدها فقالت الفتاة (( لقد كنت فتاة محبوبة جداً وكانت عندي طموحات كثيرة بحياتي ولكن كل شيء ذهب مع الريح ))
كانت الفتاة تضحك بهستيريا شديدة , لدرجة أن خالد خشي عليها وأراد أن يستدعي الممرضة ولكن الفتاة هدأت وقالت (( أنا أليس , وأنت أسمك خالد صح ))
(( كيف عرفتِ اسمي ؟ ))
(( أبوك هو دكتوري وقد كان دائماً يحكي عنك , أن أبوك يفخر بك كثيراً ))
فرح خالد بذلك الإطراء فقال (( شكرا لكِ ))
(( ماذا كان طموحك بالحياة ؟ ))
(( لقد وددت أن أكون كاتبة , وقد كتبت الكثير ولكن منذ ذلك اليوم الذي عرفت فيه حقيقة مرضي تغير كل شيء , حتى أن لون الحياة تغير بالنسبة لي ))
(( الحياة عدة ألوان , ومن الجميل أن نرى جميع ألوانها ))
(( ولكنها الآن بالنسبة لي بدون أي لون , لقد أصبحت باهته ))
(( لقد سمعت يوماً مثلاً من جدتي لقد قالت لي إن لم تزد شيئا على هذه الحياة تكن أنت زائدا عليها))
سكتت أليس وقد ظلت تفكر بتلك المقولة ثم ضحكت وقالت (( أتعلم أن هذه هي أول مره أفكر فيها بعدما مرضت , لقد كنت دائماً أقول أن كل شيء انتهى بالنسبة لي حتى التفكير ))
(( أنا بصراحة لا أعرف إذا كنت في مثل موقفك هل سأكون قوياً أم سأضعف ولكني أقولها لكِ من باب من يرى الأمور من المنظار الذي لا ترينه أعملي , فالحياة سيرتد لونها البراق الذي كنت تعهديه عندما تعملي ما تحبي ))
ذهب خالد عند هذه النصيحة وكان يبتسم ابتسامه كلها تفاءل ل أليس تاركها وهي تفكر بما قاله لها , لذلك نهضت من على سريرها وذهبت إلى الحمام حيث هناك مرآه فقامت لتنظر بنفسها كثيراً .
في ذلك الوقت كان خالد يفكر ب أليس ويحس بالذنب لأنه عندما دخل شعر بالاشمئزاز منها لذلك ذهب لوالده وجلس معه وابتدأ بالأسئلة الكثيرة عن مرض سرطان الرئة وهل له علاج فقال د.محمد (( دايماً يا خالد بالطب يكون فيه معجزات , عشان جذي إحنا ما نفقد الأمل ))
(( طيب أليس حالتها خطيرة ولا لأ ؟ ))
(( للأسف هذا النوع من المرض صعب اكتشافه في مراحله المبكرة , وإحنا نتأكد من وجود هذا المرض عن طريق صورة الأشعة السينية ولكن للأسف لما تظهر الصورة وجود سرطان يكون المرض بمراحل متقدمة ))
ظل خالد طوال الوقت يسأل أبوه عن هذا المرض وكان أبوه فرح بان خالد يسأله كثيرا ً, بذلك ازدادت العلاقة بينه وبين أبوه .
عندما عاد خالد كان طوال اليوم وهو يفكر ب أليس حتى أنه لم يرقب بالخروج للسينما كما كان متفق مع منار , لم تعرف منار سر شرود خالد ولكنها كانت تعلم بأنه سيأتي يوم ويخبرها بالأمر.
لقد أصبح خالد كل يوم يأتي إلى أليس حتى في أيام الدراسة وقد كان يتحدث معها عن كل شيء في حياته وكان يتحدث عن المضايقات التي يتلقاها من ديفيد وأصدقائه وأيضاً كان يخبرها عن صديقته منار, لقد استغرب والده سر اهتمامه بالمستشفى التي لم يكن يحبها في البداية حتى منار التي بدت تصر على خالد أن يخبرها أين يذهب كل يوم بعد المدرسة ولكن خالد لم يكن يريد أن يقول لها ولكن بعد إصرار شديد منها , أخبرها بالأمر واتفقوا سوياً أن يذهبوا لزيارة أليس .
كانت أليس خجلة قليلاً من منار ولكنها فرحت بأنها أتت فقالت (( لقد كان خالد يتحدث عنكِ باستمرار ))
ضحكت منار ونظرت لخالد وقالت (( حقاً ماذا كان يقول , هيا أخبريني فهذه الأيام لا اعرف بماذا يفكر خالد ))
ضحكت أليس وقالت (( لقد كان يقول لي بأنكِ أعز أصدقائه ))
كانت سعادة أليس لا توصف في ذلك اليوم حتى أنها كانت تتحدث كثيراً في ذلك الوقت بينما كان خالد ومنار يستمعون لها , استمر ذلك الحديث إلى أن قالت أليس (( أتعلمون أني بدأت في كتابة رواية منذ أسبوع ))
خالد قال (( حقاً ولماذا لم تخبريني بذلك منذ أول يوم كنتِ تكتبين فيه ؟ ))
(( لقد أردت أن أتأكد من نفسي في البداية ثم كنت سأخبركم إذا أحسست أني أستطيع أن أكمل الكتابة ))
قالت منار وهي تصفق بحرارة ل أليس (( ممتاز يا أليس ممتاز ))
قام خالد بدوره هو أيضا بالتصفيق ل أليس , كان الاثنان يشعران بالفخر لما حققوه من تغيير ل أليس التي كانت منغلقة على نفسها , حتى الممرضة ماريا كانت تشكر خالد ومنار بحرارة لأنهم أصبحوا كل يوم يأتوا لزيارة أليس التي كانت ترفض زيارة أي من أصدقائها الذين كانت تعرفهم قبل المرض .
بعد مرور أيام كانت ستقام مباراة هامة وقد أراد خالد بأن تخرج أليس من المستشفى وتأتي إلى الملعب لترى خالد وهو يلعب , كانت حالة أليس تزداد سوءاً لدرجة أن د.محمد أخبر خالد بأن ذلك سيكون صعباً عليها .
بذلك اليوم كان خالد متوتر قليلاً وما زاده توتر أن ديفيد كان سيلعب في تلك المباراة فقد أخبروه أصدقائه بأنه أعتذر من المدرب لذلك سامحه المدرب , ولكن ما جعل خالد يرتاح هو أنه وجد والدته وأخته حلا مع منار وقد كانوا يلوحون له ويأشرون على المقعد المجاور الذي كان يقعد فيه أبوه مع أليس الذين بدورهم كانوا يلوحون لخالد , فرح خالد بتلك المفاجئة التي جعلته يرقص فرحاً ويلوح لأصدقائه وعائلته , في ذلك اليوم قرر خالد بذل أقصى ما عنده ليكون على أحسن وجه أمام أليس وأبيه مع أن فريقه تعادل مع الفريق الثاني إلا أن هذا اليوم انتهى بحفلة عشاء تجمع خالد وعائلته وصديقتيه منار و أليس .
الفصل الثاني والعشرين : خالد يجد جواب لغز اختفاء أمه
يوم عطلة أسبوع روتيني كغيره من أيام عطل الأسبوع , يجلس خالد وهو يشعر بالملل ولا يعرف ماذا يفعل بهذا اليوم , لذا قرر الجلوس بالبيت مع عائلته .
بينما كانت السيدة نوال منشغلة بتحضير طعام الغداء , ذهب خالد إليها وقال (( يما شنو مسويا لنا أكل اليوم ))
نظرت السيدة نوال إلى خالد وقد أحبت كلمة أمي التي قالها لها , ولكن خالد الذي تراجع فوراً عن كلمته وقال لها (( قصدي عمة ))
ضحكت السيدة نوال على منظر خالد الذي أحمر خجلاً من ذلك الموقف .
كان خالد يجلس كثيراً بينه وبين نفسه في ذلك اليوم فحبه للسيدة نوال وصل إلى حد أنه يعتبرها كأمه , ولكنه لا يريد أن يحل شخصاً مكان والدته , بعد مرور وقت بدأ خالد يسأل نفسه هل وجد هارون أمه أم أنه لم يستطع ذلك , فقد مر شهر تقريباً دون وجود رد له عن أمه , لذلك أعتقد خالد أن الجواب سيكون عند منار صديقته التي سيقابلها في المستشفى عندما يزورون أليس كما هم متفقون .
في المستشفى كانت منار تقوم بوضع مساحيق الماكياج على أليس عندما قال لها خالد الموقف وسألها عن أخبار أخوها هارون فردت (( هارون , لقد أتصل بنا بالأمس وقد كنت كل ما أكلمه في التليفون أسأله عن أمك ولكنه لم يكن يجاوبني جواباً شافياً , لا أعتقد أنه رآها ))
قالت أليس عندما كانت تنظر لخالد الذي كانت الحيرة تقتله (( ما بالك يا خالد , كل هذا فقط لأنك ندهت لزوجة أبيك بأمي , لا أرى أنها مشكلة كبيرة بل بالعكس أنت من تجعلها مشكلة كبيرة ))
كانت منار بذلك الوقت تريد من أليس بأن تصمت حتى تستطيع أن تضع لها الماكياج فقالت (( اثبتي يا أليس , فأنا لا أستطيع فعل شيء عندما تتكلمين ))
خالد الذي كان يريد من منار و أليس أن تفهماه (( المشكلة أن ولا واحده منكن تفهمني ))
قالت أليس (( بل بالعكس أنا أفهمك جيداً يا خالد , أتستطيع أن تقول لي أين هي أمك طوال هذه السنين حينما تقوم بمراسلتها ))
خالد نظر لمنار وكأنه يريد منها أن تقف في صفه , ولكن منار بدأت هي الأخرى تشعر بالحيرة فقالت (( بصراحة يا خالد أنا لا أريد أن أجعلك تكره أمك ولكن طوال مئات الرسائل التي تقوم برسلها لها , أريد منك أن تأتيني برسالة واحدة منها ))
أليس قالت عندما وجدت خالد صامت طوال الوقت (( أرجو منك أن لا تتضايق من كلامنا يا خالد ولكننا نحبك ونريد منك أن تستمر في حياتك وأن لا تقف عند حدث منها يجعلك ترجع خطوة إلى الوراء ))
أبتسم خالد (( أعلم ذلك , من حق أمي أن أعطيها فرصة أخيرة , حالياً لا أريد سوا أن أستفسر عن الأمر من خلال هارون ))
في ذلك الوقت قامت منار بالصراخ فرحاً وهي تقول (( ها قد انتهينا , وتستطيعين الآن رؤية نفسك في المرآة ))
قال خالد الذي أبدى إعجابه ب أليس (( أين كنتِ تخفين كل ذلك الجمال يا أليس ))
كانت أليس خجلة جداً وقد ظنت بأن خالد ومنار يجاملونها , ولكن عندما نظرت من خلال المرآة التي أعطتها لها منار فرحت جداً وقامت بشكر منار وخالد كثيراً , كانت منار فخوره جداً بنفسها فقالت (( الآن عندما تأتي أمك لزيارتك ستجدك قد عدتي فتاة جميلة , وستكون فخوره بكِ ))
كان خالد يخفي مفاجئة ل أليس فقال (( أليس هناك مفاجئة لكِ ))
لم يكمل خالد كلامه حتى أتت والدة أليس وقد انبهرت ب أليس , حتى أنها ذهبت مباشرة إليها لتضمها على صدرها , كانت والدة أليس تبكي كثيراً حتى أن أليس قالت (( أمي أرجوكِ لا تبكي فلا أحب مشاهدتكِ وأنتِ تبكين ))
(( أن هذه دموع الفرح يا حبيبتي ))
(( أمي أعرفكِ على أعز صديقان لدي , منار وخالد ))
نظرت والدة أليس إليهم وقامت بشكرهم على كل ما فعلوه لأجل أليس وقالت (( أن أليس كانت تتحدث عنكم باستمرار ))
ضحكت منار وقالت (( حقاً وماذا كانت تقول عنا ؟ ))
(( لقد كانت تقول بأنكم صديقان حقيقيان لها ))
قال خالد (( لقد جعلتموني أنسى المفاجئة ,عندما علمنا بقدوم والدة أليس قررنا أنا ومنار بشراء تذكرتين لكم إلى أحد المسارح بما أننا نعلم حب أليس لحضور المسرحيات ))
قالت والدة أليس (( ولكن أليس في حالة لا تسمح لها بالخروج ))
(( لقد استأذنا من والدي وأخبرنا بأن صحة أليس قد تحسنت كثيراً لذا تستطيع أن تخرج وتذهب لحضور المسرحية))
قالت منار (( نريد منكِ يا أليس أن تقصي علينا أحداث المسرحية في المرة القادمة ))
كانت أليس تبكي من كثرة الفرح وقالت (( هذه أول مره اشعر بكل هذا الحب , شكرا لكم ))
بذلك اليوم كانت فرحة منار وخالد لا توصف حتى أنهما خلدا إلى الفراش وكانا يفكران ب أليس.
في صباح اليوم التالي كانت منار تحاول باستمرار الاتصال بخالد ولكنه كان يقط في نوم عميق , عندما استفاق خالد وجد رسالة من منار على تلفونه النقال وتقول فيها بأن هارون سيتصل بهم اليوم العصر , ظل خالد طوال اليوم يفكر بأن هارون سيقول له بأنه وجد أمه حتى أن تفكيره وصل إلى أنه سيجعله يكلم أمه , ظل خالد يحلم أحلام اليقظة بذلك الموضوع وينتظر وقت العصر بفارق الصبر حتى أنه لم يستطع الانتظار وذهب لبيت منار لينتظر هناك .
لقد مرت ساعة وخالد يجلس على الأريكة مع سيد زهير والد منار وأمها إيمان , كان سيد زهير طوال الوقت يتحدث لخالد بينما خالد كان يفكر بماذا سيقول له هارون .
إلى أن رن التليفون الذي جعل الجميع ينظر إليه , هرعت منار لترد عليه وما أن ردت حتى كانت تتكلم بصوت عالي وهي سعيدة عرف الجميع أنها كانت تتحدث مع هارون , لذلك ذهب السيد زهير وأخذ التليفون منها وقال (( أبني كيفك ؟ وكيف أحوالك ... أنت وينك هلأ ... بلبنان ... شو بتعمل هنيك ... اها ... يلا شحو خالد عم يستنى يحكي معك ... ))
مد السيد زهير السماعة لخالد وقال (( يلا يا خالد هارون بدو يحكي معك , وعم بيقول أنهم بعثوه ليكون مراسل بلبنان .. وحالياً منو بسوريا ))
أستغرب الجميع من سفرة هارون المفاجئة للبنان , كما أن والدته خافت عليه من أن يذهب للبنان فقالت (( والله ما أجانا من شغلوا غير وجع الراس ))
قال السيد زهير(( يلا يا خالد يا ابني خوذ التليفون ولا تخليه ينطر كتير ))
مسك خالد السماعة وكان خائف جداً فقال (( ألو ))
قال هارون (( مرحبا خالد , أسمعني يا خالد ))
(( أنا معاك , يلا أتكلم ))
(( أنا من أسبوع كنت بسوريا وبقيت أسبوع أهنيك ))
(( سمعت أي خبر عن أمي ))
(( دورت على صندوق البريد اللي بترسل لألوا الرسائل , وما لقيتها بس قالوا لي أن صاحب البريد ولد بعمر العشرين سنة ,هو اللي كان ياخذ الرسائل وقالوا لي أنوا أخر مره شافوه فيها كان من حوالي الشهر , أنا بفتكر يا خالد أنو أمك مش هي اللي بتستلم الرسائل وهذا الشخص عم يتسلى ))
لم يكن خالد يقول شيئاً وأحس بخيبة أمل كبيرة وقال (( والحين خلاص راح كل شيء ))
قال هارون (( ما تخاف , أنا خبرتواً أنو يتصلوا في إذا شافوا هذا الولد مره ثانيه ويأخذوا عنوان بيتوا , وأنا ما راح أوقف لهون , حالياً أنا بشتغل مراسل بلبنان لفترة كم شهر وما بطول وراح أروح فوراً لسوريا وشوف شو صار , أوك ما تقطع الأمل ))
(( شكرا ))
ترك خالد السماعة التي أخذتها منار , ذهبت أم هارون وقالت لخالد (( هاه شو صار معك , لقاها لأمك ؟ ))
(( لأ ما صار شي ))
ذهب خالد خائب الظن , وكان يفكر بكل رسالة كتبها لأمه , ثم ذهب للبيت ودخل غرفته دون أن يتفوه بكلمة لأحد مع أن الجميع أصروا معرفة ماذا حدث معه وهل وجد أمه , كان خالد يشعر بغضب كبير لذلك أخذ ورقة وقلم وقام بكتابة الأتي (( أمي العزيزة ,, لا اعرف سبب هذا الاختفاء ولكني فقدت الأمل فمهما كانت الظروف لا يجب أن تمنعكِ من رؤيتي , هذه أخر رسالة سوف تستلمينها مني فمنذ اليوم سأعيش بالواقع ولن أرضى بأم وهمية لا أراها سوا في الأحلام , كم كرهتكِ وكم أتمنى رؤيتكِ حتى أقول لكِ بأنني أكرهكِ وأنكِ لا تستحقين حمل كلمة الأمومة , سأعترف لكِ اعتراف لطالما أردت أن أقوله لكِ ولكن خوفي من أن أجرح مشاعرك هو الذي كان يمنعني من قوله الحقيقة كم أتمنى أنكِ ميتة على الأقل أعرف أنكِ لم تتخلي عني , أعرف أنها كانت أنانية مني , ربما أنا أناني بالوراثة منكِ كما ورثت ملامح وجهك , وداعاً ولم أعد أطلب اللقاء ))
ذهب خالد راكضاً ليرسل تلك الرسالة وعندما عاد وجد السيدة نوال تنتظر خالد وقد كانت خائفة عليه فقالت (( وين رحت والله خفنا عليك , أنا اتصلت بأم منار وقالت لي كل شي , لا تزعل نفسك يا خالد ))
مسح خالد دموعه التي كانت بدأت تخرج من عينيه وأبتسم للسيدة نوال وقال (( تسمحين أناديج بأمي من يوم ورايح ))
فرحت السيدة نوال وضمت خالد وقامت بالبكاء (( أحلى كلمة , كل ثانية كنت أتمناك تقولها لي حتى لو بالغلط ))
نظرت السيدة نوال لخالد الذي كانت الدموع تملئ وجه وقامت بمسح دموعه بثوبها وقالت (( يلا يا ولدي أمسح دموعك , ما في أحد بالدنيا يستاهل أنك تبجي عليه ))
بذلك اليوم كانت السيدة نوال كل دقيقة تضم خالد وتقبله , حتى أن حلا بدأت بالغيرة من ذلك وقالت (( وأنا ليش ما تحبيني مثله ))
ضحك خالد الذي مسح الدموع من عينيه (( خلاص أنتي راحت عليج , الحين أن المحبة كلها لي ))
(( صج يما ))
ضحكت السيدة نوال وقالت (( أخوج يضحك معاج , أنتو أثنينكم عندي بالدنيا ))
بذلك اليوم أحس خالد براحة تامة , بأنه تخلص من ذلك السؤال الذي كان يبحث له عن جواب دائماً وهو هل أمي تفكر فيني كما أفكر فيها , ذهب خالد ليغط بنوم عميق وهو مطمئن البال .
الفصل الثالث والعشرين : رواية طريق النحل
لقد حل الربيع على مدينة مانشستر وقد كان من أجمل الفصول في هذه المدينة حيث تتفتح الأزهار ذات الألوان البراقة ويبدأ الجميع بسماع صوت الطيور , هذا ما أحبه خالد في تلك المدينة ولكن يبقى هناك ما يعكر صفوه فقد بدأت حالة أليس تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وقد كان السعال شديداً عليها في أخر مره رآها فيها , لذلك أحب خالد أن يذهب إليها ويطمئن على صحتها.
كانت أليس نائمة على السرير فالمرض لم يدعها تستطيع أن تفعل شيئاً , بينما كان خالد يتحدث إليها , كان يشعر بذنب طوال تلك الأيام التي كان يتحدث فيها ل أليس وفي هذا اليوم قرر أن يبوح لها بهذا الذنب فقال (( أتعلمين أنني في أول يوم عندما رأيتك فيه ))
سكت خالد ولم يرد أن يكمل لخوفه بأن يخسر أليس فقالت أليس (( هيا قل يا خالد , صدقني مهما كان اعترافك فلن أغضب منك ))
(( خلاص إنسي الموضوع ))
(( لا لن أنسى , هيا أكمل ما بدأت به وأعدك أني لن أتخذ منك موقفاً ))
هنا أحس خالد بالجرأة ليقول (( في أول لقاء كان بيننا عندما نظرت إليكِ وقد كنتِ حليقة الرأس بصراحة أحسست بالاشمئزاز , أما الآن فانا أحتقر نفسي على ذلك , أرجو أن لا تغضبي مني ))
ابتسمت أليس ولم تتفوه بكلمة , فظن خالد أنها قد غضبت منه فقال (( يحق لكِ أن تغضبي مني , أساسا أنا حزين على نفسي ))
(( أنا وعدتك بأن لا أغضب منك ولكن إذا أردتني أن أسامحك فأريدك أن تحلق راسك مثلي ))
لم تكن أليس تأخذ الأمر على محمل الجد وقد كانت تمزح مع خالد الذي لم يكن يمزح أبداً , لذلك ذهب مباشرة إلى الحلاق وحلق رأسه , أندهش الجميع منه والبعض سخر منه في المدرسة ولكنه لم يهتم , حتى أن منار قالت (( وااااااااو تسريحة جديدة ))
كان خالد خجل من منظره وهنا أحس بشعور أليس بأنها فقدت شعرها رقماً عنها ولكنها ما زالت صامدة .
بدأ جميع من في الصف يلتفون حول خالد ويعلقون على تسريحته الجديدة , كان الجميع معجياً بمنظره حتى أن الآنسة آنا قالت (( أتعلم أنها تليق بك يا خالد ))
خالد شعر بالخجل وشكر الآنسة آنا على مدحها له , مع أنه لم يقصد أن يثير إعجاب الجميع ولكنه فعل , قالت الآنسة آنا التي أعجبت بفكرة خالد وقالت (( ما رأيكم إذا أمرت جميع الأولاد أن يقصوا شعرهم غداً ))
ضحكاً جميع الفتيات وأحببن تلك الفكرة ولكن الفتيان قاموا بالرفض , فقالت الآنسة آنا (( من يرفض سوف لن يحظر صفي ))
بدأ الجميع استيائهم لتسلط الآنسة آنا ولكنها لم ترد عليهم حتى نهاية الحصة فقالت (( يبدوا أنكم قد أخذتم الأمر على محمل الجد , فهذا الشيء يرجع لكم وأنتم أحرار بتصرفاتكم , بشرط أنها لا تتعدى حدود الغير ))
كان خالد يلبس قبعة طوال طريق العودة للمنزل ولكن حلا وصديقاتها كن يرداً رؤية خالد من غير القبعة وحاولاً أخذها من رأسه ولكنه منعهن من ذلك .
عندما ذهب خالد ومنار لزيارة أليس وجدوا في طريقهم والدة أليس وقاموا بالتحدث معها وكانت طوال الوقت تشكرهم على وقوفهم مع ابنتها أليس لأن أبنتها كانت ترفض أن تستقبل أصدقائها بعدما اكتشفت حقيقة مرضها لذلك لم يعد أحد منهم يأتي لزيارتها , هنا أتت خالد فكرة وهي أن يجلب جميع أصدقائها القدماء ويقيموا حفلة ل أليس في غرفتها .
فرحت والدة أليس وقالت (( واااو ستسعد أليس بالحفلة كثيراً ))
قالت منار (( يجب أن نعرف عناوينهم أو حتى أرقام تليفوناتهم ))
(( تعالوا معي لنعود للمنزل , فعندي كتاب فيه جميع أرقام أصدقائها ))
(( يجب أن نتصل بهم جميعاً ونخبرهم أننا سنقيم حفلة ل أليس ))
(( فكرة عظيمة , أشكركم عليها , الآن لم يعد لدينا وقت يجب أن نعود فوراً للمنزل ونحظر أغراض الحفلة ))
ذهب خالد ومنار مع والدة أليس وقاموا بمساعدتها بتحضير أغراض الحفلة لجلبها لغرفة أليس في المساء , وأيضا اتصلوا بجميع أصدقائها الذين لم يترددوا لحضور الحفلة .
في المساء كانت مفاجئة سارة جداً ل أليس عندما رأت أصدقائها هناك وحتى أنها كانت طوال الوقت تضحك , بينما كان خالد خجلاً لأنه أحس أنها تضحك عليه .
كان ذلك أخر يوم يرى خالد فيها أليس لأنها بعد مرور أيام توفيت لأنها لم تعد تحمل ألم ذلك المرض مع أنها عندما توفيت قال كل من رآها يوم وفاتها أنها كانت طوال ذلك اليوم متفائلة , لذلك شكل هذا صدمة كبيرة للجميع وخصوصاً خالد الذي لم يعد كالسابق وقد أصبح شاحب الوجه ومتشائم جداً , حاول الجميع معه بأن يعود لطبيعته ولكن عبث, حتى منار كانت تريد منه أن يرجع كما كان ولكنه كان يبكي دائماً , إلى أن آتى ذلك اليوم الذي قرر فيه خالد أن يذهب مع منار لزيارة والدة أليس لم تعرف منار رغبة خالد الملحة للذهاب هناك ولكنها كانت على يقين بأن هذا سيخرج خالد من حالته , وما زادها يقين هو قوة الشخصية التي تتمتع فيها والدة أليس أستغرب الاثنان موقفها الحازم وإصرارها على عدم الحزن , لقد كانت تقول لهم (( بأن هذه هي رغبة أليس يوم وفاتها ))
مع أنها كانت تتحدث ورأسها مرفوع والابتسامة على وجهها كانت أيضاً تخفي ذلك الألم في صوتها المهتز وعينيها المليئتين بالدموع , صمتت قليلاً ثم طلبت منهم الأذن بضع دقائق ولكنها حينما عادت كانت تحمل معها كتاباً بني اللون لتعطيه لخالد وتقول (( كانت هذه أخر وصيه من أليس أن أعطيكم ذلك الكتاب )) صمتت قليلاً ولكن هذه المرة لم تستطع أن تمنع تلك الدموع وقالت بحرقة أحس بها الاثنان (( وكأنها كانت على يقين بأنكما ستأتيان لزيارتي ))
عندما أخذ خالد الكتاب , عرف أنه ذاك الكتاب الذي كانت تكتب فيه أليس تلك الرواية لذلك فتحه وقام بتصفحه وتذكر صديقته , لقد كانت الرواية مكتوبة بخط يدها , قرأ خالد المقدمة بينما كانت منار تجلس بجانبه وتقرأ معه ما كان مكتوب بها (( إلى أجمل صديقان لي عرفتهما ولن أعرف بحياتي أروع منهما , خالد ومنار إني أكتب قصتي هذه وأنا أعرف أنكم ستقرآنها بينما أكون أنا قد فارقت الحياة , لقد غيرتما حياتي وجعلتماني أنظر لها بمنظور خاص , أتعلمون لقد عادت تلك الألوان البراقة التي كنت أشاهدها قبل ما يصيبني ذلك المرض وأنا ممتنة لكما على ذلك , لقد كتبت الرواية وأسميتها طريق النحل .... نعم أنه ذلك الطريق الذي كنت دائماً تخبرني عنه يا خالد , وقد تركت لكما أنت ومنار أخر الصفحات لتختاروا أنتما النهاية لها , ولكني أتمنى منكما أن تكون النهاية سعيدة كنهايتي ... ))
لم يستطع الاثنان حبس دموعهم , لقد أحسوا أنهم فقدوا إنسانه عزيزة عليهم ولكن تلك المقدمة أعطتهم دافع قوي للمضي قدماً , بذلك اليوم بدأ عمل خالد ومنار على تلك الرواية وقاما بوضع نهاية لتلك الرواية وقد جعلاها سعيدة كما أرادت أليس بالضبط .
الفصل الرابع والعشرين : أموال مقابل التغشيش
ما زال خالد حزيناً لوفاة أليس ولكنه بدا يتأقلم مع الوضع , كما أنه بدأ يستعد للامتحانات التي بدأت تقام في المدرسة , بذلك الوقت كانت حلا في حيرة من أمرها لقد أتى إليها ديفيد وطلب منها أن تساعده في الامتحان القادم .
في البداية رفضت حلا وقالت (( بالطبع أنا لن أساعدك و أرجو منك أن لا تتحدث معي مجدداً ))
ديفيد لحق بحلا التي بدأت تمشي مسرعة لتصل إلى المختبر , فقال لها (( ما بالك يا صغيره , أني لا أطلب منك خدمة مقابل لا شيء فأنا سأعرض لكي خدماتي ))
ضحكت حلا وقالت (( وما هي الخدمات التي ارجوها منك أنت ))
(( خدمات كثيرة , أنا مستعد أن أحميكِ من أي شخص يريد إيذائك ))
(( ليس هناك من يريد إيذائي , وخصوصاً أنه لدي أخي شاب قوي ويستطيع أن يهزمك أنت ))
ضحك ديفيد وقال (( اطلبي أي خدمة وأنا سأوفرها لكِ ))
بدأت حلا تفكر في الموضوع وقالت (( لأ ليس هناك ما أريده منك ))
ذهبت حلا بينما توقف ديفيد بمكانه وظل يفكر إلا أن أتت له فكره جعلته يلحق بحلا وهو راكضاً وعندما وصل لها , غضبت حلا وقالت (( ما بالك تلحقني ))
أخرج ديفيد مبلغاً من المال وقال لحلا (( ما رأيكِ أن أعطيكِ كل هذا المبلغ ))
(( لا أريده ))
بدأ ديفيد يخرج مزيداً من النقود من جيبه وقال (( عندي المزيد , هيا قولي نعم ))
لم تتكلم حلا وظلت صامته , فلأول مره يقدم لها شخص هذا المبلغ الهائل من المال , قال ديفيد (( لا تقولي شيئاً الآن , سأنتظر جوابكِ أخر اليوم ))
كانت حلا تفكر كثيراً , حتى أنها جلست في الممر ولم تذهب إلى المختبر , إلى أن أتى لها الأستاذ مارك وقال (( أنتي هنا يا حلا وأنا ابحث عنكِ , لماذا لم تأتي ؟ ))
(( عذراً يا أستاذ لقد نسيت ))
(( نسيتِ لا أرجوكِ فمشروعنا لم ينتهي بعد , هيا يا صغيرتي لنذهب ونكمله ))
بذلك اليوم كانت حلا منشغلة بالتفكير ولكنها كانت ستقول لديفيد عندما تقابله في أخر اليوم أنها ترفض مساعدته ... و هذا ما جعلها ترتاح قليلاً .
عندما هم خالد وحلا ومعهم منار بالخروج من المدرسة , أتى ديفيد وقام بمناداة حلا , بذلك الوقت غضب خالد وقال (( ماذا تريد منها ))
(( أنا أريد أن أكلمها بموضوع ولم أنادي لك ))
(( حلا لا تتكلم معك , أفهمت ذلك ))
حلا لم ترد أن تثار المشاكل بين أخوها وديفيد لذلك قالت لخالد (( خالد خلاص خلنا نمشي ))
بعد أن منعت حلا ومنار ذلك الشجار , عادوا إلى المنزل وفي طريق عودتهم أصبح خالد ومنار يسألون حلا عن سبب مناداة ديفيد لها , حتى أنهم قاموا بتحذيرها من ديفيد .
باليوم التالي وعندما كانت حلا في الممر لحق ديفيد بها وقال (( هاه ماذا قلتي هل ستساعدينني بالامتحان ؟ ))
(( لا أريد أن أجعلك تتعود على الغش ))
(( فقط في هذا الامتحان , ماذا قلتي ؟ ))
(( حسناناً موافقة , ولكن فقط في هذا الامتحان ولكن لا تخبر أخي خالد بذلك الأمر ))
(( لا تقلقي , فأنا لا أحب أن أتحدث مع أخيكِ ))
بهذا اليوم أعطى ديفيد المال لحلا واتفقوا أن تغششه في الامتحان الذي سيبدأ بعد قليل , وفعلاً هذا ما حدث , منذ ذلك اليوم أصبح الجميع يعلم باستثناء خالد ومنار بأن حلا تأخذ المال مقابل أن تغشش الطلبة في الامتحان , كان لدى حلا مبلغ كبير ولكنها كانت منزعجة جداً من نفسها حتى أنها لم تصرف ذلك المال وظلت تنظر إليه كثيراً .
لقد لاحظ الأستاذ مارك بأن حلا شاردة الذهن فسألها عن سبب ذلك , ولكن حلا قالت (( لا شيء يا أستاذ ))
(( كيف لا شيء وأنا أرى أن الدموع ستخرج من عينيكِ ))
(( ربما هذا من تأثير المحلول الذي نقوم بعمله سوياً ))
ضحك الأستاذ مارك وقال (( إذاً لماذا المحلول لم يؤثر على عيني واثر على عينيكِ ))
(( ربما هو يؤثر على الأطفال الصغار ))
(( يعجبني ذكائك يا حلا , ولكن صدقيني أحياناً عندما تخبري الشخص المناسب بسبب حزنك اقله ستحسين براحة تامة ))
بعد تردد من حلا قالت (( أشعر بالندم ))
(( من ماذا ؟ ))
لم تستطع حلا إخبار الأستاذ مارك لذلك سكتت ولم تتفوه بكلمة , فقال الأستاذ مارك (( سأعطيكِ نصيحة يا ابنتي مهما كان سبب ندمك , يجب أن تتخلصي من ذلك الشعور والطريقة الوحيدة هي أن نعرف كيف نصلح أخطائنا ))
عادت حلا وهي تفكر بكيفية الطريقة التي تجعلها تصلح ذلك الخطأ , بينما كانت حلا في طريق العودة , كان خالد يشعر بالعطش لذلك سأل منار إذا كان معها مطاره للماء فقالت (( لا ما جبت شي معي )) قالت حلا (( أنا معاي مطاره فيها ماء بشنطتي , خوذها ))
أخذ خالد الحقيبة وبدأ يبحث عن ألمطاره , بذلك الوقت تذكرت حلا أن المال الذي أخذته من الطلاب قد وضعته في حقيبتها , لذلك أحست بالخوف وقامت تسعل كثيراً .
خالد بدأ يخاف على حلا لذلك ترك الحقيبة ومسك حلا وهو يسألها ماذا أصابها , لقد خشي أنه أصابها مرض سرطان الرئة الذي أصاب أليس لذلك كان خائفاً جداً , هدأت حلا وقالت (( ما فيني شي ))
حتى منار كانت تهدأ خالد وتقول له (( لا تخاف يا خالد البنت ما بها شي ))
وجدت حلا أن حقيبتها ملقاة على الأرض وبعض الكتب كانت خارجة منها لذلك بدأت تجمعها وأكملوا الثلاثة طريقهم لأخذ ورد من مدرستها والرجوع لمنازلهم .
عندما عادت حلا بحثت كثيراً في حقيبتها ولم تجد النقود , هنا أدركت أن النقود قد سقطت بالطريق , لم تعرف حلا هل تفرح أم تحزن ولكنها أحست براحة تامة بذلك الوقت , ولكن ظلت تفكر بأنها يجب أن تخبر أحداً ما بالأمر لذلك ذهبت لأمها وأخبرتها بالموضوع , فقالت والدة حلا (( أنتي تعرفين أنج غلطانة , عشان جذي تبين تشيلين الحمل عنج وتقطينه لغيرج ))
(( أنا ندمانه , عشان جذي قلت لج ))
(( خلاص إذا كنتِ ندمانه تروحين معاي لمكتب المديرة وتقولين لها باللي صار ))
وافقت حلا على طول بالأمر وذهبت هي ووالدتها لمكتب المديرة التي أصدرت قرار بأن الامتحانات ستعاد , أما هي فيجب أن تعاقب وعقابها سيكون إمضائها ساعة بعدما تنتهي المدرسة وستقوم بإعطاء صفها دروس للتقوية لمدة أسبوع , كانت حلا سعيدة بذلك العقاب وخصوصاً أن الحمل قد زال عن عاتقها .
الفصل الخامس والعشرين : معركة شديدة بين خالد وديفيد
دائماً التوتر يزداد مع خالد عندما تكون هناك مباراة قادمة في الطريق , مع أن الجميع يقول لخالد بأنه يبلي بلاءاً حسناً في جميع مبارياته , إلا أنه يشعر بشعور يشابه الخوف عند قدوم كل مباراة , أما شعوره في المباراة القادمة هو الشعور بالخوف عينه لأنه هناك ستكون لجنة ليروا المواهب الجيدة أثناء المباراة , لقد سمع خالد بأن الراعين الرسميين لنادي مانشستر سيحضرون المباراة ليروا اللاعبين هناك وسيختارون أحدهم , لذلك كان خالد طوال هذه الأيام وهو يتدرب على بعض المهارات , حتى أن منار كانت تمل من الجلوس وانتظار خالد حتى ينتهي من تدريبه فكانت تقول (( مو منيح أنك تجهد نفسك قبل المباراة , المفروض أنك تجلس وتسترخي ))
(( يا سلام , أنا ملتزم بمبدأ من جد وجد ومن زرع حصد , وأنا أبي أحصد بالمباراة الجايه ))
(( براحتك بس أنا كنت بنصح , على فكره عندي لك مفاجئة بس ما خبرتك فيها ))
(( وشنو هي المفاجئة ؟ ))
(( شفت اللوحة اللي رسمتك فيها ))
(( أي شفيها ))
(( بعثتها بمسابقة المدرسة وطلعت الأولى بالمدرسة كلها ))
لم يصدق خالد منار في البداية ولم يكن يأخذ كلامها على محمل الجد (( أي لأن صورتي فيها , الحين لو أرسلتِ لوحة ما فيها صورتي ما كان نجحت ))
(( أي صدقني ما عم بضحك عليك جد والله نجحت وحتمثل اللوحة المدرسة ))
هنا أيقن خالد أن منار لم تكن تمزح بكلامها , لذلك فرح لمنار وقال لها (( طيب ليش ما قلتي لي أن لوحتج نجحت ))
(( كنت بدي قلك بس أنت عطيت أحد فرصة مشان يقولك ))
(( يلا الفال لي إن شاء الله , أني ألعب عدل بالمباراة الجايه ))
(( إن شاء الله , شوف أنت قبل ما تدخل الملعب تدعي كم دعاء مشان الله يساعدك ))
(( أنا بكل مباراة أدعي الله , والحمد لله الله دايماً موفقني ))
بذلك اليوم كان خالد متفائل جداً بالمباراة القادمة وخصوصاً أن الخبر الذي قالته له منار قد جعله يشعر بالراحة التامة .
هاهو أتى موعد المباراة وكالعادة عائلة خالد جميعهم ومنار يجلسون مع جمهور المشجعين ليشجعوا خالد الذي يجلس في غرفة تبديل الملابس وهو يأخذ شهيق وزفير ويدعوا الله بالتوفيق , ولكن ديفيد لم يترك خالد بحاله قد أتى وفي عينيه الشر وقال (( إذا طلبت منك إعطائي الكره ولم تعطني إياها فسيكون حسابك عسير معي ))
وقف خالد الذي سئم من السكوت لديفيد وقال (( وماذا ستفعل هيا أجبني الآن ))
حال الجميع بين خالد وديفيد وقالوا (( يا شباب نحن فريق واحد ويجب أن نكون متعاونين ولا نريد أن يحصل معنا كما حصل في المباراة السابقة , فقد كدنا أن نخسر ))
قال خالد (( من جهتي لا ابحث عن المشاكل ولكن لا تطلب مني السكوت ثانية عن كل المضايقات التي ألقاها منه ))
بعد جهود طويلة من أصدقاء خالد وديفيد وهم يحاولون منع ذلك العراك بينهم , ولكنهم لم يستطيعوا حتى أتى المدرب فوجد خالد وديفيد فجأة توقفوا عن العراك فقال (( هيا يا شباب لقد حان وقت الخروج للملعب وكما قلت لكم نريد أن نظهر المهارات التي لم نظهرها بعد ))
ذهب الجميع للملعب وقد كانت الحيوية تملئهم ما عدا خالد الذي أحس بأن ديفيد لن يكف عن مضايقته , أثناء المباراة وقد كانت المباراة على أشدها كان جميع من في فريق خالد محبط لأن الفرق بينهم وبين الخصم هدفين ولكنهم كانوا يحاولون , إلى أن سجل الخصم الهدف الثالث بدأ اليأس يتسلل إلى قلوبهم , بينما كان ديفيد يقف في الملعب التفت بكامل جسمه وضرب خالد عن دون قصد منه بوجهه , هنا لم يتمالك خالد نفسه وأنقض على ديفيد , هنا حدثت معركة بين الاثنان , كان الجميع مفاجئ بما يرى حتى أن البعض كانوا يصورون ما يحدث بتليفوناتهم النقالة , لم يتوقف خالد وديفيد عن العراك حتى أصبح كل من الفريقين يحاول تهدئة الوضع إلى أن أتى الحكم وأعطى خالد وديفيد البطاقة الحمراء وهي بطاقة الطرد , بذلك اليوم كان المدرب غصبانا جداً عليهم حتى أنه كان يصرخ بوجههم كثيراً بينما كان خالد وديفيد يجلسون أمامه , بذلك اليوم خسر الفريق أربع أهداف مقابل لا شيء , عندما خرج خالد وجد عائلته بانتظاره كانت منار غاضبة جداً وهي تقول (( هو اللي ضرب خالد أنا شفته ))
أما حلا فكانت تقول (( وينه بس أشوفه والله لا اضربه ))
قالت السيدة نوال (( خلاص يا بنات , مشكلة وعدت بخير إن شاء الله ))
أما د.محمد فقال (( كان المفروض أنك ما تتسرع وتضربه يا ولدي ))
لم يحب خالد أن يتكلم في الموضوع لذلك قال (( خلونا نمشي للبيت أحسن ))
قال د.محمد (( خلاص براحتك بس لازم بيوم أتكلم بالموضوع معاك ))
(( يصير خير ))
ذهب خالد للمنزل وقد كان يشعر بالراحة لأنه ضرب ديفيد ولكنه ندم أيضا لذلك , فقد ضيع على نفسه فرصة وهي أنه سوف لن يلعب مجدداً فالمدرب مؤكد أنه سيطردهم من الفريق .
كان اليوم التالي يوم عطلة أمضاه خالد كله في المنتزه مع منار التي لم تكف عن التحدث بالموضوع الذي حصل بالأمس , بينما خالد الذي تضايق من كثرة أسئلة منار فقال لها (( منار أنا هربان من أبوي عشان ما أشوفه ويكلمني بالموضوع , تجين أنتي تصرعيني بالخبر ))
وضعت منار يدها على فمها وقالت (( أسف والله بحكي هيك من قهري عاللي حصل أمس ))
بينما كان خالد يجلس مع منار وإذ به يجد أبيه قادم نحوه فقال (( مرحبا ))
علمت منار أن هناك حديث خاص سيدور بين د.محمد وأبنه خالد لذلك قالت (( أنا لازم أمشي , يلا راح أتركوا براحتكوا ))
د.محمد قال (( خليكِ منار ))
(( لا أنا على أساس أني ما بطول وأمي هلأ بتستناني ))
ذهبت منار تاركة خالد مع والده , قال د.محمد (( شرايك أعزمك على اليوم على أحد المطاعم ونتكلم هناك براحتنا ))
(( خلاص موافق ))
ذهب خالد مع والده على أحد المطاعم , كان المطعم فاخراً جداً لذلك أحبه خالد ولكنه كان خائف أن يفتح والده الموضوع معه , لذا لم يكن يتكلم كثيراً مع أبيه , إلى أن قال أبيه (( هاه عجبك المطعم ؟ ))
(( أي حلو ))
بينما كان د.محمد يتحدث مع خالد , أتى أحد النادلين وقال (( مرحبا , ماذا تحبوا أن تأكلوا ؟ ))
نظر خالد إلى ذلك الصوت المألوف فوجده ديفيد , هنا تفاجئ الاثنان .
أحس ديفيد بالخجل , لذلك لم ينتظر الإجابة من والد خالد فأنصرف عنهم , قال د.محمد (( هذا مو هو اللي أمس تهاوشت معاه ؟ ))
(( أي هو هذا , بصراحة ما كنت أدري أنه فقير , عجل كل شوفة النفس هذي ليش ))
(( الشماتة مو حلوه يا ولدي , ما يصير تتشمت بغيرك , بالعكس أنا اللي يشتغلون وهم بهذا العمر أقدرهم ))
(( أنت كنت تدري أنه يشتغل أهني ؟ ))
(( أكيد لأ , لو أدري أكيد ما راح أعطيك فرصة أنك تتشمت فيه ))
(( بس أنا ما تشمت فيه ))
(( أدري فيك , بس أنا أنبهك قبل ما تغلط مثل هذا الغلط ))
وصل أحد النادلين بدلاً من ديفيد وأخذ الطلبات منهم , بذلك الوقت كان خالد ود.محمد يتكلمون بأمور عدة حتى أن خالد فرح جداً بأن أبوه لم يحدثه عن ما حصل معه بالأمس , ولكنه أيضاً كان يراقب ديفيد وهو يقف أمام الطاولات ويأخذ الطلبات منهم , كان ديفيد طوال ذلك الوقت لا يشعر براحة , عاد خالد إلى المنزل مع والده وكان كل ما يشغل بال خالد هو ديفيد , لم يعرف خالد هل يخبر الجميع بما رآه أم يعتبر أنه لم يرى شيئاً إلى أن قال له والده أثناء دخولهم إلى المنزل (( بما أننا بنهاية السنة الدراسية والعطلة قربت تجي ليش ما تدور على شغل وتشتغل ))
في البداية لم يعجب خالد أبدا بما قاله له والده ولكنه في النهاية بدأ يفكر بالموضوع حتى أن أتخذ قراراً حازماً بالموضوع .
باليوم التالي ذهب خالد إلى المطعم وكان يقف وهو يبحث عن ديفيد , إلى أن أتى أحد النادلين وسأله خالد عن ديفيد , فأجاب النادل بأنه سيحضره حالاً , بعد دقائق أتى ديفيد وهو غاضب وقال (( ماذا تريد , أتحب مشاهدتي وأنا أعمل هنا ))
(( ليس الأمر كما تظن , لقد جئت لأخبرك بأني أريد العمل معك ))
ضحك ديفيد وقال (( ولماذا تطلب مني هذا الطلب , ألا تعلم بأني وأنت بيننا عداوة ))
(( بصراحة لا أعلم لماذا أطلب منك أنت بالذات , ولكن الذي أجهله هو سبب عداوتنا تلك ))
ضحك ديفيد وقال (( حتى أنا لا أعلم ذلك , ولكن ما أعرفه هو أنني لم أكن قاصداً ضربك في المباراة ولكنك أنت من استعجلت الأمور ))
(( لقد سئمت من مضايقاتك التي كنت أتجاهلها , لذلك لم أتحملك كفاية في ذلك اليوم ))
بعد قليل ضحك خالد , حتى أن ديفيد أستغرب لماذا يضحك فقال خالد (( لقد كنت أضحك كلما أرى اثر الضربة على عينك ))
ضحك ديفيد وقال (( لقد ألمتني يا رجل ))
في تلك اللحظة عرف الاثنان أن كل الخلافات التي بينهما قد زالت , وخصوصاً أن ديفيد توسط لخالد حتى يعمل في المطعم كل يوم سبت وأحد .
في اليوم التالي كان الجميع يتوقع أن المعركة بين خالد وديفيد ستستأنف من جديد ولكنهم صدموا عندما وجدوا أن علاقتهم قد تحسنت كثيراً , حتى منار وحلا اللاتي لم تحبا أن تكون هناك صلة بين خالد وبين ديفيد وكانا يقولان له بأنه ربما يدبر له مكيدة من مكائده ولكن خالد لم يحب أن يعيد تلك العداوة التي انتهت لذلك رضخت منار وحلا للأمر الواقع فقالت منار (( بيحق لك ترافق مين ما كان لكن ما تتوقع مني أني أكون بنفس المكان اللي يكون فيه ديفيد ))
وافق خالد على ما قالته له منار وأخبرها بأن هذا حقاً لها كما أنه يحق له أن يرافق من يريد .
الفصل السادس والعشرين : نهاية السنة الدراسية
كان الجميع فرح بذلك اليوم وخصوصاً أن السنة الدراسية قد انتهت ولكن تبقى هناك الرهبة لانتظار النتائج , الوحيدة التي لم تهتم للنتائج هي منار , بذلك اليوم كانت منار تركض باتجاه المنتزه حيث ينتظرها خالد , وقد كانت تصرخ باسمه وكأنها تريد أن تنقل له خبر مهم , ظن خالد بأنها أتت ومعها نتيجة الامتحان لذلك جلس على الكرسي وبدأت دقات قلبه تتزايد فقال لها (( خير إن شاء الله ناجح ولا لا ؟ ))
استغربت منار ولم تفهم عن ماذا يسألها خالد فقالت (( ناجح بشو ؟ ))
(( ناجح بالمدرسة , أنتي ما كنتِ تركضين عشانج شفتي النتيجة ؟ ))
(( النتيجة لسا باقي لها كم يوم , بس أنا جايه لأن بدي خبرك أن لوحتي طلعت المركز الثاني على مستوى كل المدارس ))
(( زين مبروك , أحلى شي أنج أثبتي نفسج ))
(( وأنت كمان ما عندك هواية بتحب تعملها ؟ ))
(( أنا تعرفين أحب الكوره بس من الهوشة اللي صارت بيني وبين ديفيد المدرب ما رجعنا للعب , مع أنه كان يدري إننا تصالحنا ))
سكت خالد قليلاً ثم قال (( تصدقين أنا قررت أن السنة الجايه بنفس هذا الوقت راح أكون لاعب مشهور ))
ضحكت منار وقامت بالتصفيق لخالد وقالت (( حلو , هيك بدياك قوي وما بتستسلم , فكرتني
ب أليس كانت بنت قويه وما كانت بتستسلم لليأس ))
(( أي صح على سيرة أليس , شصار بالقصة اللي كتبتها مو لازم ننشرها لها ))
(( أي والله صح , بس المشكلة كيف بدنا ننشرها ))
(( نروح أنا وأنتي نشوف دور النشر وهم راح يطبعونها وينشرونها ))
(( حلو أنا موافقة , بس بالأول بدنا نطلب مساعدة أبي هو يعرف بمثل هذي الأمور ))
ذهب الاثنان مع والد منار الذي كان يعرف صديق له يعمل بأحد دور النشر , ولم يتردد صديق والدها بأن ينشر تلك القصة عندما عرف من الذي كتبها ولكنه طلب بالأول أن يقرأ الرواية ثم يقول رأيه الأخير بشأن تلك الرواية .
كان خالد ومنار ينتظران بفارق الصبر أن يوافق ذلك الرجل على نشر الرواية ولكنهم ما أن رأوا نتيجة المدرسة حتى نسوا أمر ذلك الموضوع , وخصوصاً أن درجاتهم كانت جيده جداً ما عدا حلا التي أتت بكل المواد درجة امتياز , في ذلك الوقت نظرت منار درجتها بالتاريخ فقالت (( طيب ليش خالد يجيب امتياز بالتاريخ وأنا بجيب جيد , شو هالظلم ))
(( يا سلام أنا شاطر بالتاريخ , أنتي ليش ماخذه عني فكره إني كسلان ))
(( لا أنا دايماً بجاوب مع آنسه آنا بس ما بعرف ليش هي حاطه نقرها من نقري ))
كانت ورد تجلس ومعها شهادة وكانت تضحك على خالد ومنار , لأن درجات حلا أعلى من درجاتهم , لكن منار غضبت وقالت (( أي أسكتي أنتِ بس بدك تضحكي ))
خالد قال (( بس تصدقون السنة مرت بسرعة ))
(( أي والله صحيح ))
كان الجميع يتحدث عن السنة وأحداثها حتى أتى اتصال لبيت د.محمد , ذهبت السيدة نوال لترد على التليفون وكانت متفاجئه طوال الوقت ولم تعرف ماذا تقول .
عندما أقفلت الخط سألها الجميع ما الموضوع فقالت (( يبون يسون لقاء تلفزيوني بكرا ))
(( ليش ؟ ))
(( يقولون أن مستوى حلا المرتفع يقدر يخليها تنتقل للجامعة السنة الجايه , وعشان جذي راح يلتقون فينا ))
عندما علم الجميع بالخبر قاموا بالرقص والنط نطه , حتى أنهم قاموا يباركون لحلا ويرفعونها عالياً , مع كل تلك الفرحة كانت حلا خائفة فهي لا تعرف كيف هي الجامعة , في المساء كان د.محمد يناقش ذلك الأمر مع السيدة نوال , فهو لم يوافق على دخولها المدرسة الثانوية إلا عندما جعل خالد يأتي للندن ويرافقها هناك , ولكن السيدة نوال قالت (( هذا مستقبلها ما لازم نمنعها بس عشاننا نخاف عليها , أنت لازم تعرف أن بنتنا متربية أحسن تربية ))
(( بس هي طفلة , وأخاف إنها راح تندم بعدين أنها انحرمت من أحسن سنين عمرها , هي بشنو ناويه تتخصص ؟ ))
(( هي تبي تتخصص بالكيمياء ))
(( أنتِ شنو رايج ))
(( أنا رأيي إننا ما نمنعها عن الدراسة وهم هناك بالجامعة أكيد راح يهتمون فيها ))
(( خلاص على خيرة الله ))
باليوم التالي كانت منار وصديقات حلا منهمكات بوضع الزينة لحلا حتى تبدوا بأحلى شكل أمام الكاميرا , أما خالد غضب عندما رأى أنهم يضعون الماكياج لحلا فلم يوافق ولكن الفتيات وقفن له بالمرصاد حتى حلا قالت (( أبوي موافق أنت مالك شغل ))
ذهب خالد لوالده ولكن والده لم يعره انتباها فقد كان مشغول بالضيوف الذين أتوه من التلفزيون , لذلك أستسلم خالد للأمر الواقع , كانت ورد تضحك على المخرج وهي تراه يتصرف بغرابه , بدأ التصوير وكان الجميع وراء الكاميرا يرى حلا كيف تبلي في اللقاء , وقد كانت تتكلم بطلاقه وكأنها فتاة كبيرة , انتهى ذلك اليوم على اتصال من منار لخالد وهي تخبره بأن مدير المطبعة قد وافق على طباعة الرواية ونشرها , فرح خالد بذلك الأمر وأحس أن هذا يوم سعد لجميع من في المنزل .
___________________________________________________________
الفصل السابع والعشرين : عبدالله ينضم لصف السيدة نوال
لقد كانت السيدة نوال ممتازة جداً بتدريس اللغة العربية وخصوصاً أن على يدها أصبحت سمر جيدة فيها , حتى أن الجميع لاحظ ذلك الفرق عليها حتى والدتها التي أصرت أن يأتي ابنها الصغير عبدالله ذو الثمانية سنوات مع أخته سمر ليتعلم القراءة والكتابة عند السيدة نوال , لم تمانع السيدة نوال أبدا بحضور عبدالله لمنزلها بل بالعكس فرحت كثيراً وخصوصاً أن عبدالله يعرف يتكلم العربية , من ذلك اليوم أصبح عبدالله يأتي كل يومين من أيام الأسبوع مع أخته وباقي الفتيات لتعلم اللغة العربية .
في أحد الأيام بينما كان الجميع في بيت السيدة نوال وهي تعطي الأطفال الدرس كعادتها , وصلت حلا مع والدها إلى المنزل وقد كانت لأول مره بحياتها ممسكة نظارات , حتى أنها كانت خجله بعض الشيء ولكن الفتيات ركضاً إلى حلا وقد أبديا إعجابهاً بالنظارات , بذلك الوقت كان خالد يلعب مع منار لعبة طرزان في البلاي ستيشن , ولكن خالد مل من ذلك الشريط وأصر أن يغيره ويضع بدلاً منه شريط كرة القدم لذلك قالت منار (( بشرط , أني أنا أكون مانشستر يونايتد ))
(( يعني أنتِ يفرق معاج أي فريق ))
(( لا بس هذا شرطي موافق عليه نلعب وإذا مش موافق عليه ما راح ألعب معاك ))
(( أوك موافق , بس شوفيني راح ألعب بأضعف فريق ومع هذا راح افوز عليج ))
بدأ خالد ومنار باللعب وبعد دقائق أنظمت إليهم حلا وصديقاتها ومعهم عبدالله , لم يجلس عبدالله حتى بدأ يريد أن يلعب بدلاً من منار وكان يقول لها (( يا مجنونة مو هيك اللعب ))
(( لأ أنت مالك شغل , أتركني ألعب وراح أتشوف كيف أهزموا ))
ظل عبدالله يلح على منار حتى أحست بالملل منه وجعلته يحل محلها , فقال خالد (( هاه اشوفج إنسحبتي , خفتي لا تخسرين صح ))
(( لا خفت ولا شي , أترك وحده من البنات تلعب وخلينا نتمشى شوي برا ))
(( أوك موافق ))
ذهب خالد ومنار تاركين عبدالله والفتيات يلعبون على البلاي ستيشن , ولكن ما أن خرج خالد في الباحة الأمامية للمنزل حتى أخذ الكره وظل يلعب فيها بينما منار كانت تحدثه عن أمور عدة , لم يمكث خالد ومنار في الباحة الأمامية مطولاً حتى لحقهم عبدالله وقال (( شو بتعملوا لوحدكم كمشتكم ))
أستغرب الاثنان من تصرف عبدالله , حتى أن منار احمر وجهها من كلامه , بينما خالد قال (( شقصدك ))
(( تفكروني ما بعرف , كنتوا بتحكوا كلام غزل ))
غضبت منار من كلام عبدالله وقالت (( أخراس أنت , صحيح وقح ))
قال عبدالله وهو يضحك ويصفق (( روميو وجوليت ))
هنا غضب خالد وقام بنداء عبدالله ليأتي له ولكن عبدالله هرب منه , لذلك لحقه خالد ليمسك به ولكن عبدالله وقع في ذلك الوقت وقام بالبكاء , في ذلك الوقت كانت والدته تمشي باتجاه منزل د.محمد فرأت ولدها الذي وقع لذلك ركضت نحوه وضمته لها , بينما عبدالله ظل يبكي ويقول (( هو ضربني ووقعني من عالرصيف ))
نظرت السيدة ماجدة وقالت (( يا عيب الشوم عليك يا خالد , هذا أنت اللي بقول عليك عاقل وفهمان , طلعت ولا شي , أنا لازم خبر أمك ))
كان خالد يريد أن يدافع عن نفسه ولكن السيدة ماجدة لم تعطيه فرصه لذلك , حتى أنها أخذت أبنها وعادت لمنزلها وهي تقول (( صحيح ما في ذوق ))
رجع خالد لمنار ولم يصدق ماذا حدث معه ولكن ما فاجئه أكثر هو الحاجز الذي بني فجأة بينه وبين منار وكأنهم لم يعرفوا بعضهم لذلك تحاشى الاثنان النظر لعيني بعضهم , وعاد كل واحد منهم إلى منزله , لم يعرف خالد لماذا حدث ذلك معه وظل يفكر لماذا ذلك , هل تذهب صداقتهم فجأة وبلمح البصر .
قال خالد ما حدث للسيدة نوال وقالت له (( لا تخاف أنا راح افهم ماجدة بالموضوع وأقولها أنه ما كان قصدك تطيح ولدها ))
[color=red]
نكمل الاسبوع الق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.