فيما يخص الرئيس ترمب يبدو بكل وضوح الكيفية التي سوف يتعامل بها مع ملفات المنطقة، ولن تكون هناك الكثير من التغيرات الجذرية، ولكن فيما يخص بايدن فإنه لابد من الإيمان المطلق أن سياساته واستراتيجيته لن يطرأ عليهما الكثير من التغيرات، فقد قدم بايدن كل ما لديه في زمن الرئيس أوباما حيث كان نائباً للرئيس.. قبل العشرين من يناير المقبل سيكون قد تمت معرفة الرئيس الأميركي بشكل تام، وستكون منطقة الشرق الأوسط في الانتظار، وهي تحمل قضاياها التي سوف تعرضها على الرئيس سواء كان الرئيس الحالي ترمب أو جون بايدن مرشح الحزب الديموقراطي، وبغض النظر عن النتائج النهائية للرئاسة الأميركية إلا أنه من الضروري محاولة فهم الاتجاهات المحتملة لكل مرشح فيما يخص منطقة الشرق الأوسط التي تشكل حجر الزاوية لكل رئيس أميركي يدخل إلى البيت الأبيض. من الضروري فهم الاتجاهات الفعلية لكل من ترمب وبايدن فيما يخص منطقة الشرق الأوسط وقضاياها المحورية، بالنسبة للرئيس ترمب لن يكون هناك الكثير من التغييرات الحاسمة في سياساته حول منطقة الشرق الأوسط، وفيما لو انتخب ترمب مرة أخرى سيكون عليه إنهاء الكثير من الملفات قبل مغادرته البيت الأبيض في العام 2024م، ومن المتوقع أن نلمس تلك التغيرات من خلال عزم إدارة ترمب على الحسم النهائي لسياساته تجاه الكثير من القضايا المهمة مثل القضية الإيرانية والعلاقات العربية - الإسرائيلية، وكذلك محاصرة الرغبة الإيرانية في الدول العربية وخاصة التدخل الإيراني في العراق ولبنان واليمن.. إلخ. في حال فاز بايدن بمنصب الرئيس فلا بد أن نتذكر أولاً عقيدة أوباما التي صدرت في عهد الرئيس السابق أوباما والتي تشكل منطلقاتها معظم المسارات التي سوف يسير عليها جون بايدن في حال وصوله إلى البيت الأبيض، ويمكن معرفة صواب هذا الاتجاه في أن بايدن قد يتبنى عقيدة أوباما، فذلك الدعم الهائل الذي لقيه بايدن خلال حملته الانتخابية من الرئيس أوباما يؤهله أن يعتمد عليه بايدن كمستشار سياسي له، وخاصة أن بايدن يدرك أن هذه السنوات الأربع التي سوف يقضيها في البيت الأبيض ستكون الأخيرة بالنسبة له كونه سيبلغ الثانية والثمانين عند نهايتها وسوف يكون من الصعب إعادة ترشيحه لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بصحته قبل كل شيء. الملف الإيراني سيكون محوراً مهماً في سياسات الرئيس القادم سواء كان ترمب أو بايدن، والتغيرات التي حصلت خلال الأربع السنوات الماضية في هذا الملف ستكون تحدياً أمام الاثنين معاً، فالرئيس ترمب عليه أن ينهي هذا الملف، فهو لن يقبل أن تنتهي ولايته قبل أن يجبر إيران على القيام بخطوة حاسمة تجاه ملفها النووي الذي يرى فيه ترمب أنه يجب ألا يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، بالنسبة لبايدن سوف تكون العودة إلى الملف الإيراني أسهل من غيرها ولكن سيواجه الكثير من القضايا التي قام بها ترمب في سبيل محاصرة إيران اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وسوف يكون ملف مصرع سليماني نقطة الضعف أمام بايدن وعليه معالجة هذه القضية كونه سوف لن يعمل على مواجهة إيران بحزم كما يفعل الرئيس ترمب حالياً. فيما يخص الرئيس ترمب يبدو بكل وضوح الكيفية التي سوف يتعامل بها مع ملفات المنطقة، ولن تكون هناك الكثير من التغيرات الجذرية، ولكن فيما يخص بايدن فإنه لابد من الإيمان المطلق أن سياساته واستراتيجيته لن يطرأ عليهما الكثير من التغيرات، فقد قدم بايدن كل ما لديه في زمن الرئيس أوباما حيث كان نائباً للرئيس، والحقيقة أن كل المعطيات سواء كانت الشخصية أو الفلسفية لبايدن لا توحي أن التحولات ستكون كبيرة، وهذا ما قد يسهل قراءة اتجاهات بايدن للمنطقة من خلال فترة الرئيس أوباما التي صاغ سياساتها وفق أسس كلها تقريباً تم الحديث عنها في عقيدة أوباما، وهذا يطرح سؤالاً مهماً حول هذه العقيدة ومنعطفاتها الاستراتيجية. عقيدة أوباما وهي بالتأكيد ستكون أحد المنطلقات التي سوف يعتمدها بايدن وتقوم على فلسفة تفصل بين الدور الأميركي في المنطقة وبين شركائها، فهذه الفلسفة تضع محددات صارمة لدول الشرق الأوسط وخاصة في علاقاتها مع إيران التي تعتبرها عقيدة أوباما خصماً استراتيجياً وليس خصماً عسكرياً، بمعنى دقيق ترى عقيدة أوباما فتح المجال للتنافس الاستراتيجي بين إيران ودول المنطقة مع إيمان هذه العقيدة أن المكاسب الاستراتيجية التي قد يحققها كل طرف حق مكتسب بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة سواء كانت وسيلة مذهبية أو غيرها. في ملفات المنطقة المتبقية سوف يستمر الرئيس ترمب وفق النهج ذاته، ولكن بايدن سوف يعيد رؤية المنطقة انطلاقاً من المفهوم الذي سوف يحدد به علاقة الولاياتالمتحدة مع إيران، وقد تكون إيران مرتكز البوصلة الأميركية للتعامل مع بقية الملفات، والحقيقة أن هذا التصور حول سياسات بايدن يقوم على حقيقة واحدة هي أن كل المؤشرات التي طرحها الرئيس بايدن حتى الآن لم تقدم تصورات جديدة مختلفة عن تلك التي عرفها العالم أيام الرئيس أوباما.