أصدر نائب الرئيس الأميركي السابق والمرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية 2020 مسودة خطته للسياسات الخارجية والتي يدعو فيها إلى استعادة القيادة الأميركية للملفات العالمية بعد ما وصفه ب"تهشيم" صورة الولاياتالمتحدة في العالم على يد الرئيس الحالي دونالد ترمب. ومن المتوقع أن تتم الموافقة على مسودة برنامج بايدن في المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي للعام 2020 في ميلووكي، ويسكونسن الشهر المقبل. رسائل الديموقراطيين والجمهوريين لإيران تحرجها وتجبرها على التفاوض وبحسب صحف أميركية فإن الوثيقة المكونة من 80 صفحة تتضمن إدانات لاذعة لاستراتيجيات ترمب وسياساته الخارجية التي تتناقض مع شعار "أميركا أولاً" الذي أطلقه ترمب، وبحسب ما جاء في الوثيقة فإن سمعة أميركا ونفوذها أصبحا في حال يرثى لها، كما باتت الولاياتالمتحدة أقل أماناً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، وديموقراطيتها أكثر هشاشة وقيمها ووحدتها معرضة لعدة مخاطر. كما يتّهم بايدن في خطته إدارة ترمب بالسماح لخصوم الولاياتالمتحدة بملء الفراغ، مقترحاً أن تعود الولاياتالمتحدة إلى الاهتمام بتحالفاتها والتعاون مع الأصدقاء والحلفاء لحل الأزمات الدولية بعد ما يصفه بتشويه "مصداقية أميركا" أمام الحلفاء. ويسعى جو بايدن من خلال خطته للسياسات الخارجية إلى زيادة التمويل المتعلّق بالدبلوماسيات الأميركية في الخارج ونبذ أسلوب ترمب الذي يزدري التحالفات التقليدية للولايات المتحدة، متعهّداً بالوقوف إلى جانب الأصدقاء والحلفاء الذين يحتاجون الدعم الأميركي مثل "القوات الكردية في سورية". وفيما يتعلق بالصين، أوضح بايدن أن إدارته ستكون "واضحة وقوية ومتسقة في مواجهة المخاوف الأميركية المتعلقة بالاقتصاد الصيني والمخاوف الأمنية". إلا أن بايدن يصف حرب ترمب التجارية مع بكين بالمتهورة وذات دوافع سياسية بحتة زاعماً أنها عاقبت الأميركيين واستعدت حلفاء الولاياتالمتحدة وأفادت خصومها دون أن تحقق أي فائدة للاقتصاد الأميركي. وشدد بايدن على أن الديموقراطيين لا يرون في التحدي الصيني تحدياً عسكرياً على الرغم من سعي الديموقراطيين إلى ردع أي عدوان تشكله الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه وبالقرب من تايوان. ويعد بايدن في خطته للسياسات الخارجية بتمديد اتفاقية (الحد من الأسلحة النووية) مع روسيا، إلا أنه يقول أيضاً إن إدارته ستنضم إلى الشركاء الأوروبيين في الوقوف في وجه روسيا وأعمالها الانتقامية، كما تعهّد بعرقلة التدخلات الروسية في الخارج وتعزيز الدعم الأميركي لحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا. متهماً ترمب بأنه يرى في بوتين شريكاً استراتيجياً وليس زعيم بلد مناوئ. ويقرّ بايدن بأن "خطة العمل الشاملة المشتركة" أو ما يعرف بالاتفاق النووي ليست إلا بداية للدبلوماسية الأميركية مع إيران والتي يجب أن تستمر لتشمل وقف كل أشكال زعزعة الاستقرار التي تقوم بها إيران. وبدوره، يقول جوناثان شانزر، المحلل السابق لشؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية، والنائب الأول لرئيس "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" إنه تمكّن من التواصل والحديث عن كثب مع مستشاري المرشح الديموقراطي "جو بايدن" حول الخطط المستقبلية المرتقبة لبايدن وبدت الأمور "مشجعة" بالنسبة للشرق الأوسط. وفي تصريحات خاصة ل"الرياض"، قال شانزر عن إعلان أنتوني بلينكن - كبير مستشاري بايدن للشؤون الخارجية - حول اعتزام بايدن الإبقاء على العقوبات ضد إيران قائمة، أن أفضل استراتيجية أميركية تجاه إيران هي إعلان الحزبين عبر رسائل موحدة بأن مسألة العقوبات والضغوطات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني والبرامج الخبيثة الأخرى التي يقوم بها النظام الإيراني هي أمر مستمر بغض النظر عن الرئيس القادم للولايات المتحدة. مؤكداً بأن مثل هذه الرسائل الموحدة ستدفع إيران للإسراع بالانخراط في عملية تفاوض جدية. ويرى شانزر أن الخطة المشتركة التي أعلنت عنها كل من الصينوإيران لإنقاذ النظام الإيراني من العقوبات الأميركية، قد تكون دافعاً لكل من الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء لتشديد الضغوطات على إيران، فتجنيد الحزب الشيوعي الصينيلإيران هو محط تساؤل ويعطينا سبباً إضافياً للنظر لإيران كعدو وجزء لا يتجزأ من المحور الصيني المناوئ للولايات المتحدة. ويشير شانزر إلى ضرورة عودة الولاياتالمتحدة إلى قيادة الأزمات الدولية وخاصة تلك المتفاقمة في الشرق الأوسط، فتقليص أثر الولاياتالمتحدة ووجودها العسكري في الشرق الأوسط أعطى المجال للصين وروسيا لملء الفراغ ونتيجة لذلك قد يستمر نفوذ البلدان المناوئة للولايات المتحدة بالنمو في المنطقة التي تواجه تحديات كبرى، مؤكداً على ضرورة نبذ النزعات الانعزالية لدى الحزبين الديموقراطي والجمهوري لأن نفوذ الولاياتالمتحدة على المحك. ويلفت شانزر إلى خطورة النهج التركي و"اللعبة التركية الخطيرة" في كل أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط والتي لقيت تهاونا معها من قبل الحزبين الديموقراطي والجمهوري، متوقعاً رؤية تحولات في إطار السياسة الأميركية تجاه تركيا بعد انتخابات 2020 بغض النظر عمن سيسكن البيت الأبيض خاصة في ظل وجود مجموعات دولية فاعلة تسعى لمواجهة تركيا والمخاطر التي تشكلها في محيطها الإقليمي مثل اليونان وقبرص ومصر والإمارات والمملكة العربية السعودية وفرنسا وكلهم أصدقاء وحلفاء للولايات المتحدة.