دائماً ما عودتنا مملكتنا الحبيبة وقياداتها الحكيمة عبر التاريخ على مثل هذه اللمسات الحانية، ودائماً ما كان كل من هو على هذه الأرض الطيبة -مواطناً أو مقيماً أو حتى زائراً عابراً- محور العناية والاهتمام الكبيرين بشكل لا يعرف تفرقة أو تصنيفاً أو تمييزاً.. لأن "الإنسان أولاً" هو المبدأ الذي تعمل به المملكة، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العقيدة، لذا كانت قياداتنا المتعاقبة، ومنذ التأسيس الحديث، تمد يد العون والمساعدة لكل المحتاجين والمأزومين على كوكب الأرض دون أدنى تمييز، بل جعلت من أرضها محطة استضافة عزيزة وكريمة لكل اللاجئين والنازحين والزائرين، حتى باتت سادس دولة استضافة ل"اللاجئين"، حيث يعيش فوق أرضها نحو 1.07 مليون شخص من مختلف دول العالم. وأيضاً باتت من أكبر عشر دول في العالم تقديماً للمساعدات، ليس ذلك فقط بل انطلقت يدها الحانية لتغمر بعطائها ضحايا الكوارث، إضافة إلى ريادتها في عمليات فصل التوائم السياميين جراحياً من مختلف الدول والقارات، وعلى نفقتها الخاصة لتقدم نموذجاً حياً للإنسانية في أنصع صورها وأشكالها. هذه الإنسانية الرفيعة التي تتجاوز كل الظروف والأحداث، مع ما يمر به العالم أجمع من أزمات اقتصادية طاحنة، سواء جراء ملابسات داخلية، أو ملمات عالمية مثل فيروس كورونا المستجد الأخير، لم تفت من عضد المملكة، بل إنها ربما جعلت منها ومن قيادتها الحكيمة إناء سخاء يتدفق لتضميد الجراح، وبث لحظة مشاركة وتضامن من أعلى قمة الهرم القيادي مع أسر ضحايا الجائحة. وقد يفسر هذا التوجه السعودي السامي، ما صدر عن مجلس الوزراء -في اجتماعه الأخير- من صرف 500 ألف ريال لأي متوفى من العاملين في القطاع الصحي العام أو الخاص بسبب "كورونا"، مدنياً كان أم عسكرياً، سعودياً كان أو غير سعودي، في لقطة تعكس المساواة الكاملة التي تقدر جهد أي وافد يخدم هذا البلد ويخلص له. إضافة لإنسانية هذا القرار الذي يسري اعتباراً من تاريخ تسجيل أول إصابة ب"الفيروس" في 7 /7 /1441ه -أي بأثر رجعي-، فإننا أمام توهج جديد يضاف لرصيد الدولة السعودية الحديثة التي يقودها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وهو اهتمام غير مسبوق لم نره من حكومات أخرى، وخطوة ليست مستغربة في الوقوف مع كل عائلة فقدت مُحارباً -أو محاربة- من قوافل جيشنا الأبيض. هذ القرار يبرهن على إيمان المملكة الراسخ قيادة وشعباً أن "الإنسان أولاً"، وتكريسها لمفهوم المساواة بين البشر، وهي دلالة ترد على كل من يشكك في عمق الإجراءات السعودية أو يحاول النيل منها باستغلال تبعات الجائحة العالمية وتوجيهها نحو أخبث المسارات. وإضافة إلى إنسانية هذا القرار وعمقه الاجتماعي، إلا أن مدلوله الأهم -من وجهة نظري- يعيدني إلى ما قاله القائد والرمز سلمان بن عبدالعزيز، قبل أيام، من أن "جائحة كورونا أثبتت صلابة الاقتصاد السعودي، ونحن عازمون على تعزيز مستويات النمو والازدهار من خلال التمكين والاستثمار في قطاعات جديدة، لا سيما تلك القطاعات التي ستقود التعافي العالمي وتحمي الدول من الأوبئة في المستقبل"، وهذا يعني أيضاً أن اللمسات الحانية والإنسانية وسيلة مهمة للغاية لترسيخ الازدهار النفسي والمعنوي أولاً الذي هو لبنة متينة نحو الازدهار والتقدم. دائماً ما عودتنا مملكتنا الحبيبة وقياداتها الحكيمة عبر التاريخ على مثل هذه اللمسات الحانية، ودائماً ما كان كل من هو على هذه الأرض الطيبة -مواطناً أو مقيماً أو حتى زائراً عابراً- محور العناية والاهتمام الكبيرين بشكل لا يعرف تفرقة أو تصنيفاً أو تمييزاً، بل إن امتداد هذه اللمسات والمبادرات إلى خارج الحدود يتعامل بذات العقلية الجامعة، والنظرة المنصفة التي تعلي من قيمة الإنسان أولاً، وما قرار خادم الحرمين الشريفين إلا غيض من فيض، خاصة وأنه -يحفظه الله- طيلة مسيرته العملية حتى تقلده زمام الأمور، دائماً ما كان الإنسان محور اهتمامه، وغاية استراتيجيته، الإنسان دائماً في قلب سلمان.