سعيدٌ من لايزال يقرأ دواوين الشعر الجميلة، ويترنم بقصائدها البليغة، كأنه في خميلة تجري فيها الأنهار، وتترنم الطيور، وتتمايل الأزهار، وتنهال عليه روائح العطور من كلّ شعورٍ جديدٍ جميل، مختلف باختلاف الشعراء المبدعين، فالشعر كالمطر العذب الذي يُحيي موات الأرض، ويُلطف الأجواء، ويُطلق أرق الأنسام، والشعر يُحيي موات الروح، ويُرهف بلادة الحس، ويرفع الذوق، ويُعلم مكارم الأخلاق، وكلما ذاق هاوي الشعر أنواعاً منه مُختلفة، من روائع الفصيح والشعبي، قطف من مختلف الثمار، وملأ خلاياه وحناياه بزحام العطور.. سعيدٌ من لايزال يقرأ دواوين المتنبي والقاضي وابن لعبون والشاب الظريف وفدوى طوقان وبدر بن عبدالمحسن، وغيرهم من كبار الشعراء الذين أعطونا خلاصات مشاعرهم وتجاربهم الجميلة في قوارير فوّاحة بالعطر والعبير.. ولعلنا نقدم بعض القصائد في أكثر من مقال، بهدف أن يحب الجيل الجديد الشعر الأصيل.. حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّما رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا ( المتنبي) يقول من عدى على راس عالي رجم طويل يدهله كل قرناس في راس مرجومٍ عسير المنالي تلعب به الأرياح مع كلّ نسناس في مهمهٍ قفرٍ من الناس خالي يشتاق له من حسّ بالقلب هوجاس قعدت في راسه وحيدٍ لحالي كنّي براس الرجم مذهب وحرّاس متذكرٍ في مرقبي وش جرى لي وصفقت بالكفّين ياسٍ على ياس قعدت أعدّ أيامها والليالي دنيا تقلب ما عرفنا لها قياس كم فرّقت ما بين غالي وغالي لو شفت منها ربح ترجع للافلاس يا ما هفا به من رجال مدالي ما كنهم ركبوا على قبّ الافراس ولا قلطوهن للكمين الموالي ولا صار فوق ظهورهن شلع الانفاس ولا رددوا صم الرمك للتوالي ولا ثار عجّ الخيل في كل مرواس في حومة الهيجا لهنّ اجتوالي كل يبي من زايد الفعل نوماس من بينهم عود القنا والسلالي مثل البروق برايح ليله دماس يقطعك دنيا ما لها أول وتالي لو اضحكت للغبن تقرع بالاجراس المستريح اللي من العقل خالي ما هو بلجات الهواجيس غطاس ما هو بمثلي مشكلاته جلالي أزريت أسجلهن بحبرٍ وقرطاس حملي ثقيل وشايله باحتمالي واصبر على مرّ الليالي والاتعاس وأرسي كما ترسي رواسي الجبالي ولا يشتكي ضلعٍ عليه القدم داس يا ابجاد شب النار وادن الدلالي واحمس لنا يا ابجاد ما يقعد الراس ودقّه بنجرٍ يا ظريف العيالي يجذب لنا ربعٍ على اكوار جلاس وزلّه إلى منه رقد كلّ سالي وخلّه يفوح وقنن الهيل بقياس وصبّه ومدّه يا كريم السبالي يبعد همومي يوم اشمّه بالانفاس فنجال يغدي ما تصور ببالي وروابع تضرب بها أخماس وأسداس لا خاب ظنّي بالرفيق الموالي ما لي مشاريهٍ على نايد الناس (محمد السديري ) أعالج لوعة المغرم وتكبر لهفة المشتاق بحسن رضاي أسوق خطاي أقدم رجلي وأفهقها أهوجس من طلوع الشمس ليما غيبة الأشفاق ورجلي في ظلام الليل مدري وش يوافقها أبصبر واتصبر مير أظن الصبر ما ينطاق لقيت الصبر مرّ ولو ينوش الكبد يحرقها ألا يا كاملين المعرفة سلك الغرام دقاق إلى صاب القلوب الله يعافينا يخرّقها أنا لي صاحب خدّه ورا الشيلة كما البرّاق بعرض المزنة اللي مثل شمس الظهر بارقها خلقها الله وزيّن خُلقها وأخلاقها الخلاق قليلٍ جنسها في جيلها سبحان خالقها لها عينٍ ليا لدّت بها تذبح بها العشّاق وبها وصفين من عين المهاه وطول عاتقها إلى ما شفتها ضاقت بي الدنيا وصدري ضاق وأنا لولا الهوى لي كان عيني ما تفارقها أحب مشاهد الغالي عسى ما هو بحب فراق ولو راح أتبعه في مغرب الدنيا ومشرقها إلى جا الليل ماشفته يزيد بقلبي الدقّاق معه روحي بسلك العنكبوت الله معلّقها ليا عرّض علي آقف مثل وقفة كسير الساق وساعات الوداع أسرع من «الكدلك» دقايقها! أنا ويّاه جدّدنا القسم والعهد والميثاق ولكن قدرة الله سابقة ما أحد يسابقها تعاطينا العهد في واحد من عاهده ما باق ما دام إن الثقة بالنفس يلزمنا نوثّقها أنا أعرف ناس ما تنقاد بالدنيا ولا تنساق ولو تعطيك عهد الله وأمانه لا تصدّقها تشوف أزوالهم مثل العرب مال الله الرزاق متى ما هب نسناس الهوى يظهر حقايقها (أحمد الناصر) وقانا لفحة الرمضاء واد سقَاهُ مُضَاعَفُ الْغَيْثِ العمِيم حللنا دوْحَهُ فَحنَا علَيْنَا حُنُوَّ المُرْضِعاتِ على الْفَطِيمِ وأرْشَفَنَا على ظَمأ زُلالاً يَرُدُّ الرُّوح لِلْقَلْبِ السقِيمِ يصُدُّ الشمس أنى واجهتْنَا فَحْجُبُها ويأذَنُ للنسِيمِ يرُوعُ حصاهُ حالِيةَ الْعذَارى فَتَلْمس جانِب الْعِقْدِ النَّظِيمِ.. (حمدونه بنت المؤدب) الديوان الكامل للأمير محمد الأحمد السديري أحمد الناصر