توقع خبيران نفطيان دخول الاقتصاد العالمي مرحلة "الكساد العظيم" على خلفية إستمرار جائحة كورونا، مشيرين الى أن الأسعار مرشحة للتحسن مع بدء عودة الاقتصاد العالمي للعمل تدريجيا، لافتين الى أن عود نشاط الاقتصاد الأمريكي والصيني سينعكس إيجابيا على الطلب العالمي للنفط. وأشار المستشار النفطي الدولي د. محمد الصبان، ل "الرياض"، الى أن أسواق النفط فيها فائض كبير سواء كمخزون تجاري لدى الشركات الأميركية أو مخزون عائم في البحار القريبة من شواطئ الولاياتالمتحدة، لافتا الى أن وجود التخمة في المعروض تترافق مع التدهور الشديد الحاصل في الطلب العالمي على النفط مقابل المعروض الكبير من النفط، وبالتالي من البديهي أن يضغط هذا الفائض على الأسعار نحو الانخفاض الشديد. وأكد أن الخطوة التي أقدم عليها (أوبك +) بتقليص الإنتاج غير كاف لسحب الفائض من السوق النفطية، مشددا على ضرورة إنضمام أميركا والنرويج وكندا والبرازيل لقرار التخفيض، مضيفا، أن تلك الدول نأت بنفسها على الانضمام لتحالف (أوبك +)، حيث بقيت أميركا تتذرع بأن إنتاجها سينخفض بشكل تلقائي، مشيرا الى أن انهيار أسعار النفط الأمريكي لمستويات تاريخية ستنعكس على صناعة النفط بالولاياتالمتحدة، موضحا، أن تراجع الأسعار ساهم في إيقاف 13% من الحفارات الأميركية الأسبوع الماضي بسبب عدم جدوى التكاليف في ظل الأسعار الحالية. وحول الفارق بين عقود مايو ويونيو، قال الصبان، أن شهر مايو هو بداية إنتهاء الحرب السعرية القائمة في أسواق النفط، بموجب دخول اتفاق (أوبك +) حيز التنفيذ، موضحا، أن أرامكو السعودية أعلنت أن إنتاجها سيكون بحدود 8.5 مليون برميل يومياً، لافتا الى أن المشكلة تكمن في وجود فائض كبير في المعروض، فضلا عن التداعيات السلبية على الإقتصاد العالمي جراء الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا. وبالنسبة لشهر يونيو المقبل، ذكر، هناك إجراءات ستبدأ في شهر مايو بفتح تدريجي للاقتصاد العالمي، بدء من الإقتصادات الكبرى مثل الإقتصاد الصيني، والولاياتالمتحدة، ودول في أوروبا، لافتا الى أن الإنفتاح التدريجي وعودة النشاط الاقتصادي، سينعكس إيجابيا على معدلات الطلب العالمي على النفط، متوقعا، أن يظهر إرتفاع الطلب العالمي في شهر يونيو ولذلك يكون تأثر عقود هذا الشهر مختلفة". وتوقع أن يبدأ التحسن في الخام الأميركي في عقود يونيو التي تعكس أثر خفض إنتاج (أوبك +) على الأسواق العالمية، فضلا عن إتضاح الصورة نتيجة بشكل أكبر جراء عودة الأسواق الامريكية والصينية. وذكر أن خطة الولاياتالمتحدة لفتح الإقتصاد على مراحل بعودة النشاط الاقتصادي، ستبدأ في مايو المقبل وقد لا تكتمل إلا في شهر يونيو وبالتالي الطلب الأميركي على النفط سيبدأ في التحسن التدريجي، متوقعا إستمرار فروقات في أسعار العقود الآجلة بين شهري مايو ويونيو. بدوره، قال، أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن د. حسن العبندي، التطورات الحاصلة في أسواق النفط أثبتت أن السوق الحرة عملت بشكل مثالي، بحيث سجلت سابقة تاريخية لم تسجل من قبل، لافتا الى أن النفط المصدر من الدول المنتجة يباع ويشترى في بورصات عالمية قبل الوصول الى الدول المستهلكة، مبينا، ان انتاج النفط خلال الشهرين الماضيين، ساهم في تراجع الأسعار في الأسواق العالمية، مما شجع الكثير من المضاربين في الأسواق النفطية على الشراء، بيد أن جائحة كورونا عصفت بالطلب العالمي. وذكر أن الولاياتالمتحدة تعتبر أكبر سوق لاستيراد النفط عالميا، حيث شهدت تراجعا كبيرا في استهلاك النفط جراء تغير نمط الحياة الاجتماعية، نتيجة المخاوف من فيروس كورونا، بخلاف توقعات المضاربين في الأسواق النفطية، مضيفا، أن المضاربين حاولوا التخلص من العقود الآجلة لتقليل حجم الخسائر، مما يساهم في إنخفاض القيمة السوقية الى "صفر"، بيد أن عرض العقود الآجلة ب "صفر" لم تحقق أماني المضاربين، مشيرا الى أن التطور الخطير والسابقة الأولى في التاريخ تتمثل دفع المضاربين أموالا للمشترين مقابل العقود الآجلة للنفط. واكد أن إنهيار أسعار العقود الآجلة ب "الناقص" تسبب في خسائر كبيرة للمضاربين، بالإضافة لتشجيع على تنفيذ الاستراتيجية الامريكية والغربية لشراء تلك العقود الآجلة لتغذية آبار النفط الاستراتيجية لإستخدامها في أوقات الأزمات الاقتصادية، مبينا، أن المخزون الاستراتيجي للنفط في الولاياتالمتحدة يغطي في الأوضاع الطبيعية نحو 2- 3 أشهر، مشيرا الى أن الإدارة الامريكية وجدت في إنهيار أسعار النفط لزيادة المخزون الاستراتيجي، وإستفادت الإدارة الامريكية من "الكارثة"، مشيرا الى أن الشركات النفطية العاملة في إنتاج البترول الصخري ستتكبد خسائر فادحة نتيجة الانهيار الكبير في الأسعار، موضحا، ان الانهيار التاريخي لاسعار النفط الأمريكي يمثل أحد وجوه "كارثة"فيروس كورونا. وبين العبندي، أن (أوبك) لم تعد مؤثرة بشكل كامل على السوق النفطية، لافتا الى أن جهود (أوبك +) للتحكم في سقف الإنتاج خطوات هامة لتعديل الأسعار في الأسواق، مشككا في قدرته على تحقيق الأهداف المستهدفة من وراء قرار خفض 10 مليون برميل يوميا ( مايو – يونيو )، متوقعا دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة "الكساد العظيم"، مشيرا الى أن مستقبل الأسعار يعتمد على الدول المنتجة للنفط من خلال التعاون المشترك، مما يحد من الإنهيار الكبير في الأسعار، مطالبا بضرورة تعاون كبار المنتجين مثل روسيا وغيرها يمثل خطوة أساسية لتعديل الأسعار في السوق النفطية، معتبرا، سلوك الدول في أوبك و(أوبك ++) قادر على التأثير في السوق النفطية، متوقعا قيام الدول المنتجة على الاتفاق على سقف جديد للإنتاج لامتصاص الفائض. وحول انتهاء زمن النفط الصخري، ذكر أن الولاياتالمتحدة لن تتخلى عن انتاجه، لافتا الى أن انتاج النفط الصخري لا ينظر اليه كقيمة مالية و إنما كقيمة استراتيجية ووطنية للولايات المتحدة، فهو بمثابة "الامن البترولي" وكذلك تشغيل الايدي العاملة الامريكية.