أكد نفطيون أن اتفاق منظمة اوبك المصدرة للبترول «أوبك» على الإبقاء على سقف إنتاجها من النفط يؤكد تصحيح المتغيرات السعرية تدريجياً وبشكل ايجابي حتى نهاية العام الامر الذي يؤكد استقرار السوق رغم الاضطرابات التي تحيط بالمنطقة. خارطة الطريق النفطية واوضح النفطيون ل «اليوم» خلال حديثهم على انعكاس قرار منظمة اوبك ان الانعكاس وراء ابقاء سقف الانتاج يكشف خارطة طريق تعمل عليها المنظمة مدروسة اقتصادياً وبهذا يؤكد بانها متمسكة بخطتها الرامية لتحمل انخفاض أسعار النفط في سبيل حماية حصتها في السوق. في البداية أكد الخبير النفطي حجاج بو خضور في حديثة «لليوم» ان بقاء الإنتاج النفطي عند مستوياته المعهودة يكشف ان المنظمة تسير بخطى واضحة وثاقبة مكنها من دراسة السوق اقتصادياً وسياسياً حتى ان البقاء سيسهم في التصحيح التدريجي للأسعار وذلك بشكل ايجابي مشيرا في الوقت نفسه إلى ان المملكة والدول الخليجية أعطت رسالة واضحة للسوق بان أوبك تسعى دائما إلى استقرار السوق العالمي وتحديدا الدول الخليجية التي تحافظ على مستوى الإنتاج النفطي وبالتالي استقرار السوق رغم الاضطرابات التي تحيط بالمنطقة. وبين الخبير بو خضور انه خلال الفترة الماضية عند ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت 100 دولار للبرميل أدى ذلك إلى زيادة فرصة استثمار الأموال خصوصا في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى إنتاج الزيت الصخري الذي أدى بدوره إلى زيادة الإنتاج المحلي الامريكي من الزيت وبالتالي انخفاض الأسعار تدريجيا. وبين بو خضور ان سياسة أوبك سياسة ناجحة وتحديدا دول الخليج التي تدعم المحافظة على مستوى الإنتاج في السوق الذي يوفر الاستقرار للسوق العالمي بشكل عام. «أوبك» تحمي حصتها من جهته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور حبيب الله تركستاني في حديث معه ان بقاء الانتاج الحالي لمنظمة اوبك يشير الى وجود مؤشرات اقتصادية بان المنظمة تسير نحو خطة واضحة المعالم مبينا في الوقت نفسه أن سعر النفط يعتبر الان في أدنى مستوياته حيث تشهد المنطقة بعض الاضطرابات التي من المعهود أن ترتفع الأسعار في مثل هذه الظروف. ودعا الدكتور تركستاني إلى ضرورة تدخل الحكومات والسياسة لقيادة الاقتصاد النفطي إلى حال أفضل حيث إن إيرادات بعض دول منظمة أوبك من النفط تشكل أكثر من 80 % من الدخل القومي لها مما يؤثر سلبا على اقتصادياتها في حال تدني مستوى أسعار النفط إلى أكثر من ذلك. تجدر الاشارة الى ان مندوبين لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اكدوا أن المنظمة اتفقت يوم الجمعة الماضية على الإبقاء على سقف إنتاجها من النفط متمسكة بذلك بخطتها الرامية لتحمل انخفاض أسعار النفط في سبيل حماية حصتها في السوق. وكان من المتوقع على نطاق واسع أن تبقى المنظمة على سقف إنتاجها للأشهر القادمة مع تعافي خام برنت وارتفاعه أكثر من 20 دولارا عن مستوياته المتدنية التي بلغها في يناير كانون الثاني وفي ظل تسارع الطلب العالمي، وفي نوفمبر تشرين الثاني فاجأت أوبك الأسواق برفضها الدعوات المنادية إلى خفض الإنتاج لمواجهة هبوط أسعار النفط. تمدد النفط الصخري وفي ذات السياق أكد محللان نفطيان كويتيان أن القرار الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) خلال اجتماعها الاخير بالابقاء على سقف الانتاج كان متوقعا «ويصب في مصلحة دول المنظمة اقتصاديا وسياسيا». ورأى المحللان في تصريحات لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) امس الاحد ان مستويات أسعار النفط الخام ستظل تدور في فلك 55 إلى 65 دولارا للبرميل خلال الربع الثالث من العام الجاري على ان تعود للانخفاض مرة أخرى بانتهاء موسم الصيف لتسترد عافيتها مع قدوم فصل الشتاء. وقال الاستاذ في كلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت الدكتور طلال البذالي: إن ابقاء (اوبك) في اجتماعها يوم الجمعة الماضي على سقف الانتاج عند 30 مليون برميل يوميا أمر كان متوقعا «ومن المتوقع ايضا أن يتخذ وزراء (اوبك) نفس القرار في اجتماعهم المقبل بعد 6 أشهر». وأضاف أن (اوبك) تريد الضغط على الأسعار وألا ترتفع أكثر من المستهدف لديها «وهي المستويات الحالية» وذلك لأسباب سياسية بحتة يأتي في المقام الأول منها «الحد من زحف وتمدد النفط الصخري والذي من الممكن ان يطغى على التقليدي». واشار الى وجود سبب سياسي وهو «سعي دول أوبك للحد من القدرات المالية للدول المنتجة للنفط والتي تدعم الميليشيات والأحزاب والحركات الإرهابية» مشيرا إلى أن «هذه الدول عندما حققت فوائض مالية اغرقت تلك الحركات بالمعونات والأموال والأسلحة ولكن انخفاض اسعار النفط سيجعلها تفكر في نفسها فقط دون التوسع والمد في دول أخرى». وأوضح أن (أوبك) تسعى إلى أن «يكون الطلب على النفط فوق العرض بنسبة بسيطة جدا أو أن يكون المعروض أكثر من المطلوب إذا لزم الامر لتخفيض الأسعار لتظل عند هذه المستويات ولتجفيف منابع تمويل الإرهاب الذي يهدد امن الخليج فضلا عن الحد من انتاج النفط الصخري». وبين البذالي ان العرض حاليا يفوق الطلب «وسيظل كذلك» مشيرا الى ان الارتفاع الحاصل حاليا للأسعار «مؤقت» وذلك بسبب اقبال المستهلكين على المشتقات البترولية المستخدمة في النقل. ولفت الى أن «الأسعار ستهبط إلى حدود 45 دولارا للبرميل بحسب توقع الكثيرين لتعود للارتفاع من جديد مع قدوم فصل الشتاء والاقبال على شراء زيوت التدفئة». وذكر أن «أسعار النفط لن تعود إلى المستويات السابقة إلا في حال حدوث كارثة أو نشوب حرب شاملة وواسعة النطاق بمشاركة دول عظمى لانه سيكون هناك تخوف على تأمين الامدادات النفطية». من جهته قال المحلل النفطي محمد الشطي ل(كونا) إن «السرعة التي تم بها التوصل إلى القرار الأخير الذي اتخذ خلال اجتماع (اوبك) الاخير كان محل دهشة نظرا لما سبق المؤتمر من تصريحات صحفية اوجدت انطباعات بوجود خلافات». توافق جماعي واوضح ان التوافق الجماعي داخل المنظمة جاء على أساس الاستمرار بالعمل بالسقف الحالي عند 30 مليون برميل يوميا لافتا الى انه على الرغم مما اثير حول قرار المنظمة في 27 نوفمبر الماضي بالإبقاء على سقف الانتاج عند مستوياته الحالية فان نتائج القرار اثبتت دور أوبك في السوق النفطيةالعالمية وعمق نظرة المنظمة لتطورات السوق. وذكر ان «قرار أوبك الاستمرار بالعمل بسقف الانتاج الحالي يصب في دائرة سياسة نجحت وتحتاج إلى وقت أطول لتأكيد نجاحها وأن أي تغيير سواء بالزيادة او النقصان لن يقدم المؤشرات للسوق او يسهم في تحقيق التوازن». وبين أن السوق يحتاج إلى ارتفاع في انتاج نفط (اوبك) خلال الربع الثالث من العام الجاري على الأقل مع عودة المصافي للعمل وتحسن الطلب مع اعتبار ان الفائض في السوق هو النفط فائق النوعية والذي لا يمثل معظم انتاج (اوبك) بل دولا بعينها وبعضها يعاني من ظروف داخلية تحد من انتاجها. وأكد الشطي ان التراجع في المعروض من النفط الثقيل والمتوسط يمثل معظم انتاج (اوبك) حيث تمتلك المصافي الجديدة قدرات تحويلية عالية خصوصا في آسيا والولاياتالمتحدةالأمريكية لذا «حافظ النفط الخليجي على تواجده في السوق الأمريكي ولم يتأثر الا بشكل طفيف». وأشار إلى أن العديد من الدول الخليجية من الاعضاء في (أوبك) نجحت في رفع قدراتها الإنتاجية من النفط الخام وزيادة حصة مبيعاتها للأسواق الآسيوية الواعدة بأسعار عالية نسبيا قلصت الفروقات بين النفط الخفيف والثقيل لمصلحة النفوط المتوسطة والثقيلة. وبين ان «الزيادة في الطلب على النفط الخام في السوق الاسيوي بدأت تستوعب الزيادات من المعروض» مشيرا الى «ان انتاج أوبك وصل خلال شهر مايو 2015 عند 31 مليون برميل يوميا ومازالت الأسعار عند مستويات متعافية ومقبولة نسبيا لصالح توازن السوق. وذكر ان السوق لم يسجل ارتفاعا كبيرا في المخزون بالرغم من تقديرات الصناعة والتي يضع بعضها بناء على المخزون خلال النصف الأول عند 2.4 مليون برميل يوميا «ولو كان ذلك حقيقة لوجدنا تأثيره في السوق على الأسعار لان أي نفط إضافي يشكل ضغوطا على مستويات أسعار النفط». واضاف ان «هذه المؤشرات في مجملها تؤكد مصداقية وصواب قرار (أوبك) في 5 يونيو 2015 باستمرار العمل بسقف الانتاج الحالي عند 30 مليون برميل يوميا لاسيما وسط ارتفاع وتيرة التصعيد في العوامل الجيوسياسية والتي يقل تأثيرها بسبب كفاية الامدادات في سوق النفط».