لم يكن هناك من حدث أهم من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله وأيده - مساء الأربعاء تحت قبة مجلس الشورى، فقد كان بمنزلة خارطة طريق خارجيًا وداخليًا، فالرسائل والمعاني التي احتواها تؤكد المسيرة المظفرة والارتقاء المستمر للمملكة، وترسيخًا لمبادئ وثوابت السياسة السعودية الداخلية والخارجية. كل الإيجابيات والمفرحات حضرت في خطاب خادم الحرمين الشريفين، كلمة ضافية ومنهجية شاملة ورسالة جامعة ذات دلالات ومعان كبيرة، وتمثل استراتيجية عمل شاملة، من خلال ما احتوته من رؤية واضحة وتوجيهات سديدة، من شأنها تحقيق مزيد من الطموحات... ستسهم - بإذن الله - في المضي نحو رفعة هذه البلاد وتعزيز مكانتها الرائدة، سعيًا إلى الاستمرار في مسيرة البناء والتنمية. وكمواطن سعودي كان شأنًا عظيمًا لنا أن يشدد - حفظه الله - على أننا نفخر بنجاح بلادنا في العودة إلى الاعتدال والوسطية والقضاء على التطرف.. ولعمري إن ذلك من أهم الإنجازات وأرقاها، وسبيل فاعل لمزيد من الرقي بالفكر السعودي المتطلع إلى غد أفضل.. ولن ننسى رؤيته الاقتصادية النافذة، بقراءته لما ينتظر الاقتصاد السعودي، وكيف أكد بكل تجلٍّ أن طرح عملاق الاقتصاد "أرامكو" سيخلق آلاف الوظائف، ويجذب استثمارات أجنبية مفيدة لبلادنا. رؤية السعودية 2030 ما زالت المستقبل المشرق، الذي يريده خادم الحرمين وولي عهده الأمين لهذه البلاد العظيمة؛ سعيًا منهما لتقديم سبل العيش الكريم للمواطنين، ومن خلالها تمكين المرأة ورفع نسبة مشاركتها.. لذا كانت محورًا مهمًا في الخطاب، ما أضفى مزيدًا من الحبور والتفاؤل لأجل مستقبل مشرق، ليس لفترة زمنية مرتبطة بعقد واحد، بل لأجيال مستمرة ستجني خير هذه المرحلة. الخطاب الملكي لم يغفل الشأن الخارجي وما تمر به المنطقة من متغيرات من جراء العبث الإيراني، فقد أوضح خادم الحرمين الشريفين بما لا يدع مجالًا للشك موقف السعودية من هذا العبث وتأثيره السلبي؛ لأن السعودية عانت سياسات وممارسات النظام الإيراني ووكلائه. بتأكيد قوي فاعل أننا "لا نسعى إلى الحرب، لكننا مستعدون للدفاع عن شعبنا بكل حزم ضد أي عدوان، ولا سبيل أمام إيران لتجاوز الموقف الدولي الرافض إلا بترك فكر التوسع والتخريب". ولأن اليمن عزيزة على كل سعودي وما يتمناه كقائد وزعيم عربي لليمن من استقرار وسؤدد، ومباركته لكل ما يصب في مصلحة هذا الاستقرار المنشود.. بارك حفظه الله كل الاتفاقات والمساعي لأجل استقراره، ومؤكدًا على موقف المملكة الثابت من قضية فلسطين. الأهم في القول أن المملكة العربية السعودية تعيش المتغيرات خارجيًا وداخليًا بكل إيجابياتها، تسير في الطريق الصحيح وفق تألف القيادة والشعب وتماسكهما.. ليكون الخطاب الملكي تعبيرًا عما تريده السعودية وشعبها.. ما تتمناه وما تتطلع إليه.. وإلى مزيد من الرقي المجتمعي والرخاء الاقتصادي، والاتساع الفكري واستيعاب كل ما هو جديد يا بلادي.