يبدو أن السلوك التركي في المنطقة يكشر علانية عن ضميره الإرهابي في المنطقة، ويجتر تاريخه الدموي في تعامله مع الأكراد، فلا شك لدينا كعرب أن الفرس والأتراك اليوم وجهان لعملة واحدة، كلاهما يرفع الشعار الديني لاستجذاب عواطف الجمهور العربي، بينما الكينونة تعج بمشاريع توسعية في عمق الجغرافيا العربية، هذه المشاريع تتلظى بجحيم القومية المنقرضة مع الفتح الإسلامي العظيم لبلاد فارس والروم، كما أنها تجتر التاريخ بقراءة زائفة ومحرفة عن العنصر العربي لتبرر لذاتها مشاريع الهيمنة على المنطقة العربية !!. لا شك أن التاريخ الدموي للأتراك متجذر في هوية الدولة العثمانية المنقرضة، ففي عام 1818م اقترف الأتراك مجزرة شنيعة ضد الأبرياء العزل في الدرعية، عاصمة الدولة السعودية الأولى، كما يؤكد المؤرخون حينها أن الأتراك أخلوا ونقضوا بمواثيق المعاهدة مع الإمام عبدالله بن سعود رحمه الله، فهدموا الديار وهجرو الأسر وأحرقو مزارع الأهالي، ولا تزال أطلال الدرعية شاهدة حتى اليوم، على دموية الأتراك ومدى كراهيتهم للعرب. وفي عام 1915م اقترف الأتراك مجزرة إنسانية أخرى، بعض المؤرخين يلقبونها ب(الجريمة الكبرى)، بدأت بترحيل قسري لشعب الأرمن، وقتل للمثقفين والمفكرين، وانتهت بعمليات وحشية وإبادة جماعية في صورة مأساوية لم يشهدها التاريخ الإنساني سوى في الحربين العالميتين، ولعل معضلة القومية الطورانية حينها هي التي قادت الأتراك إلى عنصرية بغيضة أفرزت بشاعة التطهير العرقي للأرمن، وربما يعيد التاريخ نفسه اليوم مع الأكراد، قومية طورانية جديدة ولكن بغلاف ديني هش!!. لقد بات العرب والمسلمون اليوم يدركون جيداً مخاطر حزب العدالة والتنمية التركي وطموحاته الاستعمارية في المنطقة، والذي يحتضن رسمياً كافة الأحزاب الدينية المتطرفة في أغلب البلاد العربية والإسلامية، ويجيرها كأدوات سياسية في منظومته التخريبية والتحريضية في المنطقة، ولعل الاجتياح البربري للقوات التركية في الشمال السوري بعد الانسحاب الأميركي الخاطئ، يؤكد بمالا يدع مجالاً للشك، ما تضمره الثقافة التركية من أحقاد توسعية وعنصرية ضد العرب والأكراد. وأخيراً.. أغلب الدول العربية -وعلى رأسها المملكة العربية السعودية- أعلنت رفضها القاطع لفكرة اكتساح القوات التركية للجغرافيا العربية في الشمال السوري، بل ودعت الأمانة العامة للجامعة العربية في القاهرة إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة التداعيات التركية الأخيرة، فلا بد من خطوة عربية حازمة تجاه حزب العدالة والتنمية التركي، وطموحاته التوسعية في المنطقة.