زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين استمرت يومين ضمن جولة آسيوية شملت باكستان والهند، ولكنها حققت نجاحاً كبيراً قوبل باهتمام واسع من جانب وسائل الإعلام الصينية والعالمية، وهذا بلا شك دليل عمق علاقات الشراكة الشاملة، وعلى الصداقة والتاريخ الطويل من التبادلات القوية، والرغبة في العمل معاً للبناء على الإنجازات السابقة ومواصلة مرحلة جديدة من العلاقات الودية والاستراتيجية، خلال الزيارة تم توقيع 35 اتفاقية تعاون بقيمة إجمالية تزيد عن 28 مليار دولار أميركي شملت مجالات صناعة البتروكيميائيات والطاقة والاتصالات وبناء البنى التحتية والمالية والتكنولوجيا المتقدمة، وتم الإعلان عن جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بهدف تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية بين البلدين. العلاقات السعودية الصينية تمضي بخطى سريعة، واعتماداً على الثقة المتبادلة والمنفعة المشتركة للتعاون، وتكثيف العمل في قطاعات جديدة تحمل إمكانات كبيرة لتعاون واعد، وخلال السنوات الأخيرة شهدت العلاقات ثلاث نقلات نوعية: مع رفع مستوى العلاقات إلى مستوى شراكة استراتيجية شاملة وتشكيل لجنة توجيهية مشتركة رفيعة المستوى خلال زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية عام 2016، ومع تطوير وتعميق التعاون بين البلدين خلال زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز للصين عام 2017، ومع مواصلة خلق مرحلة جديدة من العلاقات خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان للصين يومي 21 و22 فبراير 2019، فالتعاون بين البلدين حاليّاً شهد تقدماً كبيراً ويعيش الآن مرحلة ازدهار. طرحت الصين عام 2013 مبادرة "الحزام والطريق" الهادفة لبناء شبكة من التجارة والبنى التحتية تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، من خلال إحياء مسارات التجارة القديمة (طريق الحرير)، فيما أعلنت السعودية عام 2016 عن خطة للإصلاح الاقتصادي والتنمية تحت عنوان "رؤية 2030" للنهوض بالاقتصاد وتنويعه وخلق فرص الاستثمار، لذلك تعد السعودية في خريطة "الحزام والطريق"؛ ركنا أساسياً في ضوء موقعها الاستراتيجي الذي يضعها كحلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا وآسيا. الصين من أكبر الشركاء التجاريين للسعودية، فيما تعد السعودية أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال إفريقيا وأيضاً شريك طبيعي للصين في مبادرة "الحزام والطريق"، ومشروعات التعاون التي تم التوصل إليها تأتي من الترابط بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية و"رؤية 2030" السعودية. طريق الحرير يمثل انفتاحاً صينياً كبيراً على العالم والشرق الأوسط، يقول الأستاذ عبدالرحمن الراشد: إن القواسم المشتركة بين رؤية المملكة ومبادرة الحزام والطريق وقيام المملكة بتطوير مناطق مهمة ومدن اقتصادية في مواقع مميزة على طرق التجارة والملاحة العالمية؛ يجعلنا متفائلين بمستقبل زاهر للعلاقة التجارية الاستراتيجية المشتركة ما بين السعودية والصين". ويقول الرئيس الصيني شي جين بينغ: إن بكين مستعدة للعمل مع الرياض بهدف تعزيز (السلام من خلال التنمية) في إطار البناء المشترك للحزام والطريق ودفع التعاون التنموي الإقليمي.