(رد لي ما استرد لي من زماني) أخي العزيز الزميل فهد العبدالكريم لأستعيد اسم زاوية أطللت بها على القارئين والقارئات في صحيفة الاقتصادية على مدى بضع سنين.. هذا العنوان - بوص ونوص - حمل إلي تواصلاً جميلاً مع كلمتي: لي ومن مختلف المستويات الاجتماعية والفكرية حتى إن فئاماً من الناس قد ربطوا اسم عنوان الزاوية باسمي ربما تعجباً أو خلافه، ولاقى اسم الزاوية تساؤلات مثارة عن معنى كلمتي: بوص ونوص. لقد كانت مساحة الفرح ومسافة الفرح أكبر إن وجدت وإلى الآن، أناس يقابلوني في مناسبات ووسائط النقل يرحبون بي أهلاً: بوص ونوص.. لم أحبذ هذا، لكني أحسنت الظن بالعفوية التي صاحبت وتصاحب هذا الأسلوب التعبيري التلقائي ذا السمة الشعبية الجماهيرية. كان الدافع لي في نشر ما كتب في صحف عكاظ والجزيرة والوطن وما أزال هو المشاركة في تقديم آراء ومرئيات تخدم الوطن والمواطن. وقد راعيت فيما كتبته وأكتبه الجدية والصراحة في الطرح والمعالجة. وحرصت قدر الاستطاعة اتباع النهج الوطني الذي تعلمت ونهجت منه من قامات سامقة أثرت فيّ وأثرت في بنائي الفكري في وطننا وغيره من قامات عربية وعالمية. لقد غلبت مهنية التخصص واجبي المهني الاحترافي من خلال دراستي للإعلام والتاريخ والتربية والتعليم أثناء دراستي الجامعية في وطني أو في الولاياتالمتحدة الأميركية أن تحتوي مقالاتي وطروحاتي وجود معلومات تعين القارئ/ القارئة على وجود ما يسعد ويريح ويفيد. وحسبما استرد لي من زماني بنهج أخي الصديق الزميل فهد العبدالكريم، أعيد هنا تعريفاً لمعنى (بوص ونوص) وما أيسر ذلك حين الرجوع إلى مصدرية عليا ومرجعية أعلى، القرآن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل. وفي لسان العرب لابن منظور، البوص والفوت: السبق والتقدم، باصه بوصاً فاستباص، سبقه وفاته.. وأنشد ابن العربي: فلا تعجل عليّ ولا تبصني فإنك إن تبصني استبيص قال الأعشى: عريضة بوص إذا أدبرت هضيم الحشا شختة المحتضن وقال امرؤ القيس: أمن ذكر ليلى، إذا نأتك تنوص فتقصر عنها خطوة وتبوص والبوص البعد، والبانص: البعيد، يقال طريق بانص بمعنى بعيد وشاق. أما كلمة نوص، فقد جاء عنها عند ابن منظور: نوص: ناص للحركة نوصاً ومناصاً: تهيأ، وناص ينوص نوصاً ومناصاً ومنيصاً: تحرك وذهب، وما ينوص فلان لحاجتي وما يقدر على أن ينوص أي يتحرك لشيء، وناص الجرة ثم سالمها أي جابذها ومارسها. قال المرار: وإذا ينوص رأيته كالأشوس.. والنوص في كلام العرب: التأخير، والبوص: التقدم.. وغير هذا كثير في معاجم اللغة واللسان. وقد وجدت في تفسير ابن كثير رحمه الله، في قول الله تعالى: ولات حين مناص.. ما جعل اختياري لكلمتي بوص ونوص نابعاً من دراستي في علم الاتصال الإنساني - الإعلام communication، ومتوافقاً مع منحنى التوزيع الطبيعي Normal distribution Curve الذي يستخدم كأداة إحصائية في العديد من حقول الدراسات الإنسانية وحملات الانتخابات والإعلان والترويج والتسويق والاستقطاب وفي قياس معدلات الاختبارات للطلاب وغيرها. لهذا فإن المعنى الذي نهجته في اختيار (بوص ونوص) أنهما تعني التقدم والتأخر، وقد رسم زميل في صحيفة الاقتصادية - رحمه الله - رسماً كاريكاتورياً معبراً عن شخصين كل منهما في اتجاه عكس الآخر.