لا يكل الفنان راشد الماجد ولا يمل من الاستعانة بهوامش التلحين في الخليج العربي عبر اقتباس الموروث الشعبي الموثق بأسماء مبدعين من فترات سابقة، مستفيداً من قصر ذاكرة الجمهور الحالي الذي قد لا يعرف أصل الألحان التي يقدمها في أعماله الجديدة، منها أغنيته "يا شوق" التي طرحها مؤخراً من ألحان أحمد الهرمي، رغم أنها اقتباس صريح للحن أغنية قديمة وشهيرة بعنوان "ليلة" للفنان حسين العلي!. لماذا يضع راشد الماجد نفسه في مثل هذه الإحراجات المتكررة؟. وكيف يقع في فخ الملحنين بهذه السهولة؟. إذا ما افترضنا أن هولاء الملحنين لهم ثقافة موسيقية عريضة، وهذا بلا شك غير وارد إطلاقاً، لأن ثقافة الفنان السعودي راشد الماجد عالية في الفن الشعبي ويقدمه بنفسه بصيغة مطورة. ثمة ملحنين عرب وخليجيين ظهرت أسماؤهم برفقة الماجد يقدمون أعمالاً سعودية شعبية، مثل الملحن البحريني أحمد الهرمي الذي تورط في أغنية "يا شوق" وزعم أنها من ألحانه، وهي في الأصل لحن للفنان حسين العلي قدمه قبل نحو عشرين سنة -عام 1416ه- ثم انتشر بصوت الفنان القدير مزعل فرحان، واستخدمه أهل بيشة في إيقاع الرايح. هذه الأغنية "ليلة" تعد حالياً من أشهر الأعمال الشعبية ومازال كثير من الفنانين يرددونها في حفلاتهم الخاصة. شهرة هذا اللحن لم تمنع الهرمي من التجرؤ عليه وإعادة تقديمه من جديد في أغنية "يا شوق" للماجد الذي يبدو أنه لم يعد يكترث باقتراف مثل هذه "الاقتباسات" متجاهلاً بطريقة أو بأخرى المبدعين الأصليين لهذه الأعمال. منذ مطلع الثمانينات وراشد الماجد يستغل جهود المبدعين السابقين ويقتبس الموروث دون هواده، قبل فترة قصيرة قدم أغنية "سجة مع الهاجوس" وتم سحبها من "اليوتيوب" بعد تهديد من فارس مهدي بملاحقته قانونياً، وهي في الأصل للفنان القدير حمدي سعد قدمها في بداياته. وقبل فترة أعاد فكرة أغنية "سافر بامان الله" التي قدمها عبدالله الصريخ في منتصف الستينيات الميلادية، وقدمها في أغنية "يا قلبي" بإطار جديد مخفياً بعض الملامح من خلال التوزيع الموسيقي. في بداياته قدم الماجد أغنية "البارحة يوم الخلايق" ونسبها للفلكور متجاهلاً تاريخ ملحنها الراحل بشير حمد شنان، ثم كرر ذات الأمر في أغنية "ابشر من عيوني" بداية التسعينيات التي نسبت للراحل صالح الشهري وهي في الأصل للراحل فهد بن سعيد. وفي ألبوم "الحل الصعب" قدم الماجد "يا سلام ويا سلام الله" للشاعر الراحل سليمان بن شريم وألحان وغناء حمد الطيار والتي قدمها أولاً مع فرقة إذاعة الرياض ثم عاد وقدمها عبر شاشة القناة السعودية الأولى في العام 1981. في الطبعة الأولى لهذا الألبوم كانت الأغنية مدونة كفلكلور سعودي قبل أن يُلوّح الراحل حمد الطيار برفع شكوى ليتم بعد ذلك إعادة اسمه في الطبعات الجديدة من الألبوم. وأيضاً في أغنية "عفناك" بكلمات قديمة طوّرها مبارك الحديبي، ونسب لحنها لطلال مداح، وأصلها لحمدي سعد "مشكور يا اللي بالمحبة" كلمات الممثل السعودي حمد المزيني وقدمها حمدي عام 1969م والذي كان ينوي إعادة غنائها عبر شركة فنون الجزيرة إلا أن المشروع ألغي، ليأخذها الماجد بنفسه ويعيد تقديمها من جديد باسم "عفناك"، إلى جانب أغنية "خلاص من حبكم" التي تم تقديمها في ألبوم "جلسات وناسة الأول" بدون اسم مبدعها الأصلي عبدالله السلوم. راشد الماجد بأغنيته الجديدة "يا شوق" يؤكد أن اقتباساته القديمة للموروث الشعبي لن تنتهي، وهي حالة مؤسفة بلا شك، نتمنى أن يكون لها حل عبر الجهات المعنية بحفظ الموروث وحماية حقوق الملكية الفكرية، والأمل كبير في معالي وزير الثقافة والإعلام د. عواد بن صالح العواد الذي أولى اهتماماً بالغاً في توثيق كافة المراحل الفنية وعودتها لأصلها ومكانها. كما أن رؤية المملكة 2030 التي تسعى لتوطين الصناعات بما فيها الصناعة الفنية تتطلب حماية الحق الإبداعي والقضاء على العشوائية التي تحكم الآن صناعة الأغنية السعودية. الألبوم الأصلي الذي احتوى على لحن أغنية «ليلة»