تعوَّد جمهور الأغنية على عمليات السطو التي يقترفها نجوم الساحة الحاليون على إبداعات نجوم الأغنية الشعبية القدامى, وأصبح مألوفاً أن تظهر أغنية جديدة بلحن مسروق وتحقق نجاحاً كبيراً دون أي ذكر لاسم مبدعها الأصلي, في انتهاك فادح لأخلاقيات الفن ولحقوق المؤلف. ولعل هذا يسري على أغنية "اليوم أبيك" للفنانة دنيا بطمة وكلمات تركي المشيقح وألحان عصام كمال! والتي ظهرت العام الماضي وسجلت نجاحاً لافتاً, رغم أن لحنها مسروق حرفياً من أغنية قديمة للراحل فهد بن سعيد تحمل عنوان "ألف أولف يا حبيبي جوابي" وظهرت في نهاية الستينات الميلادية من قبل تسجيلات عبدالعزيز فون. عندما تستمع لأغنية فهد بن سعيد ثم تستمع للأغنية الجديدة "اليوم أبيك" تنتابك دهشة من جرأة "السرقة" التي لم يعد يراعي فيها الملحن أي اعتبار حتى للجمهور, ربما اعتقاداً منه أن بن سعيد ونجوم الأغنية القدامى أصبحوا نسياً منسياً وأن لا أحد يعرف إنتاجهم وبالتالي ستمر جريمة "الاقتباس!!" دون أن ينتبه لها أحد. إن ما فعله عصام كمال شيء مخجل ومحرج حتى لشركة الإنتاج التي يعمل مسؤولاً فيها, لأن اللحن الجديد الذي يدعي أنه من صياغته إنما هو إعادة حرفية لما رسمه فهد بن سعيد في لحنه القديم. دنيا بطمة لا يمكن تبرير الأمر على أنه توارد خواطر كما يحلو لأنصاف الموهوبين التبرير عندما يضبطون متلبسين بالجرم المشهود!. إنه استمرار للعبث بموروثنا الفني وعدم احترام حقوق المبدعين الأوائل. والسؤال هنا: كيف تجرأ عصام كمال على هذا الفعل ولماذا تكررت مثل هذه الحالات بكثرة في السنوات الأخيرة؟. ولماذا لا نرى من الجهات المسؤولة عن الثقافة والفنون أي بادرة لحماية الموروث ولمعاقبة أي ملحن أو مغنٍ يتجرأ على سرقة إبداع الرواد؟. ثم هل يستطيع عصام كمال وغيره أن "يقتبسوا!" لحن أغنية "الأطلال" أو غيرها من الأعمال المصرية أو اللبنانية ونسبها بأسمائهم؟. إن الملحن الذي يجرؤ على سرقة لحن وينسبه لنفسه إنما يؤكد عجز موهبته وقصورها عن الإتيان بألحان متميزة. وكأنه يقول إنه عديم الموهبة ومحدود الوعي الفني. عصام كمال الذي أصبح مغنياً وملحناً ومشرفاً على برامج موسيقية ومحكماً أيضاً ومتابعاً للحفلات, كنا نتوقع منه أن يكون اسماً مبدعاً نستبشر فيه بصناعة الأغنية الخليجية ذات الحس العالي, لكنه وبكل أسف كشف عن جهل بالموروث السعودي وكان سبباً في تردي الأغنية الحالية. المؤسف أن هؤلاء الذين يعتاشون على إبداعات القدامى لا يترددون عن الحديث باستعلاء واحتقار للأغنية الشعبية, ويعملون على تحجيمها إعلامياً وبقائها خلف الكواليس, رغم أنها المصدر الرئيسي لأعمالهم. وربما كان التهميش مقصوداً لكي يعبثوا بالأغنية الشعبية كيفما أرادوا دون رادع, ودون أن ينتبه لهم أحد, والمتتبع لكثير من نجوم الساحة سيجد أن هذه سمة غالبة لديهم, فهم يحتقرون الفن الشعبي, ويأنفون منه, وفي ذات الوقت "ينهلون" منه الألحان والكلمات, ولعلنا نذكر الفنان راشد الماجد كأبرز مثال على ذلك, حيث استغل الموسيقى الشعبية في معظم أعماله وفي اتجاهات مختلفة منذ البداية, ولم يكتف باستغلال إبداعات الأموات, بل امتد حتى للأحياء مثل عبدالله الصريخ الذي اقتبس! لحن أغنيته "سافر بمان الله" ليغنيه بنفسه في أغنية "يا قلبي" وينسب لحنها لرفيقه أحمد الهرمي. فهل الأمر كان توارد خواطر أم جهل أو سرقة متعمدة؟!. مثل هذه الأفعال ليست جديدة على "المتهورين" العابثين بالتراث السعودي, وهي تقع ضمن مسؤوليات حفظ الحقوق بوزارة الثقافة والإعلام وواجب عليها التدخل سريعاً لحفظ ما تبقى من فلكلورنا وتاريخنا الفني الذي بات يترنح بين تهميش المجتمع وسرقة أنصاف الموهوبين!. فهد بن سعيد