أعلنت المملكة عن "رؤية 2030" التي تهدف إلى تقليص اعتمادها على النفط، وإطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية، وتحقيق التنويع المنشود في اقتصادها الأكبر في المنطقة العربية، ومن محاور هذه "الرؤية" دعم ريادة الأعمال، والتشجيع على الابتكار والتطوير التقني في الشركات الناشئة، إذ تتوقع المملكة لهذا القطاع أن يؤدي دوراً بارزاً في اقتصاد المستقبل. التشتت وعدم التركيز والبطء في التعاطي مع متغيرات السوق أكبر العقبات ومقابل ذلك فهناك الكثير من المشكلات التي تواجه الراغبين في تأسيس شركات "ناشئة".. وفي المقابل أيضاً هناك الكثير من عوامل نجاح أسهمت في نجاح العشرات من الشباب السعودي في اقتناص الفرصة وتحويلها إلى مشروع كبير وصل ل"العالمية"، وأصبح محط أنظار الجميع بمختلف اهتماماتهم. "الرياض" رصدت الكثير من مسببات "الفشل"، و"النجاح" ل"الشركات الناشئة"، عبر استطلاع مختصين اقتصاديين، وناجحين من ملاك الشركات الناشئة، ومؤسسيها، حيث اختلفت الأسباب، والمسببات للنجاح والفشل. وفي هذا الصدد طالب مختصون من الشباب الراغبين في تأسيس الشركات الناشئة على ضرورة تلافي الأخطاء القانونية الشائعة التي يرتكبها بعض المؤسسين للشركات، أو في مراحل عمرها، وهو ما يؤدي إلى انهيارها مبكراً، مشددين على أهمية تجاوز تلك الأخطاء بكل احترافية ليكون مؤسساً ناجحاً. وأكدوا أن هناك محطات لرواد الأعمال تشمل ما قبل الانطلاق، والاستعداد للانطلاق، واقتناص الفرص ومصادرها، واتخاذ القرار، والاستعداد لمحطة الوصول. ثلاث عقبات يرى المهندس حسن عمر الحازمي المدير التنفيذي للعمليات والشريك المؤسس بشركة سلاسة إحدى الشركات الناشئة، أن أكبر ثلاث عقبات تواجه المشروعات الناشئة وتتسبب عادةً في إضعافها وفشلها هي، التشتت، وعدم التركيز، وهو أمر يعاني منه الكثير من روّاد الأعمال وأصحاب المشروعات، حيث إن التركيز على مشروعك الناشئ والعمل على تحسينه، وتطويره يعطيك قدرة أكبر على تحقيق أهداف المشروع. وأكد أن البطء في التعاطي مع متغيرات السوق أحد أبرز الأسباب، حيث تعتبر المشروعات الريادية في منطقة نمو متسارع وتغيير مستمر، يجب على صاحب المشروع السرعة في التعاطي، والمرونة في التغيير بما يضمن استمرار المشروع، مشيراً إلى أن عدم الاهتمام بالجوانب المالية والمحاسبية سبب آخر للفشل، مطالباً بأن يكون أول موظف في مشروعك الناشئ هو المحاسب. وقال عمر الملحم وهو أحد الشباب الذين نجحوا في تأسيس شركة ناشئة تعمل في مجال التطبيقات، إنه في الوقت الحالي في المملكة فإن الشركات الناشئة هي المستهدفة، مشيراً إلى أن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عمل على تهيئة كل السبل للشباب السعودي، والسعوديات في إنشاء المواقع، والتطبيقات التكنولوجية. وأوضح أن هناك الكثير من وسائل الدعم التي وفرت للشباب السعودي الراغبين في إنشاء شركات ناشئة، موضحاً أنه ينبغي على الراغبين في الدخول إلى هذا المجال بالتفكير جيداً، وأن يكون واثقاً من فكرة مشروعه التي يقدمها للمستقبل. وتحدث رئيس مجلس إدارة علامة علي بخاري، وهي إحدى الشركات الناشئة بقوله هناك شركات يتم إنشاؤها بهدف تقديم خدمة لمنتج لا يحتاجها المجتمع، ومن هنا تكون البداية ضعيفة. وأشار إلى أن فكرة بعض المشروعات تكون غير مناسبة، أو أن لا حاجة للمنتج الذي تقدمه بالشكل الذي يناسب المجتمع، إضافة إلى أن عدم امتلاك المبالغ الكافية قد تكون مشكلة ولكنها ليس بالكبيرة، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة، ووجود سعر أفضل في السوق. أخطاء قانونية وقد شدد مختصون على ضرورة تلافي الأخطاء القانونية الشائعة التي يرتكبها بعض المؤسسون للشركات، أو في مراحل عمرها، وهو ما يؤدي إلى انهيارها مبكراً ، مشددين على أهمية تجاوز تلك الأخطاء بكل احترافيه ليكون مؤسساً ناجحاً. وأشاروا إلى أن هناك محطات لرواد الأعمال تشمل ما قبل الانطلاق، والاستعداد للانطلاق، واقتناص الفرص ومصادرها، واتخاذ القرار، والاستعداد لمحطة الوصول. وتحدث المستشار القانوني الدكتور إبراهيم يوسف البيطار عن الأخطاء القانونية الشائعة التي يرتكبها المؤسسون في إنشاء الشركة أو في مراحل عمرها وتؤدي إلى انهيارها، مؤكداً على أهمية تجنب أخطاء ما بعد التأسيس المتمثلة بالتجاوز لسلطة الإدارة أو إساءة استخدام صلاحيات الإدارة أو الخلط بين الصفات كشريك ومدير، كما عرج على أخطاء العقود وصياغتها وعيوب فهم الالتزامات في العقود داعياً الشباب إلى الالتزام بالنظام والاستعانة بمراكز الاستشارات المساندة لهم. وشدد منصور خالد النهدي من قطاع المشروعات ببنك التنمية الاجتماعية على أهمية وضوح الأهداف والرؤية، والمثابرة، والجرأة، والقدرة على التطوير، وتقدير الوقت، مشيراً إلى أن هناك محطات لرواد الأعمال تشمل قبل الانطلاق، والاستعداد للانطلاق، واقتناص الفرص ومصادرها، واتخاذ القرار، والاستعداد لمحطة الوصول. تحدث المدرب المهندس أيمن كابلي الشريك المؤسس في منصة إليفاتور، عن كيفية رفع قيمة انطلاق الأعمال الناشئة، متناولاً تقييم الشركات قبل مرحلة تحقيق الأرباح. وقدم كابلي خمس وسائل للتقييم على مستوى وادي السيلكون، والمستوى العالمي والمحلي في مجال الشركات الناشئة، مبيناً أن صعوبتها تعود إلى عدم وجود ملاءة مالية موثقة، تقيم على أساسها وتعتمد على نقاط غير مالية من خلال تقييم المخاطر ونقاط القوة وحجم فرصة السوق ووضع المنافسين، ووضع قوانين وسياسات الدولة التي أقيم فيها المشروع. وأشار إلى أن المنصة برمجت لتمكين أصحاب الأفكار من التقييم بسهولة، دون الحاجة الاستعانة بالمستشارين وبشكل آلي من خلال تقديم استمارات ومستندات قانونية ووسيلة التقييم. وترى مستشارة قطاع التمويل ببنك التنمية الاجتماعية الدكتورة نور بنت عبدالمحسن العبدالكريم أنه يجب على المتدرب تقديم الأدلة الإرشادية لتطوير الخطاب الأمثل لتسويق المشروعات أو على المستوى الشخصي، لاستخدام هذا الخطاب في مدة زمنية قياسية لجلب انتباه المستثمرين، واستعراض الخبرات والكفاءات في فعاليات التواصل المهني في مجتمعات الأعمال. الغرور.. وغياب المرونة كشفت دراسة أجريت حول أسباب فشل الشركات الناشئة بأن احتمالات نجاح الشركات الناشئة ترتفع كثيراً عندما يدرك مؤسسوها أخطاءهم ويعترفون بها ويعملون على إصلاحها وتفادي الوقوع بها مجدداً. وأرجعت الدراسة أسباب الفشل إلى عناصر عدة أبرزها "الغرور"، حيث يعتقد الشخص أنه يمتلك من العبقرية، والأفكار الجديدة ما يغنيه عن رصد تحركات ومزاج السوق بالمجال الذي يعمل به، ويتسبب ذلك في فشل النشاط، و"قصر النظر"، والاعتماد الزائد على جودة المنتج، و"الأنانيه"، إضافة إلى الإهمال، وعدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية. وأوضحت الدراسة أن غياب المرونة يعد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فشل تلك الشركات، مشيرة إلى أنه يجب أن يعلم مؤسس الشركة منذ البداية أنه قد يضطر في بعض الأحيان إلى اجراء تغيير جذري في خطته، وعندما يتعرض لهذا الموقف فعليه أن يبادر بهذا التغيير ولا يضيع وقته بتأجيله أملاً في أن تتحسن الأمور. فيما ذهبت دراسات أخرى إلى أن هناك أسباباً أخرى قد تؤدي إلى فشل المنشآت الصغيرة، وهي أن توقيت فكرتك غير مناسب، أو أنه ليس هناك حاجة كبيرة لمنتجك، أو عدم امتلاك المال الكافي للاستمرار، إضافة إلى المنافسة الشرسة، ووجود سعر أفضل في السوق، أو أن جودة منتجك ليست بالقدر المتوقع، أو أنك لم توظف الفريق المناسب، ولا تهتم بعملائك بالقدر الكافي، أو لا تمتلك الخبرة الكافية في مجال عملك، وعدم الاهتمام بالمظاهر، والأمور الهامشية. توصية الاقتصاديين وقد أوصى اقتصاديون، وقيادات حكومية بضرورة الاهتمام بتوسع نشر وزيادة الوعي المجتمعي بالاقتصاد المعرفي، وريادة الأعمال، من خلال الدور المجتمعي للجامعات، والمؤسسات المعنية، مشيرين خلال ورشة عمل حضرتها "الرياض"، إلى ضرورة تسخير الأبحاث لدعم التحول للاقتصاد المبني على المعرفة. وقال الدكتور رضوان الودغيري، إن الشركة الناشئة تتطلب نوعاً مختلفاً من الإدارات، والشروط الرئيسة لنجاحها، وعلى رأسها الإبداع، والإدارة الجيدة في النظام الحيوي للشركة، والذي سيكون له دور كبير في استمرارها. وأكد أنه ينبغي على الشركات أن تبتكر نموذج عمل خاصاً بها متوائماً مع منتجها، وأن تعمل على نجاح العمل التجاري الذي يعتمد بشكل أساسي على نموذج الأعمال فهو عملية تفكير متكاملة تحتاج إلى جهد كبير يبدأ من البحث، ويستمر حتى خروج المنتج، وتسويقه، وبيعه، وتطويره أيضاً، مؤكداً على ضرورة تقليص الفجوة بين الباحثين، والسوق. وأشار إلى أن منطق الأبحاث، ومنطق السوق مختلفان، وينبغى أن يتوافقا، ولا تقف المسألة عند نقل التكنولوجيا فقط، وإنما استغلالها، وتحويلها إلى عمل تجاري. ويرى الدكتور نبيل كوشك رئيس كلية الأمير محمد بن سلمان، أن التحول التجاري ضرورة ملحة، ولم يعد اختيارياً حتى يتسنى لنا تحقيق اقتصاد مزدهر، مشيراً إلى أن هذا التحول سيخلق فرصة اقتصادية متمثلة في الشركات الناشئة، والعمل بجهد مستمر على تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل. وفي ذات السياق، أكد الدكتور بكري عساس مدير جامعة أم القرى على أهمية زيادة الوعي حول الاقتصاد المعرفي، والاستثمار في عقول الشباب، مبيناً أن الجامعة عملت في السنوات الماضية على تعريف الناس بالاقتصاد المعرفي، وزيادة الوعي حوله. وقال: "نحن أكبر بلد مصدر للنفط وهذه الثروة الكبيرة يجب أن نستفيد منها وأن نستعد للمستقبل، وأن نعرف أننا في يوم من الأيام سنحتاج إلى العقول المتميزة والابتكارية، وأن نستثمر في عقول شبابنا فنحن مقبلون على دولة فتية". وتحدث المهندس فؤاد موسى من شركة سابك عن تأثير الشركات الناشئة وقدرتها على الإسهام في الناتج المحلي، مطالباً الجامعات الحكومية بضرورة تفعيل الشراكات بينها وبين الجامعات، والوصول بها إلى مستوى أعلى من التعاون والعمل. وشددت المختصة أمل دخان على ضرورة وجود أبحاث، واختراعات في مجالات مختلفة والابتعاد عن تكرار نفس الأفكار في جميع مسرعات الأعمال، مع ضرورة الإسهام بقوة في حل المشكلات الكثيرة التي تواجه السوق مع الربط بين الجامعات، والسوق، وتوفير المرونة لتدريس المواد التي يحتاجها السوق فعلياً. عوامل متعددة أسهمت في نجاح الشباب السعودي في اقتناص الفرص عمر الملحم حسن الحازمي