تفشل المؤسسات لعدة أسباب قد تبدو للوهلة الأولى أنها بديهيات ومعروفة لكثيرين، ولكن متابعة النشوء وتطور المؤسسات الصغيرة الناشئة على مدى من الزمن أظهر وجود أسباب لم تكن في الحسبان، إذ كشفت دراسة عن أسباب فشل المؤسسات الصغيرة في المملكة شملت أكثر من 400 مؤسسة ناشئة وصغيرة ومتوسطة واستمرت لمدة أربع سنوات عن أسباب كثيرة لا تتعلق بالتمويل فقط كما يعتقد كثيرون. وتأتي مشكلات التشغيل وعدم تحقيق مبيعات وعدم التفرغ للعمل على رأس قائمة المشكلات بنسبة 35% ثم تأتي أسباب عدم انضباط العمالة واكتشاف أن تكلفة التشغيل أكثر من المتوقع وخلط بعض ملاك المشروعات الصغيرة بين نفقاته الشخصية ومصروفات تشغيل المشروع، وعدم القدرة على تمويل أنشطتها. يعتقد مؤسسو المنشآت الصغيرة أن عامل النجاح الأول هو التمويل، بينما الواقع يشير إلى الحاجة للمعرفة التجارية، لذلك فإن تأسيس الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة سيحقق الأمل في توحيد جهود دعم المؤسسات الصغيرة في سبيل أن يتحقق لنا اقتصاد حيوي متجدد. الخلط بين النفقات الشخصية ومصروفات التشغيل عائق يوقف تقدمها 76% منها أقفلت أعمالها بعد مرور ثلاث سنوات.. 6% منها حصل على رعاية من الجهات المتخصصة الاعتراف المبكر بالفشل كفيل بحفظ الموارد المالية للمستهلك الفشل: توجد عدة تعريفات لفشل المؤسسات ولعل أفضل تعريف يتناسب مع حال المؤسسات السعودية هو عدم قدرتها على الاستمرار في تسويق وبيع خدماتها ومنتجاتها، وبالتالي عدم القدرة على تغطية تكاليف تشغيلها، واضطرار المؤسس إلى وقف العمل في المشروع. يبدأ مؤسس المشروع الصغير حينما يتأكد أن عوامل النجاح متحققة لديه، وأنه قادر على قيادة مسيرة مشروعة إلى تحقيق الهدف الأساسي من إنشائه، وقد يكون تحقيق دخل مالي جيد، أو استغلال مورد تجاري متوافر لديه، أو استثمار قدراته فيما ينفع نفسه وغيره. ولأن تقدير عوامل النجاح المطلوبة لنجاح المشروع من وجهة نظر مؤسس المشروع عامل أساسي في التخطيط، لذا فإنه في بداية الدراسة سئل المؤسسون عن الخدمات التي يريدون أن يستفيدوا منها عند بداية مشروعاتهم لمساعدتهم على النجاح: - %70 من المؤسسون اعتبروا توفر وسائل تمويل هو سبب مهم للنجاح. ويكاد يكون هذا السبب حديث العامة، ومحور النقاش حول سبل دعم المؤسسات الصغيرة. - %40 قالوا إن مؤسسات التسويق مهمة في تحقيق العائد المالي الذي يحلمون فيه، ومصطلح "التسويق" يستخدم بشكل فضفاض لوصف عمليات الترويج، والدعاية والإعلان، والبيع خارج نطاق مقر المؤسسة. - %55 من المؤسسين قالوا إن توفر العمالة هو شرط أساسي لنجاح مشروعاتهم الناشئة. فشل المؤسسة الناشئة: وقد وجدت الدراسة عددا من المعوقات التي تؤدي إلى فشل المؤسسة الناشئة خلال السنوات الثلاث الأول من تأسيسها وهي كالتالي: * مشكلات التشغيل التي يواجهها صاحب العمل الصغير الناشئ ولا يستطيع إيجاد حلول لها، تؤثر في خدمات مشروعه والمنتجات التي يبيعها، وتتطور هذه المشكلات لتكون عقبات أمام استمرار المشروع ونموه. هذه المشكلات كان بالإمكان إيجاد حلول لها باستشارة خبراء ومتخصصين، ولكن صاحب المشروع الصغير لم تتوافر له القدرة المالية والفنية للعمل على إيجاد الحلول. وتنقسم المشكلات إلى ثلاث أنواع رئيسة: - علمية وتقنية: أبرز أمثلة هذا النوع ما واجهته سيدة أعمال أثناء تصنيع الحلويات، فبعدما تنتهي من عملها وتضعها في مخزن مبرد، لاحظت أن لون بعض القطع يتغير، فتضطر أن تستبعد هذه القطع من البيع، ما رفع من قيمة اسعارها، وزادت المشكلة حينما بيعت بعض هذه القطع بالخطأ وبدأ بعض العملاء يكتشفونها ضمن ما يشترونه، ما أثر في سمعة المحل، واضطرار السيدة إلى إقفال المشروع في سنته الأولى. هذه السيدة كانت تحتاج إلى استشارات في تصنيع الأغذية، وحفظها، ولكن بغياب مثل هذه الخدمات لم تستطع حل مشكلتها. - مشكلات ادارية: مجموعة القرارات التي يتخذها مؤسس المشروع تشكل في مجملها مجموعة القوانين والانظمة الادارية التي تحكم العمل. توثيق هذه القرارات وتحسينها ترفع من كفاءة العمل وقد تعيق سير عمل المشروع الصغير اذا وضعت بشكل غير سليم.، خصوصا أن معظم مؤسسي المشروعات الصغيرة ليس لديهم خبرة إدارية، وغير قادرين على توثيق منهج العمل في المؤسسة وتنقيحه بشكل مستمر يضمن سير العمل بشكل سليم ومنخفض التكلفة. - أحد أبرز العقبات هو عدم القدرة على قياس تكلفة المنتج أو الخدمة وبالتالي تحديد سعرها بناء على تكلفتها. ويعتمد التسعير لدى هؤلاء على تقدير قدرة المستهلك على الدفع، وقد يكون ذلك السعر غير مربح أو أقل من التكلفة، ولا يكتشف المؤسس ذلك الا في وقت متأخر، وحينما يريد تصحيحه تظهر مشكلات تسويقية ومالية غير متوقعه إضافة إلى عدم رضاء المستهلكين. * عدم تحقيق مبيعات: من المدهش أن نرى أن بعض المشروعات الصغيرة الناشئة بالرغم من عدم قدرتها على تحقيق دخل مالي خلال الفترة الأولى من تأسيس المشروع، فإن المؤسس يستمر في التشغيل والاستثمار، من خلال استهلاك رأس المال أو الموارد المالية الشخصية. ويرجع سبب عدم تحقيق المبيعات إلى عدم دراسة السوق بشكل كافٍ، والتعرف إلى القطاع المستهدف قبل البداية في المشروع، وكيفية الاستجابة لمتطلبات واحتياجات العملاء من خلال خدمات ومنتجات مناسبة. * عدم التفرغ للعمل: لعل هذه أحد أبرز العقبات التي تتطلب قرارا حاسما من المستثمر الناشئ، التفرغ للمشروع يعني الاستقالة من العمل الحكومي الذي يحقق له ولأسرته دخلا آمنا مستمرا. معظم من تم سؤالهم يعرفون أن سبب فشل مشروعهم هو عدم القدرة على القيام بأعمال حيوية وأساسية بسبب ارتباطهم بأعمالهم الحكومية. من أمثلة ذلك، كثير من موظفي الحكومة يبدأ مشروعه الصغير مسجلاً باسم أحد أبنائه أو أفراد العائلة، وحالما يكبر المشروع، تتطلب بعض المؤسسات التجارية والمالية والادارات الحكومية التفاعل مع مؤسس المشروع واتخاذا قرارات بشأن أعماله، ولا يستطيع المالك الحقيقي ذلك، ما يؤدي لخسارة فرص تجارية، أو عقود تمويل، وتعاملات تجارية مختلفة.. ويشكل ذلك عقبه مهمة، إذ إن المالك الوهمي ليس على استعداد لتولي مهام ادارة العمل نيابة عن المالك الحقيقي، خصوصا أن هدف وضع الملكية المزدوج من المفترض أن يكون مؤقتا حتى تتأكد جدية المشروع. * عدم انضباط العمالة من المشكلات التي تظهر في المشروعات التقليدية المعتمدة على الايدي العاملة، عدم انضباط حضورهم للعمل أو تنفيذ أوامر مدير المشروع، يؤثر في عمليات الانتاج والمبيعات. يقول أحد المؤسسين، إن طول مدة الإجراءات الحكومية للتخلص من العامل واستقدام عامل بدلا منه، يعد أيضا من العوامل المعيقة لمرونة العمل في المشروع، حيث يعطي ذلك هامشا من شعور بالأمان للعامل وعدم الانصياع لأوامره المتعلقة بالعمل وتنفيذها بحرص، ويمنح العامل القدرة على تحدي المؤسس رغبة في الحصول على مزايا وظيفية أفضل أو الانتقال لمؤسسة منافسة أخرى بناء على معرفة العامل حاجة صاحب العمل له، وصعوبة استبداله، لأسباب ليست متعلقة ببيئة العمل. * تكلفة التشغيل أكثر من المتوقع تظهر كعقبة ليس لها حل أمام بعض المؤسسات الصغيرة. تكلفة التشغيل تؤثر في أسعار المنتجات والخدمات التي يقدمها المشروع، ما يؤثر في القدرة على المنافسة، وجذب العملاء. هذه المشكلة أيضا قصور من المؤسس في عدم دراسة تكاليف تشغيل المشروع قبل تأسيسه، والاعتماد على افتراضات وتقديرات غير دقيقة أو صحيحة، فمثلا، في أحد المشروعات الصغيرة اكتشف مدير المشروع ضرورة ترك أجهزة التبريد عاملة طوال الليل، ما أدى في النهاية إلى تغيير سعة عداد الكهرباء، ما رفع تكلفة التشغيل، لدرجة أن استمرار المشروع لم يكن مجديا اقتصاديا. * خلط بعض ملاك المشروعات الصغيرة بين نفقاته الشخصية ومصروفات تشغيل المشروع، أسواء مظاهر الخلط في النفقات هو استخدام موارد المشروع مثل العمالة، والسيارات، ومستودعات التخزين في تنفيذ أعماله الشخصية، ما يوسع مجال الاستفادة من موارد المشروع خارج نطاق عمله، وعدم القدرة على وضع أرقام محاسبية دقيقة، أضافة إلى إيداع العائد المالي من المؤسسة في حساباته الشخصية، سواء كل العائد وبشكل مستمر أو حسب الحاجة من دون أن يكون هناك توثيق شامل ودقيق للمصروفات. * فشلت بعض المؤسسات بسبب عدم القدرة على تمويل أنشطتها، ولكن كان السبب الحقيقي هو أحد الأسباب أعلاه، وكان الهدف من الحصول على التمويل هو تصحيح خطأ أكثر منه قرارا بني على مرحلة تطور المشروع. المؤسسات التي احتاجت للتمويل بهدف تطوير المشروع اصطدمت ببيروقراطية الحصول على التمويل عند الحاجة، خصوصا أن بعضهم لم يضع احتمال الحاجة للتمويل في خطة عمله، وبالتالي لم تتوافر لديه الوثائق اللازمة. كما أن إجراءات الحصول على القروض أو التمويل لا تتوافق مع قدرات بعض مؤسسي المشروع، أو يضطر للاقتراض بفوائد عالية جدا وباشتراطات تسديد لا تتناسب مع التدفق النقدي من مشروعة. لذلك لم تتجاوز نسبة من حصل على تمويل من مؤسسة مالية على 18% من اجمالي المؤسسات محل الدراسة. من المثير للانتباه هو عدم تطابق احتياجات مؤسسي المشروعات التي عدها المؤسسون عوامل مهمة للنجاح مع أسباب فشلها، كما أن توافر هذه الاحتياجات لم ينعكس على أداء عمل مؤسساتهم، ولم يكن غيابها عاملاً حاسماً في الفشل. قد تكون هذه الخدمات والاحتياجات مهمة، لكنها من دون فائدة في ظل غياب الخبرة المهنية والمعرفة المناسبة، والمتابعة لأعمال المؤسسة اليومية بهدف قيادتها نحو النجاح، في الواقع أن تحقق تمويل للمؤسسة الناشئة قد يكون قاتلا في غياب الخبرة أو الإشراف الإداري والمالي، كما أن الفجوة بين تقدير محددات نجاح المؤسسات الصغيرة، وأسباب فشلها الحقيقية يعكس مدى عدم قدرة المؤسسين على تحديد احتياجاتهم بشكل صحيح، وحاجتهم إلى مساعدة مهنية متخصصة. عدم وجود خبرة ادارية لدى المؤسس أدى الى اتخاذ قرارات زادت من تأثير هذه العقبات على المدى البعيد، أو لم تؤد الى حلها على الأقل ما أدى الى استنزاف موارد المؤسسة في عمليات غير انتاجية. اضافة الى أنه لم يكن لدى المؤسسين القدرة على التعرف الى مسببات هذه العقبات بشكل جيد وفي وقت مبكر، ما أدى الى تعاظم تأثير هذه العقبات. أحد مظاهر الفشل التي لا يكتشفها المؤسس هي استمرار تحقيق مبيعات منخفضة تتساوى أو تقل مع التكاليف لمدة تراوح بين ثلاثة وستة أشهر، أو مدد أطول من الزمن، ولا يستطيع المؤسس معرفة هل هذا مؤشر على عدم قبول السوق لمنتجاته؟، أو أنه قبول بطيء وهادئ ويتطلب استمرار الاستثمار في المشروع، وبالرغم من أن هذا الوضع قد يعد حالة من حالات التوزان المقبول مؤقتا، إلا أن تطور المؤسسات أثبت أن تفسير المؤسسين لم يكن صحيحا وأدى إلى إما إلى استنزاف موارد المؤسسة وموتها، وإما إلى خسارة مبالغ من المال والاضطرار إلى أعادة تمويل المؤسسة أو زيادة رأس المال. متى تفشل المؤسسات الصغيرة؟ من الطبيعي أن تفشل المؤسسة الصغيرة الناشئة، ولكن تكمن الخطورة في عدم القدرة على التعرف إلى أن المشروع في حالة فشل في مراحل مناسبة، وعدم القدرة على التعرف المبكر إلى مظاهر فشل المشروع يؤدي بالمستثمر إلى استمرار استهلاك موارده المالية، في دعم حياة المشروع، بينما كان القرار الصائب هو التوقف المبكر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموارد المالية، وعدم التأثير في المواد الشخصية. وغالبا ما يكون سبب استمرار المشروع التفاؤل بفرصة قادمة، أو بتحسن وضع المؤسسة من دون أن يكون ذلك التفاؤل مرتبطا بحقائق ومعطيات مدروسة أو ظروف سوقية طارئة ستتغير بسرعة حسب معلومات مؤكدة. من ضمن عينة الدراسة 27% من المستثمرين الذين يعدون المشروع محل الدراسة هو مشروعهم الثاني أو الثالث. الملاحظ في هؤلاء أنهم باعوا مشروعاتهم حينما اكتشفوا مظاهر الفشل خلال السنة الأولى، أو استمروا في العمل في مشروعاتهم وتجاوزوا فترة الفشل. وهذا يعكس خبرة في طبيعة السوق المحلي السعودي. %6 من المؤسسات الناشئة قرر مؤسسوها أنها فاشلة، وتوقفوا عن استمرار الاستثمار في سنتها الأولى بالرغم من أن هذا المشروع هو مشروعهم الأول، بينما بلغت هذه النسبة 46% من بعد مرور سنتين على تأسيسها، بينما ما نسبته 24% من المؤسسات فشلت في نهاية سنتها الثالثة، ما يضع إجمالي نسبة فشل المؤسسات الناشئة بعد ثلاث سنوات من تأسيسها الى 76%. السنة الأولى تمضي في التأسيس لأعمال المؤسسة، وبعدم وجود خطط تجارية محكمة مكتوبة، فإن غالب خطط العمل توضع شفهيا أثناء بناء المشروع في سنته الأولى. السنة الثانية هي سنة التفاؤل. حيث يعتقد المؤسس أنه قد انتهى من إجراءات التأسيس وأن البيئة مناسبة لبدء العمل والانتاج وتحقيق النجاح والارباح المتوقعة. السنة الثالثة هي سنة استنزاف الموارد، وهي سنة قاتلة لفرصة المستثمر المحافظة على بقية موارده المالية وأصول المؤسسة الممكن الاستفادة منها للانطلاق من جديد، معظم من فشل في هذه السنة الثالثة انتهى بتراكم ديون مالية، تتطلب بضع سنوات لتسديدها. الملاحظ أن 10% من المؤسسات استمرت تصرف من رأس مال التأسيس بشكل أو بآخر حتى السنة الثالثة من حياتها. وبدراسة وضع هذه المؤسسات اتضح أنها تقع ضمن استراتيجيتين. 35% من المؤسسات التي وصلت لهذه المرحلة وضعت استراتيجية واضحة للمحافظة على رأس المال ضمن خطة مقننة للصرف على مدى حياة المشروع. بقية المؤسسات التي وصلت لهذه المرحلة حافظت على رأس المال بسب تحقق دخول مالية أخرى، مثل تحقق عائد مالي إضافي من مصادر مختلفة عن المشروع، أو دخول شريك ممول. %76من المؤسسات أقفلت أعمالها بعد مرور ثلاث سنوات من بدء الدراسة، ولكن الملاحظ أن المؤسسات التي تجتاز سنواتها الثلاث الأولى تقل نسبة الفشل فيها بشكل كبير، وعند التحدث مع مؤسسي هذه المؤسسات نلاحظ نضج في التفكير وفهم أكثر للعمل التجاري. وغالبا ما يتحدثون عن تجارب ودروس مستفادة. %36 من مؤسسي المؤسسات الفاشلة تراوحت رغباتهم بين عدم الرغبة في بدء عمل تجاري من جديد، بينما قرر 49% منهم البدء بالعمل في مشروع جديد حال الانتهاء من عقبات الفشل الحالي. أما النسبة الباقية 15% قرروا البدء بعمل تجاري فور انتهائهم من تصفية مشروعه الحالي. سياسات الخروج الخيارات المتاحة لمالك المشروع الناشئ لتقليل خسائر مشروعة الفاشل وأقفاله هي محدودة، وغالبا ما لا يضع المؤسس هذه الخيارات في الحسبان في المراحل الأولى من تأسيس المشروع. حينما يفشل للمشروع فان القرارات المتاحة لمؤسس المشروع هي أنهاؤه وتصفيته، أو بيعه، ويعتمد القرار على حجم ونوع الأصول المتوافرة في المشروع، على أن قرار البيع ليس سهلا، إذ يخضع تقييم المشروع لرأي المشتري الشخصي واحتياجه الحقيقي من شراء أصول المشروع، وليس من خلال عمليات مهنية مقدمة من مؤسسات متخصصة تستطيع تقديم تقدير مالي لقيمة الأصول والثمن المناسب للمؤسسة. يوجد سوق صغير غير منظم لبيع وشراء المؤسسات الصغيرة، فبعض المستثمرين يفضل شراء مؤسسة ناشئة بدلا من تأسيس عمل تجاري من جديد، وبالرغم من أن هذا خيار مفتوح، إلا أن المعروض في هذا السوق يتراوح بين مؤسسات فاشلة، ومؤسسات ومشروعات صغيرة طورها مؤسسها بهدف بيعها. الملاحظ أن مؤسسي المشروعات الصغيرة الناشئة لا يرون بيع المؤسسات من الخيارات المفضلة، ويرونها وسيلة لأنهاء العمل التجاري، أكثر من أنها من عوامل النجاح، وهؤلاء غالبا ما يكون لديهم خبرة فنية ومهنية في تنفيذ خدمات المشروع، أكثر من الخبرة في إدارة المشروعات التجارية. من نتائج الدراسة أن مؤسسي المؤسسات الصغيرة لم يضعوا ضمن خططهم الدخول لأسواق خارجية سواء خارج مدنهم، أو خارج المملكة، ولعل عدم القدرة على وضع "نموذج لعمل المؤسسة" يصف بشكل محدد النشاطات التجارية وأسلوب التشغيل يجعل تأسيس فروع أخرى أمرا صعبا، الفرص المتنوعة والكثيرة في الأسواق المحلية قد تكون محفزة لعدم التفكير بالانتقال لأماكن أخرى، ولكن يجب الاهتمام الى قضية قدرة المؤسسات الصغيرة على الانتقال خارج الحدود السعودية، لما لذلك من أهمية لتنويع مداخيل الاقتصاد الوطني. فقط 6% من المؤسسات حصلت على رعاية بشكل ما من جهات متخصصة مثل الغرف التجارية، والحاضنات، ومراكز ريادة الأعمال والجامعات وغيرها، وهذا يوضح بشكل جلي حاجة المؤسسات الصغيرة والناشئة إلى برامج رعاية وخدمات استشارية في بداية حياتها، وفي المساعدة على اتخاذ قرارات في سبيل نموها، وتطوير العمل فيها. قد تكون هذه البرامج متوافرة ولكن لم يستطع هؤلاء المؤسسون الوصول إليها، أو أنها غير موجودة ما يترتب عليه الحاجة إلى تأسيس البرامج. * عضو مجلس الشورى