شكّلت الثورة الإيرانية -التي بدأت عام 1979- امتداداً لمشروع إمبراطوري مُنظم وضخم، تُرجم على هيئة أحزاب ومليشيات مُنظمة في مختلف الدول العربية. ورغم قدرة الثورة على إسقاط حكم الشاه، إلا أن الشعب الإيراني سقط في قبضة حكم ديكتاتوري محض يرأسهُ المرشد الأعلى للثورة المدعو روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني، الذي ألبسها لباس الدين ليحقق من خلالها سياسته التوسعية التي جعلت من العنف والإرهاب شعاراً لها، لتصدير ثورته إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي. تدخلات إيران في مصر في عام 1978 قرر الخميني قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر رداً على توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد ضمن قرار شمل قطع العلاقات مع الأردن والمغرب وتعمقت الخلافات بين البلدين إثر قرار الرئيس الراحل أنور السادات في فبراير 1980 استضافة شاه إيران محمد رضا بهلوي. وفي 1987 قررت مصر اعتبار رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانيةبالقاهرة محمود مهتدي شخصاً غير مرغوب فيه، وسط اتهامات له بالقيام بمراقبة حركة الناقلات في قناة السويس المتجهة إلى العراق. وفي عام 1989، بدأ أول اتصال بين مصر وإيران على المستوى الدبلوماسي في جنيف ودمشق، بشأن الإفراج عن 100 محتجز مصري في إيران وتولي السفير منير زهران الاتصالات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي. وفي أبريل 1991، أفرجت مصر عن الأرصدة الإيرانية في البنوك وتفعيل نشاطات بنك مصر إيران وشركة المنسوجات بالسويس والاستثمارات في بعض الفنادق بالقاهرة. في عام 1992، أكد الرئيس حسني مبارك أن هناك لغتين في إيران حيث يتحدث البعض بهذه اللغة اليوم ثم نفاجأ بلغة أخرى في اليوم التالي. وفي يونيو 1996، فشلت محاولة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد تراجع ولاياتي وإعلانه قصر الاتصالات على فتح مكتب ثقافي إيراني في مصر وليس سفارة، وتزامن ذلك مع تضامن عربي مع البحرين في مواجهة أعمال شغب وُجهت اتهامات لإيران بالوقوف وراءها. وفي مايو 2000، اقتحمت مجموعة من العناصر المحسوبة على التيار المتشدد مقر جمعية الصداقة الإيرانية - المصرية في طهران، ويرفض رئيس مجلس الشورى ناطق نوري تحسين العلاقات مع مصر. وترى الكاتبة المصرية سحر الجعارة أن العداء لإيران متعلق بالأمن القومي المصري الذي عبثت به إيران وتلاعبت بقواعده خلال ثورة 25 يناير، وطبقاً لما ذكره المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، خلال مقدمة النطق بالحكم في قضية التخابر مع جهات أجنبية، فإن المتهمين تخابروا مع من يعملون لمصلحة التنظيم الدولي للإخوان وجناحه العسكري لتنفيذ أعمال إرهابية داخل مصر، واتفقوا على تنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد وضد ممتلكاتها ومؤسساتها وموظفيها ومواطنيها بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية، وصولاً لاستيلاء جماعة الإخوان المسلمين على الحكم. ويقول المستشار شعبان الشامي: سلموا عناصر الحرس الثوري الإيراني العديد من تلك التقارير السرية الواردة من هيئة الأمن القومي بشأن المعلومات السرية الخاصة بنتائج نشاط عناصر إيرانية تهدف إلى زعزعة الأمن واستقراره، وأفشوا إليها سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد. وحسب الكاتبة سحر، فقد أصاب مصر الجزء الأكبر من أذى الطاووس الفارسى، وكان خيرت الشاطر يحلم بتأسيس حرس ثوري للجماعة المحظورة، وأمر المعزول محمد مرسي بدخول 200 ألف سائح إيراني إلى مصر، بزعم تنشيط السياحة، فرفضت المخابرات الحربية ذلك. وبحسب على رضا جعفر زاده، معاون المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض، فإن تصدير التطرف والإرهاب للنظام الإيراني هو أخطر من مساعيه للحصول على القنبلة النووية. السيطرة على العراق وفي العراق، شكلت إيران فاعلاً رئيسيًّا على مختلف الأصعدة، ورمت بثقلها للمحافظة على هذا الدور وتعزيزه باستمرار، لإدراكها أهمية العراق الاستراتيجية، وكونه بمثابة بوابة مهمة للدخول إلى المنطقة العربية، ومن خلاله يتحقق التواصل الملائم لإيران مع حلفائها في باقي دول المنطقة. هذا الدور ذو الأبعاد السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والعقائدية، ما كان ليصل إلى ما هو عليه لولا الأزمات التي يمر بها العراق؛ إذ أُتيحت الفرصة الأولى لإيران لمد نفوذها في العراق بعد إبريل 2003، وجاءت الفرصة الثانية في ظل الأزمة الأمنية التي يشهدها العراق منذ مطلع 2014، وتفجرت في 10 يونيو من العام ذاته بعد استيلاء تنظيم داعش على عدد من المحافظاتالعراقية. ومر الدور الإيراني بمرحلة جديدة حينما أخذ شكلا أمنيًّا حاسمًا في الحرب ضد تنظيم داعش في العراق من خلال وجود ضباط وخبراء وقوات إيرانية بشكل مباشر في الساحة العراقية، وبيع الأسلحة والمعدات العسكرية وتقديم المعلومات الاستخبارية للقوات العراقية، وتعيين قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني مستشاراً عسكرياً للحكومة العراقية. واستغلت إيران علاقاتها طويلة المدى مع سياسيين عراقيين رئيسيين وأحزاب وجماعات مسلحة عراقية، وكذلك قوتها الناعمة المتمثلة في المجالات الاقتصادية والدينية والإعلامية لتوسيع نفوذها وبالتالي ترسيخ مكانتها كوسيط القوة الخارجي الرئيسي في العراق. وهناك عدة دوافع أدت بإيران إلى الدخول كأحد الأطراف الأساسية في تطورات الساحة العراقية ومنها، البحث عن متنفس إقليمي، والبعد العقائدي المذهبي، وتوظيف الحرب على الإرهاب، واتخاذ العراق منصة انطلاق استراتيجي للإقليم. وعمدت إيران منذ عام 2003 إلى التوغل داخل المجتمع العراقي كهدف يجعل تدخلها في شؤونه السياسية أمراً تلقائياً من دون أن تواجه تهمة التدخل في شؤون بلد ذي سيادة، ثم بعد ذلك باتت تتذرع بأن كل ما تفعله في العراق هو بطلب من حكومته، لتتمكن عبر هذه السياسة من جعل العراق بحكوماته المتعاقبة منصاعاً لتوجهاتها. طهران سعت للتواجد في تونسوالجزائر.. وحاصرت المغرب إيران وسورية قدمت إيران دعماً كبيراً للحكومة السورية في الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك الدعم اللوجستي والتقني والمالي وتدريب الجيش السوري وإرسال بعض القوات المقاتلة الإيرانية لسورية. وتعتبر إيران بقاء النظام السوري ضماناً لمصالحها الإقليمية، حيث أعلن المرشد الأعلى للثورة الايرانية، علي خامنئي في سبتمبر 2011 حكماً بالجهاد لصالح النظام السوري. وأثناء مرحلة الانتفاضة الشعبية في الحرب الأهلية السورية، قالت إيران بأنها ستدعم نظام الأسد تقنياً مما أنتجته بعد العقوبات المفروضة على إيران بعد احتجاجات الانتخابات الإيرانية 2009–2010. وبعد أن تحولت الأمور من الانتفاضة إلى حرب أهلية، كانت هناك تقارير متزايدة من الدعم العسكري الإيراني، والتدريب الإيراني لقوات الدفاع الوطني في كل من سورية وإيران. كما قدمت أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية المشورة والمساعدة العسكرية لسورية من أجل الحفاظ على بشار الأسد في السلطة. وفي ديسمبر 2013 كان يقدر عدد المقاتلين الإيرانين في سورية بما يقارب 10 آلاف مقاتل. في عام 2014، وبالتزامن مع مؤتمر جنيف 2 للسلام في الشرق الأوسط، كثفت إيران من دعمها للأسد، وأعلن وزير الاقتصاد السوري أن النظام الإيراني ساعد النظام السوري بأكثر من 15 مليار دولار. المغرب العربي وتسعى حكومة الملالي لمحاصرة المغرب والتدخل في شؤونه الداخلية بعد تواجدها بقوة في تونسوالجزائر، حسب ما أكدته صفحة شؤون إيرانية على موقع تويتر في فترة سابقة. وقررت الرباط في 25 فبراير 2009، قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران وطرد السفير الإيراني على خلفية تصريحات رسمية إيرانية ومعاملة غير ودية مع البعثة الدبلوماسية المغربية في طهران، بسبب دعم ومساندة المغرب للبحرين خلال التوتر بين المنامةوطهران. وذكرت الصفحة في تغريدة على تويتر: تسعى إيران للتواجد بقوة في تونسوالجزائر وتسعى لمحاصرة المغرب والتدخل في شأنه الداخلي ومن ذلك تصريحات لمسؤولين إيرانيين حول الصحراء المغربية. وكانت طهران قد وقعت اتفاقاً مع الحكومة التونسية للسماح لسائحي إيران بزيارة تونس الأمر الذي أدى إلى هجوم على الحكومة ورفض من أوساط شعبية. كما وقعت الجزائر مع إيران عدة اتفاقات اقتصادية، واتخذت الجزائر موقفاً معارضاً لمواقف عربية من التدخلات الإيرانية في شؤون الإقليم. التدخل في الجزائر من جهة أخرى، عملت إيران بجهد مضاعف على توطيد أقدامها في الجزائر، الا أن هذه العلاقة الجيدة لم تستمر طويلاً حيث اتهمت الحكومة الجزائرية، في عهد رئيس الوزراء رضا مالك، إيران بدعمها السياسي والإعلامي ل"الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، ما قاد الجزائر إلى اتهام طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وبالتالي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في مارس 1993. وتجاهل وزير الخارجية الإيراني في جولته في المنطقة المغاربية زيارة المملكة المغربية، ما يؤكد أن طهران، تتجه إلى تعزيز علاقاتها بالجزائروتونس دون الرباط، بينما تزداد الهوة بين الأخيرة وإيران على خلفية التوتر الذي ظهرت بوادره أخيرا على خلفية تأييد طهران، موقف الأخيرة الداعم لجبهة البوليساريو. مركز ثقافي في الخرطوم وفي الخرطوم يوجد مركز ثقافي إيراني يضج بالحياة على مدار الأسبوع، وفي أيام محددة يفتح أبوابه أمام الجمهور للمشاركة في أنشطة ثقافية، يتحول معها المكان وكأنه شارع الإمام علي الرضا بمدينة مشهد الإيرانية. ولم يسأل أحد عن سبب تحول العمامة السودانية من اللون الأبيض إلى الأسود على رؤوس كثير من السودانيين خلال السنوات الماضية. صراع الطوائف وخلال سنوات صمت شعبي ورسمي عن النشاط الثقافي الإيراني في السودان، بدأ الحديث عن التشيع وسط السودانيين المعروفين تاريخياً بأنهم من السنة. وحسب تقرير لقناة SKY NEWS عربية بثته عام 2014، كانت حادثة أول ظهور جماعي للشيعة السودانيين عام 2009 في إحدى مناطق الخرطوم في ذكرى مولد الإمام المهدي. ورغم ذلك التاريخ، إلا أنه من الصعب تحديد عدد الشيعة في السودان لكن يبدو أن أعدادهم في تزايد مستمر. طرد الملحق الثقافي بعد اكتشاف اهداف المركز، استدعت الحكومة الملحق الثقافي الإيراني وأبلغته بقرار إغلاق المركز في الخرطوم وأمهل طاقمه 72 ساعة لمغادرة البلاد. ومن عدد ساعات المهلة الممنوحة يمكن قراءة مدى سوء النشاط الذي كان يمارسه المركز الذي اكتشفت السلطات أخيراً أنه تجاوز حدود الثقافة والفن إلى التبشير بمذهب يتعارض وانتماء أهل البلد وربما يمثل آخر مسمار يمكن أن يدق في نعش الدولة السودانية ونسيج شعبها الذي يعاني أصلاً من تناقضات كثيرة. ويعد هذا القرار ضمن معطيات جديدة توحي بتغير في العلاقة مع إيران بدرجة تمكن ذات المفاوض السوداني من اكتشاف حجم الخسائر التي خلفها التقارب ومنها زرع بذور صراع طائفي محتمل. علاقة وثيقة جمعت إخوان مصر بإيران