عاشت الأسر السعودية ليلة تاريخية بعد صدور الأمر السامي الكريم باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء. هذا الأمر القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة يعتبر قراراً شجاعاً وحكيماً، أتى ليؤكد قيمة ودور المرأة السعودية كونها عنصراً فاعلاً في المجتمع، ذلك في ظل مسيرة الإصلاح والتنمية التي تعيشها وتشهدها المملكة في مختلف الأصعدة، ويؤكد أن عجلة التقدم السعودي مستمرة. لقد جاء القرار إيماناً من القيادة الحكيمة بأهمية تفعيل دور المرأة السعودية وانخراطها في أمور الحياة العامة كونها نصف المجتمع، كذلك إدراكاً لوعي أبناء وطننا الغالي وقدرتهم على تحمل مسؤولية مشاركة المرأة في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أن القرار الملكي يؤكد أيضاً أن المجتمع السعودي بات قادرًا على مناقشة حقوقه ومؤهلاً لتقبل خطوات التنمية. وأجزم أن هذا القرار سيكون له انعكاسات إيجابية على مستوى الأمن المجتمعي للأسرة السعودية، إضافة إلى آثاره وتبعاته الاقتصادية في توفير نفقات السائقين الأجانب. لقد رحبت هيئة كبار العلماء بهذا القرار وأكدت على حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتوخيه حفظه الله لمصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة الإسلامية. هذا الترحيب من قبل هيئة كبار العلماء بالأمر السامي يزيل الصبغة الدينية عن مسألة قيادة المرأة للسيارة، وهو ما قد سبق وأكده سمو ولي العهد من أنها ليست قضية دينية، وإنما هي مسألة لها علاقة بمدى رغبة المجتمع السعودي. لقد جاء هذا القرار ضمن عملية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، كذلك توجيهاته أيده الله بإعادة النظر في بعض القيود الاجتماعية التي طالما حرمت المرأة من ممارسة حقوقها الشرعية، مما يمكن المرأة من المشاركة الفاعلة في المجتمع ويمكنها من القيام بدور أكبر في الاقتصاد السعودي وسوق العمل والاستفادة بشكل أكبر من الفرص المتزايدة التي تنتج عن مبادرات التحديث والإصلاح التي تشهدها المملكة. وبالتالي فإن ذلك يمنح الأسر السعودية مزيداً من القوة الاقتصادية ويعالج الكثير من المشكلات الاجتماعية، كما يساعد هذه الأسر في قضاء احتياجاتها العملية والعائلية. وجدير بالذكر أن نطرح بعض فوائد قيادة المرأة للسيارة، والتي من أهمها: الحد من استقدام السائقين الوافدين، وتوفير عوائد مرتباتهم، والحماية من الوقوع في المشكلات العديدة إثر التعامل معهم، كذلك الحد من جرائم التحرش والاختطاف التي يستغلها بعض الغرباء والمجرمين نتيجة لذلك، أيضاً حماية الأطفال وطلبة المدارس من السائقين المتهورين الذين يقودون بطريقة خطرة وغير آمنة، ولا يبالون بحياة من هم معهم. كما أن من فوائد قيادة المرأة للسيارة، مواجهة الطوارئ التي تستدعي التدخل السريع، مثل حالات المرض الفجائي لأحد أفراد الأسرة أو حدوث مكروه لهم بما لا ينتظر وصول الإسعاف. كما يعد هذا القرار مساندة للزوج والأب والابن للتخفيف عن كاهلهم بعض الآثار المترتبة على التزاماتهم اليومية بتوصيل ذويهم وعدم المقدرة على المواكبة بين مواعيد عملهم وتلك الالتزامات التي تؤثر على واجباتهم الوظيفية، كما أن قيادة المرأة للسيارة تعطي المجال لتوطيد العلاقة التشاركية عندما تصحب الأم أبناءها في وجهاتهم اليومية المختلفة. كما أن من فوائد قيادة المرأة للسيارة، مساعدة ولي الأمر المسن ومساعدة محدودي الدخل والحد من الاختناق المروري وأزمات السير والمخالفات المرورية، حيث إن النساء أكثر انضباطاً في القيادة وأحرص على تطبيق تعليمات المرور، كما أشارت لذلك العديد من تقارير المرور في بعض الدول العربية. إن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة يعبر عن الرغبة الصادقة من لدن ولاة الأمر في إتاحة الفرصة للمرأة السعودية للمشاركة الفاعلة في المجتمع وتمكينها من القيام بمسؤولياتها الاجتماعية، كما أنه صورة من صور التغيير الإيجابي التي يشهدها هذا العصر الزاهر، عصر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله.