عندما بدأت قناة الجزيرة بثها استخدمت أسلوب الخداع بجذب المشاهد بخطاب يتجه نحو عواطف المشاهد العربي المحبط الذي توقظه الشعارات والخطابات الحماسية فيتعلق بها متفائلا بواقع جديد ليكتشف بعد حين أنه تعرض للخداع. يكتشف أن هذه القناة ذات أجندات خفية. يكتشف أنها تفتح المجال للجماعات المتطرفة لبث فكر لا ينتج عنه غير الإرهاب. يكتشف المشاهد العربي أن هذه القناة اختراع يمثل قمة التناقض، تزعم أنها نصيرة الشعوب والديموقراطية وحقوق الإنسان فينطبق عليها مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه). قناة الجزيرة تجربة خادعة وحالة فريدة في تاريخ الإعلام، حالة تعبر عن التناقض. قصة جذبت البعض للقراءة ثم عبر فصولها انكشف أن القصة مزيفة وخادعة وكاذبة. اتضح لمن تابعها أن هذه القناة ليست قناة إعلامية تبحث عن الحقيقة، وتحترف المصداقية، وتحترم عقول المشاهدين. أبدا، اتضح أنها أداة توتير وتحريض. ومثل هذه الأهداف لا تتحقق إلا بالكذب المزين بالتقنية الإعلامية المتطورة. نعم، هذه القناة ليست قناة إعلامية بل حزب سياسي يسعى إلى أهداف مجهولة، لكنها خطرة على أمن الوطن العربي. وهذا ما حصل فعلا حين مارست التحريض والتأجيج وخداع الشعوب العربية بشعارات مثالية لا تنتمي إليها القناة نفسها! اتضح لمن تابع هذه القناة أنها ليست قناة إعلامية تبحث عن الحقيقة، وتحترف المصداقية، وتحترم عقول المشاهدين، اتضح أنها أداة توتير وتحريض.. ومثل هذه الأهداف لا تتحقق إلا بالكذب المزين بالتقنية الإعلامية المتطورة.. تلك الشعوب التي تنشد الأمن والتنمية وفرص العمل والحياة الكريمة لن تجدها في قناة تستضيف التطرف وتحرض على الفوضى وتخدع الشعوب وتتلاعب بعواطفه فتحرر له فلسطين، وتحقق له الحرية والديموقراطية بمواد إعلامية لا تحقق أحلام الشعوب وطموحاتها بل تخدم أهدافا أخرى لا يعلمها إلا الله. انتهى الخداع، أدرك المشاهد العربي وغير العربي، وأدرك السياسيون في كل مكان أن هذه القناة ليست وسيلة إعلامية بل منظمة سياسية بثوب إعلامي خادع. انكشف هذا الخداع وظهر التناقض والتحريض والتدليس عبر أحداث عربية ودولية كانت فيها هذه القناة لا تنشد الحقيقة بل تتدخل لتنتصر لفريق على لآخر. هذا هو نهجها منذ نشأتها وقد استطاعت في البداية خداع الكثيرين من المشاهدين بما فيهم السياسيون، أما الآن فقد توقف قارئ القصة عن القراءة وقرر عدم إكمال فصولها لأنه اكتشف الخداع وأدرك أنها قمة التناقض وأن الشعار المناسب لها هو (أن تحرض أكثر، وأن تخدع أكثر، وأن تكذب أكثر، وأن تتناقض أكثر).. هي تحرض على إثارة القلاقل حتى داخل الدول العربية التي تدعي أنها تناضل من أجل أمنها واستقرارها. هي تخادع حين تطلق تسمية (الناشطين) على الإرهابيين. هي تكذب حين تقول إنها تحترم الرأي الآخر وهي ذات توجهات مبرمجة على مواقف عدائية وتوجهات مشبوهة ليس لها علاقة بتوحيد الصف العربي، وهي تكذب حين تضع نفسها في خط الدفاع عن الإسلام حين تقوم في الواقع بعكس ذلك. هي تتناقض حين تزعم أنها تنتصر لفلسطين، وحين تتبدل مواقفها تجاه نفس الأحداث في تناقض يفضح شعارات المصداقية والمهنية. انتهى الخداع وانكشف شعار الرأي والرأي الآخر. قلت في مقال كتبته عام 1434 إن هذه القناة لا تلتزم بذلك الشعار، ولكنها قد تفعل ذلك بطريقة خادعة، ولكن هذا الخداع لا يطول حيث تقع أحداث تكشف ازدواجيتها وزيف مصداقيتها. وأشرت في ذلك المقال إلى أن قناة الجزيرة هي تقليد واستنساخ لقنوات أجنبية في أميركا وأوروبا سبقتنا في هذا المجال، وأن الجزيرة تتميز عن تك القنوات بأنها ذات معايير مزدوجة وتقع في تناقضات واضحة تغطيها بشيء من الجرأة والإثارة التي تشد المشاهد وتدهشه بسبب أن هذا المشاهد تعود على الأساليب الإعلامية العربية التقليدية. هذه الإضافة سميتها (البهارات) وقد أبهرت المشاهد (متذوق الطعام) حينذاك وجعلته يتردد على هذا المطبخ ويطلب المزيد من الطعام، ثم اكتشف متأخرا أن وزنه زاد بسبب خلط الأطعمة وأثر ذلك على تركيزه العقلي وتفكيره وأصيب بالكسل الذهني. هذا الكسل الذهني جعل المشاهد لا يفرق بين الرأي والخبر وصارت القناة تستغل هذا التشويش لتصيغ الأخبار بطريقة تحريضية لخدمة أهداف غريبة غامضة لا علاقة لها بشعاراتها الخادعة. تنتقل من بلد الى آخر لا بحثا عن الحقيقة ولكن للتحيز والدفع نحو الفوضى. تلاحق الأحداث لا من أجل عمل إعلامي مهني موضوعي وإنما من أجل صب الزيت على النار. الشعوب العربية التي أصيبت بمرض الإحباط بسبب شعارات الثوار الخادعة، شعارات تستخدم الدين تارة، وتستخدم الخطاب الصوتي بشعار محاربة الامبريالية والرجعية وتحرير فلسطين، هذه الشعوب التي تبحث عن التنمية ما إن انتهت من خطاب الثوار الخادع حتى اختطفته قناة تلفزيونية تمارس الصراخ والتضليل وتزييف الحقائق ورفع شعارات لا جديد فيها إلا تغيير طريقة الخداع وأساليب الكذب. هذه القناة منذ نشأتها وهي تمارس الخداع، لكن المشاهد وبعد تجربة طويلة مع هذه القناة اكتشف منذ سنوات أنها خادعة ومتناقضة ولا تبحث عن الحقيقة بل تزيفها. آخر حلقات مسلسل الكذب تزويرها خطاب الرئيس الأميركي ترمب الذي وجّه فيه الاتهام مباشرة إلى قطر بتمويل الإرهاب. خطاب مباشر بمنتهى الوضوح تم بثه على القنوات العالمية دون تغيير، ثم تأتي قناة الجزيرة فتحرف الخطاب بقصد التضليل وهي عادة درجت عليها انطلاقا من المبادئ التي تشكل ثقافتها وهي الخداع والكذب والتحريض على الأصدقاء قبل الأعداء، والتحريف، والصراخ وبث الفتن ونشر الفوضى. قناة الجزيرة تاريخ من الخداع والتناقضات والتدليس، ودور مشبوه يسوق ويصفق للتطرف ويطلق لقب نشطاء على الإرهابيين.. إنه الخداع الذي انتهت صلاحيته مهما علا الصراخ، ومهما كانت الشعارات. انتهى الخداع.