عبدالإله بن فهد السناني* تسجل البدايات الأولى لنشأة المسرح في حضارة الإغريق والرومان، فقد كان هو الوسيلة الوحيدة للتعبير الفني امتداداً للنشاط في حلبات المصارعة والسباقات، واستمر أبو الفنون في قدرته على المواءمة بين عناصر فنية متعددة منذ ذلك الزمن البعيد إلى يومنا الحاضر. وفي تاريخنا الإسلامي شهد هذا النوع من الفنون بداياته في حقبة الخلافة العباسية، وعُرف حينها بفن خيال الظل، لتتطور بعدها فنون شتى بدأت بشكل بدائي في شوارع بغداد، مثل حلقات القصاصين، وقد اتصف الفن الروائي وقتها كونه ارتجالياً تماشياً مع النمط الأدبي السائد وفيه الشعر شأن أصيل. اليوم، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من الإثراء الثقافي ضمن أهداف رؤية المملكة 2030، فإننا نشهد ولادة مختلفة للمسرح السعودي تنطلق استناداً على حراكه المعاصر في بلادنا، لينطلق بثقة، وطموحات مستنيرة تسعى لترسيخ ثقافة المسرح كما ترتئي له طموحات الشباب وعزيمة الرواد. لقد انطلقنا في مسرح التلفزيون لنواكب رؤية وثّابة نحو التغيير والتجديد واضعين نصب أعيننا بأن نكون حاضنين للإبداع، صنّاعا للفن المسرحي القادر على إيصال رسالة مجتمع الثراء الحضاري السعودي للذات والآخر، متفقين على أن المسرح هو عنصر رئيس للتواصل بين الناس، ورافد اقتصادي فاعل يرتكز على توظيف القدرات الذاتية بالإضافة إلى تأسيس شراكات مع القطاع الخاص المتخصص، وإتاحة تسويق وترويج منتجات مسرح التلفزيون السعودي تحقيقاً لنماء هذا القطاع الحيوي بما فيه من دعم للمواهب الشابة تأسيساً لحاضنة مهنية للقدرات الطموحة الجادة مطعمة بالخبرات الوطنية المتراكمة التي أثبتت قدراتها الإبداعية خلال العقود الماضية. وحيث إننا في إدارة مسرح التلفزيون نصبو إلى إحياء التراث المسرحي السعودي وتوثيق حراكه، وحفظ العروض المسرحية، فقد وضعنا نصب أعيننا أن يتم تجهيز مسرح التلفزيون بالكامل لاستقطاب العروض المسرحية، وعروض الأوبرا الموسيقية، لاسيما وأنه قد تم تأسيس الفرقة الوطنية السعودية للموسيقى والذي من شأنه تطوير الموسيقى المحلية عبر تواصلها مع الفرق العربية والعالمية والعمل على عقد الشراكات والاتفاقات الثنائية التي هي في مراحل متقدمة من الإعداد ترقباً لإنجازها. إن برامج أعمال مسرح التلفزيون السعودي لن تتوقف على إعادة نشاط مسرح وطني كان له دور ريادي مستنير حيث احتضن منذ ثلاثة عقود نخبة من الفنانيين السعوديين الشباب الذين حققوا النجومية والانتشار في السعودية وخارجها، بل إن أولوياته أن ينجز المشروعات التي خطط لها بشكل إستراتيجي، وأن يحقق طموح الريادة الفنية والثقافية والمساهمة الفاعلة في بناء مجتمع حيوي قادر على التجديد والابتكار، وأن يكون مسرح التلفزيون حياً وحاضراً بفعالية في مشهد حياة المجتمع السعودي ينثر عبق وثراء حضارته الغائرة في عمق تأريخ الوجود الإنساني. استناداً على ما تقدم، فإننا نعلن بأن مشروعات تطوير مسرح التلفزيون السعودي، تأتي امتداداً لعطاءات أنتجت أجيالاً يكمن في وجدانها قيمة الثقافة وجمال الحياة وفيها الفنون ترتقي بالذائقة. كما وأن إستراتيجية التطوير هذه تقوم على عناصر فاعلة في صناعة الثقافة المسرحية وهي على سبيل المثال لا الحصر: مسرح التلفزيون سينما التلفزيون الوطنية أروكسترا موسيقية الأفلام الوثائيقة شباب شباب المختبر المسرحي المسرح الأصيل في مدرستي مسرح العروض الحية ليالي تلفزيونية مهرجانات تلفزيونية ومهرجانات فلكلورية. *المشرف العام على مسرح التلفزيون