استبشر المهتمين بالبيئة من مختصين وباحثين وناشطين خيرا بعد قرار منع بيع الحطب والفحم المحلي نهائيا من خلال إيقاف أنشطة الاحتطاب بأشكالها كافة لضرره بالبيئة المتمثل بانخفاض الغطاء النباتي واختلال التوازن البيئي، وما قد يؤثر على الثروة الحيوانية من جهة المراعي وقلة المساحات الخضراء. كما يعرض المواطنين لمخاطر التلوث البيئي، حيث يأتي الاحتطاب في المرتبة الثانية ضمن أسباب اختفاء الغطاء النباتي بالمنطقة وزيادة وتيرة التصحر خصوصا عند قطع الأشجار والشجيرات خاصة الوقودية (الحطبية) المعروفة مثل (السمر Acacia tortlis ، القرض ssp indica Acacia nilotca ، القرض Acacia etbica ، الطلح gerrardii Acacia ، الغضا Haloxylon persicum ، الأرطى comosum Calligonum ) حيث تعاني من تدهور واضح في السنوات الماضية بسبب الاحتطاب الجائر والممارسات التي يقوم بها الحطابون على مدار العام والإضرار بالبيئة من أجل المتاجرة في جذوع وفروع الأشجار بعد تجفيفها وتحويلها إلى حطب. ويلجأ الحطابون إلى استخدام عدد من الأساليب والطرق المشروعة وغير المشروعة أثناء عملية الاحتطاب بغية الحصول على أكبر قدر ممكن من الحطب دون وعي وإدراك منهم بخطورة ما يقومون به، وبصرف النظر عن الأضرار البيئية التي ستلحق ببلدهم. ورغم الجهود التي تبذلها وزارة البيئة ممثلة في إدارة المراعي والغابات للحد من تدهور مناطق الرعي والغابات في المملكة إلا أن ظاهرة الاحتطاب الجائر بلغت مرحلة مقلقة ومخيفة في التعدي على البيئة، حيث لم تستطع السيطرة على الممارسات التي يقوم بها الحطابون رغم فرضها الغرامات على من يقوم بالاحتطاب وقطع الأشجار. ولم يكن هناك حلول فعالة للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد البيئة وتضرر منها الجميع فزادت عملية الاحتطاب الجائر على الأشجار والشجيرات المعمرة التي يصعب تعويضها خلال فترة قصيرة . ومن هذا المنبر أطالب بحماية ماتبقى من الأنواع الشجرية الوقودية المعروفة والرقابة الصارمة وتشديد العقوبات على المخالفين من الجهات المختصة، والبدء بتنفيذ زراعة الأشجار سريعة النمو المنتجة لحطب الوقود ( مزارع الحطب ) وتوفير البديل المناسب من الحطب المستورد ذي الجودة العالية لفترة وجيزة وهو حل مؤقت حتى تبدأ إنتاجية مزارع الحطب (استيراد الحطب لمدة طويلة دون استزراع لحطب الوقود الذي يدق ناقوس الخطر في انقراض الثروة الزراعية على المدى البعيد لدى الدول المصدرة للحطب ويسبب في تدهور الغابات ونقص المساحات الخضراء وهذا يؤثر على التنوع الحيوي لدى هذه الدول ويؤدي إلى تغير في المناخ العالمي وجغرافية الأرض. مزارع الحطب .. تقوم مزارع الحطب على فكرة استغلال الأراضي المهيأة وغير المستثمرة وزراعتها بأنواع سريعة النمو وذات صفات وقودية جيدة بهدف الحصول على كمية كافية للاستهلاك المجتمعي في أقصر مدة. ومن الممكن تنمية هذه الفكرة وتنفيذها على أرض الواقع في عدة أماكن: 1- أماكن تصريف مياه الصرف الصحي المعالجة ومياه والسيول والأمطار. 2- على الطرقات السريعة والصناعية والأماكن المحمية داخل الأسياج مع عمل طريقة مناسبة لحصاد مياه الأمطار لريها 3- في الحدائق والميادين والمتنزهات العامة 4- عن طريق استغلال المساحات غير الصالحة لزراعة محاصيل في المشروعات الزراعية الكبرى والخاصة. ومن خلال بحثي وتجربتي في محميتي الخاصة والتي تضم حوالي 200 نبات محلي. قمت بزراعة الأنواع الشجرية المعروفة مثل السمر القرض والطلح والغضا والأرطى بالإضافة إلى أنواع مدخلة من جنس الطلح Acacia sp. للتجريب وبالملاحظة على الأنواع المحلية أنها ليست سريعة في النمو وبخاصة أشجار السمر. لكن كانت نتائج زراعة أحد الأنواع السمر المدخلة( المجلوبة ): Acacia tortilis (Forssk.) Hayne subsp. raddiana (Savi) Brenan var. raddiana ممتازة ومن خلال هذه التجربة استنتجت بفكرة مزارع الحطب حيث تتوفر فيها مميزات عديدة بإمكانها أن تقلل من الاحتطاب الجائر على الأنواع المحلية المعروفة ويمكن الاعتماد وزراعته لغرض إنتاج الحطب، مميزاته: يعتبر هذا النوع سريع النمو حيث يمكن أن نحصل على الحجم المناسب لاستعمالها حطباً في أقل من ثلاث سنوات مع تفريع جيد وكثافة في الأغصان صفاته قريبة جدا من السمر المحلي. لذلك يعتبر بديلا مناسبا للحطب المحلي مما يزيد قبوله لدى المواطن الذي تعود على جودة الحطب المحلي ويرغب في نوع مشابه. . قيمة وقودية عالية . . متحمل للظروف المناخية السائدة . . من الأشجار الجميلة التي يمكن استخدامها في مشروعات التشجير والزينة في الحدائق والمتنزهات. . يمكن زراعته بنجاح في مدى واسع من الترب بما فيها الترب الفقيرة. . الأزهار مصدر ممتاز للرحيق وحبوب اللقاح ولها رائحة زكية جدا ويمكن أن يعتمد عليه مربي النحل ويصبح أحد المصادر الجديدة في السعودية. وفي الختام هذه المبادرة الهدف منها المحافظة على الغطاء النباتي الذي هو كنز لا نشعر بقيمته إلا بعد فقدانه. لذا يجب علينا حمايته وصونه وتطويره ليكون لنا ولأجيالنا القادمة. *باحث زراعي