رغم التحديات البيئية التي تفرضها طبيعة المناخ في المملكة، من شح للمياه وندرة للأمطار، إلا أن عملية الاحتطاب ما زالت تساهم بقدر وافر من التهديد للغطاء النباتي، بعد أن تجاوزت الارتباط بوقت معين أو بفصل من فصول السنة، بل أصبحت مهنة تمارس بشكل شبه يومي، يقطع خلالها الحطابون الأشجار بصورة جائرة. وتحتوي الخريطة الشجرية السعودية على العديد من الأنواع التي تأقلمت على الظروف البيئية المختلفة، حيث توجد في الوديان أشجار الطلح والأكاسيا والعوسج والوثا والكداد والسمر، أما المناطق الرملية فينمو فيها الأرطى والغضا والمرخ، وفي السهول الكداد وفي الجبال تنمو أشجار العرعر والسرح وغيرها من نباتات البيئة التي تئن تحت وطأة الفؤوس والمناشير الكهربائية. ولم يقتصر الحطابون على الأشجار الميتة واليابسة، بل أصبحوا يعتدون على الأشجار الخضراء ويقطعونها ومن ثم يجففونها لفترات طويلة ثم تصدر للأسواق عبر الشاحنات الكبيرة والصغيرة التي تجوب شوارع وطرق المملكة لتزويد الأسواق بما تحتاج إليه لمواجهة الطلب المتزايد بعد أن أصبحت تستخدم في العديد من الأغراض غير التدفئة. ويستخدم الحطابون العديد من الأساليب والطرق المشروعة وغير المشروعة أثناء عملية الاحتطاب، منها اقتلاع واجتثاث الأشجار عن طريق سحبها بالسيارات حتى تسقط، ومن ثم يقطعونها بواسطة الفؤوس إلى أجزاء صغيرة، بينما يستخدم بعضهم الآخر الوسائل الحديثة في عملية قص وتقطيع الأشجار، بواسطة المنشار الكهربائي. وبعضهم يحرق جذوع الأشجار الكبيرة من الأسفل حتى تسقط، ومن ثم يقطعونها إلى مقاسات وأحجام على حسب طلب التجار في سوق الحطب، بينما تحفر فئة أخرى من أعداء البيئة حفرة تحت الشجرة ويقتربون من جذورها، ثم يسكبون كمية من مشتقات النفط على الجذور بعد إحداث شرخ في اللحاء، ما يجعل الشجرة تموت بالتدريج ومن ثم يقطعونها تمهيدا لبيعها على التجار. وكثير ممن يحتطبون يقعون ضحية لأشخاص لديهم تصاريح ويستغلونهم مقابل مبالغ مالية زهيدة لا تتجاوز 150 ريالا لحمولة الشاحنة الصغيرة، مستغلين التصاريح الممنوحة لهم من وزارة الزراعة في نقل مئات الأطنان على الشاحنات بعد جهد كبير من مجموعات الحطابين الصغار الذين تنتشر فلولهم في المراعي والغابات للفوز بنصيب الأسد من الحطب دون اكتراث، بسبب غياب الرقيب. إدارة المراعي الحاضر الغائب رغم الجهود التي تبذلها وزارة الزراعة ممثلة في إدارة المراعي والغابات للحد من تدهور مناطق الرعي والغابات في المملكة، إلا أنها لم تستطع السيطرة على ممارسات الحطابين، رغم فرضها لبعض الغرامات على من يحتطب بلا تصريح ويقطع الأشجار غير المصرح بقطعها، خاصة الخضراء. ولم تضع آلية معينة لتطبيق التشريعات والقرارات التي تحمي البيئة بصفة عامة والمراعي بصفة خاصة من أيدي العابثين، وذلك بالتعاون مع الجهات الأمنية التي تحدث في حدودها الإدارية تلك التجاوزات، ومعاقبة كل من يساعد على تدمير البيئة التي تعرضت وما زالت تتعرض للعبث من قبل الحطابين ممن يغرونهم من أصحاب التصاريح.