"لعله من عجائب الحياة أنك إذا رفضت كل ما هو دون مستوى القمة، فإنك دائمًا تصل إليها". (سومرست موم) التعليم هو المحرك الأساسي ل اللحاق بركب الحضارة والتنمية والتطور على جميع الأصعدة، وفي ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات تأثرت السياسات التعليمية بشكل سلبي وايجابي على حد سواء وزادت التحديات التي تحيط بها، هذه التحديات لا يمكن تجنبها بل ينبغي مواجهتها لنصل لحلول سليمة بالتركيز على الاستثمار البشري، الذي يمثل الثروات الحقيقية لأي بلد. إن أهمية التعليم والعمل على تطويره هو هم قومي، ومن الضروري أن تتكاتف الجهود لعمل مشروع وطني يقتضي معالجة موضوع عدم التوافق بين المؤهلات التي تم اكتسابها من خلال نظام التعليم، ومتطلبات سوق العمل، حيث إن أكثر سكان المملكة العربية السعودية هم من الفئات الشابة المستفيدة من التعليم، وقد تشرفت بدعوة كريمة من (فاب لاب) الرياض في مدارس المناهج، وابهرني ما رأيت وسمعت من طالبات موهوبات من جميع انحاء المملكة، وهذا بفضل دعم وزارة التعليم للموهوبين، وايمانها بأنهم هم صناع المستقبل، والجانب المشرق في هذا هو مبادرة الجريسي بالتعاون مع وزارة التعليم لدعم الموهوبين وهذه دعوة لرجال الاعمال لتكرير هذه المبادرة وتأصيل الشراكة المجتمعية. وفاب لاب اختصار (Fabrication laboratory) وهي مختبرات تصنيع وهي متواجدة بكثرة في المجتمعات المهتمة بالقيمة العلمية والإنتاجية إذ يوجد منها اليوم مايقارب ال 200 مختبر حول العالم. وهي عبارة عن مصنع مصغر مفتوح للهواة والمهتمين بوجود بيئة عمل، تجمع ما بين مصممين ومبرمجين وفنانيين ومسوقين يتبادلون الافكار ويتقاسمون بيئة خلاقة داعمة لهم. والفاب لاب يحتوي عادة على أجهزة تشغلها كمبيوترات يتم من خلالها إعداد التصاميم الأوليّة للمنتجات التي ستخرج من الفاب لاب بعدما يتم تصنيع أو تركيب هذه المنتجات داخل الفاب لاب أيضاً، ويتكون من آلات ومجموعة أدوات (الثاقب، القاطع الليزري) وبرامج ضرورية لتشغيل الأدوات. وهو بيئة حاضنة للتدريب والابتكار والتصنيع يتناسب مع البيئة التعليمية وقد ضم هذا العام 21 طالبة موهوبة من مختلف الإدارات التعليمية بالمملكة العربية السعودية، وميزة الفاب لاب أنه يوفر للموهوبين بيئة خلاقة ويؤسس لفئة جديدة من رواد الاعمال، ويوفر لهم الاسباب التي تدعم وتظهر موهبتهم، على أمل أن تكون انطلاقة ليصبحوا من رواد المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي سيكون فاب لاب الرياض هو الحاضن لها للدخول في عالم المشروعات الكبيرة. إن أهمية هذه المبادرات تكمن في نشر ثقافة التصنيع والعمل والانطلاق نحو السوق دون خوف، كذلك اكتشاف ما لدى الطلاب من مواهب وصقلها والاستفادة منها وتنمية الثقة بهم والاسهام في بناء شخصيات سوية مستقلة قادرة على الانتاج من أجل بناء الوطن.