كلها أيام معدودات ويبدأ موسم الحج بنفحاته الروحانية المليئة بالأمن والإيمان والأعمال الصالحة، تظاهرة إسلامية لا نظير لها استجابة لدعوة المولى عز وجل (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ . ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ. ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) سورة الحج. آيات لخصت المعاني السامية للحج والغرض منه، ففيها إجابة الدعوة وفيها نحر الأضاحي وفيها الصدقة وفيها منافع دنيوية لجموع الحجيج، وإن ذهب بعض المفسرين إلى تشبيه الحج بيوم الحشر كون المسلمين يجتمعون على صعيد واحد بلباس واحد في وقت واحد يؤدون ذات المشاعر لا فرق بينهم إلا بالتقوى وتعظيم شعائر الله. الحج عبادة ومسؤولية عظيمة يستشعرها كل المسلمين، والكثير منهم يتمنى أداءها ولو مرة واحدة في العمر ليكمل أركان الإسلام جميعها تنفيذاً لأمر الله عز وجل، وكونها مسؤولية عظيمة فإن المملكة حكومة وشعباً يعتبرونها شرفاً وأي شرف أن تقوم على توفير كل وسائل الراحة والطمأنينة من عمارة الحرمين الشريفين، والأمن والأمان وسهولة التنقل وتوفير كافة الخدمات المتعددة والمتشعبة لملايين من ضيوف الرحمن الذين يؤدون رحلتهم الإيمانية قادمين من كل بلاد العالم إسلامية وغير إسلامية، يتحدثون بألسنة مختلفة وبعادات متباينة ومن أجل هدف واحد أن ينالوا العفو والمغفرة من رب العباد، فنص الآية الكريمة واضح (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) ، كل النصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تؤكد على التفرغ لعبادة الله عز وجل والإكثار من الطاعات والبعد عن المعاصي طلباً للعفو والمغفرة والقبول. في الجانب الآخر نجد دولة كإيران تخالف النصوص الدينية الصريحة، وحاولت كثيراً أن تخرج الحج عن إطاره الشرعي مستعيضة بإطار دنيوي لا يحقق وحدة المسلمين كما هو الحج، بل تحاول جاهدة أن تفرق كلمتهم وتبعثر أمرهم بمواقف هي بعيدة كل البعد عن الشريعة السمحاء وعما فرضه الله على عباده في هذه الأيام الفضيلة من التفرغ التام لأداء شعيرة من أعظم شعائر الدين الإسلامي الحنيف، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.