تعد المشاركة الشعبية أحد أهم خطوات التخطيط العمراني ومن الأساسيات التي يجب أخذها بالاعتبار قبل اعتماد المخططات والمشاريع المؤثرة على النمط العمراني. وفي كثير من الدول المتقدمة لا يتم اعتماد مخططات المدن دون المشاركة الشعبية الفاعلة. ولم يقف الحد عند السماح لعموم السكان بالاطلاع على المخططات والمشاريع بل تعداها إلى استحداث الوسائل لتسهيل وتبسيط الأفكار التخطيطية لغير المختصين لتمكينهم من فهم الخطط وإبداء آرائهم حولها. ومن تلك الوسائل الرسومات الثلاثية الأبعاد(3 Simulation) والحقيقة الافتراضية ( Virtual Reality). كذلك عملت الهيئات التخطيطية على تطوير وسائل الإعلان عن المشاريع مرئيات العموم حولها. كذلك عملت هيئات التخطيط على رصد ميزانية المشاركة الشعبية ضمن المشاريع التخطيطية إلزام المكتب الاستشاري للمشروع بتضمينها ضمن خطوات إنجاز المخطط وإصدار الرخصة المشروع. ومن الجدير بالذكر أن بعض أجهزة الوزارات أخذت زمام المبادرة بالانفتاح على الناس وطلب مرئيات العموم من خلال موقعها الاليكتروني مثل ( هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات). كذلك نصّت تشريعات المجالس البلدية الصادرة حديثا على إمكانية المجالس البلدية على التواصل مع المواطنين وأخذ آرائهم. والآن أصبح هناك آلية يجب تفعيلها والعمل على الاستفادة منها لطرح مرئيات العموم والتواصل مع المواطنين. والمتوقع من المجالس البلدية أن تكون سباقة بتفعيل المشاركة الشعبية وحث المواطنين والسكان على إبداء مرئياتهم تطوير وتخطيط مدنهم وكذلك الاستماع إلى تحفظاتهم ومناقشاتهم حول بعض الخطط والمشاريع. ومن المهم جداً أن تتخذ المجالس البلدية الاحتياطات اللازمة لئلا تنشغل في حل أعراض المشاكل البلدية بدلا عن أسس المشاكل الحضرية الناتجة عن عدم الاستفادة من المشاركة الشعبية. ونرى أن يعمل المجلس البلدي في أول اجتماع له على وضع المشاركة الشعبية في رأس قائمة الانجازات الواجب تحققها في الأشهر الستة الأولى. كذلك تحديد المشاريع والمواد التي يلزم فيها أخذ مرئيات العموم قبل الموافقة على المشروع. على سبيل المثال ( التصريح ببناء مجمع تجاري. التصريح بزيادة ارتفاع مباني أكثر من الارتفاع المخطط له. كذلك قبل اعتماد مقترحات المخططات الإرشادية للمدن). ويترتب على المجالس البلدية أخذ خطوات عملية لتحقيق التفاعل بين المواطنين وخطط التنمية العمرانية بالمدن وقد تحقق ذلك إذا أُخذت الخطوات التالية بالاعتبار: 1-يعمل المجلس البلدي على الإعلان عن طلب مرئيات العموم في الجرائد المحلية وعبر الموقع الاليكتروني للمجلس البلدي. 2-يعمل المجلس البلدي على تنسيق حملة تثقيفية وإعلامية عن المشاركة الايجابية ودور المواطن في التنمية العمرانية. 3-يعمل المجلس البلدي على توفير المعلومات الأساسية للمواطنين والتي تمكنهم من إبداء مرئياتهم حول خطط تطوير مدنهم أو المشاريع الكبرى المؤثرة على النمط العمراني. وقد يكون ذلك عبر تجمع بين المواطنين وأعضاء المجلس البلدي مع الاستفادة من الموقع الاليكتروني والجرائد المحلية. 4-توثيق مرئيات العموم مع الردود عليها وتعرض في الموقع الاليكتروني الرسمي للمجلس البلدي. 5- تعرض نسخة مختصرة من المخطط العام في الموقع الاليكتروني للمجلس ويجب أن تحتوي على شبكة الطرق واستعمالات الأراضي ومواقع الاستثمارات المقترحة للمشاريع الكبيرة. 6-ويجب على المجلس البلدي الالتقاء بالهيئات والجمعيات غير الحكومية لأخذ مرئياتهم وأرائهم في المخططات العمرانية للمدينة وكيفية الإفادة والاستفادة من تلك الجمعيات لتحسين البيئة العمرانية والأحوال المعيشية لسكان المدينة. مثل الجمعيات الخيرية والتي تساعد على توجيه التنمية إلى الأحياء الفقيرة. أو الغرف التجارية والتي تساعد على تحسين وجلب استثمارات لتقوية القاعدة الاقتصادية للمدينة. 7-كما يتحتم على المجلس البلدي عقد لقاء سنوي لأخذ آراء العموم واقتراحاتهم قبل الشروع في عمليات تحديث مخططات التنمية العمرانية. 8- وأخيرا يجب على المجلس البلدي مراجعة الخطوات التنفيذية لأخذ مرئيات العموم وتلمس الوسائل التي ترفع من كفاءة المشاركة الشعبية وتحسين وسائل التواصل بين المواطنين والمجلس البلدي. وبذلك تتحقق الأهداف العليا من المجالس البلدية بالعمل على ربط جسور الحوار لمشاركة المواطن بالبناء مع الأمانات والبلديات المحلية. وكذلك تعرّف المواطن على الجهود التي تبذلها الأمانات والبلديات لتمنية وتطوير البيئة العمرانية. أضف إلى ذلك مساعدتها على الارتقاء بنظرة المواطن من مصالحه الشخصية إلى المصالح العامة والوطنية والعمل على تحقيقها يدا بيد من الأجهزة الحكومية.