يصعب فهم الموقف الأمريكي ومن ورائه الموقف الأوروبي الذي يشكل الرؤية الغربية التي تذهب إلى تحريض إسرائيل على استخدام سلاحها النووي ضد الدول الإسلامية من عرب وعجم، وتبارك لتل ابيب استخدام السلاح النووي الذي تمتلكه ضد جيرانها العرب تنوي إسرائيل استخدام سلاحها النووي ضد العالم الإسلامي العربي والعجمي معاً، وتؤكد كل المؤشرات الاستراتيجية في تل ابيب على احتمال اندلاع حرب نووية في اقليم الشرق الأوسط، تقضي على الأخضر واليابس به، وتجرد الحياة فيه من السبل الحضارية القائمة التي يتمتع بها الناس، وتعيد وقعها البدائي الذي يفرض المعاناة على الإنسان «من أول وجديد» وقد عبر عن هذه الخطورة على الإنسانية فلم سينمائي باسم «اليوم الثاني» يتحدث عن شكل الحياة على الأرض في اليوم الثاني لوقوع كارثة تدمير الأرض بالسلاح النووي، وهذا يلغي ما تتشدق به أمريكا عن حضارة إسرائيل التي تمنعها من استخدام سلاحها النووي فسمح لها بالاحتفاظ به. نحن نختلف مع الرأي الذي يذهب إلى اندلاع حرب نووية في اقليم الشرق الأوسط لأن شمولية الدمار ستقضي على الحياة عند المعتدي والمعتدى عليهم من دول الاقليم، ولأن الاشعاع النووي يسري في كل الاتجاهات ويدمر كل من يصطدم به.. وهذا يجعل التلاصق الاقليمي بين الدول المختلفة في اقليم الشرق الأوسط يشل حركة إسرائيل في اللجوء إلى سلاحها النووي، لا رحمة بالعرب والمسلمين، وانما خوفاً على نفسها.. وليس من المنطق أن يكرر اليهود في القرن الواحد والعشرين اسطورتهم في غابر الزمان «عليّ وعلى أعدائي يا رب» التي صاح بها شمشون الجبار عند هدمه للمعبد على كل من فيه.. لا يقلل من هذا الشلل النووي الإسرائيلي بحكم التلاصق الاقليمي بين الدول في الشرق الأوسط، رأي الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو، الذي يتهم إسرائيل ب «الجنون السياسي» الذي يجعل تل ابيب «تلعب بالنار» لتحرق نفسها عند حرقها لغيرها، باستخدامها سلاحها النووي في الحرب الإسرائيلية المحتملة ضد العرب باقليم الشرق الأوسط، وقد افصح مرخادي فانونو عن رأيه في حديثه مع صحيفة «نوفى ازفستيا» الروسية، بحكم علاقته الحميمة مع موسكو من ايام الاتحاد السوفيتي، الذي تجسس لحسابه وكشف له اسرار الترسانة النووية في ديمونة، وقضى بالسجن 19 سنة من عام 1985م إلى عام 2004م بعد ادانته بالخيانة العظمى لإسرائيل، وهو يحذر العالم من وقوع كارثة نووية في أقليم الشرق الأوسط، تجر العالم بدون وعي إلى حرب عالمية ثالثة، بعد أن كشف الغرب عن اقنعته ليوضح خضوعه وخنوعه إلى «ولي النعم» إسرائيل التي تملك القدرة على الابقاء أو الاقصاء لرجال الدولة في مواقعهم الوظيفية المرموقة بكل عواصم الدول في جميع أركان الدنيا، من خلال جماعات الضغط «الدهلزة الصهيونية» الحاكم اليهودي للغرب الذي «يلبس طاقية الاخفاء». يذهب الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو إلى أن الغرب بشقيه الأمريكي والاوروبي يقف بكل ثقله السياسي، وقدرته الاقتصادية وتفوقه العلمي، وسبله التكنولوجية إلى جانب إسرائيل ليجعل منها الدولة العظمى بإقليم الشرق الأوسط، ويحرضها على استخدام سلاحها النووي ضد المسلمين من عرب وعجم في أوطانهم لمنع امتداد خطرهم الفكري على الحضارة الإنسانية المعاصرة التي صنعها الفكر الغربي، الذي اتهمه بتزويد إسرائيل بكل التكنولوجية النووية التي مكنتها من صناعة القنابل الذرية وهذه الدول الغربية، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالامريكية تقدم لها اليوم تكنولوجية الحد من سريان الاشعاع النووي حتى تتمكن من ضرب العرب في اقليم الشرق الأوسط بالقنابل النووية دون أن يصل اليها الاشعاع النووي. يصعب فهم الموقف الأمريكي ومن ورائه الموقف الأوروبي الذي يشكل الرؤية الغربية التي تذهب إلى تحريض إسرائيل على استخدام سلاحها النووي ضد الدول الإسلامية من عرب وعجم، وتبارك لتل ابيب استخدام السلاح النووي الذي تمتلكه ضد جيرانها العرب، وتبدي واشنطون ومعها العواصم الأوروبية قلقها من السلاح النووي الإيراني الذي لايزال في «علم الغيب» وتلعن طهران لمجرد نيتها في تدمير إسرائيل بالسلاح النووي. هذا التحيز الأمريكي لإسرائيل الذي يجسده السماح لها في امتلاكها واستخدام السلاح النووي، الذي يقابله التطاول على إيران بمنع امتلاكها واستخدامها السلاح النووي، دفع الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو إلى فتح الملف النووي الإسرائيلي امام العالم بحديثه إلى الصحيفة الروسية نوفي ازفستيا، التي طالب في حديثه معها أن تلعن أمريكا نفسها مع أتباعها من الدول الاوروبية، لأن هذه الدول قدمت منفردة ومجتمعة تكنولوجية صناعة القنابل النووية لإسرائيل منذ عام 1954م وساعدت تل أبيب بارسال الخبراء النوويين اليها، حتى استطاعت أن تقيم مركز الأبحاث النووية الإسرائيلي في ديمونة، الذي مكنها من صناعة عشرة قنابل نووية في العام الواحد ابتداءً من عام 1985م، ومعنى ذلك ان ظلت معدلات إنتاج القنابل النووية على ما هي عليه في عام 1985م لاصبح عند إسرائيل مع نهاية عام 2005م 200 قنبلة نووية تضاف إلى مخزونها النووي الذي كان يزيد عن 250 قنبلة نووية في عام 1985م. المواجهة النووية الإسرائيلية الإيرانية لم تأت من فراغ سياسي، وانما جاءت مرتكزة على تناقض المواقف بين تل أبيب التي ترغب في مصادرة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في عام 1967م وكذلك مرتفعات الجولان لتقام على هذه الأرض الواسعة إسرائيل الكبرى.. وبين طهران التي تدعم النضال الشعبي الفلسطيني ضد الاستعمار الإسرائيلي من خلال دعم حزب الله وحماس وغيرهما من منظمات النضال الشعبي ضد الوجود الإسرائيلي على الأراضي العربية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان، وهذه الحقيقة جعلت الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو المنشق على إسرائيل يعلن من روسيا أن الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات طويلة تصل إلى 38 عاماً يواصلون كفاحهم الوطني لتخليص انفسهم من ذل العبودية في داخل وطنهم الذي حولته إسرائيل إلى سجن كبير، واكد بأن الأوضاع الراهنة في داخل الأراضي المحتلة ستدفع الفلسطيني إلى مواصلة الكفاح الوطني، ويّقدمون النفس والولد والمال فداء لوطنهم حتى يتم تحريره من الاستعمار الإسرائيلي وقرر بأن المواجهة النووية الإسرائيلية الإيرانية التي تهدد أقليم الشرق الأوسط بالدمار والعالم بحرب عالمية ثالثة تستند إلى العدوان الإسرائيلي على العرب، ولا سبيل للنجاة من هذا الخطر النووي الذي يتربص بإقليم الشرق الأوسط الا برفع الظلم الإسرائيلي والأخذ بأسباب العدالة التي تتطلب استقلال الأراضي العربية المحتلة، وأن يشمل الخطر النووي كل دول اقليم الشرق الأوسط وفي مقدمتها إسرائيل. أكد هذه الحقيقة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأن إسرائيل في ذاتها تشكل خطراً اقليمياً بسبب اطماعها المرتكزة على أساطير الاولين التي تجعل من اليهود شعب الله المختار ومن الأرض الفلسطينية التي يحتلونها ارض الميعاد ويزداد خطرها بسلاحها النووي الذي تهدد باستخدامه ضد جيرانها دون أن تعبأ بالدمار الذي سينزل بالاقليم، وهدد بأن طهران ستضرب إسرائيل قبل أن يصل ضرب تل ابيب اليها وطالب بمواجهة الخطر الصهيوني من خلال توازن القوى النووية بين دول اقليم الشرق الأوسط، وحذر الأسرة الدولية من ارسال الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن للاطلاع عليه، أو اتخاذ اجراء عليه، لأن رد فعل طهران مواجهةالقوة النووية الإسرائيلية بقوة نووية إيرانية مماثلة والغاء ارتباطها فوراً بمعاهدة خطر الانتشار النووي الدولية.