أقبل شهر رمضان المبارك، شهر الفضائل والخيرات وتزكية النفوس وتربيتها، يأتي ويحمل معه كل نفحات الذكريات والحنين لأيام روحانية وأجواء مفعمة بطعم الحياة، نتعلم منها الصبر وتقوية الإرادة. يأتي الشهر الفضيل وقد استعد الناس له، كلٌ بما يراه مناسباً، فهذا عزم على ختم القرآن عدة مرات، وآخر قرر الاجتهاد فيه على طاعة الله، وثالث يرى أن هذا الشهر فرصة لمسح الذنوب، إلاّ أن آخرون وضعوا الميزانيات الضخمة من أجل شراء "مقاضي رمضان" عبر الذهاب إلى "السوبر ماركت"، أو أسواق الغذاء الكبيرة، من أجل تعبئة "ثلاجة" و"مخزن" المنزل، وكأن شهر رمضان بات محصوراً فقط بالأكل والشرب!. في هذا التحقيق نستطلع آراء بعضهم حول استقبال شهر رمضان المبارك. صفحة جديدة تقول سعاد عبدالعزيز -معلمة: يأتينا شهر رمضان المبارك ضيفا كريما سرعان ما يمضي، ما يتطلب الاستعداد السلوكي له بالأخلاق الحميدة وقراءة وتعلم أحكام الصيام، وكذلك الاستعداد لاستغلال الأوقات في هذا الشهر الفضيل، مضيفةً: "علينا أن نبدأ صفحة جديدة وسجلاً ناصعاً بالصلاة وتلاوة القرآن الكريم وتفطير الصائمين، وأن نحمد الله ونشكره على بلوغ شهر رمضان، وأن نفرح، وأن نبتهج، وأن نفتح فيه صفحة بيضاء مشرقة، وأن نقوّم سلوكنا وأن نعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات"، مبينةً أن شهر رمضان كله بركة في المشاعر الإيمانية وفي الأوقات، مشيرةً إلى أن الإنسان يؤدي الصلوات المفروضة عليه رغم الجوع والعطش، فهو مستمتع بذلك، ويرجو من الله القبول، ذاكرة أنه من العادات الغذائية الخاطئة إعداد ربة المنزل الوجبات الغذائية أثناء الصيام، ما يؤدي إلى زيادة الكميات بشكل كبير، ظناً منها أن أسرتها تحتاج لتلك الكميات، ناصحةً بأن يكون إعداد الطعام للإفطار في اليوم الذي يسبقه في غير أوقات الصيام، وكذلك التعود على تقليل الطعام وإعطاء المعدة فرصة للراحة والنفس فرصة للطاعة. إسراف وتبذير واضافت أن بعض الصائمين أتعب أهله بالتكلف، وصنع كثير من الأطعمة وهو ما أشغلهم عن العبادة، ولو اقتصر على الضروري لوجدوا وقتاً واسعاً للتزود بالطاعة، مبينةً أن هناك من تجده يسرف في موائد الإفطار والسحور، فيكثر من أنواع الطعام ثم لا يؤكل منه إلاّ القليل، ليهدر بقيته مع الفضلات والنفايات، مؤكدةً أن الإسراف والتبذير والمباهاة سلوكيات خطيرة دخلت حياة الناس في المناسبات والولائم، وكلفتهم أموالاً طائلة، متأسفةً على أننا نرى الناس في الأسواق ومحلات المواد الغذائية يزدحمون ويتسابقون على السلع والمواد الغذائية في نهار رمضان، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، ويدفع بعض التجار ليبيعوها بأسعار وأثمان باهظة، ذاكرةً أن هذا الإسراف ليس من مقاصد الصيام، بل على العكس، أن شهر رمضان شهر الاقتصاد وترشيد النفقات والاكتفاء بالضروريات. وقالت: إنه يجب على ربات البيوت أن يُقدّرن الكميات المناسبة الفعلية التي سيحتجن إليها عند الإفطار في شهر رمضان المبارك، وليس أكثر أو أقل، مضيفةً أن بعض الصائمين يغضبون لأتفه الأسباب ويتراشقون بالكلام وهذا سلوك يتنافى مع أخلاق هذا الشهر الكريم، حيث ينبغي للصائم أن يكون حليماً، وأن يمسك لسانه عن الكلام السيئ، كما أن هناك من يسهر لساعات طويلة ومتأخرة من الليل ما يضرهم ويقلل من عطائهم في العمل وإخلاصهم فيه، مبينةً أنه يعاني الناس سلبيات التقنية الحديثة، حيث أصبح التواصل والمباركة والتهنئة عبارات ترسل في وسائل التقنية الحديثة. تسديد الالتزامات وأكد إبراهيم بن محمد - موظف - أنه يبدأ استعداده لشهر رمضان بتسديد ما عليه من التزامات ومن ثم شراء الطلبات بالجملة، مضيفاً أنه من العادات الخاطئة كثرة الولائم وبرامج الإعاشة وشراء الطلبات على جوع فتجده يكثر من كل شئ، متأسفاً أن هناك من تزداد مشترياته ولوازمه الشرائية في شهر رمضان، ناصحاً بشراء لوازم الإفطار بعد التراويح؛ لأنها سوف تكون أقل مما لو تم شراؤها بعد العصر وقت التعب والظمأ والجوع. وقالت مها الغامدي - موظفة: إن الإسراف في الأطعمة ومتابعة المسلسلات الرمضانية وكثرة الزيارات والسهرات تنسينا معاني روحانية شهر رمضان، مضيفةً أن استعداداتهن تنحصر في شراء بعض الأجهزة التي توفر عليهن كثيراً من الوقت في تحضير الطعام الذي نحضره كالعادة يوماً بيوم، حيث استخدام بعض الأجهزة يُعد صحياً بالمقارنة مع الطرائق التقليدية، ذاكرةً أن بعض النساء يحرصن على تجديد الأواني المنزلية قبل شهر رمضان لتستقبل الشهر بأوان جديدة، مشيرةً إلى أن اهتمام الناس بالخادمات في شهر رمضان تسبب في ارتفاع أجورهن إلى ألفين وثلاثة آلاف ريال!، مؤكدةً أن صيام أيام من شهر شعبان يعوّد الإنسان على الصيام في شهر رمضان المبارك، مُشددةً على أهمية اقتطاع جزء من راتب شهر شعبان للصدقة في شهر رمضان. استبشار واستعداد وتحدث مطلق الغانم - تاجر في مجال الأواني المنزلية - قائلاً: في القِدم كانت الأخبار تتأخر في الوصول؛ لأنها تنتقل من برقية إلى برقية، وكان خبر دخول شهر رمضان المبارك يتأخر في الوصول، وكذلك خبر رؤية شهر شوال، مضيفاً أنه في أحد الأعوام لم يتم العلم بخبر عيد الفطر إلاّ في صباح اليوم التالي، مبيناً أنه الآن ولله الحمد كل شيء متوافر، والأخبار تصل مباشرة وبسرعة كبيرة، وأنواع المأكولات نجدها على السُفرة، وكل أنواع الأواني والتجهيزات تجدها في كل مطبخ، الذي أصبح وكأنه محل أوان منزلية. وأوضح علي بن سعيد القحطاني - مشرف تسويق - أنه عند قدوم شهر رمضان المبارك يكون هناك استبشار واستعداد من الناحية الاقتصادية بتوفير المواد التي يتطلبها الشهر الفضيل، ومحاولة إنجاز بعض الأعمال قبل دخوله حتى يتفرغوا للعبادات، مضيفاً أن الإسراف يزداد عادةً في شهر رمضان، وهو ما يتطلب القضاء عليه والتركيز في الغذاء الصحي، مع الابتعاد عن المشروبات الضارة والأكلات الدسمة، فالجسد له حق الاعتناء، مؤكداً أن هناك زيادة في الاستهلاك، ما يتطلب اتباع قاعدة "سددوا وقاربوا". تآلف وتقارب وأكد عبدالله بن علي الهويشان أن وسائل الاتصالات لم تكن موجودة قديماً، وإذا تمت رؤية هلال شهر رمضان يتم إطلاق أصوات أو عمل أضواء، كذلك الحال عند رؤية هلال شهر شوال، وأحياناً لا يصل الخبر إلاّ متأخراً، وقد يكون في وقت الظهيرة من اليوم التالي؛ لأنه لم يكن هناك مواصلات أو وسائل اتصالات، مضيفاً أنه الآن - ولله الحمد - نحن في نِعم كثيرة منها وسائل الاتصالات الحديثة، التي يجب الاستفادة منها واستخدامها فيما يفيد وألاّ تكون مصدر خطر، كذلك يجب على الآباء توعية أبنائهم، فالبيت عليه دور وكذلك المدرسة في توعية الشباب، مبيناً أنه يجب علينا عدم إغفال صلة الرحم، ففي الزمن السابق كان هناك تآلف وتقارب واجتماعات شبه يومية بين الأقارب والجيران، متأسفاً على أننا نجد الآن في شهر رمضان من يضع على السفرة جميع الأنواع ولا يأكل منها إلاّ القليل، متسائلاً: لماذا لا يتم حفظ المتبقي من الطعام وتعليبه وإيصاله للجمعيات الخيرية؟. مشروع إفطار صائم يتكرر في كل عام من قبل المساجد إبراهيم بن محمد مطلق الغانم علي القحطاني عبدالله الهويشان