أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    وفاة بزه بنت سعود وعبدالله بن سعود    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    إطلاق جائزة "أداء الصحة"    4 برامج لتأهيل الكوادر الوطنية في التخصصات الصحية    موجز    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    ليش مستغربين!    إدارة الأهلي تتجاهل الإعلام في حفل تدشين شعار النادي    أنديتنا.. التقييم أولاً    إحباط تهريب 310 كجم مخدرات    آل باخذلق وآل باعبدالله يحتفلون بزواج عبدالعزيز    العتيبي يحتفل بزفاف نجله عبدالله    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    جسرنا الحضاري    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    سان جيرمان يقسو على ريال مدريد برباعية ويبلغ نهائي مونديال الأندية 2025    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    مشاركة سعودية في تطوير التحكيم الآسيوي .. اختتام برنامج شهادة مقيمي الحكام 2025    منتخبات الأحساء وعسير والجوف والمدينة تكمل قائمة المتأهلين لبطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً    بيتكوين تسجل أعلى مستوى لها مقتربة من 112 ألف دولار    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    وزير الاتصالات يعقد اجتماعات مع قادة المنظمات الدولية ووزراء الاقتصاد الرقمي    "الثقافة" تنظّم الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا    مستشفى الأقصى.. «أيامنا معدودة»    «الديوان الملكي»: وفاة بزه بنت سعود..ووالدة عبدالله بن سعود بن سعد    القيادة تهنئ رئيس الأرجنتين بذكرى بلاده    300 طالب في «موهبة الإثرائي» بالقصيم    «الشورى» يقر دراسة إنشاء سوق لتداول أدوات الدين والتوسع بالإدراج المزدوج    "القصيم الصحي" يكرم المتميزين في مبادرة "إنسانيون الصحة"    أرنولد يغيب عن تشكيلة الريال في مواجهة سان جيرمان    ضبط 4 باكستانيين في المدينة المنورة لترويجهم (1.7) كجم (شبو)    وزير الدفاع يستقبل وزير دفاع المجر    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء في ديوان الامارة    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالمدينة المنورة ينظم ورشة " الأخبار العاجلة بين السبق والمصداقية"    معالي أمين الشرقية يزور معرض سكني بالخبر    معالي الوزير الحقيل يبحث تحديات القطاع البلدي مع رجال الأعمال في الاحساء    د.الجوهرة آل سعود: أكدت أن التوازن بين العمل والأسرة يجود الحياة ويزيد الرضا الوظيفي والعائلي    أمير تبوك يطلع على التقرير الشامل لأداء إدارة التعليم بالمنطقة    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير منطقة جازان يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل 2025"    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    زيادة بنسبة 121% في عدد العمليات الجراحية في تجمع الأحساء الصحي    روسيا تشن هجوما جديدا بالصواريخ والمسيرات على أوكرانيا    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعايات المأكولات والمشروبات في رمضان تستهدف الربح وتصرف الناس عن روح الشعيرة
نشر في المدينة يوم 02 - 08 - 2011

أكّد سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ في حوار خاص ل «المدينة» أن هناك برامج تلفزيونية، ومشاهدات فضائية تقدمها قنوات عديدة في شهر رمضان المبارك قد سلبت من الصائمين روح الصيام، وأبعدتهم عن طاعة الله، والإكثار من القربات، وأفسدت صومهم، مطالبًا الصائمين بكبح جماح غضبهم، وامتصاص ثورات الشاتمين من الناس، ناصحًا بعدم الدخول معهم في المهاترات، والالتزام في مخاطبتهم بوصية النبي المصطفى (إني صائم).
وقال سماحته: للأسف نرى بعض المسلمين يتخذون من صيام رمضان ذريعة للتهرب عن مسؤولياتهم، والتهاون في القيام بأعمالهم، والضعف في إنجازهم، وهذا أمر مخالف لمقتضى شهر رمضان، مؤكدًا أن الظواهر السلبية التي نشاهدها في شهر رمضان المبارك كثيرة، ممّا يتطلّب من المسلم السعي الحثيث إلى تحقيق مقاصد الصوم الشرعية، مشيرًا إلى أن رمضان ليس شهر الشره والسرف في الأكل والشرب، بل هو شهر الإقلال من الطعام والشراب، والكف عن الشهوات، والإكثار من نوافل الطاعات، مرجعًا انتشار تلك الظواهر السلبية إلى قلة الوعي بين الناس.
وأشار سماحته إلى أن ما تقوم به القنوات الفضائية بسعيها الحثيث في كسب المشاهدين من خلال البرامج الفاسدة، والمسلسلات الهابطة، والمشاهد المخلّة، الخادشة للحياء، الداعية إلى الرذيلة والفحشاء يُعدُّ محادّة لله ورسوله، داعيًا العلماء والدعاة والخطباء الى توعية الناس وتحذيرهم من سموم هذه الفضائيات، متطرقًا إلى ظاهرة التسول التي تزداد بقدوم موسم رمضان المبارك، فيؤكد عدم جواز أكل الأموال التي يجنيها المتسوّلون المتحايلون من خلال كسبهم لتلك الأموال بالتسوّل والادّعاء كذبًا الحاجة، وعدم القدرة على العمل.
وطالب سماحته عموم المسلمين باستلهام الدروس والعِبر من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسير السلف الصالح، معتبرًا ذلك أمرًا ذا أهمية بالغة في ترغيب الناس، وحثّهم على الفضائل والقيم النبيلة، خصوصًا في مواسم الخيرات كشهر رمضان المبارك.
فإلى نص الحوار:
* المدينة: كيف نستفيد من رمضان في إعادة اللُّحمة الاجتماعية للأسرة والمجتمع؟
** المفتي: إن شهر رمضان شهر المواساة، والتواصل، والتكافل، والتهذيب، والتصافي، وتتجلى هذه القيم والخصال في الأمور الآتية:
إن شهر رمضان شهر التقرب إلى الله بأنواع العبادات، وصفاء للقلوب من الأحقاد والضغائن، وتهذيب للنفس من الخصال والسلوكيات السيئة، وكف للسان عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والبهتان، وفحش الكلام، والسب والشتم وسائر الآفات، مع البعد عن الخصام والتشاجر والتباغض. وهذه الخصال كلها فيها تحبيب للنفوس، وتقريب للقلوب، وزيادة للمودة والأخوة بين أفراد الأسرة الواحدة، وبين أفراد المجتمع بشكل عام.
كما أن من مقاصد صيام شهر رمضان إشعار الأغنياء بمعاناة الفقراء والمساكين الذين ربما لا يجد أحدهم قوت يومه وليلته، فيبيت هو وأولاده جياعًا، فإذا أحس الغني بألم الجوع والعطش تذكر إخوانه المحتاجين، فيرقّ قلبُه لهم، ويبادر بمواساتهم، ومساعدتهم بالتصدق عليهم، وتفطيرهم في أيام هذا الشهر الكريم، وهذا فيه تحقيق لمبدأ التكافل والتلاحم بين طبقات المجتمع المسلم وبين أفراده.
كما أن صلة الأرحام من الأعمال الجليلة التي جاء الترغيب فيها والحث عليها، ولا شك أنها آكد وأكثر فضلًا وثوابًا في شهر رمضان من غيره، وذلك لتميزه عن بقية الشهور بمضاعفة الأجور والحسنات، فيتأكد القيام بصلة الأرحام في هذا الشهر، ما يقوي الوشائج والعلاقات بين الأرحام والأقارب.
* المدينة: ما الذي ينظر إليه سماحتكم فيما يتعلق بالإسراف والتبذير حين دخول رمضان؟
** المفتي: الإسراف والتبذير منهي عنه في سائر الأيام والشهور، قال تعالى: «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقال تعالى: «وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا». فالواجب على المسلم اجتناب الإسراف، والاقتصاد في الأكل والشرب في هذا الشهر الفضيل، والاقتصار على الأكلات العادية، وعدم البذخ والتبذير وصرف الأموال في شراء أنواع الأطايب من الأطعمة والمشروبات، والحلويات ونحوها.
ولا شك أن للدعايات التي تطلقها كثير من الشركات قبيل شهر رمضان عن أنواع المأكولات والمشروبات، لها دور كبير في جلب الناس للإغراق في شراء تلك المواد والأغراض، والشركات تستغل هذا الموسم الكريم لزيادة أرباحها وتسويق منتجاتها الغذائية، وهذا أمر لا ينبغي، وهو مخالف لخصوصية هذا الشهر، وصرف للناس عن روح هذه الشعيرة العظيمة ومقاصدها، واستنزاف لأموالهم، فالواجب عليها الكف عن استغلال هذا الموسم الكريم لئلا تضرّ بالناس ولئلا تدفعهم نحو الإسراف والتبذير.
محادة لله ورسوله
* المدينة: كيف ترون دور المراجع العلمية والشرعية في هذا الشهر الكريم في ظل تكالب الفضائيات على جذب المشاهد وتشويه صورة الشهر الكريم، وتصويره على أنه شهر المسلسلات، والفكاهة والمسابقات؟
** المفتي: الواجب على العلماء والدعاة وخطباء المساجد توعية الناس بأهمية شهر رمضان، وبيان فضائله، وخصوصياته، وحث الناس على استغلاله في فعل الطاعات ونوافل العبادات، والتوبة والإقلاع عن الذنوب والآثام، والإقبال على أعمال البر، واستغلال أيام وليالي هذا الشهر الفضيل فيما ينفع المسلم في دينه ودنياه، والكف عن المنكرات، والفواحش، والعناية بتهذيب النفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل.
وكذلك تحذيرهم من مشاهدة تلك البرامج الداعية إلى الرذيلة والفحشاء، وأن الإقبال على مشاهدة تلك الفضائيات تفرغ هذا الشهر عن مضمونه ومغزاه، وأن سعي تلك الفضائيات لتخصيص شهر رمضان بتلك الأعمال المنافية للأخلاق، والمضيعة للأوقات، فيه محادة لله ولرسوله، فإن الله تعالى شرع صيام رمضان للعبادة، والتهذيب الأخلاقي، والسمو الروحي والإيماني، والكف عن المحارم والشهوات، وأما هذه الفضائيات فقد جعل هذا الشهر موسمًا لإغراق الناس في الشهوات، والدعوة إلى الفحشاء والمنكر، وضياع الأوقات فيما لا فائدة فيه، وصرف الناس عن العبادة، وقراءة القرآن، وقيام الليل، وعن الخيرات والحسنات.
* المدينة: كيف لنا أن نعيد روحانية رمضان إلى ما كان عليه السلف الصالح من الاستعداد لتلك الروحانية المباركة؟
** المفتي: يمكن تحقيق ذلك بتوعية الناس بفضل شهر رمضان المبارك، وتعريفهم على المقاصد والحكم من مشروعية صيام هذا الشهر الكريم، وترغيبهم للمسابقة في الخيرات والتقرب إلى الله بالطاعات، والتزود بالصالح من الأعمال والأقوال، وتعريفهم على سيرة السلف الصالح في العناية بهذا الشهر الكريم، واستغلاله في طاعة الله عز وجل، وتعظيمهم لحرمة هذا الشهر، واستبشارهم بقدومه.
ويتم هذا الأمر عن طريق الدروس، والخطب، والمحاضرات، ونشر المطويات، والكلمات والمحاضرات وإطلاق البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تعين على التذكير بفضائل هذا الشهر الكريم، وترغيب الناس في الخير، وتشنيف مسامعهم بالأذكار، والتلاوات، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
* المدينة: نصيحة توجهونها للمسلمين للاستفادة من رمضان في إحياء مبادئ التآخي والتآلف والتراحم فيما بينهم؟
** المفتي: إن من مقاصد صيام رمضان مواساة الأغنياء لإخوانهم الفقراء والمحتاجين، والتعرف على أحوالهم، والأخذ بأيديهم، ولمّ جراحهم، وتخفيف معاناتهم، وبذلك تتحقق الأخوة الإيمانية المطلوبة في المجتمع المسلم، وتزول الضغائن والأحقاد والبغضاء من القلوب، وتزيد المودة، وتتآلف النفوس، ويتحقق التكاتف والتكافل بين أفراد المجتمع.
كما أن اجتماع الناس في المساجد، وعلى موائد الإفطار الجماعي، أو في المنازل والبيوت، سواء بين الأقارب، أو بين الجيران، إن في ذلك فرصةً للتلاقي، والتآخي، وتبادل الزيارات، وتقوية أواصر المحبة بين الأرحام، وبين الجيران، والتعرف على أحوال بعضهم لبعض، وبذل التعاون فيما بينهم.
ظاهرة التسول
* المدينة: ظاهرة التسول تزداد في هذا الشهر المبارك.. فما هو الرادع الديني والاجتماعي والأمني من وجهة نظركم لكبح جماح المتسولين؟
** المفتي: حيث إن شهر رمضان شهر الكرم والجود، وإخراج الصدقات الواجبة والنفلية، فإن بعض المتسولين -هداهم الله- يستغلون هذا الموسم للتسول في المساجد، وبذلك تزداد هذه الظاهرة في رمضان.
ولا شك أن الوازع الديني في مقدمة أسباب منع تلك الظاهرة، فقد جاءت نصوص كثيرة في التحذير من السؤال لغير حاجة، أو السؤال لأجل التكثر من المال، يقول صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» وقال في الحديث الآخر: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ».
فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه، وألا يعرض نفسه للعقوبة والعذاب بسبب سؤاله لغير حاجة، وأن ما يأخذه من المال -وهو قوي مكتسب- حرام لا يجوز له أكله، فقد جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فرَفَعَ فيهما البَصَرَ وخَفَضَه، فرآهما جَلْدَين، فقال: «إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».
ثم يأتي دور الجهات الأمنية وإدارة مكافحة التسوّل في منع هذه الظاهرة، والقبض على المتسوّلين الذين أغلبهم أناس متحايلون، غير محتاجين.
* المدينة: المعطلون لمصالح العباد في رمضان، لا يداومون ولا يلتزمون مكاتبهم، ولا يريدون استقبال المراجعين.. فما هو توجيهكم لهؤلاء الموظفين؟
** المفتي: لا يجوز لهؤلاء الموظفين أن يعطلوا مصالح الناس في شهر رمضان، فالواجب عليهم التقيد بالدوام الرسمي، والحضور في أماكن عملهم مع أول ساعة الدوام، واستقبال المراجعين كالمعتاد من غير مماطلة، أو تأخير عليهم، أو تعطيل معاملاتهم ومصالحهم.
بل إن المطلوب من الموظفين أن يكون حرصهم على الدوام والحضور في رمضان أكثر من الأيام العادية، وذلك -أولًا- لأن ساعات العمل تقل في رمضان عن غيره، فينبغي الحرص على سرعة إنجاز معاملات وأعمال المراجعين. وثانيًا لأن المراجعين ربما تأذوا بالتأخير والانتظار الطويل في رمضان أكثر من غيره؛ بسبب الحرّ، ولكونهم صائمين.
فينبغي للموظفين الاهتمام بشؤون المراجعين في رمضان، وهم مأجورون بذلك، ومثابون أعظم الأجر إن أخلصوا النية لله واحتسبوا ذلك؛ لكونهم في خدمة الصوّام، فالتخفيف عليهم، وسرعة إنجاز معاملاتهم فيه أجر وثواب إن شاء الله تعالى.
* المدينة: كيف نستفيد من رمضان في إعادة اللُّحمة الاجتماعية للأسرة والمجتمع؟
** المفتي: إن شهر رمضان شهر المواساة، والتواصل، والتكافل، والتهذيب، والتصافي، وتتجلى هذه القيم والخصال في الأمور الآتية:
إن شهر رمضان شهر التقرب إلى الله بأنواع العبادات، وصفاء للقلوب من الأحقاد والضغائن، وتهذيب للنفس من الخصال والسلوكيات السيئة، وكف للسان عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والبهتان، وفحش الكلام، والسب والشتم وسائر الآفات، مع البعد عن الخصام والتشاجر والتباغض. وهذه الخصال كلها فيها تحبيب للنفوس، وتقريب للقلوب، وزيادة للمودة والأخوة بين أفراد الأسرة الواحدة، وبين أفراد المجتمع بشكل عام.
كما أن من مقاصد صيام شهر رمضان إشعار الأغنياء بمعاناة الفقراء والمساكين الذين ربما لا يجد أحدهم قوت يومه وليلته، فيبيت هو وأولاده جياعًا، فإذا أحس الغني بألم الجوع والعطش تذكر إخوانه المحتاجين، فيرقّ قلبُه لهم، ويبادر بمواساتهم، ومساعدتهم بالتصدق عليهم، وتفطيرهم في أيام هذا الشهر الكريم، وهذا فيه تحقيق لمبدأ التكافل والتلاحم بين طبقات المجتمع المسلم وبين أفراده.
كما أن صلة الأرحام من الأعمال الجليلة التي جاء الترغيب فيها والحث عليها، ولا شك أنها آكد وأكثر فضلًا وثوابًا في شهر رمضان من غيره، وذلك لتميزه عن بقية الشهور بمضاعفة الأجور والحسنات، فيتأكد القيام بصلة الأرحام في هذا الشهر، ما يقوي الوشائج والعلاقات بين الأرحام والأقارب.
* المدينة: ما الذي ينظر إليه سماحتكم فيما يتعلق بالإسراف والتبذير حين دخول رمضان؟
** المفتي: الإسراف والتبذير منهي عنه في سائر الأيام والشهور، قال تعالى: «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقال تعالى: «وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا». فالواجب على المسلم اجتناب الإسراف، والاقتصاد في الأكل والشرب في هذا الشهر الفضيل، والاقتصار على الأكلات العادية، وعدم البذخ والتبذير وصرف الأموال في شراء أنواع الأطايب من الأطعمة والمشروبات، والحلويات ونحوها.
ولا شك أن للدعايات التي تطلقها كثير من الشركات قبيل شهر رمضان عن أنواع المأكولات والمشروبات، لها دور كبير في جلب الناس للإغراق في شراء تلك المواد والأغراض، والشركات تستغل هذا الموسم الكريم لزيادة أرباحها وتسويق منتجاتها الغذائية، وهذا أمر لا ينبغي، وهو مخالف لخصوصية هذا الشهر، وصرف للناس عن روح هذه الشعيرة العظيمة ومقاصدها، واستنزاف لأموالهم، فالواجب عليها الكف عن استغلال هذا الموسم الكريم لئلا تضرّ بالناس ولئلا تدفعهم نحو الإسراف والتبذير.
محادة لله ورسوله
* المدينة: كيف ترون دور المراجع العلمية والشرعية في هذا الشهر الكريم في ظل تكالب الفضائيات على جذب المشاهد وتشويه صورة الشهر الكريم، وتصويره على أنه شهر المسلسلات، والفكاهة والمسابقات؟
** المفتي: الواجب على العلماء والدعاة وخطباء المساجد توعية الناس بأهمية شهر رمضان، وبيان فضائله، وخصوصياته، وحث الناس على استغلاله في فعل الطاعات ونوافل العبادات، والتوبة والإقلاع عن الذنوب والآثام، والإقبال على أعمال البر، واستغلال أيام وليالي هذا الشهر الفضيل فيما ينفع المسلم في دينه ودنياه، والكف عن المنكرات، والفواحش، والعناية بتهذيب النفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل.
وكذلك تحذيرهم من مشاهدة تلك البرامج الداعية إلى الرذيلة والفحشاء، وأن الإقبال على مشاهدة تلك الفضائيات تفرغ هذا الشهر عن مضمونه ومغزاه، وأن سعي تلك الفضائيات لتخصيص شهر رمضان بتلك الأعمال المنافية للأخلاق، والمضيعة للأوقات، فيه محادة لله ولرسوله، فإن الله تعالى شرع صيام رمضان للعبادة، والتهذيب الأخلاقي، والسمو الروحي والإيماني، والكف عن المحارم والشهوات، وأما هذه الفضائيات فقد جعل هذا الشهر موسمًا لإغراق الناس في الشهوات، والدعوة إلى الفحشاء والمنكر، وضياع الأوقات فيما لا فائدة فيه، وصرف الناس عن العبادة، وقراءة القرآن، وقيام الليل، وعن الخيرات والحسنات.
* المدينة: كيف لنا أن نعيد روحانية رمضان إلى ما كان عليه السلف الصالح من الاستعداد لتلك الروحانية المباركة؟
** المفتي: يمكن تحقيق ذلك بتوعية الناس بفضل شهر رمضان المبارك، وتعريفهم على المقاصد والحكم من مشروعية صيام هذا الشهر الكريم، وترغيبهم للمسابقة في الخيرات والتقرب إلى الله بالطاعات، والتزود بالصالح من الأعمال والأقوال، وتعريفهم على سيرة السلف الصالح في العناية بهذا الشهر الكريم، واستغلاله في طاعة الله عز وجل، وتعظيمهم لحرمة هذا الشهر، واستبشارهم بقدومه.
ويتم هذا الأمر عن طريق الدروس، والخطب، والمحاضرات، ونشر المطويات، والكلمات والمحاضرات وإطلاق البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تعين على التذكير بفضائل هذا الشهر الكريم، وترغيب الناس في الخير، وتشنيف مسامعهم بالأذكار، والتلاوات، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
* المدينة: نصيحة توجهونها للمسلمين للاستفادة من رمضان في إحياء مبادئ التآخي والتآلف والتراحم فيما بينهم؟
** المفتي: إن من مقاصد صيام رمضان مواساة الأغنياء لإخوانهم الفقراء والمحتاجين، والتعرف على أحوالهم، والأخذ بأيديهم، ولمّ جراحهم، وتخفيف معاناتهم، وبذلك تتحقق الأخوة الإيمانية المطلوبة في المجتمع المسلم، وتزول الضغائن والأحقاد والبغضاء من القلوب، وتزيد المودة، وتتآلف النفوس، ويتحقق التكاتف والتكافل بين أفراد المجتمع.
كما أن اجتماع الناس في المساجد، وعلى موائد الإفطار الجماعي، أو في المنازل والبيوت، سواء بين الأقارب، أو بين الجيران، إن في ذلك فرصةً للتلاقي، والتآخي، وتبادل الزيارات، وتقوية أواصر المحبة بين الأرحام، وبين الجيران، والتعرف على أحوال بعضهم لبعض، وبذل التعاون فيما بينهم.
ظاهرة التسول
* المدينة: ظاهرة التسول تزداد في هذا الشهر المبارك.. فما هو الرادع الديني والاجتماعي والأمني من وجهة نظركم لكبح جماح المتسولين؟
** المفتي: حيث إن شهر رمضان شهر الكرم والجود، وإخراج الصدقات الواجبة والنفلية، فإن بعض المتسولين -هداهم الله- يستغلون هذا الموسم للتسول في المساجد، وبذلك تزداد هذه الظاهرة في رمضان.
ولا شك أن الوازع الديني في مقدمة أسباب منع تلك الظاهرة، فقد جاءت نصوص كثيرة في التحذير من السؤال لغير حاجة، أو السؤال لأجل التكثر من المال، يقول صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» وقال في الحديث الآخر: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ».
فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه، وألا يعرض نفسه للعقوبة والعذاب بسبب سؤاله لغير حاجة، وأن ما يأخذه من المال -وهو قوي مكتسب- حرام لا يجوز له أكله، فقد جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فرَفَعَ فيهما البَصَرَ وخَفَضَه، فرآهما جَلْدَين، فقال: «إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».
ثم يأتي دور الجهات الأمنية وإدارة مكافحة التسوّل في منع هذه الظاهرة، والقبض على المتسوّلين الذين أغلبهم أناس متحايلون، غير محتاجين.
* المدينة: المعطلون لمصالح العباد في رمضان، لا يداومون ولا يلتزمون مكاتبهم، ولا يريدون استقبال المراجعين.. فما هو توجيهكم لهؤلاء الموظفين؟
** المفتي: لا يجوز لهؤلاء الموظفين أن يعطلوا مصالح الناس في شهر رمضان، فالواجب عليهم التقيد بالدوام الرسمي، والحضور في أماكن عملهم مع أول ساعة الدوام، واستقبال المراجعين كالمعتاد من غير مماطلة، أو تأخير عليهم، أو تعطيل معاملاتهم ومصالحهم.
بل إن المطلوب من الموظفين أن يكون حرصهم على الدوام والحضور في رمضان أكثر من الأيام العادية، وذلك -أولًا- لأن ساعات العمل تقل في رمضان عن غيره، فينبغي الحرص على سرعة إنجاز معاملات وأعمال المراجعين. وثانيًا لأن المراجعين ربما تأذوا بالتأخير والانتظار الطويل في رمضان أكثر من غيره؛ بسبب الحرّ، ولكونهم صائمين.
فينبغي للموظفين الاهتمام بشؤون المراجعين في رمضان، وهم مأجورون بذلك، ومثابون أعظم الأجر إن أخلصوا النية لله واحتسبوا ذلك؛ لكونهم في خدمة الصوّام، فالتخفيف عليهم، وسرعة إنجاز معاملاتهم فيه أجر وثواب إن شاء الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.