لست هنا بصدد الحديث عن أعراسنا، وما وصلت إليه من مظاهر الإسراف والتبذير.. حتى أصبحت ميداناً للتفاخر، وما في ذلك من مخالفة لما ورد في السنة المحمدية كما أنني لست بصدد الحديث عما نراه فيها من التعري في اللباس، وما فيه من إظهار شيء من البدن الواجب ستره ولو أمام النساء غير أن حديثي سيكون عن مظاهر غير محبذة، وصلنا إليها في زواجاتنا فلربما تكاتفنا في معالجتها. قبل أيام كنت مدعوة لحضور حفلة زفاف.. سهل الله وتمكنت من إجابة الدعوة وحضور الحفل، وإن كانت تلك الحفلات لا تستهويني، ودائماً ما أكون مترددة في حضورها.. حضرت الحفل، وأسعدني لقائي بالكثير من الصديقات اللاتي لم ألتقِ بعضهن منذ سنوات، كانت أمسية ماتعة، وليلة بهيجة، كل ما هنالك منظم وجميل، والحديث مع الصديقات، ممتع وذو شجون بدأ الاحتفال، وبدأت (الطقاقات) يصدحن بأغانيهن، ومكبرات الصوت تعلو بأصواتهن ودفوفهن إلى حد الإزعاج ووالله إن خفض الصوت بمقدار النصف، لكاف أن يسمعه كل من بالقاعة وبكل وضوح، وسيكون أفضل بالتأكيد وبينما نحن نقطع وقت سهرتنا، ونستذوق جماله، أحسسته يقطعنا فنظرت إلى ساعتي، عقاربها تتسارع، والليل عند منتصفه، قمت كمن تنبه لشيء، يجب أن أعود إلى بيتي وأطفالي، استأذنت من صديقاتي، في مغادرة القاعة، لكنهن رفضن طالبات مني أن أتأخر قليلاً لحضور زفة العروس، ثم نخرج سوياً لم أجد بداً من الإذعان لهن، فلربما لا تستغرق الزفة غير دقائق بقيت في الحفل وعلى مضض، فالقلب مشغول بمن خلفي، لكن.. وما هي إلا دقائق، واطفئت الأنوار، الحمد لله ستبدأ الزفة وسننتهي أقبلت العروس، تميس في حسنها، وترفل في زينتها، وتتهادى في مشيتها ومن خلفها من يحملن (ذيل فستانها)، الذي يفترش الأرض بما يقارب المترين أقبلت والمصورة من أمامها تصور، ويا الله السلامة.. الزفة جميلة.. بدا أنها مُكلفة.. لكنها والحمد لله غير مصحوبة بموسيقى كانت العروس تسير حبة حبة، حتى صعدت المنصة، تنفست معها الصعداء فقد طالت علي مشيتها، وطالت زفتها، اعتقد أنها استغرقت ساعة من الزمان عقارب الساعة تقترب من الواحدة صباحاً، ويارب عفوك التفت إلى الصديقات وقلت لهن، والآن حبيباتي، أظن أنه بإمكاني المغادرة فقد والله بقيت هذا الوقت العصيب علي، إرضاءً لكن.. وإلا فأنا في غير حاجة لذلك الموال الطويل من الزفة، ولا إلى رؤية عروس، ما زادت ولا اختلفت عن بقية النساء. الصديقات ضحكن.. وأنا أكاد أجزم بأن فيهن من هي مثلي استطولت البقاء، وتتمنى الخروج، نهض الجميع للمغادرة، فقد طال بي وبهن الوقت، وإنه والله لمزعج هذا الوقت الذي تستهلكه أعراسنا، مع العلم يا أحبة.. أن طعام العشاء لم يُتناول بعد، فموعده المقرر سيكون عند الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً، وسيرتفع أذان الفجر، والطبول تصدح بصوت يعلوه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويا الله.. ما بال زواجاتنا اليوم.. صارت متعبة بهذا الشكل؟ وإني لأتساءل: ما المانع ونحن المسلمون، من أن تبدأ ترتيبات الزواج باكرا من ضيافة بالقهوة والشاي، وزفة، وتناول طعام العشاء، حتى تنتهي في وقت مبكر، كي يتسنى للمدعوات العودة إلى منازلهن وأزواجهن وأطفالهن، في وقت مناسب ومعقول ثم إنه لا يجب أن تكون أفضل ساعات الليل، في ذلك المكان الذي لا يختلف اثنان، على عدم خلوه من منكرات. أخواتي الحبيبات، أعراسنا اليوم في انحدار، ومنكراتها تتزايد، من عري وموسيقى وغيرها فكم نحن بحاجة لتوعية بعضنا بخطر ما يحدث، وكم نحن بحاجة أيضاً، إلى وجود قدوات بيننا يعلقن الجرس، ويساهمن في نزع مظاهر التكلف من أعراسنا، والقضاء على ما بها من منكرات. وختاماً حبيباتي، أرجو أن يكون لكلماتي، صدى في قلوبكن، ولها أثر في أعمالكن، حتى نكون جميعاً مفاتيح للخير، مغاليق للشر عفا الله عنا، وله الحمد على كل حال..