أمير القصيم يستقبل سفير أوكرانيا    الجامعة العربية تعقد مؤتمرًا دوليًا بالأردن حول دور المجتمع الدولي في تعزيز حقوق الطفل الفلسطيني    أمير الشرقية يفتتح فعاليات منتدى المرأة الاقتصادي    انطلاق أعمال الملتقى البحري الثالث في المنطقة الشرقية بمشاركة 42 متحدثًا من 25 دولة    هوكشتاين متفائل من بيروت: هناك فرصة جدية لوقف النار    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي إلى 43972 شهيدًا    محمد بن عبدالعزيز يطلع على جهود تعليم جازان لانطلاقة الفصل الدراسي الثاني    مجلس الوزراء يوافق على الترتيبات التنظيمية لرئاسة الشؤون الدينية للحرمين وهيئة العناية بهما    محافظ الخرج يكرم مركز التأهيل الشامل للإناث    مجمع الملك فهد يطلق "خط الجليل" للمصاحف    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود مجلس الجمعيات الأهلية    في اليوم ال1000 لحرب أوكرانيا.. روسيا إلى عقيدة نووية جديدة    الهويّة السعوديّة: ماضي ومستقبل    جامعة الملك سعود تحتفي باليوم العالمي للطلبة الدوليين    تقرير كي بي إم جي: بناء الحوكمة من أجل مستقبل صناعي مستدام في السعودية وخارجها    مركز الملك سلمان للإغاثة ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة الأحد القادم    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي المتنازل عن قاتل أخيه    «السعودية للكهرباء» و«أكوا باور» و«كوريا للطاقة» توقع اتفاقية شراء الطاقة لمشروعي «رماح 1» و«النعيرية 1»    التشكيلة الرسمية لمنتخب السعودية أمام اندونيسيا    القبض على مواطن لترويجه 44 كيلوجراما من الحشيش في عسير    انطلاق ملتقى المسؤولية الاجتماعية 2024 تحت شعار "الإعلام واقع ومسؤولية"..غداً    ارتفاع أسعار الذهب إلى 2623.54 دولارًا للأوقية    سماء غائمة تتخللها سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة    منتدى الرياض الاقتصادي يطلق حلولاً مبتكرة    «الجامعة العربية» تدعم إنشاء التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع    دراسة: القراء يفضلون شعر «الذكاء» على قصائد شكسبير!    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الأمريكي    رينارد في المؤتمر الصحفي: جاهزون لإندونيسيا وهدفنا النقاط    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة منتخب إندونيسيا ضمن تصفيات كأس العالم    الخليج يواجه الشباب البحريني في ربع نهائي "آسيوية اليد"    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    9,300 مستفيد من صندوق النفقة في عام    الأخضر السعودي تحت 19 يتغلّب على البحرين في ختام معسكر الشرقية    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    انعقاد أولى الجلسات الحوارية في المؤتمر الوطني للجودة    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    إصابات الربو في الطفولة تهدد الذاكرة    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    لبنان نحو السلام    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    مرحلة الردع المتصاعد    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    إطلاق كائنات فطرية بمتنزه الأحساء    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الأقمار الاصطناعية.. العالم غرفة صغيرة!
طوفان يجرف العقول بلا وعيّ يحصّن الجميع من تداعيات الخطر
نشر في الرياض يوم 24 - 12 - 2014

ليس بعيداً عن التطورات العلمية الكبيرة التي شهدها الكوكب منذ الدخول في مرحلة الثورة الصناعية في القارة العجوز أوروبا، شهد العالم إحدى طفراته العلمية المتمثلة في إطلاق أول قمر صناعي في العالم؛ إذ أطلق من قبل ما كان يعرف ب"الاتحاد السوفيتي" الند للولايات المتحدة الأمريكية إبان الحرب الباردة، وفي ذلك الوقت كان العالم أمام ثورة عسكرية فضائية عرفت ب"سباق الفضاء"، ولإدراك تلك القوى بأهمية ثورة الأقمار الصناعية عززت توجهاتها في فترة الحرب الباردة بهدف "أخذ أكبر مساحة من الفضاء عن طريق الأقمار الصناعية ومركبات الفضاء المأهولة وغير المأهولة"، حسبما يرى الباحثون المختصون في الأقمار الصناعية، كما كانت تلك الدولتين ترغبان في مجال غزو الفضاء، وتسخيره لتغيير ثقافة العالم، خاصة أن قواعد اللعبة التي لا تزال نفسها مع اختلاف التفاصيل حتى الآن تدرك جيداً أن تغيير الثقافة يعني السيطرة في نهاية المطاف على الشعوب.
نحتاج إلى مراكز بحثية تقيس حجم تأثير «غزو الفضاء» على حياتنا وقيمنا الاجتماعية بعيداً عن «ثقافة المنع»
وأُطلق أول قمر اصطناعي في العالم وهو سبوتنك-1 في 4 أكتوبر 1957م، ثم أكد الاتحاد السوفييتي سبقه عندما أطلق قمره الاصطناعي الثاني سبوتنك-2 في 3 نوفمبر من العام نفسه، بيد أن تفكك السوفيت، وانتهاء الحرب الباردة أدخل العالم مرحلة مدنية جديدة استفاد منها العلم كثيراً؛ إذ تحولت أهداف الأقمار الصناعية لحد كبير إلى أهداف تخدم من خلالها الشعوب، فانبثقت الثورة الكبرى الذي وصفها الباحث الاجتماعي "فؤاد المشيخص" ب"الطوفان الجارف"، وهذه الثورة تفرعت منها عدة علوم، منها الاتصالات، الإعلام بكل صيغه، الإنترنت، وغيرها من الحقول التي لم يعد ممكنا للبشر الاستغناء عنها، وبقدر ما يكون شعب قوي في هذه الثورة يمكن له أن يضع له موطئ قدم بين أمم الأرض.
تأثير سلبي
وقال "فؤاد المشيخص" –باحث اجتماعي-:"من دون أدنى شك نعرف كباحثين اجتماعيين أن لثورة الأقمار الصناعية تداعيات كبيرة وخطيرة على سلامة وأمن المجتمعات، أهمها ما يخص الجانب الإعلامي والاتصالات؛ إذ إن القطاعين يمسان حياة البشر بشكل رئيس"، مضيفاً:"كل مجتمع له عادات وتقاليد وعقائد وفي العصر الحاضر الذي نحن فيه أصبح الانفتاح العالمي يغزو كل الثقافات والمجتمعات، وبالتالي أي ثقافة لا تغزو فهي تُغزى، والحالة الطبيعية تكمن في تحصين كل مجتمع أمام كل حالة غزو ثقافي، ولا بد من معرفة كل حالة لنتمكن من علاجها وفق منظومة قوية قادرة على صد ذلك الغزو الذي ساندته ثورة الأقمار الصناعية، فإن لم يكن لدينا قدرة على أخذ ما هو جميل في هذه الثورة ورد ما هو قبيح لن نتمكن بإمكانياتنا المتواضعة الوقوف في وجه الطوفان".
غياب المراكز البحثية
وأضاف "المشيخص" أن الملاحظ في العالم العربي، وبالذات في دول الخليج أن حالة الغزو التي تأتي بأشكال عدة بقيادة الأقمار الصناعية صنعت تحولات اجتماعية كبيرة، وفي الوقت نفسه ليس لدينا في دول الخليج مراكز بحوث اجتماعية تعرف أين تتجه الأمور التي سببتها ثورة الأقمار الصناعة، مشيراً إلى أن التحولات الناشئة عن الثورة الخاصة بالأقمار الصناعية دائماً ما تعكس تغيرا اجتماعيا كبيرا على صعيد المجتمع سواء في العادات، أو التقاليد، أو على الصعيد الفردي؛ إذ تبدأ بتغيير السلوك الفردي للشخص، ثم لعائلته، ثم لمن يحيطون به فيصنع التغيير الذي تريده تلك الثقافة التي لا تجد عادة مقاومة من أحد.
وأشار إلى أن الثورة ستغير الشعوب، وأي شعب غير محصن ستؤثر فيه هذه الثورة، ونحن في دول الخليج، وبالذات شعبنا في المملكة ضعفاء أمام هذا الغزو، والأمثلة كثيرة أصغرها يكمن في مسلسل غير عربي تم عرضه عبر قمرنا الصناعي، فبثته فضائيات عربية، وأنظروا ما حصل من حالات، إذ هزّ المسلسل المجتمع وسبب حالات طلاق عدة في المجتمع لأننا مجتمع غير قادر على التحصين تجاه هذه الثورة؛ فنحن من أكثر شعوب الأرض تأثراً بالثقافات الواردة عبر ثورة الأقمار الصناعية، مبيناً أن ذلك يدعونا كباحثين اجتماعيين أن نقف وقفة جدية من أجل التأسيس لآلية بحث لهذا الغزوا الكبير ونتائجه، مؤكداً على أن الغزو سيعمل على التغيير ما أمكنه ذلك، وإن لم يكون لدينا مجموعة مقدمات وتحصينات للحفاظ على الحد الأدني من العادات والتقاليد سنكتشف أنفسنا بأننا في وضعية أسوأ بكثير مما نعتقد.
المعالجات
وشدد "المشيخص" على أن طبيعة هذه الثورة القادمة بقوة لا تعرف التفكير التقليدي الذي يركز على المنع الذي لم يعد العالم يتحمله، موضحاً:"الوضع الخاص بنا يتطلب النظر في النشأة والأسرة والمدرسة، ومجموعة ضوابط تضعها الدولة لتحصين المجتمع ضمن عاداته وتقاليده عبر الاستعانة بخبراء في علم الاجتماعي والنفس وغيرها من الحقول المرتبطة بهذه المسألة"، مشيراً إلى أن المنع والقدرة عليه والانعزال عن العالم غير ممكن ضمن هذه الثورة، مبيناً:"المسألة خاصة بالفكرة الأساسية، وهي المادة التي يمكن أن تحصننا من هذه الثورة، وقد تكون في المنتج كالفلم، المسلسل وهي أدوات ضمن هذه الثورة، ومنتجات أساسية، والفكرة الأساسية لها ولا بد إن تنشئ منتجك بناء على عاداتك وتقاليدك، فإن أطلقت قمرا صناعيا وأردت اللحاق بهذه الثورة في كل شيء، وليس لديك محتوى في هذه الثورة لن تتمكن من تحقيق ذاتك في نهاية المطاف، وستكون خاسرا، بل عونا لخصمك الذي يريد أن يغير قيمك وعاداتك ومجتمعك".
وعن الإفادة من ثورة الأقمار الصناعة، أجاب قائلاً:"المشكلة تكمن في أن أغلب القنوات الفضائية لها أهداف معينة ومحددة، وبعضها يحمل أهداف مؤدلجة واقتصادية، وتوجد منافسة على المنتج، فإن لم تنافس في منتجك بواقعية وبموضوع لن تصل لنتيجة ولن تتمكن من المنع وهناك من يستثمر هذه الثورة لمصالحه الشخصية التي قد تتعارض مع المجتمع".
التحصين ممكن
وقال "سعيد اليامي" -رئيس مجمع التلفزيون بالدمام- إن فترة ما قبل الفضائيات شهدنا من يخرج ويقول بأننا مستهدفون، وحين انطلقت القنوات الفضائية مرتكزة على ثورة الأقمار الصناعية التي تتطور بشكل ملفت وسريع شهدنا للأسف من يستغل تلك الثورة لصالحة من دون أي حساب للمجتمع ومتطلبات الوطن"، مضيفاً:"مسألة التحصين أصبحت من الملحات في مجتمعاتنا العربية، إذ لا بد من التثقيف وبخاصة لفئة الشباب الذين يعدون المستقبل المشرق لأي وطن، كما لا بد أن نكون واضحين معهم، وأن نكون قدوة لهم".
وأضاف أن الوقائع التي يشهدها الجميع تشير بوضوح إلى أن الاستهداف يأتي من الداخل وليس من الثقافات المعادية بالدرجة والأولى، مبيناً:"توجد قنوات تستغل ثورة الأقمار الصناعية لتربح في نهاية المطاف مادياً، وهناك القنوات المذهبية أو القنوات التي تبث أشياء ضد العادات والتقاليد الإسلامية، وقنوات الرقص الرخيصة، أو تلك القنوات التي همها الربح المادي على حساب القيم وغيرها، وهناك من يستغل الثورة الخاصة بالأقمار الصناعية لأهدافه الشخصية الربحية البحتة، فإن لم نكن واضحين مع أنفسنا ومع الجيل الشاب، فإننا سنجد أننا عاجزون فعلا أمام هذه الثورة الهائلة التي لا يمكن إيقافها بهذه الطريقة التي نحن فيها"، مشيراً إلى أن هناك تطوراً كبيراً في ثورة الأقمار الصناعية، مضيفاً:"بدأت المنافسة التي حققت الانطلاقة السريعة بعد الاعتماد على تقديم منتجات ذات جودة في هذا الحقل، منها إعلام، أنترنت، اتصالات، وغيرها الكثير من التخصصات التي يمكن للقمر الصناعي ضمن هذه الثورة الخدمة فيه، وبالنسبة لنا كعرب لا بد أن يكون لدينا إعلام واع لما هو مطروح ضمن هذه الثورة الهائلة".
وأشار إلى أن العرب يملكون قمرين صناعيين شهيرين هما عرب سات ونايل سات، مبيناً:"المنافسة بدأت وهي مفتوحة، وقواعد هذه اللعبة تقتضي أن المتلقي له حرية الاختيار المعتمد على الجودة بطبيعة الحال"، موضحاً أن الوزراء العرب وقعوا اتفاقيات فيما بينهم تنظم العملية الإعلامية وهي ميثاق شرف عربي عام، وهناك من يراعي أمور كثيرة تخص الجانب الفكري، أو العقدي، أو الاجتماعي" ، مستدركاً:"الأمر في الأول والأخير يعود لقواعد الثورة نفسها، وهي الجودة والمنافسة وانجذاب المتلقي لأحدها".
ثورة كبرى
وأكد "طالب التريكي" -مخرج تلفزيوني- على أن التقنيات التي أطلقتها ثورة الأقمار الصناعية لا يمكن أن تقف عند حد، فمن لا يفهما يفوته القطار، والمطلوب أن ندرك جيدا حجم هذه الثورة التي غزت كل العالم اليوم، وأن لا نلتهي بكل ما يفرق الشمل في أمور تافهة وصغيرة لا قيمة لها أمام هذا التقدم الكبير الذي لا يملك العواطف بقدر ما يملك العلم الذي يمكنه من غزو الآخرين حسب الطريقة المتحضرة التي يراها.
التغيير حتمي
وقال "عبدالله أبو عزيز":"من الطبيعي أن المجتمعات تتحفظ على التغيير، إلاّ أن التغييرات قادمة لا محال"، مضيفاً:"لو رجعنا إلى الوراء لوجدنا أن هناك تحفظا على الراديو، ثم التلفاز، ثم الانترنت، إلا أنه في الأخير تم تقبل الوضع بشكل تدريجي، ومن المؤكد بأن هذه الوسائل تلعب دور أوسع سواء كان إيجابياً أو سلبياً؛ فإذا أردنا تحصين أجيالنا وفق القيم التي نؤمن بها، فعلينا أن نتفاعل مع هذه الوسائل لأنها ستقربنا أكثر وستوصل المراد بطريقة أسرع، وطبعاً هذا لا يعني بأن المجتمعات ستبقى جثة هامدة أمام كل هذه الثورة الإعلامية، بل ستكون أكثر فاعلية على المستوى الفكري".
وشدد "نزار الهاشم" على أنه ليس مع الحد من هذه الثورة، مبيناً:"يمكننا تحصين الأجيال عبر بث ثقافتنا الخاصة واختيار الطرق المناسبة لبثها والتنويع فيها ولكل أمر سلبياته وإيجابياته وطريقة الاستخدام تحدد هذا الأمر".
فؤاد المشيخص
سعيد اليامي
عبدالله أبو عزيز
طالب التريكي
نزار الهاشم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.