أكد الشيخ الدكتور أحمد بن سيف الدين تركستاني المشرف على الشؤون الثقافية بالملحقية الثقافية السعودية في بريطانيا أن صناعة المستقبل والتخطيط له مبدأ شرعي وضرورة حياتية وحاجة حتمية لجودة الحياة وحسن نوعيتها وعمق اثرها حيث يعلمنا القران الكريم والسنة النبوية صناعة المستقبل من خلال تقرير هذا المبدأ بقوله سبحانه وتعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) وبما قررته السنة النبوية حيث كان صلى الله عليه وسلم يعمل بهذا المبدأ في جميع شئون حياته وفي مختلف المجالات والتي تبرز بوضوح في المواسم فهو صلى الله عليه وسلم يبشر بها للاستعداد والعمل كما هو معلوم في استقبال رمضان المبارك ، واشهر الحج ، والاعمال التي تعمل فيها وغيرها . مؤكدا بان دقة التخطيط والنظام من اعظم ما تميزت به حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبانه كان من خصاله في نشر دعوته وفي مواجهته لما يحيط بها من اخطار حيث لم تكن العشوائية تعرف طريقها الى حياته صلى الله عليه وسلم وكان الانضباط باديا في حياته الخاصة وحياته الدعوية والقيادية . واشار الدكتواحمد تركستاني بان سياسة التخطيط والمرحلية والاستعداد للمستقبل القريب والبعيد موروثا من حسنات الاسلام التي لا تفصل بين المستقبل الدنيوي والاخروي فمتى ما حاول المرء صناعة مستقبله الدنيوي المشروع فيندرج تحته مايصنعه لأخرته لأن الدنيا مزرعة الاخرة فهما لا ينفصلان ولذلك يردان جميعا في القران الكريم سواء في العمل والنتيجة وهكذا كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم مستدلا في هذا الصدد بقصة سيدنا يوسف عليه السلام التي خصها القران الكريم بسورة كاملة و بقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) والتي يتجلى الربط فيها بين الجزاء الدنيوي : الحياة الطيبة والجزاء الاخروي : الجزاء باحسن ماكان العمل. وقال الشيخ التركستاني في خطبة الجمعة التي ألقاها بمقر مكتب رابطة العالم الاسلامي بلندن: ان أمتنا الاسلامية بأمس الحاجة الى التخطيط الدقيق الذي يشمل جميع مناحي الحياة الدعوية والعلمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها ليبني مجدها ويقيها باذن الله مصارع السوء وحتى نكون كما اراد لنا ربنا “كنتم خيرامة اخرجت للناس “ واضاف بان المسلم يخطط تخطيطا بعيدا يتجاوزالحياة الدنيا بالتخطيط لآخرته ومصيره بعد موته فيتعلم لأجل ذلك التخطيط لحياته الدنيا ليكتمل النظام في كافة جوانب حياته ، واستشهد الشيخ التركستاني بمجموعة من الاحاديث النبوية الدالة على التخطيط والعمل لتفادي تقلبات المستقبل ومفاجآته حتى يحمى نفسه واسرته ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ( ولئن تدع ابناءك أغنياء خيرمن ان تدعهم فقراء يتكففون الناس) وحديثه صلى الله عليه وسلم للإعرابي الذي ترك ناقته عند باب المسجد دون ان يعقلها وانه توكل على الله ودخل المسجد فهربت (اعقلها وتوكل) وبقوله صلى الله عليه وسلم في ضرورة التخطيط “خذ من شبابك لهرمك ومن صحتك لمرضك ومن غناك لفقرك “ وبقوله في اول خطبة في المدينة “اما بعد يأيها الناس قدموالأنفسكم “ وفي اول جمعة بها “فاكثروا ذكر الله واعملوا لما بعد الموت “ وفي خطبة اخرى “ياايها الناس ان لكم معالم فانتهوا الى معالمكم ، وان لكم نهاية فانتهوا الى نهايتكم فان العبد بين مخافتين ، اجل قد مضى لايدري مالله فاعل فيه واجل باق لايدري مالله قاض فيه ، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته ، ومن الشبيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الممات" ولفت الى مشكلة الكثير من الناس –وخاصة الشباب منهم – بانهم لايخططون لمستقبل حياتهم ولايفكرون الا في اللحظه الراهنة ولاينظرون الى فرص وتحديات المستقبل ممايجعلهم يفقدونها ومن ثم يعيشون حالة من ضبابية الرؤية والوقوع في دائرة الفشل والشقاء ! منوها بان النجاح في الحياة من ثمار التخطيط الناجح للمستقبل الذي يعد من أقوى العوامل للوصول للأهداف المطلوبة وتحقيق الغايات المرسومة .. وعدد الخطيب التركستاني الاسباب التي تجعل الانسان لا يخطط للمستقبل ولايفكر فيه من أهمها : غياب الاهداف والتطلعات الكبيرة ، عدم الشعور بالمسئولية ، عدم الوعي بالمتغيرات ، الانغلاق والجمود ، المفاهيم الخاطئة . مشيرا الى بعض مواطن العلل والخلل تجاه النظر للمستقبل وصناعته ومنها : عدم النظر الى المستقبل اصلا ، النظر للمستقبل بكليته ، وتضخميه حتى يصل الى نوع من الخيال يبعد تحقيقه ، الفوضوية في الحياة وعدم ترتيبها ، عدم الاستفادة من النقاط الايجابية عند الانسان نفسه والقدرات التي منحها الله اياها ، عدم الاستفادة من الامكانات . داعيا الى الاعداد الجيد للتخطيط للمستقبل باتباع القواعد التالية : تحديد الاهداف بدقة ، ترتيب الاولويات ، وضع خطة عملية ، وضع خطة للطوارئ، ولخص المشرف على الشؤون الثقافية في الملحقية الثقافية السعودية في بريطانيا الادوات المعينة للنظر في المستقبل بمايلي : التأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ،معرفة الانسان لنفسه ولمهمته في الحياة ، معرفته لقدراته، معرفة امكاناته المتاحة ، الانطلاق من تفعيل العمل الحياتي ، دراسة التجارب والاخرى ، دراسة التاريخ ففيه العبر والدروس ، دراسة حياة العظماء الذين اسهموا في توجيه الاخرين وافادتهم .يشار بان الدكتور التركستاني يتولى القاء الخطبة في اول جمعة من الشهر الميلادي وذلك بمقر مكتب رابطة العالم الاسلامي بلندن.