اليوم أنهيت كتابي الجديد (عطر مكة وعالم عبدالله باشراحيل الشعري) وفي جميع فصوله التي نشرتها تحدثت عن تجربة مثيرة لرجل أحسنَ تماما في صناعة تجربةٍ مثيرة لعالمه وأدام بالصياغة الحسية لنتاجه الشعري صرحاً من القصائد والكتب والرؤى التي يسجلها بيقظة وعي الرجل بما يجري حوله وهو يدون خيالات عاطفته الحكيمة في رؤى الرائي لمرئي يراه في مساحة الرؤية لنرى نحن من خلالها قصائده وهي تدون لنا حشدا طيبا من المشاعر المتعددة المشارب والآفاق. يبرمج عبدالله باشراحيل موهبته وفلسفته وأفكاره في حياة منتظمة ومواقف لايحسبها بقصد بل أن الكثير منها هو صنيعة الهام لاينتظره بموعد بل هو يهبط مع ملكته في لحظة قد لايتوقعها هو ولكن قد يحترم فيها هذا التوقيت. لا أعرف لماذا اختار الشاعر عبدالله باشراحيل يوم السبت ليكون واحته التي يطل منها على قرائه ومحبيه على صفحات جريدة الندوة المكية . ولأني سبق وأن نشرت في صحيفة الندوة الغراء مثل هذا الهاجس في قراءتي لما نشر الشاعر في هذه الصحيفة ولا أريد أن أعيد رؤيا ما كنت أتخيله وأنا أتتبع المنجز الأدبي لباشراحيل على صفحات الجريدة فقد أعلنت هناك برؤاي عن تلك الكتابات وقيمتها الأدبية .والآن بعد رحلة طويلة وعميقة في عالم هذا الرجل أقف هنا عند يوم أحبه ليكون فيه موعده الروحي في صفحة الجريدة الأخيرة ليوم السبت . تتبعت أيام السبت منذ أن عرفت باشراحيل وصادقت روحه قبل أن أصادق منجزه فوقفت معه إلى حالة فلكية ترويها الروائية الانكليزية فرجينا وولف وهي تقول : كل سبت علي أن أدون حلما يطفو بي إلى رغبة الأحد القادم لأكون مع هذا الناس غارقة في أطياف قداسي الأسبوعي. باشراحيل يعاكس فرجينا وولف تماما في طقسه .هو يقيم تبريك جمعته وقداسها المبارك في أرجاء عطر الحرم المكي ثم بعد ذلك يكتب نصه أو ينشره أي انه يعاكسها تماما بسبب خصوصية الثقافة والمكان والحضارة التي ينتمي إليها والفرق هنا في زمنكانية الكتابة بين الهاجسين أن باشراحيل منتظم في حلم يلازمه ويؤمن بما يمنح من أخيلة ، والكتابة الانكليزية تكتب في متباعدات زمنية متفاوتة.وحين نتحرى عن السبت ومعناه في اللغة العربية نراه يعني البرهة من الدهر والسبت هو الراحة ويقال سبت يسبت سبتا أي استراح وسكن وقيل : أن السبت هو معرب شبت العبرية وتعني الراحة والسكون وكان يسمى في الجاهلية (شبار).. والسبت في دلالة الحلم بداية العافية .وقد ذكر في القرآن سبع مرات وأكثر ما ذكر في سورة الأعراف في معالجة لحال السبت عند أهل التوراة .وكان المعلم ابن سينا يرى في السبت نضوج أول أيام التفكير. والمتصوفة يرونه المستريح الأبدي لتهدج عبادة يوم كامل كان قبله هو يوم الجمعة . وربما هذا السبت بمعناه يقرب الرؤية لدى باشراحيل ليكتب في تعدد المعاني والاشتغال وكأنه وأنا أتابع بانتظام (أسباته) كلها لأراها أكثر ما يعطر رؤاها ومساحة الإبداع فيها هو (الشعر). فعالمه الشعري هو امتداد لجغرافية موهبته ومكامن نبض الحروف على شغاف قلبه . هو في (سبته) المنظم يردد ملكوت ما يسكنه من حلم معرفي وروحي وذهني ينظم معه وقتا ثابتا لهالة الانشداد فيه .فيكتبها قبل يوم أو يومين أو ثلاثة من كل سبت جديد ويضعها في مطلع اليوم الأول من أسبوع الصحيفة وكأنها تبدأ معه فعل ديمومتها مع المطبعة والقارئ والمانشيتات وهذا يعني أن الرجل حين يجعل ( سبته ) توقيتا لإشاعة بضاعة الجمال لديه فإنه ينظم لحياته موقتا في جعل مودة روحه بأزمنة مفهومة لدى الآخر ولديه .فيكون انتظار ورقته كمن ينتظر اللحظة الجديدة وتطوره هاجسها. هذا التطور تراه في مدارج الأسابيع يمتلك تصاعدا حسياً لافتا للنظر ويرينا من دون حتى مراجعة المنجز والمدون للرجل في إصداراته وكتبه ، يرينا انتظاما فعالا في ضبط المقاربات الإبداعية والروحية لديه حتى في أشكال تنوعات هذا السبت . ففي كل سبت جديد بين غزل ورؤيا فكرية ووطنية وهاجس يستقر في ثنايا الوجدان على شكل دمعة أو موعظة أو مديح لمقام يراه يليق فيه المديح أو يرتقي بهاجس تعلقه بأبدية مكان الولادة فيكون لشذى مكة إيقاعا يسري كما الدم في أوردة الروح ويترك غبار مودته على طرقات كل قصائد ومقالات السبت. أظهر لنا سبت الصفحة الأخيرة تنوعات إبداعية عديدة لهذا الرجل الشاعر والمثقف وربما الإبداع الشعري يشكل المادة الأكثر ظهورا على صفحة السبت الأخيرة من صحيفة الندوة ولسنا هنا بصدد إحصاء المنشور بل هنا فقط نقرأ بعض الجوانب الروحية والوطنية والفكرية في ثنايا هذا المنجز الذي يترك أثره في ذائقة القارئ من خلال انتظاره لسبت الرجل وما يقول فيه . يتحدث عبدالله باشراحيل عن انتظام هذا الطقس الجميل أن يحاول أن يكون وفيا لتلك المسافة المضيئة من الإبداع وفي هذا المكان .ومن رؤاه نستلف الكثير من العبارات والمعاني التي تجعلنا نكتشف أن هذا السبت ليس سبتاً عاديا في حياته فهو ربما يلتقي تماما مع رؤى شاعر فرنسا الكبير بول ايلوار بقوله : للشاعر نافذة واحدة يرى فيها العالم والعالم يراه فيه . يقول عبدالله باشراحيل: إن السبت هو يوم مفضل لوجدانياتي وآفاقي التي أريد أن أصل فيها إلى ذائقة عقول مغرمة بالإيمان وحب الأدب والوطن وكل فعل إنساني يتلاءم مع نهضة ما تربيت عليه من فقه وفكر وصلاح. ويقول: إنه في الكتابة الشعرية والأدبية يشعر بأنه يقترب من الناس كثيرا .وكما يؤمن برؤى ملكهُ وخادم حرميه الشريفين ومنار شعبه قوله خدمة أبناء الوطن ومدنه المقدسة شرف الملوك أولاً . يقول : أنا أعي إن خدمة الناس عن طريق الفعل الملهم الثقافي هو شرف يضعني في مرتبة أولئك الذين ينالون بركات السماء والوطن وهذا فخر كبير . مقال السبت ترينا مصادر وممكنات ومساحات ومكامن إبداع هذا الفخر فجميع ما ينشره الشاعر هو نتاج انتظام حياته الفكرية وظل وفيا لطقسه الكتابي كما وفاء ماركيز مع قدح قهوته الكولومبية عند شروعه الكتابة والجلوس أمام الآلة الكاتبة . باشراحيل ينظر إلى سبته نظرة الأب للابن ليدون عليه هواجس نصحه ورؤاه وأشواق قلبه في تهافتات الشعر ومع كل قصيدة ننظر إلى روح الشاعر وهي تفتح آفاقا متعددة واشتغالاً لا توحّد في معناها سوى من خلال نبض القلب حتى وان تعددت مشاربها وأغراضها وعناوينها . هو شاعر لكل أيام حياته وكم أتمنى أن أنقل هنا ما يتلوه لسانه في تعريفه بنفسه لكني وجدت أن اجعل من مقالات سبته نافذة تعريف لمقدمة كتاب أنجزته عن هذا الرجل (الأخ والصديق والشاعر والمواطن الإنساني السعودي الواعي والطيب) وأردت لهذا المقال ليكون فصلا تعريفيا بهذا الرجل .وبما أنجزته عنه في متتالية قرائية عن بعض مدوناته وبرؤى جمالية وقراءة روحية لما اعتقد أن الشاعر ونتاجه يمثل تميزا في مسيرة الإبداع العربي ويجب أن ينتبه إليه جيداً...........! وخلاصة ما رأيته عن هذا الإنسان المتميز في رؤيا روحه وإبداعه لايمثل كل الذي يجب أن أقوله عنه .فأنا بعد هذا المنجز سأعد لطبوغرافيا أدبية ودراسات جمالية لروح النتاج الشعري لجميع أعماله المنشورة في مجلدات الأعمال الكاملة .لشعوري حتى دون أن يعلم هو أن هذا الرجل المبدع يمثل للباحث والقارئ عالما خصبا من تعدد النتاج وغناه بالكثير من رؤى الجمال بين وصف وغزل وروح متحررة ونداء وطني وقراءات فكرية وفلسفية لبوابات العيش الحياتي .كما أن بعضا من قصائده لبلدان أحبها وعاش في ثنايا لياليها ومنتديات آدابها ومجمعتها الفكرية تقرا على شكل أدب لرحلات الشعر في هوى مدن القصيدة بين شام ومصر وجدةومكة وبيروت وباقي الأمصار. ما يكتبه باشراحيل في باب (الترحال الشعري) هو قراءة لروح المدن وتواجدها في أمكنة روحه الشاعرة وطالما وضع الشاعر مناه في أخيلة تلك الأمكنة وكأنه يضع رؤيته في نافذتين من حضارتين (شرق وغرب) وربما نوهت إلى هذا في فصل كتبته عن الشاعر في قراءتي الصوتية لمنتجه الشعري ولكني هنا أعيد الرؤيتين مع هاجس لأبي حيان التوحيدي وهو يتمنى على أخباره وتفاصيل حياة أمته أن تكون في ثياب المدن مثل قشعريرة عودة المسافر إلى بلده بعد غيبة ويصفها بأن هواء المدن يصنع في الروح قشعريرة الجسد المشتاق .هذه رؤية صوفية مغمورة بهيبة ما تتركه فينا المدن التي نحب .وفي الرؤية الحضارية الثانية آتية من الغرب على لسان غاستون باشلار عندما يرى الكتابة عن المدن تلبسنا الثياب الفاخرة من هيبة الكلمات .فهو يعتقد أن مكان المدن هو المكان الكوني لإحساس البشر ليروا من خلاله العالم بكل مدنه. باشراحيل وهو يكتب عن المدن ينطلق برؤاه مع كل سبت إلى عالم لاتحده خطوط وأسلاك شائكة ومخافر ومكاتب هجرة وجوازات .هو يطلق لفضائه وعياً مشرقياً حين يهيم بشرقهِ وينال ثناءَ مدن الغرب حين تكتب له دولة ما عرفانها بجهده وجمالية ما يقدم للبشرية من قدرة رؤية في مجال الشعر والفكر ، وحتماً مقالات يوم السبت وقصائده مثلت جانبا مهماً من تراث الشاعر الحي والذي فيه يرينا إبداعات وصوراً واشراقات في بعض نصوصها تنحى إلى اشتياق منظم من روح الرجل وكأنه يجعل من تلك الصفحة تكية ليبتهج بصلوات روحه وبركات المكان الذي يكتب فيه .والذي نريد أن نسميه هنا (سبت مكة). سبت (مكة) هو مواقيت منتظمة لفتنة الشعر في عالم تتواصل فيه بهجة من نوع خاص يدرك فيه أنه القادر أن يمارس حلمه في جنة الكلمات والفضاء الرحب الذي يمنحه له عطر المدينة المباركة وهي تفتح له آفاق سبتها ويهيم معها في مطر الكلمات الهابطة من سحب روحه في فصول شتى. وحتما هذه الفصول هي السيرة الأسبوعية لعالم الشاعر الذي يذكرني انتظام موعده مع القصيدة بانتظام الكثير من مبدعي القصة والشعر والفكر في مواعيد طقوس النشر والكتابة. ارنست همنغواي الروائي الكوبي يكتب في رسائله عن ربيع كوبا أن ساعة معينة في ظهيرة الأحد تجعله يتدفق كلمات. السياب كان يجد لذة الكتابة على منصة الوظيفة .الجواهري تحدث مرة في لقاء تلفزيوني أن الوقت المميز لديه ساعة المقهى لتأتي القصيدة فيضطر ليكتبها على علبة سجائره. الكل له مواقيت طقوسية ترتبط بيوم أو ساعة أو مكان أو ذكرى ما تعيد له متعة الإجادة في إبداعه المبتكر وربما الرسام المالقي بابلو بيكاسو خير معبر عن جعل الذكرى حافزا ليرسم بمتعته التكعيبية لوحات تباع اليوم بملايين الدولار .ومن يومياته نقرأ :قبل الأحد بيوم كانت جاكلين زوجتي تنظر من النافذة إلى شيء تترقبه ليجيء في اليوم القادم ربما مع قرع كنيسة أو عطر ورده أو على حصان. ولهذا خلد بيكاسو زوجته جاكلين ورسمها على شكل عين حصان مرتبطا معها بذكرى ذلك اليوم . الشاعر عبدالله باشراحيل في انتظامه هذا يمثل الأنموذج الذي يحترم انتظام تواصله مع الآخرين لهذا يكون السبت موعده مع قرائه ومحبيه ومريديه وحتما نجد في (سبته) هاجسا جديدا يعبر فيه عن الدواخل الملونة التي تعيشه المخيلة والكامن والروح . نأخذ من نماذج هذا السبت (المنتظم) للشاعر عبدالله باشراحيل .النص الذي كتب في ذات السبت الذي شرعنا فيه كتابة مقالنا هذا وقد نشر في جريدة الندوة المكية العدد 969 في 16 ابريل 2011. وهو بعنوان (مصابيح): البحر كالغيم السابحِ فوقَ الأرضِ يمدُّ البحرُ بساطَ الأمواجِ علَى اللججِ الزرقاءْ أممٌ تحيا في الأعماقِ وعالَمها يتنفَّسُ مِنْ ذوبِ الأهواءْ فإذا ما الريحُ انتفضتْ تسمعُ لتلاطمِ موجِ البحرِ نداءْ لكأنَّ صداهُ يُحدِّثُ بينَ المدِّ وبينَ الجزرِ هذا السبت (الكوني) يظهره الموعد المنتظم لقصيدة الشاعر في صناعته لمساحة التفكير والتأمل بعالم ينتظر منه هذا اليوم ليرى ما يشغل باله في مشغله الإبداعي الأسبوعي إذ ترينا هذه القصيدة فيضا من كونية الخيال وامتداد هيبة المشهد الطبيعي وانتمائه إلى حواسنا ومشاغلنا الحياتية في كل محطاتها ، كما أن فكرة هذا النص تقع في خانة الاهتمام الروحاني الذي شغل عالم باشراحيل في متناولات كثيرة حفلت فيه كتبه الشعرية ومقالاته عندما نراه هنا يضع المصابيح في لجة وصف مشاعر البحر ليخرج ضوء القصيدة منسجما تماما مع انفعال الشاعر فيما يراه ويحسه عندما يضع البحر بوابة لرؤاه في إيضاح وقراءة ما يريد الوصول إليه . هذه القصيدة حين نقرنها بسبت نشرها نكتشف أنها تليت في طقس احتفائي وندوة قراء الجريدة في فهم كل ما يجري ويدور .وكأنه وضع لهذا اليوم وأولئك الملتفين حوله مسارات فهم لما يجري في حياته في ظل متغيرات تتشابه تماما مع مد البحر وجزره . انه هنا يكتب قصيدة عميقة تفكر بكونية اللغة وإنسانيتها وهي كما كان هيميورس والخطيب قس بن ساعدة وأبي ذر الغفاري يطلقان نبوة الكلمات من خلال مترادفات السجع في الكلمات وكي يرى الآخرون ماذا سيحدث أو يكون من جراء هذه النبوءة. قصيدة المصابيح تقرا الحدث بكينونته وتضع ل(سبته) نبوءة ما سيكون إذا نحن لم نلتزم بالخلق الحضاري: ومن قصيدته النظام: تعرفُ كيفَ بلوغُ الشَّأوِ يكونْ ثَمَّ نظامٌ يحميهِ العدلُ فلا يتعثر أو يختلّ ثَمَّ حضاراتٌ سادت بالأمس وبادت وحضارات ما زالت تتألَّقُ تحت الشمس تاريخُ الماضي متَّصلٌ بعلومِ العصرْ والعالمُ فوقَ الأرضِ وتحتَ الأرضِ وقبلَ اليومِ وبعدَ اليومْ سيظل يحدِّق في إبداعِ الكونِ وكيفَ انتظمتْ عبرَ الأحقابِ ملايينُ الأفلاكْ هو (الشاعر) يقرأ التاريخ من خلال هدير البحر وفخامة معناه ويقرب إلى موجه مصابيح رؤاه ليعرف الكامن فيه منذ أن ولدت إرادة البشر فوق الأرض لتبني وتعمر وتؤسس حضاراتها ويرينا النص أن الشاعر (باشراحيل) يضيء مصابيح الكلمات ليضعنا أمام معرفية وقدرية لنقوى على مجابهتها مهما استعلت قوى السلاطين والأباطرة والقادة فالأمم تسود ثم تبيد. هو هنا في مصابيحه يبقي سيادة الشعر كشاهد عيان لرجل منفتح الذاكرة والعقل. يقرأ ثقافته ويطورها من خلال إلهامه الشعري إلى فكرة نافعة ورائية تقراها أحلام الناس ويستفاد من تفسيرها لمعرفة العبر والتجارب. وحتى نهاية القصيدة نجد وعي الشاعر المرتبط بيوم ينتظم إليه مع أسارير سعادته الشعرية التي حين تسكننا كما يقول سيجموند فرويد تجعل أرواحنا مستعدة لتقبل ألف سر معرفي وجمالي لذلك نرى مصابيح (سبت عبدالله باشراحيل) هي جزء من أيدلوجيا الثقافة المبتكرة التي ألزم بها إبداعه بشكل لاإرادي أي انه لايخطط لسبته هذا بل إن الانتظام الروحي لإبداعه يجعل هذا اليوم منتظما وطقسا توقيته يمثل برنامجا روحيا ومراناً رائعاً لكشوف الروح وهي تبحث عن الجديد........: ومن قصيدته الصبر: تعيشُ عيونُ الوجعِ النائمِ في إحساسِ النّبضْ فالدمعةُ واللوعةُ والآهةُ جِنس تقرأ في أول سِفْرٍ مكتُوبٍ بأصابعِ هذا العمر خُطَّتْ بمدادِ الريحِ على صفحاتِ الرملْ بحروفٍ من قطراتِ الغيبِ وقبل الريشةِ والأقلامِ الحِبرْ كُتبت ببَياضِ الشِّعْرْ هذه الأبيات من قصيدة مصابيح تختصر تماما هذه الفتنة الموقوتة بيوم معلوم .يصل الحال بأجمل إحساس يعيشه داخل الشاعر ويلجأ إليه متوحدا مع رحيق الكلمة ومدى البصيرة والحكمة والرؤية لنقرأ في هذا السبت نصا كونيا ممتلئاً بمعنى الكلام المفيد ويحوي على موسيقى رائقة لأجراس الكلمات وهيبتها وهي تفتح لنا طرائق الضوء للوصول إلى الفهم الإنساني لوجودنا في علل كل المضطرب الذي يحدث في هذه الأيام جراء محفزات العولمة ومشاغباتها .لهذا ففي سبت الشاعر (مصابيح) يريد الشاعر عبدالله باشراحيل أن يعيدنا إلى فطرة الروح ونقائها الأول .يضع البحر برهانا وشاهدا على هذا الاضطراب ومن بين أمواجه تمتد أصابع الشعر لتوقد مصابيحها وترينا هما واضحا وعميقا ويتشح بجمالية القصد الذي أوجده الإنسان ليتلو من ذاته الهمهمة الشعرية الأولى ..! سبت عبدالله باشراحيل المدون في أخيرة صحيفة الندوة المكية .سبت منتظم الإبداع ويمتلك مشاوير روحية ووطنية وغزلية وفكرية تتنوع مع تنوع العناوين حتى يخيل لقارئ الصحيفة إن سبت الندوة هو سبت هذا الشاعر ليلتقيه في جنة المعاني والنغم ودهشة الرؤيا المتعددة الأغراض والمعاني والحدائق..! السبت 16 ابريل 2011- دوسلدورف