أكد الكاتب محمد الساعد، أن أدبيات السياسة التركية لا تزال تتذكر بكثير من السخرية خطاب رجب طيب أردوغان للشعب التركي يرجو منهم أن لا يكون أصله "الجرجاني" عائقًا أمام تقدمه السياسي، كان ذلك بعد انقلابه على زعيمه الروحي أربكان، الذي أثار الأتراك كثيرًا، موضحًا أن أسلوب أردوغان السياسي كان القفز من سفينة إلى أخرى دون النظر للوراء لكن أصله الجرجاني كان أكثر ما يقلقه. ولفت الساعد مقاله المنشور في صحيفة "عكاظ" إلى أن أردوغان ليس من أصول تركية كما يفتخر الأتراك بأصولهم التي تعود إلى أرطغرل، الذي هاجر بالقومية التركية من أواسط آسيا إلى الأناضول، بل هو من أصل جرجاني وهو ما وضعه في مرتبة دنيا عند الأتراك الأصليين، مشيرًا إلى أن عقدة الدونية التي يعاني منها أردوغان دفعته للمزايدة على الشعب التركي الذي ينتمي إليه بالجنسية لا بالعرق، مدغدغًا أحلامهم بإعادة الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى، إضافة إلى إغراق الأتراك في عداء مع القومية العربية وفي سبيله لذلك لم يجد أكثر من السعوديين -أبناء الجزيرة العربية- هدفًا واضحًا يجمع خلفه الأتراك، ومع كل تلك الادعاءات والتقلبات إلا أن الأتراك لا يرون في أردوغان إلا ابن بائع الحليب الجرجاني الذي هاجر جدهلتركيا طالباً للعمل ولقمة العيش. وأضاف أن: "الهجوم الأردوغاني على السعودية واتهامها بالكذب وإلقاء كلمات خشنة ضد قيادتها السياسية، ليس سياسة، بل تحركه الضغائن والغرور، فأردوغان يظن أنه أذكى السياسيين في المنطقة وأكثرهم دهاء، وأنه قادر على إزاحة السعودية من المشهد السياسي وإقصاء دورها الدولي بتصريحات وخطابات عنترية، أو بمقالات في الواشنطن بوست لا يكتبها بلداء السياسة.. السؤال الذي يبرز الآن هو ما الذي قدمه أردوغان في نسخته المتصهينة.. وحتى قبل نسخته المتأسلمة، في سعيه لتحقيق أحلامه السياسية"؟ ورأى أن أردوغان أقرب ما يكون إلى سياسي يسير في الطرقات عريان، ظانًا أنه متغطٍ، فقد سار على ما فعله سياسيون بالمنطقة من أبرزهم حمد بن خليفة في أعقاب انقلابه على والده، وهي قاعدة بسيطة تختصر الوقت وتحقق الأحلام، تبدأ من علاقة وثيقة مع الإسرائيليين، ومن ثم بيع وترويج تلك العلاقة على الغرب للحصول على قبول سياسي وإعلامي ودعم اقتصادي وقروض ومعرفة، متابعًا: "ثانيًا.. خطاب شعبوي للداخل والعالم العربي عن القضية الفلسطينية والحقوق والديمقراطية، يعطيهم من رخيص الكلام، مقولات فارغة ينتهكها في الليل خلال سهره مع الإسرائيليين متبادلا معهم النكات عما تحدث به لعوام العالم العربي نهارًا". واستكمل الساعد: "لكن لنعد إلى مسيرة أردوغان في طريقه للسيطرة على تركيا، فبعد انقلابه على أربكان انضم فورًا إلى الزعيم التركي فتح الله غولن، الذي دعمه في طريقه لرئاسة بلدية إسطنبول.. وأبقى أردوغان على حلفه مع حركة غولن، لكنه أضاف إليه القيادة العسكرية في الداخل، والإسرائيليين في الخارج، الذين زارهم ووضع إكليلاً من الزهور على قبر مؤسس إسرائيل، هذه السياسة أتاحت له رضا المؤسسة العسكرية العميقة، وقبولاً لدى الغرب شرعا له الطريق لرئاسة الوزراء، وشكل مع القطريين والسوريين حلفًا ثلاثيًا في سعيه مع الدوحة وألمانيا لمد أنابيب الغاز عبر الأراضي السورية إلا أن انهيار التحالف 2009 دفع به لدعم القوى المتطرفة في سوريا بدءًا من 2011 خاصة جبهة النصرة وداعش". وقال الكاتب: إن أردوغان ساهم في تأسيس تنظيم داعش الإرهابي ولعبت القنصلية التركية في الموصل دورًا كبيرًا، وبقي أفرادها لمدة 9 أشهر يديرون العمل الاقتصادي والخدماتي لصالح دولة داعش التي لم يكتب لها النجاح، وانقلب أيضًا على الزعيم الليبي معمر القذافي خلال الاحتجاجات التي صنعتها قطر وجماعة الإخوان، على الرغم من أن القذافي كان أكبر ممول للاقتصاد التركي وبنى جسرًا بحريًا لنقل السلاح للجماعات الإرهابية في ليبيا، وللضغط على الأوروبيين دفع بأكثر من مليوني لاجئ سوري باتجاه حدود أوروبا بعدما أخرجهم من مناطق لجوئهم على الحدود السورية التركية، ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وتشريد مئات الآلاف من الأسر الذين عبروا إلى الدول الأوروبية عبر القوارب والسفن ومات وفقد الكثير منهم في مياه البحر المتوسط. وأردف: "بعد الانقلاب المزعوم الذي اتهم أنه من دبره للقضاء على كل معارضيه وخصومه دفعة واحدة، أدخل ما لا يقل عن 250 ألف مواطن تركي للسجون بتهمة المشاركة في الانقلاب، واعتقل أكثر من 70 ألف إعلامي وصحفي ومثقف وكاتب رأي محولًا تركيا إلى معسكر نازي كبير". وختم الساعد بقوله: "أخيرًا سيبقى أردوغان أكثر من تلاعب بحياة الملايين في المنطقة الواقعة بين كردستان العراق مرورًا بخط الحدود السورية مشكلًا حزامًا من الموت والتشريد والدمار وقع فيه أكثر من 50 مليون إنسان، فهل أحلامه بالجلوس على عرش السلطنة المزعومة تبرر ذلك الثمن والفاتورة الفادحة؟