دهش العالم أجمعه بخبر ظهر بغتتةً على شاشات الفضائيات الأجنبية منها والعربية يوم الجمعة قبل الماضي فهز الكثير من المسلَّمات السياسية العالمية عن تركيا ، فكيف يا ترى فات الذين ينفقون المليارات من الدولارات في الحروب المستمرة على «الإرهاب الإسلامي» بل على الإسلام ذاته وعلى الدول القلائل التي تؤكد في كل مناسبة التزامها بالإسلام كالسعودية وتركيا ؟ !. كيف فاتهم أن الحكومة التركية حكومة منتخبة ديمقراطياً ، إلا أن يكون ما حدث من محاولة الانقلاب الفاشلة من قبيل التآمر على إنهاء الدولة التركية ذات التوجهات الإسلامية، كما صرح بالمؤامرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ظهوره الحاسم على الهاتف الجوال الذي أفشل الله به خيانة الخائنين وثبت الله الدولة التركية من التدمير ، فتحرك بفضل الله الشعب التركي الشقيق للخروج تأييداً لحكومته المنتخبة. فقد كان متوقعاً كما حصل قامت قوات الانقلاب باحتلال مطار إسطنبول،كما سيطرت على جميع الجسور الواصلة بين الجزءين الآسيوي والأوربي من إسطنبول ، كما وسيطروا على الإعلام من خلال احتلال محطة سي إن إن التركية ومبنى التليفزيون الرسمي التركي و القوا القبض على من استطاعوا من رموز الحكومة التركية كمثل رئيس الأركان التركي وكمثل قصف البرلمان التركي وأزهقوا كثيراً من الأنفس تُعد بالمئات و مع كل ذلك فبلطف من الله باءت المحاولة الانقلابية بالفشل بعد ساعات ، فكان من حسن تدبير الله للدولة التركية أن أدت الحركة الفاشلة الى القبض على المئات من جنرالات الجيش وتوقيف آلاف القضاة على مستوى البلاد للاشتباه في اشتراكهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة. فتركيا بلد عضو في حلف الناتو وهو الحلف العسكري الأقوى عالمياً من جهة كما يعد الجيش التركي سادس أقوى جيوش العالم ، وتركيا صاحبة التجربة الديموقراطية الوحيدة ذات المصداقية بالمقاييس الغربية أو قريباً من ذلك بالنسبة للتداول السلمي للسلطة في العالم الإسلامي ، وحسب رأي الغرب ،وكم أحبط العالم الغربي من محاولات للديموقراطية في عالمنا الإسلامي وعلى مدى عقود متتالية مستغلاً اللعب بأوراق التباينات بين أبناء الشعب الواحد، أوراق العصبية والمذهبية و المناطقية أوالعرقيات والأقليات لزرع الفتن والنعرات الطائفية والاقتتال الذاتي بين شعوب المنطقة وتأجيج الحروب الأهلية ثم يقوم عندها بتقديم المبادرات للحلول «الجذرية» والتي تتمخض عن مزيد من القتل والفرقة بين أبناء أهل السنة بالتحديد وبذر بذور الفرقة وتمزيق الممزق وتغيير الحكم والتسبب في العديد من الإحباطات الديموقراطية في المنطقة ..والتجارب كثيرة شهيرة غنية عن أي استشهاد من خلال التدخل العسكري المباشر فيما يسمى تغيير النظام Regime Change. ويمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين ، قلب الله السحر على الساحر بأسهل الطرق، هاتف ذكي خاص لمذيعة إعلامية تمكن أردوغان من خلاله مخاطبة الشعب التركي ، ففشل الإنقلاب وحقنت الدماء واستردت الحكومة الشرعية المنتخبة دورها أو بعض دورها ، فأمسكت الدولة بزمام الأمور وتم إفساد خطة الإنقلابيين بانكشاف السر قبل لحظة الصفر بست ساعات. لعل من أهم الدروس المستفادة من هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة بتركيا هو أن التلاحم بين القيادات وشعوبها المبني على مشاريع التطور الحضاري و الازدهار الاقتصادي ، والذي حفظ الله به تركيا هو من أهم أسباب الاستقرار للمجتمعات العربية والإسلامية.