يقول الشاعر الغزلي الراحل نزار القباني في إحدى ملاحمه الشعرية: الحب في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه . وأتساءل هل لو عاصر نزار حال العرب اليوم واطلع على كل ما قيل عن داعش، فهل سينشد بيتاً من شاكلة: داعش في العراق بعض من مآسينا لو لم نجدها عليها لاخترعناها هل داعش المشكلة؟ أم أن الظروف المحيطة هي المشكلة؟ هل الصمت جزء من آلية صناعة داعش؟ أم أن داعش جمرة كانت تحت الرماد زمناً طويلاً حتى إذا هبت ريح عاصف ظهرت وبرزت وأنبتت من كل شر مستطير!! داعش نتاج واضح لفراغ فاضح! فراغ صنعه نوري المالكي الذي ظن أن الحكم لعبة طائفية سهلة يمكن أن يستمر فيها لآماد طويلة حتى يفنى سُنة العراق كلهم أو يتشيعوا أو يهاجروا إلى مأوى جديد بعيد. وحيثما وُجد الفراغ، وُجدت الفوضى حتى في أعتى الديمقراطيات. وفي الولاياتالمتحدة مر حين من الدهر برزت وظهرت جماعة كو كلوكس العنصرية المناهضة لأي إصلاحات تصب في صالح الأمريكيين الأفارقة. وظلت الجماعة تنفث سمومها ويصطلي الملونون بنارها قرابة نصف قرن حتى حزمت الحكومة الأمريكية أمرها في أواخر الستينات بعد مقتل مارتن لوثر كينج، وأعلنت حظر الفئة الباغية. وعندها خمد صوتها وذهب بريقها وهدأت ريحها. والخلافة المزعومة هي جزء من الذهاب إلى أقصى الحد كما يراه علماء المسلمين المعتبرين، والذهاب إلى أقصى اليمين أو اليسار هو التطرف في أخبث صوره وأردأ أشكاله. بيد أنه تطرف مسبوق بتطرف الصفوية المجوسية الحاقدة التي مارست ولا تزال تطرفاً مضاداً شائهاً يرتكز على التعريض بكل مسلّمات المسلمين السنة وعلى مهاجمة كل الخطوط الحمراء التي يذودون عنها، وعلى رأسها الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين الذين شهد الله لهن بالطهر والعفاف والفضل. إنها سنة ربانية سارية إلى يوم الدين، فحيث يغيب الاعتدال يظهر التطرف بكل أطيافه ودرجاته وألوانه. منه من يستتر بالدين، ومنه من يدعو إلى تحلل وتفسخ تحت أستار من حرية منفلتة وليبرالية مشوهة. «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض»!! [email protected]