التستر على العمالة السائبة المقيمة بصورة غير نظامية. والتستر على العمالة المخالفة التي تنتشر في كل (فراغ) في البلد لتمارس أعمالاً مقبولة وأخرى غير مقبولة وجهان لعملة واحدة. تستر في الأولى يبدو غير نظامي والآخر نظامي. ولكن كلاهما غير نظامي يشكلان ثغرة في أمن الوطن وسلامة المجتمع. هذه (الفلسفة) استوحيتها مما نشرته المدينة يوم 25 مارس في صفحتي (متابعات) عن العصابة المستتر عليها التي اتخذت من قتل المسنين والمسنات ونهب (الفتات) الذي يملكونه وسيلة للتكسب القذر الآثم. وفي ثنايا التحقيق تبدو آلام العجوز الذي ضُرب وأوثقت يداه بعد أن شهد مصرع زوجته خنقاً أمام ناظريه. الزوج المسكين الذي ينعي رفيقة دربه السبعينية لم يملك إلا الشكوى إلى ربه مؤملاً العيش حتى يوم القبض على المجرمين القتلة والاقتصاص منهم. وحسب التحقيق المنشور فإن عدد الضحايا تجاوز الخمسين قُتلوا بدم بارد لقاء سرقة دراهم معدودة، فويل لهم مما كسبت أيديهم ولهم من الله ما يستحقون. أعود إلى التستر الذي تُصبغ عليه أحياناً صفة النظامية، والتي اخترعناها من عند أنفسنا يوم كنا (وربما لا نزال) نمنح مئات وربما ألوف التأشيرات للمحظوظين منا ليجلبوا عمالة يتكسبون من ورائها بعد إطلاق أيديهم في المدن والقرى (ليدبروا) حالهم كيفما اتفق، ثم ليعودوا في آخر الشهر أو العام بالجعل المتفق عليه لقاء تجديد تصاريح إقامتهم وربما حتى (حمايتهم) بواسطة وريقة تحذر الآخرين من التعرض للمكفول فلان لأن كفيله علان. تلك سنة كونية ماضية، الثغرة البسيطة تكبر باستمرار، والمجاملة الصغيرة تنقلب إلى شر مستطير. وكل سُنّة سيئة نخترعها لمجاملة أو منحة تثلم في المجتمع ثلمة يظل يعاني منها وتستمر آثارها، بل وتنتقل في النهاية من بيئة إلى أخرى، ومن منطقة إلى ثانية كما هو حال التستر. الغلط يؤدي إلى غلط أكبر، هو غلط مهما ألبسناه من ثياب البساطة والعفوية وحسن النية. وأول خطوات الإصلاح إغلاق هذا الباب إلى الأبد.. باب التستر النظامي، فهو الذي جر إلى غير النظامي وكلاهما شر. ٍ[email protected]