ظهر الثلاثاء الماضي كانت حلقة الأستاذ/ داود الشريان عن(المعلقات). طبعاً ليست المعلقات السبع التي زينت جدران الكعبة في الجاهلية تكريماً للشعراء أصحابها، وإنما هن النساء (المعلقات)، أي زوجات مع وقف التنفيذ، بل مع وقف جوانب إنسانية كثيرة ضاعت في خضم رغبات التشفي والانتقام أحياناً، وفي ميادين الإهمال وسوء المعاملة حيناً آخر. في الحلقة تحدثت عدة سيدات (معلقات) لا لشهور فحسب، وإنما لسنوات.. بعضهن تجازون الخمس وأخرى تنتظر 9 سنوات ولا تزال، بل إن إحدى المتحدثات الاستشاريات ذكرت حالة لا تزال معلقة منذ 30 سنة. صور بائسة، بل وشائهة لأنها تشوه معاني عظيمة رائعة في ديننا الحنيف، ولأنها تظهر أقداراً هائلة من قسوة القلب ومن جفاء النفس، ومن جفاف العاطفة الإنسانية. لا أحسب أن أحداً من هؤلاء الممارسين هذا العنت والصلف يرضى لابنته أو لأخته عبثاً مماثلاً أو جوراً قريباً من هذا الذي يفعله في بنات الآخرين. إنه سوء استغلال للسلطة التي عُني بها (القوامة)، ومن أهم دعائمها العناية والرعاية والصبر والتحمل، فإذا بها وقد تحولت إلى (نكاية) لا نهاية لها. وددت لو أن كل من مارس هذا الظلم يجد جزاء عاجلا في الدنيا فيلاقي من يسومه ظلماً مساوياً في القدر شديداً في الوقع: (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون)، فويل لهم وويل لهم مما يعملون. وأما الملاحظة التي لفتت انتباهي، فالإشارة إلى أن الإسلام يحث على الزواج للإحصان والعفة، حتى إن بعضاً يطالب بتزويج القاصر إحصاناً لها، ومع ذلك تُعلق الفتاة سنوات دون ممارسة للحياة الزوجية لأنها معلقة، فلا تستطيع حتى الزواج بآخر، ولو ثبت فعلها الفاحشة - لا سمح الله - بعد سنوات من (التعليق) رُجمت لأنها محصنة وما هي بالمحصنة! فكيف يستوي الأمر ونقيضه، والحالة وعكسها؟! وأما القضاة الذين لا يسمحون بهذا العبث الفارغ من جانب الأزواج، فلهم ألف تحية وألف شكر وتقدير، والدعاء لهم واجب لأنهم يستشعرون فداحة الظلم الذي يقع على الأنثى الضعيفة الكسيحة المحرومة من أي سلاح سوى الدعاء على من ظلمها أو أعان على ظلمها. [email protected] [email protected]