قال مختصون إن قرار مؤسسة النقد فرض الفائدة التناقصية على البنوك خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر يمثل تحولا جذريا في الآلية المتبعة من قبل البنوك الوطنية، مشيرين إلى أن القرار يسهم في رفع مستوى الشفافية وتعزيز العلاقة بين الأفراد والبنوك، معتبرين أن تطبيق الفائدة التراكمية في السنوات الماضية ناجم عن قصور كبير في الوعي لدى الأفراد، الأمر الذي دفع البنوك للاستمرار في تطبيق هذه الآلية المخالفة تماما للقواعد العالمية المتبعة في احتساب الفائدة على القروض الشخصية. وأوضح علي الخنيزي (خبير اقتصادي) أن ارتفاع مستوى الوعي لدى الأفراد في المجتمع و الضغوط التي مورست في الفترة الماضية على مؤسسة النقد لإعادة النظر في الفائدة التراكمية المطبقة في البنوك الوطنية، شكلت عاملا حاسما في إقدام مؤسسة النقد « ساما» على اتخاذ موقف حاسم لإعادة الأمور إلى نصابها مجددا، ولاسيما أن الآلية التراكمية تتناقص تماما مع القواعد العالمية المعتمدة في احتساب الفائدة. فالدول الأخرى تعتمد احتساب الفائدة على المبالغ المتبقية، بخلاف البنوك الوطنية التي تعتمد المبلغ الإجمالي، مشيرا إلى أن البنوك الوطنية تحتسب فائدة متدنية على الودائع، حيث لا تتجاوز 1 في المئة ما يستدعي احتساب ذات الفائدة على القروض الشخصية، مبينا أن الفائدة التراكمية تشكل نسبة كبيرة على المقترض فيما يتعلق بالقروض طويلة الأجل، مضيفا أن غياب الوعي لدى المجتمع، و عدم وجود شفافية كاملة من البنوك فيما يتعلق باحتساب الفائدة ساهم في استمرار البنوك في الآلية القائمة على الفائدة التراكمية. وقال: إن غياب التنظيم الواضح لهذه القضية في الفترة الماضية ساهم في إقدام كل بنك على اتخاذ قرار بشكل منفرد عن الآخر، وبالتالي فإن صدور قرار مؤسسة النقد بوضع حد لهذه الفائدة التراكمية يمثل حلا مناسبا للقضاء على الظاهرة الشاذة التي تطبق في المملكة بخلاف الدول العالمية. من جانبه اعتبر الدكتور إبراهيم القحطاني أستاذ المالية و الاقتصاد السابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن اعتماد الفائدة التناقصية على القروض البنكية بعد 6 أشهر يمثل خطوة إيجابية في خلق حالة من التنافس بين البنوك، خصوصا أن الآلية المعتمدة حاليا تشكل مشكلة كبيرة تضر بشرائح كبيرة من المواطنين، ولاسيما أن البنوك تعتمد في احتساب الفائدة على المبلغ الإجمالي عوضا من الاعتماد على القيمة المتبقية من القروض، لافتا إلى أن اعتماد الفائدة التناقصية عوضا من الفائدة التراكمية يمثل عنصرا حيويا في إيجاد طريقة عادلة في احتساب الفائدة، بمعنى آخر فإن الطريقة التناقصية تخلق حالة من العدالة في العقود المبرمة بين المواطنين و البنوك. وقال: إن المقترض يوقع على عقد «إذعاني»، يتضمن شروطا لا يمتلك الخيار في رفضها، وبالذات ما يتعلق بنسبة «الفائدة»، مؤكدا على أهمية بقاء السوق حرة بالنسبة لآلية القروض ولكن يفترض أن تكون الآلية واضحة للجميع، بحيث تكون تحت مظلة «ساما» فيما يتعلق بطريقة احتساب الفائدة. فالآلية الحالية تعتمد الفائدة المركبة، ما يعني بقاء النسبة ثابتة على القرض وهو أمر مخالف لما يحدث في دول العالم ويشكل إجحافا في حق المواطن، مضيفا أن البنوك تقدم قروضا بفائدة لا تتجاوز ( 1% 2%) فيما تصل الفائدة وفقا لآلية الفائدة المركبة ( 8% 9% )، الأمر الذي يجعل البنوك تركز على القروض الاستهلاكية، كونها أكثر ربحية، في ظل عدم وجود رقابة على هذه النوعية من المنتجات، مبينا أن البنوك لدينا تربح 1500 ريال سنويا من كل مواطن في المملكة. ودعا لسرعة تطبيق آلية الفائدة التناقصية عوضا تحديدها بعد 6 أشهر، بحيث تطبق على العقود الجديدة لدى البنوك، متسائلا: هل ستطبق الآلية الجديدة على القروض التي لاتزال سارية المفعول، ولم يتم تسديدها بالكامل، مشددا على ضرورة تحرك « ساما» باتجاه تسريع عملية تطبيق الفائدة التناقصية، لما يمثله من انفراج كبير على شريحة كبيرة من المواطنين الذين يضطرون للاقتراض من البنوك.