الاختلاف في رؤية هلال شهر رمضان يتجدد فى كل عام بين الشرعيين والفلكيين قبل حلول شهر رمضان بأيام ،فالشرعيون يرون ان لكل بلد خصوصية والمقياس عندهم ( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فأقدروا له ) اما الفلكيون فمقياسهم غياب القمر قبل غياب قرص الشمس او بعده مع مطالبات بلمّ شمل المسلمين وتوحيد صومهم وفطرهم كما كانت عليه الامة الأسلامية فى الدولة العباسية. فبداية تحدث الشيخ غازي بن غزاي المطيري أستاذ كرسي الأمير نايف لدراسات لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الاسلامية قائلا: لقد أثبتت الدراسات الفلكية الحديثة بأن الفروق الزمنية لغياب الشمس فروق قليلة فمن المعلوم ان الفرق بين المشرق الاسلامي والمغرب الاسلامي لايتجاوز تسع ساعات وبناء على ذلك فان رؤية الهلال ترئى مثل غروب الشمس فى أي بلد اسلامي واحسب ان الخلاف اصبح ظاهرا لايحتاج الى جدال وتوحيد الرؤية هو أولى وأحرى وبعيدا عن التعصب السياسي والمذهبي اقول : إن المملكة العربية السعودية بما تحتل من مكانة إسلامية وعربية ودعوية احسب ان ام القرى محل مثابة ومحبة وأتجاه إيماني ومنهجى لعموم المسلمين فينبغي ان توقيت مكةالمكرمة هو الفيصل لحل هذا الخلاف فى الرؤية التى يحرص المسؤولون بهذه البلاد على تطبيق المعايير الشرعية للرؤية. ومن المسلمات البديهية ان الفقهاء والعلماء يحرصون على تضييق فجوة الخلاف بين المسلمين قدر المستطاع وقد أثيرت مسألة توحيد الرؤى بين المسلمين فى هلال رمضان وكذلك هلال شهر شوال بخلاف تحديد يوم عرفة فهذا يوم متفق عليه من جميع المسلمين ولايختلف عليه أحد وانطلاقا من هذه القضية التى أختلف العلماء بها على رأيين فالرأي الاول يقول لكل بلد مطلعه والرأى الآخر يرى توحيد الرؤية أمر ميسور وقد ترتب على ذلك اختلاف أمر إثبات الهلال اما ان يكون عن طريق الرؤية المجردة ام يؤخذ بالحساب الفلكي . ومانشاهده من اختلاف فى الرؤية الى يوم او يومين يدل على مدى الخلاف والفرقة الواقعة فى العالم الاسلامي. - ويبين عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك والخبير الفلكي الدكتور خالد الزعاق قائلا: إن نوع الخلاف فى رؤية الهلال بعضه سياسي وهو النوع الاعظم وبعضه ديني ولقد توصل علماء الفلك الى نتيجة مفادها انهم يعتمدون الكعبة المشرفة فإذا غاب القمر قبل مغيب الشمس على افق مكةالمكرمة فإنهم يدخلون الشهر واذا غاب القمر قبل مغيب الشمس على مكة فأنهم يكملون العده ثلاثين يوما وهذه الرؤيه بدأت تأخذ بها تقويم ام القرى ومن العلوم ان الشهر لا يدخل حتى تتحقق به ركنين اساسيين وهو ولادة القمر قبل مغيب الشمس و ان يتأخر غروب القمر عن غروب الشمس فلا رؤية لقمر غاب قبل الشمس او غاب معها فإن الافق يكون خاليا تماما من القمر . وزاد الدكتور الزعاق قائلا: لما كانت الدولة العباسية سائدة كانت الاختلاف فى الرؤى تكاد تنكمش فكان المسلمون يصومون في يوم واحد ويفطرون في يوم واحد ولما تحطمت الدولة العباسية واصبح العالم الاسلامي يحدث بينه الفروق في بدء صومه وختمه الى مدة قد تصل الى اربعة ايام وهذا الاختلاف غير مقبول لا عقلا ولا شرعا ولا اجتماعا ومن المفترض ان العالم الاسلامي يصوم في يوم واحد ويختم في يوم واحد وان كان هناك خلاف فلا يتجاوز اليومين يوم في أوله ويوم في آخره. ومن جهته قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتكلف في اعتماد الشهادة بمعرفة وقت الاقتران ومعرفة غياب القمر قبل غياب قرص الشمس أو بعده، وأن ارتفاع القمر في الليلة التي تعقب اقترانه قد يكون بدرجة أقل أو أكثر حال الرؤية مما ينفي الشك في شهادته كما جاء في قرار رابطة العالم الإسلامي كل هذا من التكلف الذي ما أنزل الله به من سلطان ولا أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا فعله، وتبرير هذا التشدد بأن المسلمين يختلفون في بداية الصيام ونهايته فلأجل تلافي ذلك جاءت هذه التكلفات في اعتبار الرؤية، مع أن الاختلاف في ذلك لا يضرّ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطانا قاعدة يسير عليها كل بلد بحسبه ثم هل المسلمون يصلون الفريضة في وقت واحد في جميع أقطار الأرض لا يمكن هذا أبدا وكذلك الصيام ونحن إذا نشكر هؤلاء الإخوة الذين يهتمون بأمر المسلمين ليوحدوا صيامهم لكن نقول: لماذا لا يهتمون بتوحيدهم على العقيدة الصحيحة ويتركونهم يختلفون في معتقداتهم مع أن الاختلاف في العقيدة هو الذي يضرّ، وأما الاختلاف في بداية الصيام ونهايته فلا يضر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين في كل بلد أن يصوموا للرؤية ويفطروا لها مهما اختلفت أقطارهم وديارهم . واضاف فضيلة الشيخ صالح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم أقدروا له»، وفي رواية (فأتموا عدة شعبان ثلاثين يوما)، وكان المسلمون من عهده صلى الله عليه وسلم يمشون في صومهم وإفطارهم على هذا المنهج الذي رسمه لهم نبيهم دون تكلف أو تشكيك في الرؤية حتى ظهرت في العصر الأخير جماعات وأفراد يتكلّفون في تحديد بداية الصوم ونهايته ويتشككون في الرؤية، ويحاولون الاعتماد على الحساب الفلكي فيعقدون المؤتمرات والندوات التي تنتهي بلا نتيجة، لأن الحساب عمل بشري وكل حاسب له طريقة تختلف عن الحاسب الآخر كما أنه عرضة للخطأ وأما الاعتماد على الرؤية أو إكمال العدة كما أمرنا نبينا بذلك فهو حكم شرعي صالح لكل زمان ومكان، يعتمد على علامة ترى عيانا وقد صام عليه السلام وأمر الناس بالصيام وأوصانا بأن نعتمد الرؤية فكيف نتركها إلى علم الحساب؟، هذا من التبديل وشرع ما لم يأذن به الله.