سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما سر هذا السكوت على المجازر اليومية في سورية ؟! سيستمر هذا السكوت حتى وإن استخدم السلاح الكيماوي عيانًا، بل سيستمر حتى تصبح سورية كلها أرضًا خرابا لا تقوم لها قائمة
عامان تقريبًا مضيا على اندلاع الثورة المباركة في سورية، وخلال هذين العامين لم يتوقف ولو ليوم واحد القتل والترويع والتشريد والتدمير الذي تمارسه آلة الفتك الحكومية بحق شعب أعزل، أعزل من كل شيء من السلاح أولًا، ومن لقمة الخبز ثانيًا، حتى أن آخر ما درجت عليه قوات البغي والعدوان هو قصف صفوف المواطنين عند المخابز عن عمد، كما حدث قبل أسبوعين أو يزيد من قتل ما يزيد عن مائتين من الأبرياء عند المخبز الوحيد في حلفايا، لكي لا يبقى لهم مورد للقمة الخبز، وحصل بعده مباشرة قصف مخبزًا آخر أدى إلى قتل العشرات، وأمام المجزرتين المروعتين، لم يكن من الحكومة الأمريكية إلا أن استنكرت كالعادة بأخف وألطف عبارات الاستنكار، وجاء على لسان أحد مسؤوليها: (لأن نظامًا يقوم بهذه الممارسات، لا يمكن أن يكتب له البقاء). هكذا..وكأن هذا النظام إن لم يقصف المخابز يمكن أن يكتب له البقاء، وبعد أن تهدد الرئيس الأمريكي وتوعد بالثبور وعظائم الأمور إن أقدم من يسمى بالأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية، بحيث إن أمريكا ستتدخل في تلك الحالة، ها نحن نرى النظام المجرم يقدم على استخدام بعض الغازات السامة ضد المدنيين، دون أن تحرك أمريكا ساكنًا، بل على العكس من ذلك، تزامن استخدام الغازات السامة مع تصريح إسرائيلي رسمي بأنه (لا خطر من الأسلحة السورية الكيميائية)، خلاف ما كان يقال سابقًا، ولعل المقصود: أن لا خطر على إسرائيل بالطبع، ولا ضير في أن يستخدم نظام الحكم السوري السلاح الكيماوي ضد شعبه وأن يرشه كما ترش الحشرات، وهذا الموقف الأمريكي والإسرائيلي مفهوم، فالمسمى بالأسد كان ولا يزال الحليف الأول لإسرائيل في المنطقة، وكان يحقق لها الأمان سابقًا بحراسة حدودها على مدى أربعين عامًا، وها هو يحقق لها الأمان مجددًا بتصفية أكبر عدد ممكن من السوريين الشرفاء من أهل السنة فقط بالطبع، من الذين يمكن أن ينتفضوا على إسرائيل بعد سقوط النظام الآثم، ولكي يترسخ هذا الأمان لإسرائيل بعد رحيل هذا النظام أكثر فأكثر، لابد من أن تدمر كل مقومات الحياة في سورية، بحيث لا يبقى حجر على حجر في أي مدينة أو قرية سورية، وهيهات أن يتمكن الثوار بعد انتصارهم من أن يعلنوا الحرب على إسرائيل ولو بعد خمسين عامًا، والأمر الآخر أن النظام الحاكم يعني أن يبدد كل الأسلحة التي لديه باستخدامها ضد الشعب الأعزل، بحيث لا يجد الثوار بعد انتصارهم المحقق أي شيء متبقٍ منها يمكن أن يغنموه ليكون نواة لجيش قوي جديد يمكن أن يحارب إسرائيل أو أن يصفي حسابات مع حزب الله في لبنان، وإعادة بناء جيش قوي بعتاد عصري فعال يحتاج إلى أكثر من خمسين عامًا أيضًا تكون كافية لترسيخ أقدام إسرائيل أكثر فأكثر في المنطقة، وتضمن الأمان لفئة باغية من غير أهل السنة في المنطقة من العلويين وأشياعهم، وبوضع كل تلك الاعتبارات في الحسبان يصبح واضحًا سر هذا السكوت المشين من قبل القوى العالمية المختلفة على جرائم النظام الآثم في سورية، وسيستمر هذا السكوت حتى وإن استخدم السلاح الكيماوي عيانًا بيانًا، بل سيستمر حتى تصبح سورية كلها أرضًا خرابًا يبابًا لا تقوم لها قائمة، وبدل أن تجفف منابع التسلح المتاحة لنظام مجرم سفاح قاتل، نجد المزيد من التسليح له في كل يوم، كما أعلن قبل فترة قصيرة من تدعيم روسيا للدفاعات الجوية السورية، بحيث تكون جاهزة للتصدي لأي هجوم خارجي، مع أن هذا الهجوم لا يمكن أن يأتي من أي مكان، وليس هناك أي تلميح به قبل أن يكون هناك تصريح، وعليه فإن مهمة الإبراهيمي التي وصفت بأنها لم تكن إلا لتأمين نظام الأسد لم تنجح، ولأن المسمى بالأسد ضامن لأمنه وأمانه من قوى بالشرق والغرب، وعامل آخر قد يكون سببًا في هذا السكوت المريب على هذه المجازر اليومية أن القوى الشرقية والغربية تعلم حق العلم أن البديل القادم للحكم في سورية لن يكون إلا إسلاميًا، وإسلاميًا سنيًا على وجه التحديد، وهو ما لا تريده هذه القوى، كما صرح بذلك أحد المسؤولين الروس حين قال: (لن نسمح بقيام دولة سنية في سورية)، وقال في مناسبة أخرى: (لا مانع من قيام دولة علوية بديلة في سورية)، فليست مواقفهم خفية أو غير معلنة، بل هي ماثلة للعيان دون أي شك أو ريب أو احتمالات أخرى. ولكن ما يغيب عن هؤلاء جميعًا أن الله قادر على نصر هؤلاء الصامدين الصادقين، حتى لو تخلى عنهم العالم كله، وقد تخطئ حسابات هذه القوى جميعًا أمام إرادة الشعوب التي انتصرت في دول أخرى مجاورة، وإلى أن يتحقق هذا النصر لا نملك إلا أن ندعو لإخوتنا في سورية بأن يفرج الله كربتهم، ويعجل بنصره لهم، ويعيد لشامنا الحبيب عزته ومنعته. [email protected]