ذكرتُ في مقالٍ سابقٍ أنّ السبيلَ الوحيدَ للخروجِ من الأزمةِ التي تعصفُ بمصر منذ عدّةِ أسابيع، جرّاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، الذي يحصّن فيه ما صدر ويصدر عنه من قرارات، حتى إقرار الدستور الجديد للبلاد، والتصويت عليه، بحيث تصبح قراراته غير قابلة للطعن من قِبل أي جهة، إلى جانب عدم جواز قيام أيّ جهة قضائية بحل مجلس الشورى، أو الجمعية التأسيسية المكلّفة بوضع مشروع الدستور، ذكرتُ -حينذاك- أنَّ السبيلَ الوحيدَ للخروجِ من تلك الأزمة هو الحوار، وهو ما دعا إليه مرسي الأسبوع الماضي، إلاّ أن بعض قوى المعارضة رفضتها، فيما تجاوبت معها قوى أخرى. وكان من نتائج الحوار الذي جرى السبت الماضي، إلغاء الرئيس للإعلان الذي أصدره، وإصدار إعلان جديد لا يتضمن الفقرة المحصّنة لقراراته، مع الإبقاء على موعد الاستفتاء على مشروع الدستور في موعده يوم السبت المقبل. مرسي -ومن خلال تراجعه عن الإعلان الدستوري الأول- نزع فتيل أزمة بالشارع المصري، كان من الممكن أن تؤدّي إلى حرب أهلية، فاحتكاكات الأسبوع الماضي بين أنصار الرئيس، وأنصار معارضيه كادت أن توقد نارًا بين الجماهير الغاضبة، يصعب إطفاؤها، أو التنبؤ بنتائجها، في ظل ركوب الكثير من العناصر المدسوسة بين قوى المعارضة؛ بهدف صب مزيد من الزيت على نار الأزمة. المطلوب حرصًا على المصلحة الوطنية لمصر، وشعبها، وثورتها أن يتنازل معارضو الرئيس الذين لم يشهدوا "حوار السبت" عن مطلبهم المتمثل بتأجيل موعد الاستفتاء على مشروع الدستور، بعد أن تراجع الرئيس، وألغى الإعلان الدستوري الذي كانوا يطالبون بإلغائه؛ لأن الشعب هو من سيُقرِّر ب"نعم"، أو "لا" الدستور الجديد، الذي سيُشكِّل نقطة الانطلاق نحو مصر المستقرة الآمنة، التي تنعم بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة. كما أن على المصريين أن يتذكروا أن صناديق الاقتراع هي التي نصّبت محمد مرسي رئيسًا لهم، إثر انتخابات رئاسية وصفها مراقبون ومحللون بالنزاهة، لذلك لابد من إعطاء الرئيس فرصة؛ لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة، فمصر تواجه تحديات سياسية واقتصادية، ومواجهتها تتطلب إرساء الأمن ودعم التنمية، وهذا لا يتم إلاّ بتكاتف المصريين، والالتفاف حول رئيسهم الشرعي بعد أن تراجع عمّا اعتبره البعض تجاوزًا للخطوط الحمراء التي فرضتها ثورة 25 يناير لتكون دستورًا غير مكتوب لمصر الجديدة.