اعلن الرئيس المصري محمد مرسي في خطاب مساء الخميس، غداة صدامات دامية بين مؤيديه ومعارضيه، استعداده للحوار مع المعارضة السبت ولالغاء مادة في الاعلان الدستوري تمنحه صلاحيات مطلقة، ولكنه اكد اصراره على اجراء الاستفتاء على مشروع الدستور في موعده في الخامس عشر من الشهر الجاري. ولم يتضمن خطاب مرسي استجابة لمطلبي المعارضة الرئيسيين وهما الغاء الاعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور الذي يرفضونه ويؤكدون انه لا يحظى بتوافق وطني. وبعد ان اتهم مرسي في خطابه "الذين ينفقون اموالهم الفاسدة التي جمعوها بفسادهم من جراء اعمالهم مع النظام السابق (...) لحرق الوطن وهدم بنيانه"، اكد انه "يميز بينهم وبين كل انواع المعارضة". واكد ان الاشتباكات الدامية التي اوقعت ستة قتلى واكثر من 600 جريح الاربعاء استخدم فيها السلاح مضيفا "بعض المقبوض عليهم المستخدمين للسلاح لديهم روابط بقوى سياسية وبعضهم من المستأجرين مقابل مال دفع لهم". غير ان مرسي قدم تنازلا جزئيا اذ اعلن استعداده للتراجع عن المادة السادسة في الاعلان الدستوري التي تمنحه صلاحيات مطلقة. وقال "اذا كانت هذه المادة (السادسة) تمثل قلقا لاحد فانني غير مصر عليها، لست مصرا على بقائها اذا انتهى الحوار مع القوى السياسية الى ذلك". وتنص هذه المادة على انه "لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذي ينظمه القانون". ودعا مرسي المعارضة الى حوار وطني السبت، وهو يوم بدء الاستفتاء للمصريين في الخارج، غير انه حدد سلفا سقف هذا الحوار مؤكدا انه سيتناول قضايا ما بعد الاستفتاء "مثل القانون الانتخابي او خارطة الطريق في حال رفض الشعب مشروع الدستور في الاستفتاء". وطالب مرسي المعارضة باحترام الديموقراطية وقال "لا بد ان ننزل جميعا على ارادة هذا الشعب وتلك الارادة لا تعبر عنها التجمعات الغاضبة وانما تتحقق بالحكمة والتعقل والسكينة التي تمنح الفرصة للتفكير السوي والقرار الصائب الذي تنزل فيه الاقلية على رأي الاغلبية، اليست هذه هي الديموقراطية؟". وادلى مرسي بهذا الخطاب فيما كان الاف من المتظاهرين يرددون هتافات ضده بالقرب من قصر الرئاسة الذي اقام الحرس الجمهوري طوقا امنيا حوله عصر الخميس. وكان الجيش المصري نشر دبابات في محيط القصر الرئاسي وامهل المتظاهرين حتى الساعة 15,00 (13,00 تغ) "لاخلاء محيط قصر الرئاسة" وقرر حظر التظاهر تماما حوله واقامت قوات الحرس الجمهوري طوقا كاملا من الحواجز والاسلاك الشائكة حول القصر. ومع حلول المساء، كان انصار الرئيس المصري وجماعة الاخوان المسلمين انسحبوا تماما من محيط قصر الرئاسة في حين وصل الاف المعارضين في ثلاث مسيرات وتجمعوا خلف الحواجز الامنية، بحسب صحافي من فرانس برس. وردد المتظاهرون هتافات ضد الرئيس المصري مثل "يسقط يسقط حكم المرشد" في اشارة الى المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس مرسي. وبعيد خطاب مرسي مساء الخميس، قال المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين محمود غزلان ان متظاهرين معارضين للرئيس المصري احرقوا مقر جماعة الاخوان في القاهرة بعدما هاجموالمبنى. وقال غزلان ان نحو "مئتين من البلطجية هاجموا المقر وحاول الامن منعهم لكن بعضهم نجحوا في دخوله من المدخل الخلفي حيث قاموا باعمال تخريب واضرموا النار، والحريق مستمر حتى الان". وافاد صحافي لوكالة فرانس برس في المكان ان مواجهات نشبت قرب مقر الاخوان في القاهرة بين متظاهرين وقوات الامن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع. وقال مصدر امني ان الحريق كان محدودا وانه تم صد المتظاهرين. وتشهد مصر منذ اصدار الاعلان الدستوري في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي اسوأ ازمة سياسية منذ انتخاب الرئيس المصري في حزيران/يونيو الماضي. واضافة الى احتجاجات المعارضة التي وصفته ب "الاستبدادي"، اثار هذا الاعلان غضب القضاة الذين علقت غالبيتهم العمل في المحاكم واعلنت نسبة كبيرة منهم رفضها الاشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور. كما طالب مجمع البحوث الاسلامية في الازهر وهو اعلى سلطة فيه الرئيس المصري محمد مرسي ب "تجميد الاعلان الدستوري" و"الدعوة لحوار وطني فورا". وقال مجمع البحوث الاسلامية بالازهر في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه انه يتعين "معالجة الموقف بما يضمن وحدة الوطن وسلامة أبنائه" و"تجميد الاعلان الدستوري الأخير ووقف العمل به" و"الدخول في حوار وطني يدعو اليه السيد رئيس الجمهورية فورا وتشارك فيه كل القوى الوطنية دون استثناء ودون شروط مسبقة". ودعت المعارضة المصرية الى تظاهرات الجمعة لمواصلة الاحتجاج على الاعلان الدستوري وعلى تنظيم الاستفتاء على مشروع الدستور المثير للجدل. وانفجرت الازمة السياسية في البلاد عقب اصدار الرئيس المصري اعلانا دستوريا في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حصن بموجبه قراراته من الرقابة القضائية كما حصن الجمعية التأسيسية و مجلس الشورى من اي قرار قضائي محتمل بحلهما. وتطالب المعارضة بسحب الاعلان الدستوري وارجاء الاستفتاء المقرر في 15 كانون الاول/ديسمبر على مشروع الدستور الذي ترفضه مؤكدة انه لا يحظى بتوافق وطني. ودعا نبيل العربي امين عام الجامعة العربية مساء الخميس جميع اطراف الازمة في مصر الى "التحلي بالحكمة وضبط النفس" للتوصل الى "حل توافقي" للازمة. وجاء في بيان وردت على وكالة فرانس برس نسخة منه "ناشد الدكتور العربي الاطراف والقيادات المصرية التحلي بالحكمة وضبط النفس لمعالجة المسائل الخلافية المطروحة والخروج بحل توافقي للازمة الراهنة يتفق مع المبادىء الاساسية لنظم الديمقراطية التي تضمن سيادة القانون والفصل بين السلطات". في الاثناء اعلن المذيع خيري رمضان الذي يقدم برنامجا مسائيا في قناة "سي بي سي" المصرية الخاصة مساء الخميس، ان ادارة القناة قررت في اللحظة الاخيرة الغاء مقابلة كانت مقررة مع المعارض حمدين صباحي. وقال خيري رمضان على الهواء مباشرة انه قرر عدم استكمال حلقة برنامجه احتجاجا على قرار ادارة القناة الذي اتخذ، بعد ان وصل صباحي بالفعل الى مقرها. ولم يوضح رمضان اسباب قرار ادارة قناة "بي بي سي" بمنع ظهور صباحي. وجاء هذا المنع غير المسبوق بعد دقائق من خطاب الرئيس المصري محمد مرسي الذي اكد فيه ان بعض الاشخاص المسلحين المتورطين في الاشتباكات التي وقعت في محيط قصر الرئاسة الاربعاء "ينسبون انفسهم الى القوى السياسية". ووسط هذا الاحتقان شهد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية اليوم تراجعا بنسبة 4,6 بالمئة