« أسألُ الله أنْ يُهَيئ لكَ بِطَانَةً صالحةً، تَدُلُّكَ على الخيْرِ فَتَفْعَلَهُ، وعَلَى الشَّرِّ فَتَجْتَنِبَه» رسالةٌ اعتدتُ إرسالها لكل مَنْ يتسلّم مَنْصِبَاً جديدا، آخرهم الصديق عبد الرحمن الهزاع، الذي أعرفُهُ مُذْ كان مديرا لأخبار التلفزيون، وها هو يتسلم الآن مِلَفَّ مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وأمامه أكثر من صورة تحتاج لتحسين، من بينها: مكافآت المتعاونين مع الإذاعة، التي ظلت أعواماً طِوالاً، دونَ أنْ يطرأ عليها أيُّ تعديل يُذْكر، في الوقت الذي طال التعديلُ، والتطوير، معظمَ مرافق الإذاعة، وفي حديث عن إذاعة البرنامج الثاني من جدة، أقرّ مديرُها العام (د. عبد الله بن عثمان الشائع) بأن « نظام المكافآت قديمٌ! ومضى على صدوره أربعون عاما!»( صحيفة الرياض، 17 رمضان 1433ه، ص 23) وتزداد أهمية مكافآت المتعاونين مع الإذاعة، إذا عَلِمَ الصديق الهزاع أن جُلّهم يعيشون عليها، ومما زادَ الطِّين بِلّة، مايتردّد في أروقة الإذاعة، مِنْ أنّ المكافآت لا تصرف لهم لأشهر طِوَيلة، فيتساءلون: مِنْ أينَ نأكل ونشرب؟ وكيف نواجه متطلبات أُسَرِنا ؟ وأنا أسأل: كيف تقدم الإذاعة برامج مُبْدِعة، وقد أضحَى المتعاونون والمتعاونات أحدَ أعمدتها، ولا يحصلون على حقوقهم في أوقاتها، وبصورة مجزية، في الوقت الذي تواجه الإذاعة- كما قيل لي- ضَعْفا في الإقبال على وظائفها، لقِلّة مردودها المالي، وانعدام الحوافز، والطيور التي هاجرت، بحثا عن المُرَتّب الذي يضمن حياة كريمة، وكلها قضايا تحتاج لفهم عميق، وحلول جذرية، وإلا فالقطيعة مع الإذاعة في هذه الحالة أمرٌ غير مستغرب، وأهميتُها تتقلّص، وصورتُها تهتز، وإيقاعُها الصّوْتِيُّ يَخْفِتُ، وقد يتلاشى، إذا لم تجد اهتماماً يوازي الاهتمام بالتلفزيون، وفي الفِقْه الإذاعي تُعَدُّ المكافأة مُلْزِمة للطرفين، غير أنها على النحو الحالي- من وجهة نظري- مُجْحِفة، ومغايرة إلى حد كبير للوضع المعيشي في المجتمع السعودي. لقد أثبتت التجارب في شتى إذاعات العالم، أن المكافأة إطار صحيح للعدالة، وأنّ الفشل في تحقيقها للأمان الاجتماعي، ليس فشل أفراد، بل فشل نظام لم يَعُدْ موازياً للتطور الإذاعي. إذاً إعادة النظر في نظام المكافآت الإذاعية، أضحى أكثر من ضرورة، وهو ليس عسير الميلاد، ولا يمكن أنْ يتمّ بنظرة قاصرة، وخروجُه إلى الوجود يعني أنه موجود، وأنّ طرحه طرحا جديا وبنّاء، يتم من خلال النظر إليه في ضوء الواقع، وفي ضوْء المعطيات التي تزخر بها الإذاعة، وحصولها على عدة جوائز، فيا صديقي عبد الرحمن هزاع، مكافأة المتعاونين مع الإذاعة تحتضر، فأنقذها قبْل أنْ تلفظَ أنفاسها الأخيرة. [email protected]