تتطلع الحكومات الآسيوية إلى شراء المزيد من النفط والغاز الأميركيين في إطار سعيها الدؤوب لخفض فائضها التجاري مع واشنطن، على أمل تخفيف أعباء الرسوم الجمركية المفروضة عليها بموجب الرسوم الجمركية الجديدة الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب. وتتمتع العديد من الدول الآسيوية بفوائض تجارية كبيرة مع الولاياتالمتحدة، كما أنها من كبار مستوردي الطاقة. وحول الإجراءات التي تخطط لها الدول الآسيوية لتعزيز مشترياتها من النفط والغاز الأميركي، في إندونيسيا، صرح وزير الطاقة الإندونيسي، بهليل الحداليا، لوسائل الإعلام المحلية يوم الثلاثاء بأن إندونيسيا ستقترح زيادة وارداتها من النفط الخام وغاز البترول المسال من الولاياتالمتحدة بنحو 10 مليارات دولار كجزء من مفاوضاتها بشأن الرسوم الجمركية. وأضاف بهليل أن وزارة الطاقة أوصت بزيادة حصة استيراد غاز البترول المسال للولايات المتحدة، بالإضافة إلى استيراد المزيد من الخام الأميركي للمساعدة في تحقيق الهدف. في باكستان، تدرس البلاد استيراد النفط الخام من الولاياتالمتحدة لأول مرة لتعويض اختلال الميزان التجاري الذي أدى إلى رفع الرسوم الجمركية الأميركية. والفكرة هي شراء ما يعادل واردات باكستان الحالية من النفط والمنتجات المكررة من النفط من الخام الأميركي، أي ما يعادل نحو مليار دولار من النفط. في الهند، تدرس البلاد مقترحًا لإلغاء ضريبة استيراد الغاز الطبيعي المسال الأميركي لتعزيز مشترياتها والمساعدة في خفض فائضها التجاري مع واشنطن، وهو مصدر إزعاج رئيس للرئيس دونالد ترمب. كما تخطط الهند لإنهاء الضرائب على واردات الإيثان وغاز البترول المسال من الولاياتالمتحدة. وطرحت شركة جيل الهند، أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في البلاد، مناقصة لشراء حصة تصل إلى 26 % في مشروع للغاز الطبيعي المسال في الولاياتالمتحدة، إلى جانب اتفاقية استيراد غاز مدتها 15 عامًا. في تايلند، أعلنت البلاد يوم الأربعاء أنها تخطط لاستيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال والإيثان من الولاياتالمتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة. بالإضافة إلى خطة قائمة لاستيراد مليون طن متري سنويًا من الغاز الطبيعي المسال بقيمة 500 مليون دولار أميركي العام المقبل، كجزء من خطة مدتها 15 عامًا تبدأ في عام 2026، ويبلغ إجمالي حجمها 15 مليون طن، تخطط تايلند لعقد آخر لاستيراد أكثر من مليون طن من الغاز الطبيعي المسال الأميركي على مدى السنوات الخمس المقبلة. كما تعتزم تايلند استيراد 400 ألف طن من الإيثان الأميركي بقيمة 100 مليون دولار أميركي على مدى السنوات الأربع المقبلة، وفقًا لوزير المالية. في ألاسكا، يريد ترمب انضمام اليابانوكوريا الجنوبية وتايوان إلى مشروع تصدير الغاز الطبيعي في ألاسكا، والذي تبلغ قيمته 44 مليار دولار أميركي، في إطار جهود واشنطن الأوسع نطاقًا بشأن التجارة والرسوم الجمركية. يهدف المشروع إلى نقل الغاز جنوبًا من شمال ألاسكا النائي عبر خط أنابيب بقيمة 44 مليار دولار، بطول 1300 كيلومتر (800 ميل)، ليتم شحنه كغاز طبيعي مسال إلى اليابانوكوريا الجنوبية وتايوان، متجاوزًا قناة بنما. وصرح الرئيس التنفيذي لشركة ميتسوبيشي، بأن الشركة التجارية اليابانية قد تفكر في الاستثمار في مشروع ألاسكا للغاز الطبيعي المسال، على الرغم من أن أي قرار سيتطلب مراجعة دقيقة. يفكر مسؤولو وزارة الصناعة الكورية الجنوبية في السفر قريبًا إلى ألاسكا كجزء من مفاوضات على مستوى العمل بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية بشأن المشروع. في الشهر الماضي، وقعت شركة الطاقة الحكومية التايوانية، اتفاقية مع شركة ألاسكا المطورة لخطوط الغاز، لشراء الغاز الطبيعي المسال والاستثمار في المشروع، وهي خطوة قال الرئيس التايواني لاي تشينغ تي إنها ستضمن أمن الطاقة في الجزيرة. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بنحو 60 % بحلول عام 2040، مدفوعا إلى حد كبير بالنمو الاقتصادي في آسيا وتأثير الذكاء الاصطناعي والجهود الرامية إلى خفض الانبعاثات في الصناعات الثقيلة والنقل، بحسب أحدث تقارير شركة شل. يستمر الطلب على الغاز الطبيعي في الارتفاع عالميا مع انتقال العالم إلى وقود أنظف. وقالت شل في توقعاتها السنوية للغاز الطبيعي المسال لعام 2025 إن الصناعة تتوقع أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 630 مليون و718 مليون طن متري سنويا بحلول عام 2040. وجاءت أحدث وجهة نظر من أكبر تاجر للغاز الطبيعي المسال في العالم، أعلى من توقعات العام الماضي التي قدرت الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في عام 2040 بما يتراوح بين 625 مليون و685 مليون طن سنويا.ومن المتوقع أن ترتفع واردات الغاز الطبيعي إلى الصين هذا العام مع رفع خطط التحفيز الاقتصادي للطلب الصناعي، على الرغم من أن التوترات التجارية مع الولاياتالمتحدة قد تحد من النمو. وبلغ إجمالي واردات الصين من الغاز الطبيعي، بما في ذلك إمدادات خطوط الأنابيب، 131.69 مليون طن العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ عام 2013 على الأقل. ومن هذا الحجم، كان 76.65 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، وفقًا لبيانات الجمارك. على جانب العرض، قالت شركة شل إنه لتلبية الطلب المتزايد، وخاصة في آسيا، من المقرر أن يتوفر أكثر من 170 مليون طن من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة بحلول عام 2030. ومع ذلك، قالت شل إن توقيت بدء تشغيل مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة غير مؤكد. وسببت التوترات الجيوسياسية والعقبات التنظيمية ونقص العمالة واختناقات سلسلة التوريد، في تأخيرات العديد من مشاريع الغاز الطبيعي المسال على مدى العامين الماضيين، مما أدى إلى تأخير توافر نحو 30 مليون طن من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة، وهو حجم واردات الغاز الطبيعي المسال في الهند، حتى عام 2028. ارتفعت تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية بمقدار 2 مليون طن فقط إلى 407 ملايين طن، في 2024، بسبب القيود المفروضة على تطوير الإمدادات الجديدة، وهو ما يمثل أصغر زيادة سنوية في العقد الماضي، وفقًا للتقرير. وأظهر التقرير أن العرض المتوقع خلال الفترة كان بين 7 ملايين و20 مليون طن، لكنه أقل حتى من أدنى نهاية لنطاق التوقعات. ويتوقع التقرير أن ينمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال في أوروبا في عام 2025 وما بعده. "ستظل أوروبا بحاجة إلى الغاز الطبيعي المسال حتى ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين لموازنة الحصة المتزايدة من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة في قطاع الطاقة. وفي الأمد البعيد، يمكن استخدام البنية التحتية الحالية للغاز الطبيعي لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الحيوي أو الغاز الطبيعي المسال الاصطناعي وإعادة استخدامها لاستيراد الهيدروجين الأخضر"، وفقًا للتقرير. بينما سيأتي النمو الكبير في إمدادات الغاز الطبيعي المسال من أكبر مصدر الولاياتالمتحدة، حيث من المحتمل أن يصل إلى 180 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030 ويمثل ثلث الإمدادات العالمية. ويتوقع المحللون أنه جنبًا إلى جنب مع مشروع توسعة حقل الشمال الضخم في قطر والمقرر أن يبدأ العمل في عام 2026، يمكن للولايات المتحدةوقطر توفير نحو 60 % من إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية بحلول عام 2035. في وقت، تمضي الشركات في الولاياتالمتحدة، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، قدما في مشاريع جديدة أو موسعة لتصدير الطاقة بعد أن رفعت إدارة ترمب في يناير حظرا على تصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة. وقد يمهد قرار ترمب الطريق لنحو 100 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال الإضافي بحلول عام 2031. ووقال محللون في مورجان ستانلي في مذكرة "لا تزال آسيا معرضة لمزيد من زيادات التعريفات الجمركية نظرا لأن سبعة من كل 10 اقتصادات في المنطقة تحقق فوائض تجارية كبيرة مع الولاياتالمتحدة". وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 7 فبراير، إن اليابان، ثاني أكبر مشتر للغاز الطبيعي المسال في العالم، ستبدأ قريبا في استيراد كمية قياسية من شحنات الغاز الطبيعي المسال الأميركي الجديدة. وقال ترمب في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض إن الدولتين تعملان أيضا على مشروع مشترك للنفط والغاز في ألاسكا. وبالإضافة إلى تنويع الإمدادات من مصادر أكثر خطورة مثل روسيا، قال مسؤول ياباني إن واردات الغاز الطبيعي المسال الأميركي يمكن أن تساعد في تقليل العجز التجاري الثنائي البالغ 56 مليار دولار وتجنب خطر التعريفات الجمركية. وأظهرت بيانات من شركة التحليلات كبلر أن ما يقرب من 10 % من واردات اليابان من الغاز الطبيعي المسال تأتي من الولاياتالمتحدة. وفي كوريا الجنوبية، قال وزير الصناعة في البلاد آن دوك جيون، إن كوريا الجنوبية قد تستورد المزيد من النفط والغاز الأميركي، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، لتثبيت إمدادات الطاقة في ظل التوترات في الشرق الأوسط.