عرفت نوعين من السفراء: الأول: موثوق في دينه، وأمانته، وأخلاقه، مؤدب ومهذب، يقول فيوجز، ردود أفعاله عقلانية، متحرر من الشحنات الانفعالية، والآخر: مهذار، وثرثار، إذا وضع وجهه أمام مرآة، فستعكس له صورة إنسان متلون، وفي قائمة السلك الدبلوماسي السعودي، سفراء لا ينساهم الوطن: أدبا، وخلقا، ودينا، وثقافة، أسسوا علاقات ثنائية وبنوها، مهدت الطريق لعلاقات أكثر شمولية، أذكر من بينهم على سبيل المثال: إبراهيم السويل (أمريكا) محمد عبد الله علي رضا (القاهرة) جميل الحجيلان (باريس) محمد الحمد الشبيلي (باكستان) عبد الرحمن العمران ( بانكوك) غازي القصيبي (لندن) عبد الرحمن خياط (جاكرتا) علي عواض عسيري (بيروت) أحمد بن علي القحطاني (قطر) وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم ساعة كتابة المقال. «أحمد بن عبد العزيز قطان» السفير السعودي الجديد في القاهرة، واحد من هؤلاء، عرفته منذ أكثر من عشرين عاما، تختفي من تعاملاته مناطقية مقيتة، أو قبائلية ضيقة، لا يتعالى، ولا يتكبر، ولا يتلفظ بقول سفيه، وكان اختياره تتويجا لسنوات أمضاها في الحقل الدبلوماسي السعودي، أكتب عنه لأذكره وهذا لا يخفى عليه بأن السفير: أخلاق، ولباقة، وحسن تصرف، وأصالة، وفهم، واستيعاب، وهو في كل الحالات يرتكز على جوانب خاصة عمادها: الدقة، والفراسة، وقوة الملحوظة. بعثت له غداة أن أخبرني الصديق عبد اللطيف الشثري، باختيار أحمد قطان سفيرا للمملكة في مصر رسالة قلت فيها: «لا أهنئك يا أبا بندر، بل أسأل الله أن يحيطك ببطانة صالحة، تدلك على الخير فتفعله، وعلى الشر فتجتنبه» فالبطانة لأي شخص كان، وفي أي موقع كان، إما صمام أمان، وإما لا عقلانية، ومن ثم فالمقارنة بين سفير وآخر، مفيدة دوما، غير أن الفائدة تكون أكبر، عندما يتجه السفير إلى: تاريخ بلده، ويركن إليه، وهو عادة، وحدة ثقافية، واقتصادية، وسياسية، لا يمكن تحقيقها بمجرد قرار، ولكن بالتعامل الإنساني الراقي، وفي هذه الحالة فالسفير ليس موظفا عاديا، ولكنه كتلة من النشاطات: ثقافية، واجتماعية، وسياسية، وإنسانية، ينشر من خلالها ثقافة بلده، ولغتها، ويتبادل الرأي، والمعلومات، ويعمل على توافر أجواء من: الصداقة، والعلاقات الودية بين الدول المختلفة، وفتح حوار معها، بغية تحقيق الاستقرار والسلام، والمصالح المشتركة بين الدول. العلاقات السعودية المصرية ليست آنية، أو طارئة، أو حديثة عهد، بل موغلة في التاريخ، وللملك عبد العزيز (مؤسس الدولة السعودية الحديثة) كلمة هي في واقعها حكمة تقول: «لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب» ومن هذا المنظور فإن أمام السفير «قطان» قائمة طويلة من الاستحقاقات، من أهمها الاستمرار في تطوير اللغة السعودية المصرية المشتركة، بصورة أوثق وأعمق، ولئن كانت «مصر» هبة النيل، فإن «السعودية» قبلة المسلمين، والبيت الأول للعرب، فيها تتوافر الإرادة السياسية، لتحقيق وحدة الوطن العربي، على أساس وحدة الأرض واللغة، والرغبة المشتركة. شتان بين سفير وسفيه. [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة