قرأ الدكتور محمد زكريا عناني (أستاذ النقد بجامعة الإسكندرية) تاريخ الأندلس ثقافة وأدبًا قبل ما يزيد على ثلاثمائة سنة، وذلك في أمسيته أمس الأول في أسبوعية الدكتور عبدالمحسن القحطاني الثقافية بجدة، بادئًا أمسيته بما أسماه «مقدمات لا بد منها»، متتبعًا سيرة ملوك وطوائف الأندلس وما تحقق للمسلمين من انتصارات قيّمة، سابرًا أغوار يوم الزحف العظيم إلى الأندلس من الشام ومصر وأرض البحر، واصلا الحديث من ليبيا وتونس حتى مدينة الضباب القيروان وسورها الضخم وفارسها عقبة بن نافع حتى هيأ الله لها قائدين أحدهما بربري هما موسى بن نصير وطارق بن زياد الذي يتسم -كما يقول عناني- بوسيم الطلعة رشيق القوام، وهنا ضرب المحاضر أسئلة عديدة على النخب الحاضرة للأمسية في الصالتين الرجالية والنسائية، منها على سبيل المثال كيف عبأت الجيوش بعدد 12 ألف فارس بينما الأعداء يتجاوزون مائة ألف قائد؟، ووقف كثيرًا عند خطبة بن زياد الشهيرة (أيها الناس: أين المفر البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس لكم -والله- إلا الصدق والصبر)، وتساءل أيضًا عن الموقف الدرامي من أمير دمشق بالتوقف بعد أن تقدمت الجيوش المسلمة وسط الأندلس ولم يتبق سوى أيام وتكون كلها في قبضة بن زياد بما يسمى إعادة تكوين؟. وبعد هذا السرد من الدكتور عناني، ماج بالحضور شعرًا، ابتدرها ببيتين من شعر ولادة بنت المستكفي، وامتدح شعراء الأندلس وخصوصًا وصفهم لطبيعتها الخلابة، وذكر المزيد من القصائد الأندلسية، كما ذكر أبياتا ليحيى الحكم، ثم ختم بنبذة أدبية عن شعراء الأندلس ابن زيدون والمعتمد بن عباد. وفي المداخلات، اعترض الدكتور عالي القرشي على جزئية حرق السفن من قبل طارق بن زياد وبأنه يغلب الظن بأنها رمزية مضخمة واعترض أيضًا على قصيدة ولادة، وكرّر الدكتور يوسف العارف معارضته أيضًا في مداخلته متسائلا عن عدم تطرّق الدكتور عناني لشعر الموشحات وعن شعر المعتمد بن عبادة وقصة سجنه. كما كانت هناك مداخلة للدكتور مدني علاقي عن عدم ذكر ملوك الطوائف تاريخًا وشعرًا، والازدهار الأدبي الذي كان أكثر جمالا وأدبًا وثقافة من شعر الأندلس!. ورد الدكتور عناني على مجمل المداخلات قائلا: أنا فرح بهذا الحراك الثقافي متمثلا في أسبوعية الدكتور عبدالمحسن الثقافية وخاصة مداخلات الدكتور حاتم التونسي القيمة وأسئلة محمد سالم الغامدي وأحمد عائل فقيهي، مبشرًا الدكتور يوسف العارف بتأليف كتاب عن الموشحات تحت الطبع يحكي تاريخها، ووجّه تحيته لكل الأسئلة القيّمة من سعيد الغامدي وياسر مرزوق. وفي نهاية الأمسية سلمت شهادة تقديرية من صاحب الأسبوعية للضيف، واعلن الدكتور عبدالمحسن القحطاني توقف الأسبوعية يوم الأحد المقبل لتزامنها مع إجازة اليوم الوطني للمملكة.