شهد النمو الاقتصادي في المملكة أداءً قوياً خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث نمت القيمة الفعلية بنسبة 5،9 بالمائة مقارنة بنفس الربع من عام 2011، وكان أكثر اعتماداً على قطاع النفط، وذلك بسبب انحسار التأثيرات قصيرة الأجل التي نجمت عن برامج التحفيز الحكومية، لكن التقرير توقع أن يظل الأداء الاقتصادي قوياً حتى في حال استبعاد قطاع النفط والقطاع الحكومي. وذكر التقرير الاقتصادي الذي أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للاستثمار ، أنه على أساس سنوي، فقد جاء النمو الذي سجله الربع الأول لعام 2012 والذي بلغ 5،9 بالمائة دون مستواه في الربع الرابع لعام 2011 والذي بلغ 7،4 بالمائة، حيث أشارت بيانات الأداء لهذا الربع إلى أنه سجل أبطأ نمو منذ الربع الأول لعام 2011، وشمل هذا التباطؤ جميع القطاعات تقريباً، باستثناء قطاعي النفط والمرافق (الكهرباء و الغاز والمياه) اللذين نما كلاهما بوتيرة أسرع من الربع الرابع 2011، ولكن مع ذلك، سجلت جميع قطاعات الاقتصاد نمواً بحسب التقرير. وأشار التقرير الى أن قطاع النفط، الذي حقق نمواً نسبته 7،7 بالمائة خلال ذلك الربع، سجل أسرع معدلات النمو مقارنة بالأرباع الخمسة التي تتوفر بيانات عن أدائها، وقد تأثر هذا النمو بشدة بحجم إنتاج النفط الذي ارتفع بنسبة 13،2 بالمائة خلال نفس الفترة ، مضيفاً :» يعتبر إنتاج النفط هو المحرك الرئيسي لأداء قطاع النفط، ولذلك فإن التباين الكبير بين النمو في إنتاج النفط وقطاع النفط أمر يثير الاستغراب ومن المرجح أن يتغير في المستقبل، وأنه نسبة لزيادة إنتاج النفط بدرجة كبيرة في يونيو 2011، فمن المتوقع أن يضمحل دور قطاع النفط في تعزيز الناتج الإجمالي خلال الأرباع المقبلة. وأبان التقرير ان قطاع التشييد حقق أسرع معدل نمو، عند 9،1 بالمائة، بفضل النشاط الهائل في تشييد البنيات التحتية والمباني التجارية والوحدات السكنية، كما أن المخصصات المالية الضخمة التي رصدتها الحكومة لدعم برامج توفير المساكن للمواطنين ستبقي على هذا القطاع ضمن أسرع القطاعات نمواً خلال السنوات القليلة المقبلة. كذلك، نما قطاعا المرافق والنقل والاتصالات بنسب تقترب من 9 بالمائة، ويعود نمو الأول إلى زيادة الإنفاق الحكومي في مجال المرافق لمجابهة الطلب المتزايد عليها، بينما يعزى نمو الثاني إلى الحاجة إلى نقل كميات ضخمة من السلع حول مختلف أنحاء المملكة (الواردات ومواد البناء) وكذلك الزيادة المستمرة في الاتصالات المتنقلة وخدمات البيانات. وتراجع النمو على أساس المقارنة السنوية في قطاعي التصنيع وتجارة الجملة والتجزئة على حد سواء إلى أدنى مستوياته على مدى الخمسة أرباع التي تتوفر عنها بيانات، ومع ذلك لا يزال النمو قوياً في كلا القطاعين وسجلا 8،4 بالمائة و 6،6 بالمائة على التوالي. ويبدو أن التباطؤ في نمو قطاع التصنيع ناجم عن ضعف الطلب الخارجي، بينما يعود التباطؤ في قطاع تجارة الجملة والتجزئة على الأرجح إلى تقلص تأثير المكافآت التي تلقاها العاملون في دواوين الحكومة خلال الربع الأول من العام الماضي. إذا استبعدنا قطاع النفط نجد أن تباطؤ الاقتصاد خلال الربع الأول أكثر وضوحاً، حيث هبط نمو الاقتصاد غير النفطي إلى 5،6 بالمائة، وهو أدنى مستوى له خلال الفترة التي تتوفر عنها بيانات، متراجعاً من معدل نمو عند 8،2 بالمائة في الربع الرابع. لأن النمو في القطاع الحكومي متراجع بوتيرة أسرع، حيث هبط إلى 2،8 بالمائة فقط في الربع الرابع، نجد أن النمو الاقتصادي، بعد استبعاد القطاعين النفطي والحكومي، حقق أداءً قوياً بلغت نسبة نموه 6،4 بالمائة. ورغم أن هذا النمو لا يتم احتسابه بنفس طريقة احتساب نمو القطاع الخاص غير النفطي، إلا أنه يشير إلى أن القطاع الخاص سجل مرة أخرى أداءً قوياً خلال هذا الربع.على أساس ربعي انكمش الاقتصاد بنسبة 13 بالمائة، وهو تراجع يتسق مع النمط الموسمي المعتاد؛ حيث جاء النمو الربعي خلال الربع الأول من عام 2011 سالباً بنسبة 11 بالمائة. وقد سجل قطاعان انخفاضاً ربعياً كبيراً في الناتج خلال الربع الأول لعام 2012، أولهما قطاع المرافق (بنسبة 16 بالمائة على أساس ربعي) الذي انخفض ناتجه جراء التراجع الحاد في استهلاك الكهرباء في شريحة المساكن وشريحة المحلات التجارية نسبة للانخفاض الكبير في استخدام أنظمة تكييف الهواء، وثانيهما هو قطاع النفط (بنسبة 54 بالمائة على أساس ربعي) وقد تراجع لسبب غير معروف ولكن ليس له علاقة بإنتاج النفط. من ناحية أخرى، سجل الناتج الربعي لمعظم بقية قطاعات الاقتصاد نمواً من خانتين، ومرة أخرى يعود السبب إلى عامل موسمي هو عيد الأضحى الذي ظل يتزامن مع الربع الرابع خلال السنوات الأخيرة.وتوقع التقريرحدوث المزيد من التباطؤ في وتيرة النمو الاقتصادي على أساس سنوي خلال الربع الثاني. فبالإضافة إلى زيادة تراجع النمو في إنتاج النفط سيتقلص تأثير مكافأة منسوبي الحكومة بدرجة كبيرة (تراجعت قيمة السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي بنسبة 10 بالمائة على أساس المقارنة السنوية في أبريل مقارنة بارتفاع بنسبة 14 بالمائة خلال الربع الأول). علاوة على ذلك، سيؤدي تجدد تفاقم المشاكل في منطقة اليورو والتباطؤ الواضح في الاقتصاد العالمي إلى إضعاف الناتج. ولكن مع ذلك، سيواصل الإنفاق الحكومي الضخم دعمه للاقتصاد كما أن قطاع التشييد لا يزال قوياً (ارتفعت مبيعات الأسمنت خلال أبريل ومايو بنسبة 10 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي). إضافة إلى ذلك، سجل نمو القروض المصرفية على أساس المقارنة السنوية أعلى مستوى له خلال ثلاثة أعوام في أبريل وتشير الدراسات إلى زيادة سرعة توسع القطاع الخاص. وفي ضوء متانة المعطيات الاقتصادية المحلية من جهة وزيادة عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد العالمي من جهة أخرى، فإننا نبقي على تقديرنا لنمو الناتج الإجمالي الفعلي للعام 2012 عند 5،2 بالمائة.